لا شيء يخفف عنك هول الكوارث كما يخفف عني الاستغراق في امتداد الكون… وأنسب اللحظات لأن تنصهر في امتداده هي تلك التي تنظر فيها إليه وأنت تحلق في قمة السماء!
….
أنسى للحظة من أنا ولماذا أتواجد في تلك اللحظة…. في هذا المقعد… في تلك الطائرة، يهمس صوت في داخلي: هذا الكون هو هو قبل أن تأتي إليه، وسيظل هو هو بعد أن ترحلي عنه، فخففي من عبء التفكير فيه، واصلحي منه ذلك الجزء الصغير الذي تسيطرين عليه!
ـ عن أي جزء تتحدث؟؟؟
ـ عنكِ؟
…..
يختلط عليّ الأمر… لا أعرف مصدر ذلك الصوت… هل هو ذلك المأخذ الكهربائي الذي يربطني بالكون، أم أنه صوت (إيخارت تولي) ينبعث من صفحات كتابه
“The Power of NOW”
المرمي في حضني؟؟؟! لا يهم! الكون يحاورك بلغة غارقة في رمزيتها، وسعيد من يجيد فك تلك الرموز! ذلك الصوت يأمرني أن أقبل الكون كما هو، فأنا مجرد عابرة من خلاله، كما هي القشة تعبر من خلال الريح دون أن تترك عليها أثرا… أتساءل: هل ما يجري هو بحجم القشة قياسا بهذا الكون الممتد بلا نهاية أمام بصري؟؟؟ من يدري؟ ربما لهذا السبب يستمر الكون في جريانه غير عابئ بما يحدث!
…
أتساءل: هذا الكون، هل هو نتاج عبثيّة بالمطلق أم هو نتاج قانون محكم بالمطلق؟ في كلا الحالتين لانملك خيارا أمامه…
إذن، لماذا نحترق؟؟؟ صوت صديقتي مطيعة، كمؤمنة من شهود يهوه، يزاحم الصوت الآخر في داخلي: خففي ياوفاء عنك عبء التفكير، ودعيني أقرأ عليك آية من الانجيل… أضطر أن أصمت وأصغي أمام اصرارها: “لا تكن برا زيادة، ولماذا تحب أن تموت قبل أوانك”
لا تكن برا زيادة؟؟؟؟ ألهذا أحس أحيانا أنني على شفى قبري؟؟؟؟ أرشف بعض قطرات من فنجان القهوة على طاولتي وأطلب المزيد من المضيفة التي تمر بجانبي…
…..
للأماكن كما للبشر هوياتها…. ليس هذا وحسب، بل أنك تكتسب هويتها في اللحظة التي تطئ بها قدمك أرضها… نزلت طائرتي في فيرجينيا، ذلك المكان الذي يشبه طفلا مدللا لم يسمع بعد عن أية كارثة بشرية، فأرى نفسي شخصا آخر، شخصا يدفع بفرح طفولي حقيبته باتجاه البوابة الخارجية… أصل الفندق، وألتقط هذه المرة الصحيفة المرمية أمام الباب… وابدأ بقراءة الأبراج … الجوزاء: خبر يصلك من بعيد ويهز كيانك… لقد سبق ووصل! “مات جمال، سحقته رحى الحرب”
….
ليس موت البشر ما يحزنني بل من يبقى وراءهم يلملم ذكرياتهم وعطر قمصانهم… هؤلاء الباقون سيكتشفون عاجلا أم لاحقا، لم يكن فقيدهم إلا رقما في حسابات ديناصورات العصر، فلكل عصر ديناصوره! ولم يكن إلاّ جنديا خشبيا في رقعة شطرنجهم…. وسيكتشفون أن أكبر كذبة في تاريخهم أنه خسر حياته من أجل وطن… أو من أجل حرية…. أو من أجل رغيف خبز.. أو من أجل آية مقدسة…. لم يقاتل إلا من أجل قضية لا ناقة له بها ولا جمل… لكن شهادة التقدير التي تزين الحائط في غرفة الجلوس قد تخفف عنهم الكثير من آلامهم، وسيضطرون أن يمرروها إلى جيل من بعدهم كي لا تنفضح أبعاد الكذبة…
إنه التاريخ يا صديقي لا يكتبه إلا الأقوياء… والقشة لا تؤثر على مجرى الريح!
…
يجبرني الفندق بجماله الآخاذ على أن أعيش اللحظة.. ويعزز ذلك الشعور الكتاب الذي رافقني في رحلتي “قوة اللحظة الآنية”!
أتمعن في صحن فطوري وفي البخار المتصاعد من فنجان قهوتي، ثم أرنو من خلال النافذة عبر فضاء رحب وغارق في اخضراره وسكينته… فأرى بطة بعيدة تلوّث ذلك الإخضرار ببياضها الناصع، وألمح سنجابا شقيا يعكر تلك السكينة، ويتحداني بعينين أكبر من حجم الكون: ابن عمي سرق محصولك في كالفورنيا وأنا هنا لأقضّ سكينتك! أبتسم: “لعل حكمة تلك المخلوقات الصغيرة تكمن في اتساع عينيها”! ربما…. ألم يسأل السنجاب الجبل، في أحدى روائع
Ralph Waldo Emerson :
لماذا تظن نفسك كبيرا، أتحداك إن كنت قادرا أن تكسر حبة البندق!
….
لا لا أستطيع أن أكسر حبة البندق ياصديقي السنجاب، وأعترف أنك أقوى مني بكثير، والأكفئ لتستمتع بجمال هذا الكون…
فنحن البشر جئنا لنرتكب الحماقات….لا لنعيش اللحظة… جئنا لنقوض عليكم ـ يامعشر السناجب ـ سكينتكم ورحابة عينوكم!
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟بقلم علي الكاش
- مباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراثبقلم مفكر حر
- دراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.بقلم آدم دانيال هومه
- ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني … غدت ضرورية غربية ودولية **بقلم سرسبيندار السندي
- الحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولودبقلم مفكر حر
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
أحدث التعليقات
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **
-
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **