د. ميسون البياتي
في قائمة الدول ذات الإحتياطي النفطي المؤكد في العالم تحتل السعوديه المرتبه الثانيه , بينما تحتل ايران المرتبة الرابعه , العراق يحتل المرتبة الخامسه , الكويت تحتل المرتبة السادسه والإمارات المتحده تحتل المرتبة السابعه , ولهذا نجد منطقة أعلى الخليج العربي التي تتوسط هذه الدول هي من أشرس مناطق الصراع الدولي العالمي , وللدخول الى تفاصيل هذا الصراع سنلقي أولاً نظرة على الواقع الإقليمي للمنطقه وبعدها ندخل في تفصيل واقع كل دولة من هذه الدول أعلاه
بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانيه إضطرت بريطانيا الى الإستدانة ديوناً كبرى من الولايات المتحدة الأمريكيه . لذلك عند نهاية الحرب العالمية الثانيه كان على بريطانيا أن تسلم الهند ( درة التاج البريطاني ) الى الأمريكان سداداً لتلك الديون , لتتحول الهند ومنذ العام 1947 الى 3 جمهوريات أمريكيه هي الهند وباكستان وبنغلاديش , ومن خلالهن يسيطر الأمريكان على المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان
أثناء مباحثات الهدنه العربيه الإسرائيليه عام 1949 التي أعقبت الحرب العربيه الإسرائيليه الأولى تعرف ضابط المخابرات الأمريكي ( كيرمت روزفلت ) وكان وقتها يشغل منصب ( رئيس جمعية الصداقه العربيه الأمريكيه ) الى ثلة العسكر المصريين المشاركين في تلك الحرب فعقد معهم صداقه متينه تطورت الى إنقلاب عسكري أمريكي في مصر عام 1952 طرد بريطانيا من مصر وإحتل قناة السويس وحولها الى قناة امريكيه
لكي يحول الأمريكان البحر الأحمر الى ( بحيره أمريكيه ) كان عليهم طرد بريطانيا عن باب المندب ومستعمرة عدن , فجندوا لذلك كل من حليفتهم السعوديه لكي تناصر الملكيين , وحليفهم عبد الناصر لكي يناصر إنقلاب عبد الله السلال وفتحوا حرب سعودية مصريه في باب المندب ومستعمرة عدن , دامت بين عامي 1962 _ 1970 ولزيادة الطين بله فوق رأس بريطانيا قاموا بنشر التنظيمات الشيوعيه السوفييتيه , والتنظيمات الشيوعيه الصينيه الماويه , المتذابحه فيما بينها منذ الإنشقاق الشيوعي ( السوفييتي _ الماوي ) الذي أعقب مقتل ستالين عام 1953 , وكانت تغذي قتال هذه التنظيمات فيما بينها سياسة الإبعاد والتقريب التي مارسها عبد الناصر ( الإشتراكي ) بمدها بالمال والسلاح بشكل متفاوت وليس بعداله , مما يثير حفيظة أحدها على الأخرى فتشتعل بينها المعارك بالرشاشات والرمانات اليدويه وكل ذلك يقع على رؤوس جنود الحاميه البريطانيه في ( خور مكسر ) وغيرها من مدن اليمن
نتيجة لكل هذا إنسحبت بريطانيا عن مستعمرة عدن وباب المندب في أكتوبر 1967 ثم وهي تجد نفسها وقد أفلست من وجودها في الهند وقناة السويس وباب المندب , عندها قررت عام 1968 أن تنسحب من تواجدها في الخليج العربي في ( مشيخات الساحل المهادن ) وهن كل من مشيخة : أبو ظبي , عجمان , دبي , الفجيره , كلباء , رأس الخيمه , الشارجه , وأم القيوين .. وكانت بريطانيا ترتبط بهن بمعاهدة حمايه يعود تاريخها الى عام 1820
