قال احدهم : نحتاج لكي تستقيم أمتنا الى ثقافة العيب والحرام فمصائبنا تُحيط بنا من كل جهة وهي عقاب الله لنا !! , فصار الأنغراس بالتعاليم الدينية ضرورة له في محاولة منه لتطبيقها لأجل ان يمنع الجريمة والفوضى , فكيف سيطبّق الدين بدون قوة السيف وألعقاب الصارم ؟.
هذا تفكيرغالبية من تاهوا عن الحقيقة حين فسرّوا أسباب تخلف وانهيار مجتمعاتنا الى ابتعادها عن الدين , فبرغم من تطور الحياة وتوسّعها أرادوا ان يحصروها بذلك القالب القديم الذي أصبح ضيّقا عليها , ولو ارادوا تطبيق , فتزايد الفساد أكثر ولحِقه الحقد والكراهية رغما عنهم ونتيجة لأزدياد تلك الأفكار والأنعراس بالدين اكثر ليدفنوا رؤوسهم في رمالِهِ التي عمت عيونهم عاجزين عن مواجهة انفُسهُم بسبب مخاوفهم , فالحاجة للمزيد من الخوف اصبحت ماسة لتصحيح اوضاعهم .
سيقول البعض لا علاقة لهذا التفكير مع تخلف امتنا فالدين رادع لنا ,, على هؤلاء ان يتمعنوا اكثر ولا يدفنوا رؤوسهم بأقرب ما موجود أمامهم وليخرجوها بعيدا عن تلك الدائرة ويتمعنوا بصدق.
عندما يكون عقاب الجحيم ويوم الحساب ماثل امامهم ليلا ونهار ويتربص لهم في كل خطوة ستتحدد افكارهم وتنحصر بمنظر النار والعقاب فقط بلا رغبة لهم بأي ابداع , المنظر امامهم سيكون في غاية القسوة والألم فيطيعون مخاوفهم , الخوف والترعيب هذا هو الحل والطريق الوحيد الذي اعتقد هؤلاء بأنه صالحا لنهضتهم وخلاصهم الوحيد من الفساد الذي انتشر وزاد بالرغم من الأنغراس بالدين والخوف منه , ولكنهم كلما انغرسوا في تغيّيب عقولهم وتخويفها كلما ازداد فسادهم اكثر.
الخوف غريزة بالكائن الحي تكبر لو وجدت الأرض الخصبة لها وتستقر بوعي الأنسان ومن ثم بلا وعيه فيكون الأنسان الذي يعتريه الخوف ضعيفاً وهشاً وفاقد لثقته , وتضعف هذه الغريزة عندما يقترب صاحبها من الحقيقة .
يتخوف الأنسان من ان يفقد رادع الخوف من العقاب , فاقتنع بأن الخوف من العقاب كفيل بمنعه من الخطأ فيزيد من طقوسه وبتشجيع من السلطات التي تمثل له القوة المسيطرة فتحاول أن تستهين بعقل الأنسان وتخدره فتُعمم تلك الخرافات التي تجد فيها مصلحة لها لتهيمن عليه , مع رجال الدين الذين مثّلوا للأنسان المغيب الله في الأرض , فترتفع اصواتهم وتعلو أصوات من يمثّلهم من المؤذنين , وتزداد نسبة النساء المحجبات وهكذا.
يهيمن هؤلاء على عقول الناس بالتخويف والقوة والعقاب , وليس هناك اكثر من مجتمعاتنا تمارس العقوبة ضد افرادها , وكلما أزدادت عقوبتهم كلما زادت نسبة جريمتم .
