نداء من ثورة الحرية والكرامة والمؤاخاة

نداء من ثورة الحرية والكرامة والمؤاخاة.

أيها الثوار الأحرار يا أبناء سورية العظيمة

انطلقت ثورتنا المجيدة من رفض الظلم والتمييز والقهر الذي عانيتهم منه لعقود طوال. وكانت ثقافة الكرامة وحب الحرية وتأكيد الأخوة الوطنية ووحدة الشعب والوطن قلبها ومحركها. بثقافة المحبة والاتحاد هذه حقق الشعب الانتصارات وزعزع أركان الطغيان. وبها تعززت هويتنا القومية وزالت خلافاتنا وتوحدت صفوفنا وذهبت مشاعر الحقد والضغينة والانتقام من قلوبنا، وفيها ولدت سورية الجديدة، سورية المستقبل التي ننشدها لنا ولأبنائنا، سورية المساواة التي تحتضن جميع أبنائها دون تمييز قومي أو مذهبي أو سياسي.

وفيها أيضا تعرفنا على أنفسنا شعبا واحدا، وازدهرت روح الأخوة الوطنية تضامنا وتساميا في كل فرد منا. فصار كل واحد منا يفتدي الآخر بدمه وحياته، وأصبحت كل مدينة او محافظة تهتف باسم المدينة ألاخرى وتدافع عنها حتى الموت. هكذا استمرت الثورة ونجحت في مواجهة سياسات القتل والارهاب والترويع. وكعادتها عبر تاريخ سورية تحملت مدينة حمص مسؤولية جمة في استمرار النضال السلمي ضد الاستبداد. حتى أجمع الثائرون على تسميتها ” عاصمة الثورة” لما عانته من قهر ودمار وتهجير.

لكن أشهرا طويلة من القتل المنهجي المنظم وإذكاء النظام الاجرامي الفتنة الطائفية بين أبناء شعبنا وشحن فئة من المجتمع ضد فئة أخرى قد أضعفت دفاعات بعضنا في مواجهة مخاطر الانقسام والتصادم الطائفي. وأصبحنا نشهد منذ أسابيع عمليات خطف واغتيال وتصفية حسابات بين أبناء الشعب الواحد، بل بين أبناء الثورة أنفسهم. وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لمكاسب الثورة ويقدم خدمة كبرى لنظام القتل والاستبداد الذي يترصد بنا ويؤخر الانتصار.

باسمي وباسم المجلس الوطني وجميع ابناء الشعب الحريصين على انتصار الثورة وقطع الطريق على مناورات السلطة الغاشمة ومؤامراتها، أدعو جميع أبناء الشعب السوري إلى التوقف القطعي عن هذه الاعمال المدمرة ونبذ روح الفرقة والانقسام، والعودة إلى روح الأخوة والوطنية الحقة التي أشعلت الثورة وكانت السبب الأكبر لاستمرارها وتقدمها.

وأتوجه بشكل خاص إلى أحرار حمص وثوارها الأبطال من كل الفئات والمذاهب، وادعوهم إلى تغليب حسهم الوطني، ووقف الاعتداءات وعمليات الخطف والانتقام والترفع عن الاحقاد والالتفاف حول ثورتهم الجامعة وأحثهم على ضبط النفس ورفض الانجرار وراء ممارسات بغيضة تزكي الحقد بدل المودة والألفة وتكرس الانقسام بدل الوحدة

أيها الاخوة الاحرار

نحن على مفترق طرق. احد هذه الطرق يؤدي بنا الى الحرية والكرامة واخر يؤدي بنا الى الهاوية والانجراف نحو حرب اهلية لم يكف النظام عن محاولة اشعالها ليجهض ثورتنا المباركة منذ أشهر. واجبنا في هذه اللحظات الحساسة ان لا ننجرف وراء مشاعر سلبية بغيضة لن تجلب لنا الاالهزيمة والدمار.

أدعو جميع الثوار إلى نبذ تلك الممارسات المدمرة للشعب والثورة وإدانتها وتحريمها والعمل معا على إطلاق سراح كل المختطفين وتكوين اللجان المحلية للتعاون من أجل منع تكرارها.

لا تدعو الاحقاد الصغيرة تهدد ثورتكم العظيمة، ولا تقعوا في فخ النظام، وأنتم على ابواب انتصارات اكيدة على قاب قوسين أو أدنى من تحقيق اهداف ثورتكم المجيدة، ثورة الكرامة والحرية والإخا.

عاشت سورية حرة أبية وعاش شعب سورية حرا عزيزا واحد موحدا

About برهان غليون

برهان غليون: رئيس المجلس الوطني السوري استاذ علم الاجتماعي السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون في باريس دكتوراة الدولة في العلوم الانسانية وأخرى في علم الاجتماع السياسي. واضع العديد من المؤلفات بالعربية والفرنسية أهمها: ­ بيان من أجل الديمقراطية، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، ­ المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات، بيروت، الطليعة - مجتمع النخبة، معهد الانماء العربي، بيروت تونس، ­اغتيال العقل، المركز الثقافي العربي، بيروت ­ نظام الطائفية، من الدولة إلى القبيلة، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ­ الوعي الذاتي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ­ مابعد الخليج، أو عصر المواجهات الكبرى، القاهرة، مدبولي، ­ نقد السياسة الدولة والدين، المركز الثقافي العربي، بيروت ­ المحنة العربية، الدولة ضد الأمة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ­ حوارات من عصر الحرب الأهلية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ­ حوار الدولة والدين مع سمير أمين، المركز الثقافي العربي، بيروت - العرب ومعركة السلام، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء -العالم العربي أمام تحديات القرن الواحد والعشرين، مؤسسة شومان، عمان ­ ثقافة العولمة، مع سمير أمين، دار الفكر، دمشق، ­ النظام السياسي في الاسلام، مع سليم العوا، دار الفكر، دمشق، - العرب وتحولات العالم، المركز الثقافي العربي بيروت الدار البيضاء - الاختيار الديمقراطي في سورية، دار بترا، بيروت إضافة إلى العشرات من المؤلفات الجماعية ومن الدراسات والتحليلات السياسية والاجتماعية المنشورة في المجلات العلمية والصحافة اليومية.
This entry was posted in ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.