نشر الوهابية فى مصر بين عبد العزيز آل سعود و رشيد رضا .

أحمد صبحى منصور
كتاب : نشأة وتطور أديان المسلمين الأرضية
الباب الأول : الأرضية التاريخية عن نشأة وتطور أديان المحمديين الأرضية
الفصل التاسع : وحشية الوهابية فى عصرنا
نشر الوهابية فى مصر بين عبد العزيز آل سعود و رشيد رضا .
مقدمة :
كانت الوهابية ممقوته فى مصر ، حين كان دينها الواقعى هو التصوف السُّنّى . حدث تطور هائل إذ إنتشرت الوهابية فى مصر تحت مسمى لطيف محبوب هو ( السُّنّة ) و تم تجنب إسم الوهابية ، وكان يشار اليها أحيانا بالسفية ، وهو غسم محبوب أيضا لأنه يرمز فى دين التصوف السنى الى ( السلف الصالح ) من الخلفاء ( الراشدين ) و الصحابة والتابعين. هذا التطور الخطير هو الذى أنتج ( الإخوان المسلمين ) وبجهودهم إنتقلت الوهابية من مصر الى بقيه دول المحمديين ، خصوصا دول الشرق الأوسط . هذا التحول الخطير صنعه إثنان عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة الراهنة ، وعميله فى مصر الشيخ رشيد رضا . ونعطى بعض التفصيلات
أولا :
حاجة عبد العزيز لإنشاء ( إخوان مصريين ) بديلا عن (الاخوان النجديين )
1 ـ عانى عبد العزيز آل سعود منشىء الدولة السعودية الراهنة من تزمت وتخلف الشيوخ الوهابيين ومن تسلط ( الإخوان النجديين ) وهم الذين أقاموا بوحشيتهم مُلكه ، وكانوا يتدخلون فى سلطته ، وإعتاد عبد العزيز ان يستخدمهم وأن يسايرهم الى حين يجد البديل .
2 ـ ودخل الاخوان النجديون فى معارضة سياسية مع عبدد العزيز وعززهم شيوخ الوهابية المتمسكون بالحرفية الوهابية ، والتى لا تعطى عبد العزيز مرونة فى التعامل السياسى مع القوة العظمى وقتها ( إنجلترة ) ومع القوة الاقليمية الكبرى ( مصر ) . والوهابيون من الاخوان النجديين وشيوخهم يعتبرون الانجليز كفرة ويعتبرون المصريين مشركين ، ويعتبرون المخترعات الحديثة من التليفون والتليغراف والموتوسيكل رجسا من عمل الشيطان .
3 ـ تحولت معارضة الاخوان النجديين السياسية بالمؤتمرات الى صراع عسكرى هزمهم فيه عبد العزيز مرتين . وقبل هزيمتهم وفى أثناء صراعهم السياسى معه أدرك ضرورة تركيز السلطة في يده ، وإخضاع علماء الوهابية لسلطته . لذا صبر على ( الاخوان النجديين ) وشيوخ الوهابية المتزمتين وسايرهم وحاول إسترضاءهم بمؤتمرات المعارضة التى كانوا فيها يزايدون عليه بالوهابية ليؤسسوا لهم سلطة سياسية تنازع عبد العزيز سلطانه .
4 ـ الذى لم يعرفه الاخوان النجديون حلفاؤهم الشيوخ الوهابيون ــ وقتها ــ أن عبد العزيز كان يخطط منذ أن فتح مكة وسيطر على الحج وانفتح على العالم الاسلامى ـ فى تصدير الوهابية فى مصر وتأسيس ( إخوان ) جدد فى مصر ، وأنه كان يعد هذا سرا. كما كان فى نفس الوقت ينشىء قوة عسكرية تابعة له خارج الاخوان النجديين يستخدمها فى الصراع العسكرى القادم مع ( الإخوان ) النجديين الذين أنشأهم فتمردوا عليه . وفعلا فى الوقت المناسسب له حارب الاخوان النجديين وهزمهم ، ووقتها كان قد أرسى فروعا للوهابية فى مصر تعمل من أجل تحويل العُمق المصرى المسلم المسالم الخانع من دينهم التصوف السُّنّى الى الوهابية الوحشية الدموية.