كثيراً ما تستوقفني مناظر معينة وتُثير بداخلي القرف والأشمئزاز, منها منظر الأم عندما تضرب ابنائها بقسوة وكأنها غريبة عنهم , لتُنفس بفعلها عن اضطهاد زوجها والمجتمع لها , يملؤها حقد الدنيا ولا تكتفي به , فاسأل عن السبب الذي جعلها بهذا المسخ البشري وبهذه الحالة من الترقب لأخطاء ابنائها ليس حبا بهم وأنما رغبة مدفونة بلا وعيها للأنتقام من كرامتها المسلوبة , تمارس فعل العقاب وكأن هؤلاء الأبناء غرباء عنها واعداءها الحقيقين , وان كانت بحالة غضب , فالغضب يُظهر الحقيقة التي شوهها المجتمع لها والكره الدفين لنفسها الضعيفة .
رأيت جارتي تعاقب ابنائها بالضرب كلما خرجوا عن طوعها وارتكبوا خطأً ما , وكلما زادوا من اخطائهم زادت هي من عقابها لترويضهُم على طاعتها , وكلما زادت من تعنيفَهم كلما ازدادوا عنفاً وابتكروا وسائل جديدة فيه .
هكذا تدور الدائرة لدينا حول تخريب الأنسان منذ الطفولة فخرابهم كأطفال سيكون بهذا العقاب ومن ثم خراب المجتمع بأكمله , فكرتْ جارتي بعقاب اجسادهم وغفلت عن أصلاح عقولهم ومحاولة اقناعهم بعيداً عن تخويفها لهم لأنها فقدت التفكير, وفاقد الشيء لا يعطيه , فصار تفكيرها مرتبط بالعقاب فقط , لم تتوقف يوما لتسأل نفسها عن السبب في عدم جدوى عقابها لهم وعدم توقف ابنائها عن تصرفاتهم تلك بل صاروا يتفننون بها أكثر .
تعلمتْ جارتي منذ صِغرِها بأن عقاب المخطىء يكون بالضرب وهذا ما مورس ضدها , تعلمت ان تستهتر بقيمة اطفالها وما سيترتب عليه فعلها من نتائج , ورثت عن آجدادها تلك الممارسات التي اعتبرتها مطلقة ليس لقناعتها بأنها صحيحة ولكن لقناعتها برخص الأنسان ومن ثم كررت تلك الكارثة دون ان تجرأ على التفكير ومن بعده التغيير , فهل ستكون هي احسن من هؤلاء الغالبية وهي بلا حيلة ؟
هذه المرأة هي ضحية لزوج سلبها حقها في أن تكون حرّة ومارس ضدها العنف ومن ثم مارسته هي ضد ابنائها لتنشد الموازنة لكرامتها المهدورة ومن ثم هي ضحية لمجتمع غارق بورث اجداده الذين ساروا وفق قانون يصلح للغاب اكثر منه للأنسان ,( اعمل كذا وكذا دون قناعة لأعطيك الجنة) , منعوا حرية تفكيره فتقولب عقله بقالب ضيق وصار عديم النفع وبلا فائدة ترتجى منه سوى تخريب ما يحيط به والأقرب له وهم اولاده .
هكذا هي مجتمعاتنا تمارس نفس الأخطاء التي وقع بها اجدادهم دون ان يُضيفوا حرفا واحدا لها أو يغيّروا منها , يرتّلون فقط آيات القرآن دون اي فهم أو تفسير له , وأن فسّروه فعلى هواهم وكل شخص وما يناسبه , يقدّسون التاريخ ويحفظون عن ظهر غيب تواريخ قصص اجدادهم فقط , لتكون قدوة لهم وليعيد التاريخ نفسه فهذا فخرهم وعزّهم , ولم يفكرون بالأستفادة من تلك التجارب بل كرروها وهم فخورين .
اصبحت قناعتهم هي العقاب لمن اخطأ ومن سار على غير نهجهم , فالنار في انتظارهم وعليهم الخوف منها والركوع لهذا الخوف , وان لم يستجيبوا لهذا النهج مورس ضدهم التعنيف وربما حُكم عليهم بالأعدام من أجل هذه العقيدة , فأي عقيدة هذه التي تستدعي القتل ؟
نحن شعوب لا تقرأ بل تردد وتكرر فقط دون التنقيب في ارثها القديم لفهمه وتجنب اخطائه , عقولنا لا تستطيع التمييز بسبب الفوبيا التي تنتابنا من كل تغيير , فحُصِرت بهذه الفوبيا ومن ثم ضُيّقت مفاهيمنا وافكارنا بها وانعدمت مقاييسنا وتاهت مفاهيمنا .
