مما يلفت انتباهي أننا كشعوب عربية نعشق كلمة موت وكلمة جنون ونضعهما في كافة مفرداتنا, طبعا أنا لا أعلم ولا أعرف بالضبط الحياة الاجتماعية اليومية للشعوب الأخرى الإنكليزية أو الصينية أو الكورية, هل هم مثلا مثلنا نحن؟, أي هل أنهم يعشقون كلمة موت وجنون كما نعشقهما نحن؟.
وهل يضعونهما في أغلبية مفرداتهم؟
فمنذ نعومة إظفاري وحتى اليوم وأنا ما زلت أسمع كلمة موت, بل تربيتُ عليها منذ صغري, فكان أستاذ المدرسة وأنا في الصفوف الابتدائية الأولى يقول لي وللأولاد: هسع بموتكوا من الكتل, أو يسألنا مدير المدرسة هذا السؤال:
الأستاذ الجديد بتحبوه موت؟
فنقول: آه بنموت عليه وعلى حصته.
ومن ثم قد يقف أحدنا ليقول: والله إنه بجنن.
وفي أغلب الأحيان يقول لنا المدير: طيب ردوا عليه ولا إتجنوه, ومن ثم يقف محذرا: لا تجننوه!! والله إذا جننتوه غير أجننكوا, وهذا طبعا لتحذير, فنرد عليه بنفس الكلمة ولكن للتحبيب فنقول له: والله إنه كويس وحصته بتجنن.
وكانت أمي جَلَ اسمها إذا هددتني تقول لي: والله لأكتلك كتل موت…ومن ثم تردف قائلة:
والله لأجننك.
أو إذا أرادت تشجيعي على نوع من الطعام لا أحبه كانت وما زالت تقول لي: والله إنها أكله موت بتجنن.
وإذا أراد شخص أن يعبر عن حبه لشخص آخر نجده يقول له: بحبك موت, أو حبك جنني.. أو بموت على حبك, أو بموت على ربك يا مجنون…أو: يا مجنون أنا بحبك موت.
وإذا أراد شخص أن يصف لنا البرد أو الشتاء يقول: الدنيا بتشتي موت, أو شتاها موت, أو الدنيا برد موت بالمره.
وإذا أراد أحدنا أن يصف لنا جمال الطبيعة خارج المنزل ليشجعنا على الخروج في نزهه, نجده يقول: الجو برى بجنن, أو الدنيا حلوة وبتجنن.
وإذا ذهبت أمي لحفلة عرس نسألها بعد العودة من صالة الزفاف: كيف العروس؟ فتقول: والله إنها حلوه وبتجنن والناس كلهم ماتوا عليها, وأم العريس قد ما رقصت معها ماتت عليها, والناس اللي هنالك كانوا كلهم بجننوا وبموتوا من الضحك.
وإذا أراد شخص أن يصف لنا فيلم كوميدي أو مسرحية كوميدية شاهدها يقول لنا: شفت مسرحيه بتموّت من الضحك, أو بتضحّك موت , ومن ثم يصمت قليلا ليقول لك: حلوه إكثير, فتسأله أنت من غير قصد: يعني بتجنن؟ فترد عليه قائلا: آه والله إنها بتخلي الواحد ينجن ويموت.
وأنا شخصيا أقول: بموت على فلان من الناس أو بحب الطبخه هذي موت, أو بحبك موت, أو تجدني أحيانا أقول لك: بدي أحكيلك نُكته بتموتك من الضحك , وإذا سألتني صديقة على الفيس: كيف صورتي الجديدة فأجاملها بكلمة واحدة وهي: بتجنن, وأحيانا أقول لها أو له: بتموّت وبتجنن, وأصحابي اللي متابعين لي لما شافوها كلهم إنجنوا وماتوا عليها.
وأحيانا نستخدم كلمة موت للتعبير عن الكراهية فنقول: بموت منك ما بحبك , أو بنجن منك, وحين تريد دفعه عنك تقول له: خلص يا أخي روح عني إنت جننتني, أو موتتني, أو موتت قلبي.
أو: بموت من هذي الطبخه وبنجن منها.
أو: بموت ولا أسوق السياره من هذا الشارع.
أو: بموت من محاضرة هذا الدكتور, الله يقطعه والله بموت منه ومن اللي خلفوه,والله إنه جنني.
وكنا كذلك منذ الصغر فحين أعود إلى أمي تبارك اسمها ستستمعون لي وأنا أقول لها: بموت منها ما بحبهاش, بنجن منها, وهذا ردا على قولها: طبختلك طاسة ملفوف والله غير تموت عليها.
وإذا كنا نجلس في جلسة عادية وذكرنا رجلا مكروها بين الحضور نجد الكل يقول: سكروا على الموضوع والله بنموت من طاريه.
وإذا ذكرنا رجلا محبوبا بين الحضور نجد الكل يقول: والله بنموت على طاريه.
وإذا شكا صديق لصديق يقول له: حبها بجنن, حبها بموت, عيونها موتني, عيونها جنني…جننوني, موتوني, هبلوني, ومن ثم يقسم قائلا: والله بموت عليها.
يا أخي…يا جماعة الخير, هذا لغز محير, شو هالشعوب العربية هذي التي تعشق كلمة الموت والجنون بكثرة!! حتى نجدها تضعهما وتستعملهما للتحبيب وللترغيب وللكراهية!!!
إذا ضحكوا ضحكوا بموت.
وإذا عشقوا عشقوا بموت وبجنون.
بحبك موت. للتحبيب
حبك جنني. للتحبيب.
بموت عليك. للتحبيب
بموت منك.للكراهية
بموت من أختك. للكراهية
بموت على ربك. للتحبيب
بموت من طاريك. للكراهية
بنجن منك.للكراهية
إنت حلوة وبتجنني العقل. للتحبيب.
فيلم بموت من الضحك أو من الرعب.
الدنيا بتجنن. للتحبيب وللترغيب.
الجو برى بجنن, للتحبيب وللترغيب.
أغنية بتجنن, للترغيب.
أغنية بتجنن. للكراهية.