لماذا تفرض الحكومات والمجتمعات العربية الرقابة على الكتب التي تصلنا من العالم الغربي, ونتعامل معها بحذر!, وهنالك قنوات فضائية عربية إسلامية ليل نهار تحذر من التأثر بالكتب الغربية الكافرة ومن السينما الغربية والمسلسلات الغربية والأجنبية ومن كل أساليب الحياة الأجنبية بشكلٍ عام بينما نجد العالم المتحضر لا يملك قنوات فضائية تحذر من خطر التأثر بالحياة العربية؟ ولماذا نصف غيرنا بالكافر بينما هم لا يقولون عنا بأننا كفار!!, نخاف من الثقافة الغربية والثقافة الغربية لا تخاف منا,نخشاها ولا تخشانا,ولماذا المثقفون المسلمون والعرب بشكلٍ عام حين يقرئون كتب ومؤلفات المستشرقين يتأثرون فورا بالمستشرقين علما أن المستشرقين والأجانب والمسيحيون يقرئون كتبنا ولا يتأثرون فيها كما نتأثر نحن بكتبهم وبأطروحاتهم العلمية؟ ولماذا المثقف الأجنبي العادي قرئ كتبنا ومؤلفاتنا ولا يتأثر فيها أبدا بينما نحن نتأثر بفلاسفة اليونان وأوروبا بشكلٍ عام!!!وهنالك عدة ملاحظات على هذا الموضوع, فمثلا نحن نقرئ الإنجيل -مثلا- ونتأثر بطلائع الإنجيل وما يحويه الإنجيل من حِكم من الممكن الاستفادة منها في نفس الوقت الذي يقرئ فيه الغربيون القرآن والثقافة العربية الإسلامية ولا يتأثرون فيها بشكلٍ واضح كما نتأثر نحن بالثقافة الغربية!!.
ولماذا نحن العرب نتأثر بأسلوب الحياة الغربي من كل النواح ومن كل الاتجاهات, فنحن نشاهد الملابس الغربية ونتأثر فيها فنلبس كما يلبسون ونشرب كما يشربون ونأكل كما يأكلون, ونعالج أنفسنا بأدويتهم ولا يعالجون أنفسهم بأدويتنا,وبضائعهم تملئ أسواقنا من كل شيء بينما بضائعنا لا تملئ أسواقهم أبدا!! وهم أي الغرب يشاهدون ملابسنا وحياتنا ولا يتأثرون فيها فلا يلبسون كما نلبس وخصوصا ملابس النساء, فالنساء العربيات يتأثرن بملابس النساء الأجنبيات ويلبسن كما تلبس الأجنبيات في الوقت الذي من النادر جدا فيه أن نجد امرأة غربية تلبس كما تلبس المرأة الأجنبية إلا ما ندر حينما تتزوج إحدى الأجنبيات من رجلٍ عربي مسلم, فنجدها تلبس كما تلبس المسلمة وهذا نادر جدا, يحدث على نسبة 1 من مليون, بينما نجد العربيات يتأثرن بملابس الغربيات بنسبة قليلة جدا, نحن نقلد الغرب بشكل واضح في كل شيء ونتأثر بكتبهم وبحياتهم في الوقت الذي لا يتأثر فيه المثقفون والنُخب المثقفة بكتبنا, فلا نجد دارسا أجنبيا من النُخبة المثقفة متأثرا بكتبنا وبقرآننا, ولا نجد أجنبيا متأثرا مثلا بأطروحات حزب عربي إسلامي أو بداعية عربي إسلامي, نحن نتأثر في الغرب والغرب لا يتأثر فينا, ونأكل كما يأكل الغربيون من كافة أنواع الأطعمة بينما هم لا يتأثرون بما نأكله ونشربه, ومن ناحية علمية نرسل بأبنائنا ليتعلموا في الجامعات الغربية بينما الغرب لا يرسلون أبنائهم إلى الجامعات العربية ليتعلموا وليثقَفوا فيها وليتخرجوا فيها كما يتخرج العرب ويتعلمون في الجامعات الغربية!!.
الألمان قرؤوا ثقافتنا ولم يتأثروا فيها,الإنكليز قرؤوا ثقافتنا ولم يتأثروا فيها,الأمريكان قرؤوا ثقافتنا ولم تؤثر فيهم, كل العالم الغربي قرؤوا ثقافتنا ولم يتأثروا فيها بل عابوا عليها كثيرا, فنحن أمة لا تؤثر ثقافتها في العالم الآخر,نحن غير فاعلين في العالم الآخر وغير مؤثرين, وليس لدينا لا صناعات ثقافية صالحة للعالم الغربي ولا حتى صناعات أخرى تصلح للعالم الغربي, ولا حتى في الرياضة أو السينما أو رياض الأطفال, نحن نقرئ غيرنا ونتأثر فيه وغيرنا يقرؤنا ولا يتأثر فينا, حتى الشيعة وهم مسلمون يقرئون كتب السنة ولا يتأثرون فيها بينما السنة يقرئون الشيعة ويتأثرون فيهم, وإسرائيل دولة مجاورة لنا نتأثر نحن بثقافتهم ولا يتأثرون هم بثقافتنا.
إنها ظاهرة تستحق الدراسة ونريد لها تفسيرا,لماذا نحن المسلمون غير مقنعين للعالم المتحضر؟ نقلد الناس في كل شيء والناس لا يقلدوننا, نحمي أبناءنا من الكتب الغربية والعالم الغربي لا يحمي أبناءه من كتبنا ولا حتى يفرضون الرقابة عليها بينما نحن نراقب دخول الكتب الأجنبية إلى بيوتنا وأسواقنا؟ الغربيون يقرئون كل ما نكتبه وما ننتجه وهم لا يقرئون لنا وحتى إن قرؤوا لنا يقرئون ولا يتأثرون بما نكتبه, وإن لبسنا الحرير لا يلبسونه وإن أكلنا الشهد لا يأكلونه وإن فعلنا أي شيء لا يفعلونه كما نفعله حتى أننا موقع سخرية من العالم الغربي المتحضر, أفكارنا الإسلامية لا يتأثرون فيها ونحن نتأثر بأفكارهم, حياتنا لا أحد يقلدها ولا أحد يحب أن يأتي بمثلها.