#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
هذا المقال كتبه نزار قباني في السبعينات
يفكر السيد المسيح بالعودة الى مسقط رأسه في بيت لحم.. ولكنه يتذكر فجأة أن مدة جواز سفره قد انتهت، وان السلطات اليهودية وضعت إسمه على قائمة الممنوعين من دخول فلسطين .. وفرضت على أمه الإقامة الجبرية .. فيبحث عن شقة خالية في بيروت تتناسب مع مكانته التاريخية .. يأخذه السماسرة الى عمارات الرملة البيضاء و شارع فردان .. يطلبون منه إكراما لعينيه, و تقديرا لسمعته العالمية, 25 ألف ليرة بدل إيجار سنوي..
يجيبهم أنه قد عرف الصلب مرة واحدة ولا يريد أن يصلب مرة اخرى …
يشعر السيد المسيح بالجوع.. والتعب.. والخيبة.. فيتسلل إلى حديقة الصنائع وينام.
يرى في أحلامه جبال الجليل, وبحيرة طبريا, و نهر الأردن.. و يتذكر المغارة التي ولد فيها في بيت لحم, وفراش القش الذي نام عليه, يتذكر الأرض الطيبة,
و الخراف البيضاء, وأشجار البرتقال والزيتون .رائحة أمه.يجئ حارس الحديقة مع الفجر ويطلب منه مغادرة المكان, لأن أنظمة البلدية تمنع النوم في الحدائق العامة.
يحمل السيد المسيح جوعه, وتعبه, وخيبة آماله و يمشي باتجاه البحر..
البواخر تفرغ حمولتها، ألوف الصناديق تتكوم على رصيف المرفأ حاملة بضائع عيد الميلاد من أشجار, وألعاب, وثياب, ومشروبات, و ديوك حبش…
كل الصناديق مستوردة بإسمه.. ولكنه لا يملك واحدا منها…
كل أشجار السرو والصنوبر تضاء بإسمه.. ولكنه لا يستريح تحت واحدة منها…
كل ديوك الحبش، تذبح على إسمه وتحشى باللوز والزبيب على إسمه ولا يستطيع أن يأكل قطعة منها…
أيها المسيح العظيم
إني اعتذر لك, باسم بيروت, وبإسم كل العواصم التي تأكل على حسابك, وتشرب على حسابك, وتسهر و ترقص على حسابك…
أيها المسيح العظيم
إنني أدعوك الى منزلي, فهل تقبل دعوتي إلى العشاء .
الإمضاء: نزار قباني
مجلة الأسبوع العربي 7\1\1974
من صفحة ماري تريز كرياكي