نادي المثنى تم تأسيسه في بغداد من قبل الطبيب صائب شوكت والطبيب صبري مراد وخالد الهاشمي ودرويش المقدادي وقد أجيز النادي رسميا في شباط 1935 وتشكلت الهيئة الادارية من صائب شوكت رئيساً ومحمد مهدي كبة نائباً للرئيس وعبد المجيد قصاب سكرتيراً وسعيد الحاج ثابت أمينا للصندوق وبقي النادي فعالاً حتى عام 1941 عندما وقع إنقلاب رشيد عالي الكيلاني الذي خلع الأمير عبد الإله الوصي على عرش العراق مما إضطر الوصي الى الهرب الى القواعد البريطانيه في البصره فقامت بريطانيا عندها بقصف بغداد بالطائرات مما أضطر حكومة رشيد عالي الكيلاني الى الهرب الى طهران , وعندها تم حل النادي
من الشخصيات الفاعله والمؤثره في هذا النادي شخصيتان فلسطينيتان هما كل من الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين وهو غني عن التعريف وشخصية معلم التاريخ درويش المقدادي الذي ربما يجهله الكثيرون ولهذا سأتحدث عنه بشيء من التفصيل . كان هذان الشخصان من مثيري المشاكل في فلسطين لهذا نفتهما السلطات البريطانيه التي كانت تحكم فلسطين الى مستعمرتها الثانيه في العراق , وحال قدومهما الى العراق قاما عن طريق نادي المثنى بتقريب العلاقه بين الملك غازي ورشيد عالي الكيلاني والعقداء الأربعه مع السفارة الألمانيه في بغداد وتحولهم الى نازيين ربما ليس حباً بالنازيه ولكن كرهاً في بريطانيا
من هو درويش المقدادي ؟ لن نتحدث بالتكهنات ولكن سنستقي معلوماتنا عنه من كتاب ( رحلتي مع الزمن ) من تأليف زوجته ربيحه الدجاني , وهي مطربه من جيل أسمهان كانت متزوجه من الملحن ( يحيى اللبابيدي ) الذي قام بتلحين الكثير من أغنياتها . السيده ربيحه وكما كتبت هي كانت تعمل مع الإداره البريطانيه في فلسطين حتى حصلت على رتبة ضابط في الجيش البريطاني , وأثناء حركة الإغتيالات المنظمه التي وقعت قبيل تقسيم فلسطين قتل يحيى اللبابيدي ( في ظروف غامضه ) لم تذكرها في كتابها , بعد ذلك تزوجت من درويش المقدادي . بعد تقسيم فلسطين قامت الإداره البريطانيه بنقل ربيحه الدجاني الى الكويت لتعمل كعميده للجاليه الفلسطينيه في الكويت , ومن ضمن المهام الموكلة إليها كانت قيامها بتطوير وتثقيف العائله الحاكمه في الكويت نساءاً ورجالاً وتعليمهم أصول وقواعد الأتيكيت والحياة الحديثه . تم فتح مدرسة لها في الكويت لتكون مناسبة تلتقي من خلالها بشريحة واسعه من أولياء أمور الطلبه , وحتى نعرف كيف تدير بريطانيا الأمور يمكن الإشاره الى أن واحده من أشهر طالبات هذه المدرسه كانت الفلسطينيه رانيا ياسين التي أصبحت اليوم ملكة على الأردن
عاش درويش المقدادي بين عامي 1898_ 1961 وصل الى العراق عام 1927 وعمل معلماً للتاريخ في الموصل , عاد الى فلسطين عام 1929 وشارك في ثورة البراق فتم إعتقاله وحين أطلق سراحه عاد الى العراق وساهم بشكل فعال في تأسيس نادي المثنى وتم تعيينه خلال هذه الفتره ( عميداً لدار المعلمين العاليه ) وبعد فشل إنقلاب رشيد عالي الكيلاني تم إعتقال درويش المقدادي وزج به مدة 4 سنوات في سجن ( نقرة السلمان ) . بعد الحرب العربيه الإسرائيليه 1948 غادر درويش المقدادي الى سوريا حيث عمل مدرساً للتاريخ في جامعتها , وحين تم نقل زوجته الى الكويت صاحبها الى هناك وعمل في الكويت مديراً لدائرة المعارف بين عامي 1950 _ 1961 . توفي درويش المقدادي أيضاً ( في ظروف غامضه مريبه ) تذكر زوجته أنه كان مسافراً في إيفاد مع أمير الكويت وعند هبوط الطائره قام مستعجلاً لمغادرتها فصدم رأسه بباب الطائره وبقي مريضاً بسبب هذه الصدمه التي أفقدته قواه حتى مات
خلال فترة وجود درويش المقدادي في برلين قلده هتلر وسام الصليب المعقوف وقال عنه : إن المقدادي يجمع بين الأخلاق الشرقيه والمعاني النفسيه الساميه وصفات العمل الغربي
وفقاً لكتاب أريك ديفز ( ذكريات دوله ) الصادر عام 2005 في كاليفورنيا والذي يتحدث عن تاريخ العراق فإن نادي المثنى لم يكن إلا تجمعاً للمتطرفين العرب , وأريك ديفز محق فيما يقول , إذ كيف يكون التطرف اذا لم يكن تجمع ثله من العسكر معدومي الخبره السياسيه ليقوموا بتغيير مستعمر بمستعمر عن طريق السلاح ؟