عند إنسحاب بريطانيا قامت الولايات المتحده الأمريكيه بجمع هذه المشيخات وأسست منهن دولة الإمارات العربيه المتحده , وكان في نيتها أن تضم لهن مشيخة قطر ومشيخة البحرين , لكن شركات النفط الأمريكيه التي كانت تنقب عن النفط في قطر والبحرين وجدت فيهن كميات من النفط أكثر من باقي المشيخات المهادنه , لذلك تم عام 1971 إعلان قطر والبحرين والإمارات العربية المتحده كثلاث دول مستقله عن بعضها , وبذلك إخترق الأمريكان الخليج العربي واصلين الى حدود المياه الإقليمية للكويت
كانت هذه هي الصوره الإقليميه لواقع الصراع الأمريكي البريطاني للسيطره على أهم خطوط النقل البحري في المنطقه . وسنأتي الآن الى شرح صورة الصراع النفطي في المنطقه
# يعود تاريخ العلاقه بين بريطانيا والكويت الى عام 1896 حين طلب شيخ الكويت مبارك الصباح الحمايه من بريطانيا بسبب مقتل أخيه محمد الصباح ومحاولة الدوله العثمانيه فرض السيطرة التامه على الكويت التي كانت وقتها جزءاً من ولاية البصره . عام 1899 تم توقيع المعاهده البريطانيه الكويتيه . في العام 1913 إتفقت الحكومه البريطانيه مع الحكومه العثمانيه على منح شيخ الكويت سلطه حاكمه على منطقه تحيط بمدينة الكويت تشمل جزر مثل جزيرة وربه وبوبيان وفيلكه وأن يكون الشيخ بمثابة قائمماقام عليها ومن حقه أن يستوفي الضرائب والرسوم من سكانها
# يعود تاريخ العلاقه بين الأمريكان وآل سعود الى عام 1902 كان شيخهم عبد العزيز بن سعود منفياً في الكويت بعد سقوط ملك آبائه حين هجمت قوات الخديوي من مصر على مكه عام 1813 وسيطرت عليها , وبعد خمس سنوات تقدمت من مكه الى عاصمة آل سعود القديمه ( الدرعيه ) فسيطرت عليها ووضعت المهزومين من آل سعود في أقفاص خشبيه وأرسلتهم الى الخليفه العثماني في استنبول الذي أعدمهم في احتفال عام تخلله إطلاق الألعاب الناريه في السماء
استغرق حفر قناة السويس من عام 1859 الى عام 1869 محولاً البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر من بحيرات داخليه لا تحظى بإهتمام أحد الى أهم شريان للمواصلات يربط الشرق بالغرب ويجلب على سكان المنطقة الكثير من الويلات . وكان أول الغيث قيام بريطانيا بإحتلال مصر عام 1882
الأمريكان الذين يراقبون كل شيء عن كثب أصبحوا يدركون الآن الأهمية القصوى التي أصبحت تملكها شبه الجزيرة العربيه ولهذا كان يجب أن يضعوا يدهم عليها , فبحثوا عمن تبقى من آل سعود فوجدوا شيخهم عبد العزيز آل سعود يعيش لاجئاً في الكويت فأمدوه بالدعم المطلوب , عندها قام في كانون الثاني 1902 باصطحاب حوالي 70 رجلاً وعاد بهم متسللاً الى الرياض
فجر اليوم التالي فتحت بوابة حصن الرياض وخرج الحاكم ليؤم المصلين لصلاة الفجر فتمت مهاجمته وقتله , ثم تمت السيطره على الرياض ومنها تقدموا الى بقية المدن واحدة بعد الأخرى للسيطرة على جميع قبائل نجد