ثانيا :
العوامل التى كانت تحتم على ( عبد العزيز ) تحييد مصر أو كسبها الى جانبه
1 ـ أدرك عبد العزيز تخلف الوهابية عن مسايرة العصر ، وأدرك ان صلاح الايدولوجية الوهابية فوق طاقة علماء نجد ،فآثر ان ينفتح بها علي مصر ،ليأتي الاجتهاد في تنقيح وتحديث الوهابية من مصر بعد ان تكون مصر عمقا استراتيجيا لدولته الوليدة ،ولا ريب ان مستشاره المصري ( حافظ وهبة ) كان وراء هذا الانفتاح في توثيق الصلة بين الجانبين .
2ـ وقد كان حافظ وهبة مهتما بتوثيق العلاقات بين الملك عبد العزيز ومصر ، فى كتابه ( جزيرة العرب فى القرن العشرين ص 268 ) يقول حافظ وهبة في تأريخه لأحداث الصراع بين الملك عبد العزيز والشريف حسين :(وفي سبتمبر سنة 1925 وصل فضيلة الشيخ المراغي ، وكان رئيسا للمحكمة العليا الشرعية ، ومعه عبد الوهاب بك طلعت من موظفي السرايا ( الملكية المصرية ) ومعهما كتاب رقيق من جلالة ملك مصر جوابا لكتاب سلطان نجد ( عبد العزيز آل سعود ) بمناسبة عزمه علي زيارة مكة . )،ويقول حافظ وهبة معبرا عن مشاعره (انه ظرف ملائم جدا وفرصة نادرة لتوثيق العلائق بين مصر ونجد . وسلطان نجد كان ولا يزال معترفا بزعامة مصر من وجهة الثقافة والمدنية ، ويجب ان توطد العلائق بينه وبين مصر) وقتها كان عبد العزيز قد سيطر على الحجاز الذى كان تحت النفوذ المصرى ( الأدبى ) .
3 ـ ( مصر ) في حد ذاتها هي المشكلة الكبري لعبد العزيز، فهي التي كانت تسيطر علي الحجاز في العصر المملوكي ،واستمر نفوذها الادبي فيه . ولقد اصطدم العسكر المصرى ــ الذى كان يرافق كسوة الكعبة من القاهرة الى مكة ـ بأخوان عبد العزيز في حادث المحمل. وقتل العسكر المصرى الوهابيين المحتجّين ،وحاول عبد العزيز تلافى الموضوع حرصا على تطبيع العلاقات مع مصر بعد استيلائه علي الحجاز . ونلاحظ حرصا زائدا من عبد العزيز ومستشاره حافظ وهبة علي استمالة مصر بكل طريقة الي السلطة الجديدة .
4 ـ كما ان مصر هي التي اسقطت الدولة السعودية الاولي واسهمت بالايجاب والسلب في سقوط الدولة السعودية الثانية ،وبالتالي فان مصير الدولة السعودية الثالثة لابد ان يرتبط بمصر ايجابا وسلبا ،فمصر هي اقدم دولة في المنطقة وأكثرها خطرا على دولة عبد العزيز، وكانت وقتئذ احدث دولة في المنطقة (قبل قيام اسرائيل ) .
5 ــ ومن الممكن ان يكون العمق المصري رصيدا متأجّجا بالكراهية للوهابية ، وقد يؤدى هذا الى تحالف مصر مع الاردن والعراق حيث كان يحكمهما الاشراف (فيصل وعبد الله )،ومع اليمن، هذا بالاضافة الي الشيعة في الاحساء وفي الحجاز ، فيتم بمصر ذلك الحصار وتختنق دولة عبد العزيز. إنّ توسع عبد العزيز فى الجزيرة العربية جعله يضم داخل عباءته خصوما ألدّاء:الشيعة فى الأحساء والمنطقة الشرقية وفى الحجاز ، بالاضافة الى أنه أصبح يتاخم العراق والأردن وقد كان يحكمهما ابناء خصمه الشريف حسين . ثم هناك إيران أقوى مركز شيعى ، وخصومته مع اليمن . لو أضيفت مصر الى هؤلاء ــ وهى تمقت الوهابية أصلا ـ فإن سقوط دولة عبد العزيز الوليدة أمر لا مفرّ منه ، خصوصا بعد أن إستولت على الحجاز ، وهو الأقرب وجدانيا وسياسيا وتاريخيا لمصر ــ ومنذ الدولة الطولونية .
