نعم الديكتاتور خطرعلى الشعوب لكن تاجر الدين أخطر منه !

ليس من إنسان عاقل على هذا الكوكب إلاّ ويمقت الديكتاتور أينما كان .

اللهم إلاّ لو كانت هناك أسباب ودواعي في القضيّة , مصلحيّة نفعيّة وصوليّة , أو برغماتية لو شئتم !

فالإنسان عموماً وبعيداً عن التنظير والفلسفة المثاليّة , هو كائن مصلحي برغماتي يبحث عن سعادته وتطورّهِ ومستقبل أولاده .

ولا عيبَ في ذلك البتّه !

لكن بشرط أن لاتكون مكتسباتهِ الحياتية على حساب مصالح الآخرين .

بالمختصر المفيد ليس من الإنسانية في شيء القول : أنا ومن بعدي الطوفان !

لأنّ الإنسان رغم كونهِ كائن برغماتي , لكنّهُ أيضاً كائن إجتماعي من الطراز الأوّل يُحاول على الدوام تحسين بيئتهِ ورفع مستوى أبنائه وأصدقائهِ ومعارفهِ ومحيطهِ .. عموماً .

*****

أكتبُ هذهِ المقدمة فقط لأقول أنّي كأنسان طبيعي ضدّ أيّ ديكتاتور .

فمنذُ زمن قرقوش وحكم القياصرة , مروراً بالحجّاج والسفّاح وجنكيزخان وسليم الإوّل وإسماعيل الصفوي .

وصولاً الى عصر هتلر وموسوليني وستالين وماو سي تونغ وبول بوت وكيم إيل سونغ ( وأبناءه من بعدهِ ) وفيدل كاسترو وبينوشيت و روبرت موغابي و معمّر القذافي وصدام حسين وحافظ الأسد وإبنه الشبل بشار .

مع ذلك نحنُ نعلم عِلمَ اليقين بفوارق العدد لضحايا النوعين / الديكتاتور , وتاجر الدين !

ضحايا هتلر ربّما وصلت الى 50 مليون إنسان في أوربا ومحيطها .

ضحايا ستالين ربّما أقل من هذا الرقم بقليل .

وكذلك ضحايا ماوسي تونغ ( رغم ثورته الثقافية ) . والكلام ينطبق حتى على صديّم الخسيس .

لكن كم هي ضحايا التطرّف الديني ؟

هل يستطيع أحد إحصائها أو تقديرها ؟

مليارات من البشر ذهبت ضحيّة للحروب الدينية طيلة التأريخ .

منذ قبل ظهور السيّد المسيح الى الغزوات والفتوحات الإسلاميّة الى الحروب الصليبية , الى مذابح العثمانيين في كلّ مكان وآخرها ضدّ الأرمن .

الديكتاتور السياسي أو العسكري , يحكم حسب رأيه ومزاجهِ بقسوة معتقداً أنّ رأيهُ هو الصواب , والجميع ما عداه على خطأ وغباء .

وقد يعدم كلّ مَنْ يقول لهُ .. لا !

بينما تاجر الدين الحانق يفتي بإسم الربّ قائلاً للناس :

إتبعوني ( أنا الحقّ ) .. وإلاّ جلدتكم بسوط الرب ! ( نيتشه ) .

فتنخدع العامة المُعمّاة وتخشى على مصيرها من إنتقام الربّ . فتتبعه كقطيع الخراف وتنقاد الى مصيرها الأسود المحتوم .

*****

الخلاصة :

من نيرون حارق روما , الى ( بطريرك ) غابريل غارسيا ماركيز , الى بطل الحفرة صدام حسين ,الى الطاغية (إبن إبيه) بشار الأسد .

لا يختلف إثنان على ضرر الطُغاة وقسوتهم على شعوبهم البائسة .

لكن يبقى ضرر رجال وتُجّار الدين , خصوصاً المُتطرفين منهم أشدّ فتكاً وخطراً على المجتمع .

تأثير الطغاة ينال آلاف أو ملايين الضحايا .

بعدها ببضعة عقود تهّب ثورة تطيح بالطاغية وجماعتهِ ومناصريه ويكون مصيرهم غالباً السحل الى مزابل التأريخ .

لكن تأثير تجار الدين يطال أجيال عديدة وقرون طويلة , وقد لا يختفي تأثيرهم حتى مع موتهم . حيث تكون أفكارهم قد إستقرت في وجدان الملايين المُغيّبين عن الوعي العلمي والعملي .

وغالباً يموتون موته طبيعية ويكون مصيرهم التخليد والتأليه تقريباً

ومثال الخميني ليس ببعيد !

قارنوا على سبيل المثال , بين ضحايا الشاه الإيراني ( رضا بهلوي ) وبين ضحايا الخميني .

وتذكروا نهضة البلاد في عصر الشاه , وإنحطاطها الحضاري في زمن الخميني .

وقارنوا لو شئتم , حال مصر الجميلة / بين حكم العسكر ستين عاماً , وبين حالها في عام واحد من حكم الإخوان , وكيف أصبحت بقدرة قادر في قاع الجدول بالنسبة للمرأة على سبيل المثال .

*****

يقول أحمد عبد المعطي حجازي في مقاله الأخير عن إخوانجية مصر ( لماذا فشلوا وكيف نجحوا ؟) ما يلي :

[ … من هنا كان الإخوان ومعهم السلفيون هم المؤهلون وحدهم لتولي السلطة بعد سقوط مبارك .

ثمّ حكموا وسقطوا !

لكن ثقافتهم لم تسقط بعد, وهي لن تسقط بالمصالحة, ولا بأجهزة الأمن, بل بثقافة العقل والديمقراطية, وعدم الخلط بين الدين والسياسة .

فالدين لله والوطن للجميع ] .

نعم كلا الطرفين ( الديكتاتور وتاجر الدين ) يشتركان بالصبغة الفاشية والعنصرية . لكن تأثير التيارات الدينية أكبر وأشدّ فتكاً من تأثير الطغاة عموماً .والأمر يخضع عندي للنقاش والحوار . حيث تبقى أغلب الحقائق نسبيّة حتى تستقر بمرور الزمن في ضمير الناس عموماً !

يقول عالم البايولوجي د.ريتشارد داوكنز/ في كتابه الصعود الى جبل الإحتمال ما يلي :

[ المهم في حوارنا هذا , هو أنّ بعض المُلحدين يفعلون الشرور / لكنّهم لا يفعلونها بإسم الإلحاد .

ستالين وهتلر فعلوا عظائم الشرور بإسم العقيدة والتلقين الماركسي وما يُماثلها بإسم نظرية الأجناس اللاعلمية والمحبوكة بهذيانات فاغنرية .

لكن الحروب الدينية حصلت بسبب الدين ,وتكرّرت كثيراً عبر التاريخ .

ولا أذكر أى حرب حصلت تحت إسم الإلحاد … ولماذا تحصل ؟

ربما يكون الدافع للحرب .. طمعاً إقتصادياً , أو طموحاً سياسياَ , أو تعصّب عرقي أو عنصري , أو إنتقام … أو شكوى , أو بدافع من الإيمان الوطني بحق الأمة . ]

*****

الروابط

الأول / قائمة أسوء 20 ديكتاتور, في العالم

http://pclifegroup.blogspot.se/2009/04/20.html

الثاني / مقال أحمد عبد المعطي حجازي حول الإخوان

http://www.ahram.org

تحيّاتي لكم

رعد الحافظ

14 نوفمبر 2013

رعد الحافظ(مفكر حر)؟

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.