# يعود تاريخ العلاقه بين بريطانيا والعراق الى الحمله البريطانيه على أرض الرافدين ( ميسوبتيميا ) كإحدى أملاك الدولة العثمانيه . دخلت القوات البريطانيه من الفاو وإستمرت في صعودها حتى وصلت الى كركوك عام 1918 عندها عقدت هدنه بين القوات البريطانيه والقوات العثمانيه التي تحاربها في أرض الرافدين تعرف ب ( هدنة مدراس ) _ مدراس مدينه هنديه عقدت فيها مباحثات الهدنه _ لكن تعليمات القياده البريطانيه الى جيشها كانت الإستمرار في القتال رغم توقيع الهدنه , لذلك تقدمت القوه وإحتلت الموصل بعد أسبوعين من توقيع الهدنه وكان ذلك في 14 تشرين الثاني 1918
وقعت مشاكل حدوديه بين كل من ( نجد و الكويت ) , ( نجد و العراق ) , ( العراق والكويت ) لتقاسم المناطق الغنيه بالنفط , طبعاً أهل هذه الدول ( إن جازت تسميتها دول ) لم يكونوا يعرفون ما تحويه دولهم لكي يتنازعوا .. النزاعات كانت أمريكيه بريطانيه على تقاسم ثروات النفط ولهذا عقد مؤتمر العقير في 2 كانون الأول 1922 لرسم الحدود بين هذه الدول الثلاثه في مدينة العقير/ الإحساء , حضرها الملك عبد العزيز بن سعود ملك نجد ممثلاً عن حلفائه الأمريكان , وصبيح بك وزير المواصلات والأشغال ممثل عن حكومة الإنتداب البريطانيه في العراق وعن الملك فيصل الأول , فيما حضرها عن الكويت الممثل السياسي البريطاني جون مور , ولأن المفاوضات طالت وتعقدت فقد تم فضها بتشكيل منطقتي حياد , واحده بين العراق ونجد , والثانيه بين الكويت ونجد .. وتم الإتفاق على التفاوض على تقاسمهما فيما بعد على أن لا تبنى فيهما أية مؤسسات عسكريه أو أبنية دائمه وأن تترك للبدو حرية الدخول والخروج من أراضيهما تبعاً لمواسم الرعي … مساحة أرض الحياد بين العراق ونجد هي : 7044 كيلومتر مربع , أما مساحة أرض الحياد بين الكويت ونجد فكانت 5770 كيلومترمربع
عام 1931 بدأ الأمريكان بالتنقيب عن النفط في نجد فعثروا على إحتياطي نفط هائل في الظهران , فقاموا بتأسيس شركة أرامكو ثم قاموا بتوحيد نجد مع الحجاز تحت مسمى ( المملكه العربيه السعوديه ) في العام 1932
عام 1950 قررت الولايات المتحده الأمريكيه منح حصه من عوائد أرامكو الى الملك عبد العزيز بن سعود من عوائد نفطه قيمتها 20% من الأرباح من أجل أن يقوم بخدمة مصالح الأمريكان في المنطقه , ولكي لا تتضرر أرامكو من هذا العطاء منحتها الحكومه الأمريكيه تخفيضات ضريبيه تعادل قيمة ما ستمنحه للملك من مال وأطلقت الحكومه الأمريكيه على هذه العمليه تسمية ( الحيله الذكيه ) ومقابل هذا المال الذي يتسلمه الملك كان عليه نقل مقر شركة أرامكو من نيويورك الى الظهران … حيث تقع ثروة النفط الهائله المتنازع عليها بين السعوديه والعراق والكويت
# يعود تاريخ العلاقه بين الأمريكان والعراق الى عام 1956 حين نجح الأمريكان بتشكيل حلف بغداد تحت وصاية ( الأمم المتحده الأمريكيه ) وبدأت الولايات المتحده تضغط على نوري السعيد ليفعل شيئاً من أجل إفادتها من الكويت
آذار عام 1958 وبعد أن زار وزير خارجية بريطانيا ( سلوين لويد ) بغداد وإجتمع بالملك فيصل الثاني بحضور ولي العهد عبد الإله ورئيس الوزراء نوري السعيد ووزير الخارجية توفيق السويدي إضافة الى الدكتور فاضل الجمالي
تم الحديث في هذا الإجتماع عن ضرورة أن تعلن بريطانيا (( إستقلال الكويت )) ليتم ضمها الى ( الإتحاد العربي الهاشمي ) الذي كان معقوداً بين العراق والأردن . وكانت الحجج التي زرعها السفير الأمريكي في بغداد على لسان نوري السعيد هي