صار الأنسان العربي بحال لا يعرف اخيه اذا أختلف معه في المصلحة , والأقتتال بين ابناء الأمة الواحدة يكبر ويكبر, فكيف هي بين الأمم ؟ هذا بالرغم من يوم الحساب وسعير ناره التي تتربص لنا في كل خطوة فتعيقنا في ان نخطوها بصورة سليمة .
……………………
لنسأل عن اسباب تزايد نسبة الجريمة في المجتمعات التي تتفنن في عقوبتها وتُطبق حكم الأعدام , بينما تنخفض في المجتمعات التي لا تُطبق هذه العقوبة , فقطع الرؤوس مثلاً لم يمنع الجريمة في السعودية وكذلك قطع الأيادي لم تمنعهم من السرقة .
ليس هناك اكثر من مجتمعاتنا حقداً وكراهية وتشدُداً بالعقاب والسبب هو العقل التي غيبته خرافاتنا , وكلما زُدنا من انحدارنا كلما زدنا في خرافاتنا , ومن ثم زدنا من عقابنا والنتيجة ازدياد التخلف والأنغراس في الجريمة اكثر, ولا يهم طالما هو مألوفنا الذي لا نغيره .
ليس هناك اكثر من مجتمعاتنا تبريرا لأخطائها أو بالأحرى جرائمها , تبرر السرقات الكبيرة بدفعها لزكاة قليلة , تبرر فسادها واعمالها السيئة بالأكثار من صلاتها تحت شعار حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة , فما هو مانعها ورادعها لكي تعمل بلاوي كثيرة ومن ثم تمحوها بالقليل , هناك طرق كثيرة لأعمالهم القبيحة والكثير من المنافذ الذي وضعها لهم الدين .
فهل حاول هؤلاء أن يقارنوا بين المجتمعات التي تسموا علينا عندما تجاوزوا القديم وارتقوا عليه بالجديد وعدم السكون به ؟
امام هذا نجد مجتمعات العالم التي منعت عقوبة الأعدام في انخفاض مستمر لنسبة الجريمة لديها بعد ان استبدلت الأعدام بالأصلاح بابتكارها لطرق عديدة ومتجددة دوماً مع تطور الحياة لديهم , طورت نفسها بأساليب عديدة منها كأن تعطي مكافأة للمحكومين في السجون بتقليل الحكم عليهم في حالة قراءة المحكوم لكتاب جيد يختاره له مختصين ليقينهم بأن المعرفة الجيدة ستقرّب المجرم من انسانيته فالعقل والفكر مُقترن بالأنسان الذي هو المفروض لدينا أسمى المخلوقات , فمن خلال تنمية عقل المجرم سيخرج للعالم انسان حقيقي ومختلفا بعد ان كان مختلاً يعيش بعالم الغاب , مستندين بهذا على نظام التعليم بدلا من العقاب , استقامت تلك المجتمعات وصارت اقل جريمة واكثر تنظيماً ورقياً من المجتمعات التي سكنت افكارها على الترتيل ومحاولة الرجوع للقديم بدل التقدم فصار لديهم القديم حلم , وبقوا في ممارساتهم للعقاب والتأديب بقطع الرؤوس والأيادي والرجم بالحجارة حتى الموت لمن يُكتشف امره بالزنا رغم انتشاره بالخفية , هذا بالرغم من ان خوّل نفسه حاكماً ويمارس عقابه للمخطىء هو نفسه يمارس الأخطاء فيحلل لنفسه ويحاسب غيره ليمارس ساديته ويُنفّس عنها بحجة جعل الضحية عبرة لغيره , فتكون الحياة عبارة عن سجن كبير مخرّب للعقول وبها يُقتل الأنسان .