أعود مرة أخرى للتأكيد على أن الصراع الأمريكي _ البريطاني على العراق إتخذ وجوهاً عده وإرتماء ثله من العسكر العراقيين في أحضان ألمانيا على أمل التخلص من الحكم البريطاني كان واحداً منها . فمنذ وقوع ربيع الثورات الأوربيه عام 1848 كانت الولايات المتحده الأمريكيه قد فتحت باب الهجرة إليها دون قيد أو شرط لكل سكان دول بحر الشمال فقام مليون ألماني بالهجره الى الولايات المتحده الأمريكيه في عام 1848 وحده أطلق عليهم تسمية ( ألمان 48 ) وتم إعدادهم وتأهيلهم على شكل أصحاب بنوك وجامعات ومؤسسات ثقافيه ليعودوا الى ألمانيا وأوربا ( كأوربيين ) يقومون بتنفيذ أجندات أمريكيه في قارتهم وبلدانهم , البنوك ورؤوس الأموال الأمريكيه هي التي صنعت من هتلر قائداً نازياً وهو ليس أكثر من يهودي مشرد ينام على الأرصفه ولا يملك قوت يومه , مثلما صنعت بريطانيا من موسوليني قائداً فاشياً وكانت تدفع له 100 جنيه استرليني شهرياً ليصرف منها على متطلبات حزبه الفاشي
لماذا أشعلت الولايات المتحده الأمريكيه الحرب العالميه الثانيه ؟ السبب الأول هو لتدمير عصبة الأمم التي أسستها بريطانيا ورفضت الولايات المتحده التوقيع عليها أو الدخول إليها لأنها كانت تريد إمتيازات أكبر للسيطره على العالم , وسنجد أن العصبه قد تدمرت فعلاً لتتأسس على أنقاضها هيئة الأمم المتحده عند نهاية الحرب العالميه الثانيه
السبب الثاني هو تصعيد حدة العداء ضد اليهود في أوربا لإجبارهم بالخوف على الهجره الى فلسطين لتحتل بهم الولايات المتحده الأمريكيه الضفة الشرقيه من قناة السويس , ورغم أن هتلر كان يهودياً إلا أنه وبسببه إرتكبت الفضائع في عموم اوربا ضد اليهود , وأماكن اخرى من العالم العراق واحد منها
السبب الثالث هو دك ممالك أوربا العتيده لتسليبها مستعمراتها حول العالم , فرنسا خير مثال على هذا التسليب , ما أن دُفع هتلر لمهاجمة دول أوربا حتى قام بإحتلال باريس فإستنجد الفرنسيون بالجيش الأمريكي لتحرير عاصمتهم وكان عليهم على الفور دفع ( عربون ) لذلك التحرير بالإنسحاب من سوريا ولبنان لتتحولا منذ ذلك التاريخ الى مستعمرتين أمريكيتين . شارل ديغول ضابط مشاة عمل وقت تحرير باريس تحت القيادة الأمريكيه , بنهاية الحرب تم تعيينه رئيساً لفرنسا فقام بالإنسحاب من جميع المستعمرات الفرنسيه لتتحول من تاريخه الى مستعمرات أمريكيه رغم كل مسبة ديغول للأنكلوسكسون وحلف الناتو , ربما للتعميه على كل ما يقدمه من تنازلات
حين أتم هتلر وموسوليني المهمه الموكلة إليهما وإنتهى تنفيذ سيناريو الحرب تحوّل الرجلان الى مجرمين وتم التخلص منهما في شر قتله اذا لايوجد أصدقاء دائميون .. توجد مصالح دائمه
بعد تطوير علاقة الحكومه العراقيه من خلال نادي المثنى بألمانيا سارعت بريطانيا الى التخلص من الملك غازي في نيسان 1939 . في نفس هذا العام تم تأسيس ( حركة الفتوه العراقيه ) ضمن نادي المثنى بتأثير من السفير الألماني في بغداد ( فريتز غروبا ) ومنذ 1939 أصبح جميع طلّاب المدارس الثانوية ومدرّسيهم أعضاء في حركة الفتوه التنظيم الذي ربطته صلات وثيقة بتنظيم شباب ألمانيا النازيه ( هتلر يوغند ) أي ( شبيبة هتلر ) وقام التنظيمان بتبادل زيارات الوفود وإستمرت حركة الفتوه العراقيه حتى عام 1941 عند فشل إنقلاب رشيد عالي الكيلاني فتم إلغاؤها
يونس السبعاوي الذي كان قد ترجم كتاب هتلر ( كفاحي ) في بداية الثلاثينات من القرن الماضي وكان واحداً من الناشطين في نادي المثنى , وكان وزيراً لإعلام والأمن الداخلي وقائداً لحركة الفتوه العراقيه . بكل غباء ساهم أعضاء نادي المثنى بضمنهم يونس السبعاوي , وبمباركه من الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين , سائرين على خطى هتلر اليهودي الذي يجاهر بمعاداته لليهود من أجل إجبارهم على الهجره الى فلسطين لخدمة المصالح الأمريكيه بإحتلال قناة السويس
قام أعضاء من نادي المثنى وبصحبتهم عدد من حركة الفتوه في العراق بمهاجمة أحياء اليهود يومي الأول والثاني من حزيران عام 1941 ثم إنضم لهم مسيحيون ومسلمون وبعض من البدو , ذهب ضحية الهجوم 179 قتيل عراقي يهودي , وتم جرح ما يزيد على 2000 عراقي يهودي , وتيتم ما يزيد على 200 طفل عراقي يهودي , وتمت ( فرهدة ) أملاك حوالي 50 ألف عراقي يهودي , وأدت المجزره الى ترحيل اليهود عن العراق
تم حل نادي المثنى في مايس 1941 .. وتم إعدام يونس السبعاوي في 5 / 5 / 1942