6 ـ ولكن من الممكن ايضا ان يكون العمق المصري رصيدا لدولة عبد العزيز ترتكز عليه في مواجهة اولئك الخصوم المتربصين بها المحيطين بها في الشرق والشمال والجنوب . ومن هنا كان لابد من كسب مصر الي جانبه بكل وسيلة ،وقد حاول عبد العزيز ومعه مستشاره الداهية حافظ وهبة ونجح ..علي المستوي الرسمي امكن تفادي حادث المحمل . ولكن الأهم هو الانقلاب الخطير الذى تم فى مصر منذ عام 1926علي المستوي الشعبي والثقافي .بجهود رشيد رضا العميل السعودى فى مصر . وقد عرفنا دوافع عبد العزيز فما هى دوافع رشيد رضا
ثالثا : رشيد رضا الذى خان أستاذه الإمام محمد عبده
1 ـ الانفتاح المصرى السياسى فى عهد الخديوى اسماعيل أثمر إجتهادا دينيا إصلاحيا قام به الامام محمد عبده في مصر في اواخر القرن 19 وأوائل القرن العشرين ،ولكنه مات 1905 أي قبل قيام عبد العزيز آل سعود بتكوين الاخوان النجديين بخمس سنوات . وبعد موت محمد عبده خانه تلميذه رشيد رضا الذى قام بتحويل فكر محمد عبده الاصلاحي الي اتجاه سلفي وهابى . وهذا الانقلاب الخطير أسفر فى النهاية عن تحويل التدين المصري من التصوف السنى الكاره للوهابية الي تدين سني وهابي يحتكر الاسلام ، ويقوم بتكفير غيره . وبهذا التحول الدينى فى مصر أصبحت مصر تابعة دينيا للسعودية ، ثم بالتالى ـ وبسبب ظروف أخرى لاحقة ـ أصبحت مصر تابعة سياسيا للأسرة السعودية . وتبعتها فى هذا بقية دول المنطقة . بداية هذا التحول الخطير كان بجهود رشيد رضا فى الأساس.
2 ‏هربا‏ ‏من‏ ‏بيئة‏ ‏التعصب‏ ‏الدينى ‏فى الشام هاجر لمصر كثير من المثقفين والأدباء والفنانين من مسلمين ونصارى ، وجاء من بينهم رشيد رضا . جاءوا لمصر يحملون داخلهم موروثات التعصب الدينى والمذهبى ، ذلك التعصب الذى أجّجه من قبل شيوخ الوهابية فى الشام والعراق ، وسبّب مذابح للنصارى ولطوائف من الشيعة . جاء رشيد رضا يحمل فى داخله التعصب الوهابى ، إلا إنه بكل ما أوتى من دهاء أهل الشام كان يكبت مشاعره وهو ملتصق بشيخه الإمام محمد عبده . ولأنه وهابى عريق فإننا نتوقع أنه كان يتوجع من آراء استاذه محمد عبده الذى أعلن حقيقة أن كل الأحاديث الموجودة هى أحاديث آحاد تحتمل الصدق والكذب ولا تفيد اليقين ـ وبالتالى يمكن القول بالاستغناء عنها لأنها ليست جزءا من اليقين الاسلامى .
