نفسي أزور الأردن اللي بشوف دعايته على التلفزيون

jihadalawna

أنا مواطن أردني وأعيش في محافظة إربد إحدى أهم محافظات الشمال الأردني العزيز على قلوبنا جميعا, وعندي أمنية واحدة فقط لا غير وأتمنى أن تتحقق وهي أن يكتب لي الله زيارة الأردن الذي أشاهده عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء, نفسي والله أزور العقبة, ونفسي أشوف فنادق العقبة الخمسة نجوم, ونفسي ومنى عيني أزور البتراء المدينة الوردية, عن جد نفسي أزور الأردن الذي أسمع عنه في نشرات الأخبار, هذا البلد الذي يحترم الحياة السياسية والحرية والعمل الحزبي والديمقراطي, نفسي عن جد أزور وأشوف رئيس الحكومة عبد الله نسور الذي أشاهده على التلفزيون واستمع لمقابلاته, ونفسي ومنى عيني أزور وزارة الثقافة وألتقي بوزيرة الثقافة(لانا ما مامكغ) نفسي أقابل الكُتاب وأتبرك منهم هؤلاء الذين تدعم وزارة الثقافة كُتبَهم ومنشوراتهم, ونفسي أشوف التلفزيون الأردني الذي يقابل الكُتّاب والمبدعين ويكافئهم على أعمالهم كما تفعل وزارة الثقافة , نفسي عن جد أزور وطني الأردن الذي أشاهده عبر وسائل الإعلام, نفسي أشوف وزارة التنمية السياسية التي تهتم بالحزبيين وتحميهم أثناء أداء واجباتهم الوطنية والحزبية..

أنا لا أريد ولا أرغب زيارة ومشاهدة الأردن الذي اختبرته من خلال تجربتي الشخصية معه, فقد كونت من خلال هذه الخبرة فكرة سيئة عن وطني ومن المحتمل 100% أن أكون مخطئا في وجهات نظري.

قرأت عن بلدان كثيرة في العالم كله ولكن لم أقرئ عن بلد جميل مثل بلدي الأردني, لذلك أتمنى زيارته ومشاهدته والعيش في أحضانه, أتمنى ملاطفته ومداعبته ومشاطرته همومه وأحزانه وتطلعاته, أتمنى أن أشاهد وطني الذي لم أرَ مثله على الفضائيات , أتمنى أن أشاهد المعالم السياحية في الأردن والتي يأت إليها الناس من شتى البلدان في العالم كله, أتمنى أن أزور قصر المشتى وأتمنى أن أشاهد محمية الموجب ونفسي آكل أي شيء في البحر الميت, علما أنني زرت البحر الميت كثيرا ولكن البحر الميت الذي زرته أنا يختلف عن البحر الميت الذي أشاهده من خلال وسائل الإعلام, فعندما أردت أن آكل في البحر الميت هجم الذبابُ على طعامي وهربت وتركته خلفي للذباب, ولكن الطعام الذي أشاهده في البحر الميت من خلال التلفزيون لا يوجد عليه ذُباب مطلقا وهذا ما أعنيه واقصده.

نفسي أزور الأردن الذي أشاهده على التلفزيون, نفسي أشوف دور السينما والملاهي الليلية والمقاهي التي يجلس عليها الأدباء والكُتّاب , نفسي أشوف الشوارع التي تخلوا من الحُفر والمطبات , نفسي أشوف وأزور(برقش) اللي هواها يرد الروح, نفسي أزور الأحزاب السياسية وأسألهم عن حرية الرأي والتعبير وأشوف هل حياتهم تختلف عن حياتي!!! نفسي أشوف شوارع الكرك الحقيقية التي تختلف عن الشوارع التي نشاهدها على شاشة التلفاز الصغيرة, نفسي أشوف مخيم إربد والحصن والمزاهر وشلنر….وباقي المخيمات وأتطلع على الصرف الصحي, نفسي أزور الأردن والمستشفيات وأحتك بالأطباء الاختصاصيين الذين نشاهدهم على البرامج التلفزيونية الصحية, فهؤلاء يختلفون في المعاملة حين نزورهم في عيادات الحكومة, ففي العيادات الحكومية وجوههم تقطع الخميرة من البيت وعلى شاشة التلفاز والبرامج السياحية العلاجية وجوههم تجلب الرزق من الأماكن البعيدة وكأنهم امرأة من السفر ال31.

والله صار عمري 45 سنة وحتى اليوم لم تتح لي ظروفي الاقتصادية بالتجول في أرجاء الأردن الحبيب من شتى الأصول والمنابت لم أشاهد قصر عمره ولا الأزرق ولم أدخل سينما مثل العالم والناس, فالسينمات في محافظة إربد معدومة نهائيا والنوادي الليلية شبه معدومة, وطني الأردن بصريح العبارة ليس لي, وطني الأردن للذين تمتلئ جيوبهم بالمال, أما أنا فيا حسرتي على عيشتي, إذا زرت العقبة أبقى أتجول في الشوارع طوال الليل والنهار وأتسكع هنا وهناك دون أن أدخل مطعما مثل العالم والناس ودون أن أمشي على شط نظيف خالي من الزجاج المتكسر على أطرافه, يا حسرتي على عيشتي, وطني ليس لي بل هو للغرباء وإذا زرت البحر الميت لا أستطيع أن أنام في فنادقه, والله نفسي أشوف وطني الذي أشاهد دعايته على التلفزيون وأقرأ عن إعلاناته في الصحف المحلية والعالمية, وصدق علي بن أبي طالب حينما قال: الفقر في الوطن غُربة والمال في الغربة وطن.


About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.