# توسيع الإتحاد وقبول عضو غير هاشمي فيه
# مساعدة الأردن مالياً ليحافظ على حدوده مع إسرائيل
# مقاومة الدعايات الهدامة
# إستفادة الكويت من مياه العراق
# حماية الكويت من أي إغتصاب خارجي
عندها إعتذر سلوين لويد عن مواصلة الحديث في الموضوع قائلا : إن إستقلال الكويت أمر يستوجب قرارا بمستوى مجلس وزراء
وخلال فترة قصيرة بعد عودة سلوين لويد الى لندن تفاهمت بريطانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية على أن تسحب بريطانيا يدها كاملة من العراق .. مقابل أن لا يقترب الأمريكان من محمية الكويت
تم تدبير خطه تزعمها جمال عبد الناصر وكميل شمعون ورشيد كرامي والسفاره المصريه في بغداد ونفذتها ثله من العسكر الحمقى العراقيين يتزعمهم عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وتمت الإطاحه بالعائله المالكه العراقيه عام 1958 في جريمة وحشية مخجله , وتحويل العراق منذ ساعتها من مستعمرة بريطانيه الى مستعمرة أمريكيه
فرق الإستعمار البريطاني عن الأمريكي أن الأول إستعمار قديم يجلب جنوده وحاكمه العام ويجثم أمامك على صدر بلدك , أما الإستعمار الأمريكي فهو إستعمار حديث يقلب لك نظام الحكم ويعين عليك حكومة عميله من أهل بلدك يربطها بمختلف أنواع المعاهدات السريه والمعلنه ويغادر . حكومتك المحليه العميله هي التي ستذبحك , وإن قامت بمخالفة الإراده الأمريكيه فخلال أيام يطيح بها إنقلاب عسكري
بريطانيا فهمت هذه اللعبه ولهذا قامت في 19 حزيران 1961 بمنح الكويت إستقلالاً شكلياً مربوطاً بمختلف أنواع المعاهدات , وبعد أسبوع قام عبد الكريم قاسم الأمريكي بمطالبة الكويت بالإنضمام الى العراق ولم تنتهِ الأزمه إلا بمقتل عبد الكريم قاسم في 8 شباط 1963 حيث إعترفت حكومة عبد السلام عارف بإستقلال الكويت .. ورغم هذا الإعتراف لكن الحدود لم ترسم بين الطرفين لأن الحدود مسألة صراع أمريكي بريطاني وليست مسألة عربيه
بوصولنا الى عام 1971 شعرت الولايات المتحده أنها سيطرت على جميع المسالك المائيه من مضيق جبل طارق وحتى الهند , وهي تحتل 99% من الأرض الواقعة بينهما ومنذ هذا العام قررت أن تبدأ في السيطرة على ثروات النفط في دول هذه المنطقه
رغم أن الجزائر التي إحتلتها فرنسا 132 عام ثم سلمها ديغول تسليم يد الى الإستعمار الأمريكي تحت مسمى منحها إستقلالها عام 1962 وهي تحتل المرتبه 15 بين دول العالم في كمية إحتياطي نفطها المؤكد , لكنها هي من بدأت لعبة التأميم الأمريكيه فقامت بتأميم 51% من قيمة الشركات النفطيه الفرنسيه العامله على أراضيها .. هذه الخطوه شجعت معمر القذافي على تأميم شركة ( بريتش بتروليوم ) البريطانيه عام 1971 وبقية الشركات النفطيه العامله في ليبيا عام 1974
في العراق قام مجلس قيادة الثوره في العراق بإصدار قانون رقم 89 في الأول من حزيران عام 1972 تم بموجبه نقل جميع الأموال والحقوق والموجودات التابعه الى شركات النفط الى شركه جديده تدعى ( الشركه العراقيه للعمليات النفطيه ) وإستمر في تأميم بقية الحصص حتى 8 كانون الأول 1975