3 ‏وبينما‏ ‏كان‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏يحتفل‏ ‏بآراء‏ ‏شيخه‏ ‏فى ‏نقد‏ ‏التصوف‏ ‏ويرصع‏ ‏بها‏ ‏أقواله‏ ‏فى ‏تفسير‏ ‏ المنار‏ ‏نجده‏ ‏على ‏العكس‏ ‏يتجاهل‏ ‏أراء‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏ ‏فى ‏السخرية‏ ‏وانتقاد‏ ‏الوهابية‏، ‏ومنها‏ ‏قوله‏ ‏عنهم‏ إنهم: لم‏ ‏يكونوا‏ ‏للعلم‏ ‏أولياء‏ ‏ولا‏ ‏للمدنية‏ ‏أحباء‏. ) (‏الإسلام‏ ‏بين‏ ‏العلم‏ ‏والمدنية‏: 47: 48)‏ . ‏وكذلك‏ ‏تجاهل‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏ما‏ ‏أكده‏ ‏الامام‏ ‏فى ‏نفس‏ ‏الكتاب‏ ‏السابق‏ ‏عن‏ ‏الأصل‏ ‏الثالث‏ ‏من‏ ‏ أصول‏ ‏الإسلام‏ ‏وهو‏ ‏البعد‏ ‏عن‏ ‏التكفير‏، ‏والتكفير‏ ‏أساس‏ ‏الاستحلال‏ ‏للدماء‏ ‏والأموال‏ ‏والأعراض‏، ‏والاستحلال‏ ‏أساس‏ ‏قيام‏ ‏وتوسع‏ ‏الدولة‏ ‏السعودية‏ ‏الوهابية‏. ‏وصاحبنا‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏أوقع‏ ‏نفسه‏ ‏ فى ‏تكفير‏ ‏خصومه‏ ‏فى ‏المذهب‏ ‏وفى ‏الدين‏ ‏فى ‏مواضع‏ ‏كثيرة‏ ‏من‏ ‏تفسيره‏ ‏فى ‏المنار‏، إذ سار رشيد رضا فيه على منهج ابن تيمية ‏فى ‏إدمان‏ ‏التكفير‏ ‏لجميع‏ ‏من‏ ‏يخالفونه‏ ‏فى ‏الرأي‏.‏
‏4- ‏ وإذا كان الامام محمد عبده فى كتابه ( الاسلام بين العلم والمدنية ) قد جعل الأصل الخامس من أصول الاسلام هو ( قلب السلطة الدينية ــ اى الكهنوت الدينى والدولة الدينية ــ والاتيان عليها من الأساس ) فإن رشيد رضا أوّل هذا المفهوم الواضح هجوما على التصوف ، ثم نراه فى المقابل يعمل على نشر الوهابية ــ فيما بعد ـ وما تتضمنه من تأسيس دولة دينية . 5وهنا‏ ‏تبدأ‏ ‏الفجوة‏ ‏بين‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏ ‏ورشيد‏ ‏رضا‏، ‏وهنا‏ ‏أيضا‏ ‏تتسع‏ ‏الفجوة‏: ‏فالأحاديث‏ ‏النبوية‏ ‏ عند‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏ ‏مجرد‏ ‏أحاديث‏ ‏آحاد‏ ‏لا‏ ‏تفيد‏ ‏اليقين‏ ‏وإنما‏ ‏تفيد‏ ‏الظن‏، ‏ولا‏ ‏تنهض‏ ‏وحدها‏ ‏دليلا‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏اتكأت‏ ‏على ‏آية‏ ‏قرآنية‏ ‏أو‏ ‏رؤية‏ ‏قرآنية‏ ‏واضحة‏. ‏أما‏ ‏عند‏ ‏تلميذه‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏فالأحاديث‏ ‏هى ‏ مصدر‏ ‏قائم‏ ‏بذاته‏ ‏سواء‏ ‏اختلف‏ ‏أو‏ ‏تعارض‏ ‏مع‏ ‏القرآن‏، ‏بل‏ ‏طبقا‏ ‏لمنهجه‏ ‏فإنه‏ ‏يستسيغ‏ ‏تأويل‏ ‏ الآيات‏ ‏القرآنية‏ ‏وتحريف‏ ‏معناها‏ ‏كى ‏توائم‏ ‏وتتفق‏ ‏مع‏ ‏الأحاديث‏ ‏الصحيحة‏ ‏لديها‏.‏
6 ‏ولكن‏ ‏النتيجة‏ ‏الواضحة‏ ‏والمؤلمة‏ ‏أن‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏نجح‏ ‏فى ‏خنق‏ ‏وتحجيم‏ ‏حركة‏ ‏شيخه‏ ‏، ‏وكان‏ ‏لذلك‏ ‏سببان‏: ‏الأول‏ ‏يرجع‏ ‏إلى ‏منهج‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏ ‏نفسه‏ ‏الذى ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏متسقا‏ ‏ومحددا، فلم يبدأ بتحديد المفاهيم قرآنيا ، ومن خلال القرآن ينظر الى التراث .