سيتبادر الى اذهان الكثيرين عند رؤيتهم لهذه الصورة بأنها منتجع سياحي , ولكنها صورة لسجن الكاتراز في خليج سان فرانسيسكو تم اغلاقه قبل اكثر من 50 عاما , وذلك لأنه أصبح لا يتماشى مع وسائل الأصلاح المتطورة !!, بالرغم من توفير الغذاء الجيد للمحكومين فيه والملابس النظيفة والرعاية الصحية التي لا يجدها الأنسان العربي في احسن مستشفياته .
قبل اكثر من 50 عاماً كانت سجونهم تصلح لمنتجعات سياحية لنا !!, والحكم هنا للقارىء.
فمن يعرف الله اكثر, نحنُ ام هؤلاء ؟.
نحن عرفنا الله بلا وعينا وهم عرفوه بوعيهم ففضّلهم علينا بالرغم من اننا عشنا حياتنا له وقاتلنا في سبيله , وسخرّنا حياتنا للجهاد في سبيله فقط , وآمنّا زوراً به , ولم نؤمن بأنفسنا ولا بقيمة الأنسان لدينا ؟
نكرر النظافة من الأيمان مقنعيم بأن
الله يكره الأغبياء الذين لا يعرفون سوى عبادته والترديد في التراتيل , يرددون النظافة من الأيمان وشوارعهم تمتلىء بالأوساخ لأن ايمانهم زيفاً ونفوسهم مزدزجة فصب جام غضبه علينا فانصرف الله من بلداننا بعد ان امتلئت النفوس بالحقد والكراهية والقتل والأتكالية
الاههم يحب الجمال ويرتبط بقلوبهم والاهنا يحب القتال ومرتبط بلاوعينا , فاصبحت علاقتهم به حميمية , واصبحت علاقتنا به كرهاً .
لو خلق الله عن طريق الخطأ طفلاً مشوه خلقياً أصلحوا هم خطأه فتوحدوا مع الله الذي مثّل لهم الحب والحياة , فلم يمثّل لهم الحقد والموت لأجله .
هل يقف الله مع شعوب لا تؤمن بالأنسان ولا تسعى لتحسين أوضاعها ؟ بل تقاتل وتُقتل في سبيل الله ولا همّ لهم غير الأقتتال !!, ولا اعرف في هذا تفسيراً , فهل الله المطلق بقوته يحتاج لقتالهم ؟
كان تأثير الله على بلدانهم هو تقدمهم فأحبهم وأحبوه , وتأثيره على بلداننا تأخرنا فكرَهنا وكرِهناه .
مدارسهم ونواديهم ومستشفياتهم اكثر بكثير من معابدهم وجوامعهم وسجونهم , أعمالهم الصالحة اكثر بكثير من اعمالنا التي اقتصرت على الصلاة والصوم والتلاوة والتكرار والتلقين والخ…. دون ان نجروء على التفكير والسؤال , نستقبل ولا نجيب .
الاههم يختلف عن الاهنا , الاههم عادل ويحب العلم والتطور ويقدس الأنسان , والاهنا ظالم وحاقد ويريد لنا الأقتتال في سبيله ويحبنا ان نكون جاهلين بمنعنا من السؤال والشك .
الله يكره الأغبياء الذين لا يعرفون سوى عبادته والترديد في التراتيل , يرددون النظافة من الأيمان وشوارعهم تمتلىء بالأوساخ لأن ايمانهم زيفاً ونفوسهم مزدزجة فصب جام غضبه علينا فانصرف الله من بلداننا بعد ان امتلئت النفوس بالحقد والكراهية والقتل والأتكالية .
فهل عرفتْ شعوبنا الله , أم تشدّقوا بأسمهِ فقط ؟
ابداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانية