الراي
أريد امرأة تغفر أخطائي الكثيرة.
وتنساني اذا ما غبت كثيرا ثم تهواني إذا ما عدت قليلاً.
وتغني لي وتبكي وأنا ألفظ أنفاسي الأخيرة.
لي رفيق قديم يقرأ دائماً هذه الأبيات (أعتقد أنها للشاعر سميح قاسم) وكنت أسمعه فأستشيط غضباً، لأني سيدة لا تغفر خطايا عبدها. فليلق الشاعر بأمانيه عرض البحر. ولأني سيدة لا تتذكر من ينساها. أنا لست كاللواتي ينتظرن ببلادة عودة البطل من شطحاته ورحلاته. ولست أصرف عمري على أناني يفترض وفاته قبلي لأكون من يبكي وحيدة.
أردته قبالتي دائماً.. أناديه فيهب بلمح البصر ليكون بقربي، أوقظه ليلاً فيفاجئني سهره، يداعب خصلاتي ولا ينام حتى أنام، أهاتفه فيترك دنياه ويأتي لي بانتظار بعض من كلماتي. وأردته مسؤولاً. سيد ورجل قوي أعتمد عليه حين الحاجة.
حقيقة. كنت أريد كائناً مصمماً لهواي ولأوقات مزاجي. لأني في العمل لا أعود أذكره، وحين أتهامس مع الوطن أخون حبيبي كثيراً. وعندما أسافر أدخل في عزلة ونسيان وأهيم وحيدة. أهيم طويلاً بين سكون وضجيج حتى ترتد لي روحي نقية خالصة من عبث المدنية وشوائبها.
لكني حين أعود من رحلاتي وشطحاتي. أهواه عطوفاً.
يسامحني دون عتاب، ويعود ليداعب خصلاتي ولا ينام حتى أنام.. أنا بطلة تلك الأبيات وليس أحد غيري.
ثم حدثت أمور، وتبددت ظروف، فانقلبت وسئمت وأصابني الملل. لم أعد أريده منتظراً وحيداً، وصرت أرفض من تعجبه ساديتي كما لم تعد تثيرني الطبقية التي بيننا. كيف أشرح الأبيات من جديد؟ هل أسمح له بالبطولة؟ أم أقبله شريكاً في الحكم؟ وماذا ستقول عني رفيقاتي بدرب النسوية والاستبداد؟
لست مزاجية لكني اكتشفت سرالخلود بيني وبينه. اكتشفت أني لا أحبه ساكناً. أريده مخلصاً ماجناً مثلي تماماً. فعكس المجون يعني أننا عقلاء. والعقلاء لا ينحرفون. لا ينتجون. لا يبدعون.
ماذا لو أقترح عليك أن يكون كلانا بطلين لأبيات حب تنتج ابداعا ولا تقتل؟ تغيب وأغيب. تنسى وأنسى ونعود لنتذاكر بعضنا من جديد كأنها المرة الأولى. هل نحلم بأكثر من هذه الأبدية؟
لِمَ تجبرنا التقاليد على التلاصق حد الفراق؟ لم لا تتركنا نحدد مسارات علاقاتنا بشكل ينقذها لأطول مدى؟
لا تسأل عني. اتركني أغيب عن ناظريك لتهواني أكثر. وأفلت بدوري لجامك ليطول صهيلك في حقول الحرية أكثر وأحبك أكثر.
في حالتنا النادرة سأغفر. وسأستعيد ذنوبك فلا أتذكر منها شيئا وتسأل عن ذنوبي المجنونة فتتحول الخطايا حسنات. في حالتنا تصبح أبيات الشاعر أكثر عدلاً ومنطقية. كنت صغيرة وأريد حبيباً بشروط العرب التقليدية، والعرب لا يبدعون، آخر انتاجاتهم كانت منذ سبعين سنة أو أكثر. سنخالف معايير البشر دون خجل. ونفترق منحرفين بكل الاتجاهات تحمينا بوصلتنا دون خوف.
أجمل ما بيننا أننا عازبون تشغلنا المعارك. أصدق اخلاصنا أن أحدنا لا يعرف الآخر. ورغم ذلك لا تنام أو أنام. فابق لأجلي مجهولاً ولا تدعني أراك. وسنستمع لشدونا وبكائنا وسنطرب للغناء ونحن نلفظ أنفاسنا الأخيرة.نادين البدير – مفكر حر؟
.
من وحي مقال الأستاذة نادين البدير:
لا تنام او أنام
………………
………………
حوار حالمة:
.
أسرها في أسرها :
أمنيتي غفارة السقطات الكبيرة
تنساني إن غبت كثيرا
و تهواني إذا ما عدت قليلا
أريد امرأة تغني لي
و تبكي لفظي أنفاسي الأخيرة.
.
فاستثيرت بكبرياء، مشيرةً:
لست من يغفر ذنباً لعبـيـده
أو في انتظار عودة حميدة
لطائر مهاجر بطريف تغريده
و حكايا مغامرات جديدة
و شطحات رحلات بليدة
.
هاك قولي، فانصت، و أعيده:
.
قلب بحار بعيدة
واري سقطات رؤاك الشريدة
وجفاء زبد خطاياك المريدة
كم تمنيت حياة لي مديدة
لأبكي رفاتك وحيدة ؟
هيهات،
ماضية أنا صوب طريق سديدة
.
و لي هواي، فمنذا الذي
في الصحو و المنام
يسابقني أحلامي؟
.
إن أدنيه مني
في خاطر أو أماني
في ثواني
ألقاه تمثل أمامي
.
يقاسمني حياتي و مماتي
و شقائي و هيامي
و ملالة أيامي و فراق نسيان
وهيام عزلة و نهم لحرمان
.
حتى إذا سكن فؤادانا
و في صفوه ارتوى الوجدان
هطلنا من سماء المحبة قطرتان
سقت محض ضمأ فينا لإنسان
فلا ينام أو أنام
نغني معاً؛ نضحك و نبكي
مدى الزمان
……………
23.03.0013