خسرت بريطانيا كثيراً من جراء خروج شركاتها النفطيه من ليبيا والعراق لهذا قامت بريطانيا في الكويت بتأميم نفط ( ثاني أكبر حقل نفط في كل العالم ) وهو حقل برقان على مرحلتين الأولى كانت عام 1974 والثانيه عام 1975 , وحين تملكت الحقل بالكامل أسست أول وزاره لنفط الكويت في شباط عام 1975 وعينت أول وزير للنفط في الكويت وهو ( عبد المطلب عبد الحسين الكاظمي ) وبعد أيام من هذا العمل شبّ حريق هائل في حقل النفط لا تدري هل هو قضاء وقدر أم أن ( المتضرر ) من التأميم كان هو الفاعل ونقصد بالمتضرر الولايات المتحده الأمريكيه طبعاً
في هذه الفتره برزت حاجة كل من العراق والكويت الى التفاوض مع السعوديه حول تقاسم منطقة الحياد , وبينما الموقف الكويتي إتجاه حقه موقف مسؤول ويدل على الحرص فالكويتيون الى حد اليوم ورغم توقيعهم عام 1970 على تقاسم منطقة حيادهم مع السعوديه بطريقة سلميه ومعلنه في الجريده الكويتيه الرسميه إلا أنهم والى حد اليوم غير راضين عن هذه القسمه ويرون أنهم خسروا فيها حوالي ثلثين من الحق الذي كان لهم .. إسمع النائب الكويتي عبد الحميد دشتي في هذا الرابط كيف يتحدث عن ترسيم حدود منطقة الحياد بين الكويت والسعوديه
على العكس من موقف الكويت كان موقف حكومة أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين , فلأسباب مجهوله قامت هذه الحكومه عام 1975 بتغيير شكل الحدود العراقيه مع السعوديه على طول الخط الحدودي الممتد من الكويت وحتى الرطبه , مانحين للسعوديه جزءاً كبيراً من منطقة الحياد إضافة الى مساحات شاسعه من الأرض العراقيه المتخمه بالنفط دون الإعلان عن سبب هذا التفريط في الحق العراقي بالأرض وخيراتها , ثم قامت الحكومه العراقيه بعقد معاهدة حدود ثنائيه مع السعوديه عام 1981 والأغرب أن هذه المعاهده لم تسجل في وثائق الأمم المتحده ولم تعلن تفاصيل التغييرات التي طرأت على ترسيم الحدود أو خرائطها التفصيليه
من سخرية القدر أن حكومة العراق عند قرب إندلاع حرب إخراج العراق من الكويت عام 1991 قامت هذه الحكومه بإلغاء كل إتفاقاتها الحدوديه مع السعوديه منذ عام 1968 فما كان من السعوديه إلا أن بعثت مسودات تلك الإتفاقيات الى الأمم المتحده وقامت بتصديقها وإبتلعت أرض العراق .. سؤال محير فعلاً : لماذا منحت حكومة العراق أرضاً طافحه بالنفط تفوق مساحتها مساحة الكويت الى السعوديه .. ثم إجتاحت الكويت بحجة أن الكويت كانت ذات يوم تابعة الى ولاية البصره ؟ لا يوجد تفسير منطقي لهذا السؤال غير القول بأن العراق ( الأمريكي ) هاجم الكويت لأنها ( بريطانيه ) والدليل على هذا أن العراق حال إحتلاله للكويت طارت مارغريت تاتشر الى الولايات المتحده الأمريكيه للتفاهم مع بوش الأب حول تنظيم مصالحمها النفطيه في أرضنا العربيه وتحت مسمى : تحرير الكويت
