ناس جوعانة وناس بطرانة

هناك عدد كبير من المنظمات لها شهرة عالمية ولكنها بطرانة والعاملين فيها اكثر “بطرنة”،والاكثر منها ايضا تلك المجلات التي لاندري كيف تصنف اثرياء العالم ومن هم اكثر مليارديرية من الآخرين كما لا ندري كيف استقت احصيائيتها وارقامها والبنوك تدعي السرية والشفافية.
والله عمي لابقت شفافية ولاسرية في هذا العالم مادامت هيئة النزاهة العراقية موجودة برعاية فلاحي الاجتثاث والمساءلة.
وهناك منظمات تدعي دعم حقوق الانسان وتقول ان اكثر من 2400 سجينة عراقية تعرضن الى شتى انواع التعذيب والاغتصاب وكأن ابواب السجون العراقية مفتوحة لهم ليروا بأم اعينهم مايحدث فيها.
ولاندري كيف استطاعوا ان يعرفوا ان السجينات عراقيات وهن المعروفات ب”حنيتهن”و”رقتهن” وعذب الصوت حين تناغي الواحدة منهن ابنها الرضيع:دللول دللول عدوك غريب وساكن الجول”.
واليوم طلع علينا موقع “فوربس” ليصنّف الشعوب على اساس سعادتها وحزنها..ارأيتم اكثر “بطرنة” من هؤلاء الكفار؟.
اتخيل ان العاملين في هذا الموقع بدءا من “صبّاب” النسكافه وانتهاء بالشيخ العود يلبسون البدل السوداء ويعلقون ورود القداح والجوري على جيب ستراتهم اليسرى فيما “تعط” المكاتب بروائح العطور الباريسية وارضيتها مغطاة ب”زوالي” الكاشان الايرانية كما ظلل زجاج النوافذ خوفا من العاذلين والحسّاد واولاد الحرام وهم كثر، اما موظفة الاستقبال فيكفي انها حورية من الجنة.
يقول هذا الموقع و حـسب مؤشر ” ليجاتوم” الذى بدأ العمل منذ خمس سنوات، ان المعلومات الواردة فيه مستقاة من مواطني الدول اذ ان هناك بلدانا تفتقر للخدمات الاساسية ولكن مواطنيها يشعرون بالسعادة.
ياترى كم سعيد ابن القرنة ورجليه تغط بالاوحال ولايجد رزقه اليومي الا “بالتي واللتيا” ومع هذا فهو يشعر بالسعادة!.
ويحال تقرير الموقع حسب الاجراءات الى مكتب المنظرين فيه ليشرح احدهم فلسفته عن السعادة بالقول: أن السعادة هى شعور ولا يمكن اعتبارها صفة دائمة، ولا يمكن ربط السعادة بالمال لأنك قد تكون سعيدا وأنت تمتلك سيارة وحـساب فى البنك وبيت كبير وفخم، ويمكن أيضا أن تكون سعيد وأنت لا تملك سوى كوخ على المحـيط وقطعة أرض تزرعها.
اويلي يابه يعني ان كل الجيش “العرمرم” في المنطقة الخضراء وضواحيها لايشعرون بالسعادة!.
اذن دعونا ننتخبهم مرة اخرى لمنحهم السعادة التي يريدونها فهم عمداء البلد وناقليه الى بر “الامان” وبعيدا عن احضان داعش والغبراء.
ولكن لابد من كلمة حق لهذا الموقع الذي ذكر: أن خير دليل على أن السعادة لا ترتبط بالضرورة بالمال، هو دول الخليج التى تملك كنوز النفط، ولكن شعبها لا يشعر بالسعادة ولم يدخل حـتى فى ضمن أول 30 دولة شعبها سعيد، والسبب فى هذا هو الكبت وانخفاض معدلات الحـرية الشخصية وغيرها من الأسباب.
بالمناسبة بعض الاغبياء يعتقدون ان الابراج العالية هي رمز تقدم الامم بينما يقبع المواطن في اطراف رأس الخيمة ذليلا لايجد الا صندوق الراديو وسيلة لفض هموهه.
ماعلينا…
طبعا التقرير لم يشر الى العراق وحاشا لله ان يمر من حدوده فهي حدود صلدة بل وصلبة وتمنع كل من تسول له نفسه تجاوزها والدليل الانبار وبابل ومنفذ خرمشهر عبر قضاء السيبة.
كل ماذكره التقرير عن بلدان الكفار الاكثر سعادة يقع في باب “الشعوذة” الصحفية وهي نبتة جديدة ظهرت قبل سنوات في عدد من البلدان بينها العوراق العظيم، فهو يذكر مثلا ان شعب النرويج اكثر الشعوب سعادة في قبة الكرة الارضية.
ليش يابه؟؟.
و”هذا يرجع إلى أن هناك تجانسا بين السكان ولا يوجد بها فروق طبقية كبيرة بينهم، عدد سكان النرويج 4 ملايين نسمة، والأوضاع الاقتصادية بها ممتازة بسبب كنوز النفط المدفونة بأرضها، فالنرويجيون محـظوظون بسبب قلة عددهم وزيادة الموارد الاقتصادية، ولكن الثروة بدون تاريخ وتماسك اجتماعى تكون نقمة ولا يكون لها تأثير على سعادة الشعوب وخير مثال على هذا نيجيريا وسيراليون وزيمبابوى، حيث النفط والماس ولكن دون فائدة” .
عظيم يعني التجانس يخلق الشعور بالسعادة واذا كان الامر صحيحا فشعب العراق اكثر سعادة من شعب النرويج ..مو؟؟.
وتأتي سويسرا بالدرجة الثانية بعد ان قفزت من المرتبة التاسعة العام الماضى ، وهذا يعود إلى أن مستوى تصنيفها فى التعليم والصحـة ارتفع بشكل ملحـوظ كما أنها من أكثر الدول التى تهتم بالقراءة والإطلاع.
وهذا ايضا مردود على “فوربس” فالعراق يحتل المرتبة الاولى في التعليم عبر المدارس الطينية وفرض الصلاة على الطلاب بطريقة مذهب معين بيمنا الصحة “تلعلع” سعيدة بشهادة بسكويت اطفال المدارس السام.
ويبدو ان كندا التي احتلت المركز الثالث ستكون هدف”داعش” في المستقبل القريب، فهي صعدت من المركز السادس إلى الثالث، بسبب مقدار الحـرية الشخصية الكبير المتاح للمواطنين وإرتفاع مستوى التربية والتعليم، كما أنها دولة من السهل أن يحـصل فيها الفرد على وظيفة ويحـقق ثروة.
سؤال بريء: حاملوا الجنسية الكندية في البرلمان والوزارات العراقية مازالوا فقراء ليومنا هذا،ترى مالسبب؟؟.
واحتلت نيوزيلندا المركز السادس اذ يكفى أنها تحـتل المرتبة الأولى فى التعليم والثانية فى المستوى الاجتماعى.
اما استراليا فقد نالت المركز الثامن لأنها تراعي الحريات الشخصية ولا”تغتال شباب الايمو”.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.