‏ ‏والسبب‏ ‏الثانى ‏يعود‏ ‏إلى ‏المناخ‏ ‏الذى ‏ساند‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏فى ‏منهجه‏: ‏فرشيد‏ ‏رضا‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏فى ‏ وزن‏ ‏شيخه‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏ ‏ليكمل‏ ‏بعده‏ ‏مشوار‏ ‏الإصلاح‏ ‏ولم يكن مؤهلا لكى يعادى الأزهر وحلفاءه فى السرايا الملكية والاقطاع ، على فرض أن رشيد رضا كان مخلصا ومتحمسا فى السير على طريقة أستاذه ، ولكنه إتخذ من إستاذه سُلّما للشهرة والوصول فى حياة الامام محمد عبده ، ثم وجد المناخ مواتيا بعد موت الامام كى يتنكب طريق الامام ، ويكشف وجهه السلفى الوهابى . بل أصبح هذا المناخ مساعدا له كى يرسى دعائم السلفية ، بل يجد تشجيعا من شيوخ الأزهر الذين أفزعهم قيام مثقفين شوام بنشر مذاهب الغرب الالحادية ، خصوصا بعد سقوط الخلافة العثمانية وتحول تركيا الى العلمانية الملحدة . وقد واكب هذا ظهور عبد العزيز آل سعود بطلا قادما من عُمق الصحراء يرفع راية إسلامية وقد إحتل الحجاز ، وانتشر الحديث عن عودة الخلافة ( الاسلامية ) بعد سقوطها فى الأستانة .
‏7 من‏ ‏الطبيعى ‏أن‏ ‏يحاول‏ ‏رشيد‏ ‏رضا‏ ‏بمهارته‏ ‏الشامية‏ ‏أن‏ ‏يظفر‏ ‏من‏ ‏هذا‏ ‏السوق‏ ‏السياسى ‏بأى ‏ شيء‏. ‏وقد‏ ‏ظفر‏ ‏فعلا‏ ‏بشيء‏ ‏وأشياء‏، ‏وبغض‏ ‏النظر‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الأوضاع‏ ‏السياسية‏ ‏فإنها‏ ‏خلقت‏ ‏ مناخا‏ ‏ليس‏ ‏لديه‏ ‏أدنى ‏استعداد‏ ‏للبناء‏ ‏فوق‏ ‏ما‏ ‏أرساه‏ ‏الإمام‏ ‏محمد‏ ‏عبده‏. ‏ويكفى ‏أن‏ ‏الظروف‏ الاجتماعية‏ ‏والسياسية‏ ‏فى ‏مصر‏ ‏أصبحت‏ ‏تتقبل‏ ‏فكرة‏ ‏الدولة‏ ‏الدينية‏، ‏بعد‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏قرن‏ ‏من‏ ‏ النهضة‏ ‏الفكرية‏ ‏وتأسيس‏ ‏الدولة‏ ‏المدنية‏ ‏الحديثة‏ فى مصر ، ومشاركة محمد عبده فى تاسيس الحزب الوطنى القديم الذى كان يفصل بكل وضوح بين الانتماء الدينى والعمل السياسى ويرفض خلط السياسة بالدين .
8 هذا هو المناخ الذى شهد تحالف عبد العزيز آل سعود مع رشيد رضا ، وقيام رشيد رضا بنشر الوهابية فى مصر ، وتأسيس الاخوان المسلمين ، والتى دخلت بمصر وما حولها فى نفق الوهابية ، ذلك النفق الذى لم تخرج منه المنطقة حتى الآن . ونحاول ما استطعنا البناء على حركة الامام محمد عبده وارجاع المناخ المصرى والعربى الى مستوى عصر محمد عبده

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.