قلنا أن الكويت رسّمت حدودها مع السعوديه عام 1970 والعراق منح أرضه الى السعوديه عام 1975 وبوصولنا الى عام 1979 قامت الولايات المتحده الأمريكيه بخطوة أكبر للسيطره على نفط المنطقه . بداية شهر كانون الثاني 1979 قام نائب القائد العام لحلف الناتو ( روبرت هويسر ) بالوصول الى طهران لكي يطيح بشاه ايران محمد رضا بهلوي , أشرف على إعدام جميع القاده الكبار الموالين للشاه الذين من الممكن أن يتولوا أمر البلاد في حالة إبعاد الشاه عنها , بعد ذلك أشرف هويسر على تسفير الشاه وعائلته خارج ايران , ثم قامت الطائره بحمل الخميني من باريس الى طهران .. وللتعميه على أنظار العالم قيل أن ثورة شعبية عارمه هي التي أطاحت بالشاه . المهم أن الخميني حال وصوله الى طهران قام بتأميم جميع المصالح النفطيه البريطانيه في ايران وما كان يتمكن من ذلك لولا كونه واجهه للصراع الأمريكي البريطاني على نفط ايران
عند هذه النقطه أصبحت الولايات المتحده تسيطر على نفط إيران ( رابع إحتياطي في العالم ) كما أنها تسيطر على نفط العراق ( خامس إحتياطي في العالم ) فكيف تسحب الأموال الطائله التي تعود على هذين البلدين من تصدير نفطهما ؟ قامت بإشعال ( حرب إحتواء مزدوج ) بين العراق وايران دامت 8 سنوات , شعارات الحرب طائفيه وقتلى الحرب من الطرفين يعدّون بالملايين , لكن حقيقة الحرب كانت من أجل أن تشفط معامل السلاح الأمريكيه كل أموال النفط العراقي والإيراني
خرج العراق ( الأمريكي ) من الحرب مفلساً وبدأ بالإستجداء من دول الخليج رافعاً شعار ( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ) وبهذه الحجه قام بإجتياح الكويت ( البريطانيه ) متناسياً أنه منح السعوديه أرضاً تفوق مساحتها مساحة الكويت وتفوق في إمكاناتها النفطيه إمكانية الكويت وتحول الإجتياح الى كارثه عمت العراق وتداعيات مهوله شملت كل منطقة الشرق الأوسط , وهذا ما جنيناه من ثروة نفطنا
عملية شفط أموال النفط من يد العرب بعد أن قاموا ب ( التأميم ) لا تتم بالحروب وحدها . نعود الآن الى السعوديه , عام 1980 سيطرت السعوديه على 100% من ممتلكات شركة نفط أرامكو السعوديه الأمريكيه فقامت في العام 1988 بتحويل إسمها الى ( شركة الزيت العربيه السعوديه ) وفي العام 2015 أمر الملك سلمان بإنشاء المجلس الأعلى لهذه الشركه برئاسة إبنه الأمير محمد بن سلمان , وفي العام 2016 صرح محمد بن سلمان بإمكانية طرح جزء من أسهم الشركه للإكتتاب العام , وفي نفس هذا العام صدر قانون ( العداله ضد الإرهاب ) أو ما يعرف بقانون جيستا الذي يتيح مقاضاة السعوديه بزعم تورطها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر , ولعل أخطر ما في هذا القانون هو البند الذي يتيح للمحاكم الفدرالية النظر في دعاوى مدنية ضد أي دولة اخرى ذات سياده ، قدّمت بعلمها دعماً مادياً أو موارد بشكل مباشر أو غير مباشر للأفراد أو المنظمات التي يحتمل بنسبة كبيرة إرتكابها لأعمال إرهابية
اذا كانت ليبيا قد دفعت تعويض لأهالي قتلى لوكيربي وعددهم 270 شخص مبلغاً وقدره 2,7 مليار دولار في العام 2003 , فكم سيتوجب على السعوديه أن تدفع لضحايا أحداث سبتمبر البالغ عددهم 2973 ضحيه و24 مفقود في العام 2016 أو الأعوام التي تليه حين ستحسم المحاكم الأمريكيه دعاوى التعويض ؟
التاريخ ليس حفلة شاي , ومن أراد قراءة تاريخ العرب المعاصر عليه قراءة تاريخ الصراعات الدوليه على النفط العربي الذي هو ليس أكثر من نقمه على شكل نعمه , وستكون لنا وقفات اخرى مع حرب النفط في ليبيا , وحرب النفط في سوريا , فتاريخنا ليس حفلة شاي لكنه حفلة نفط