لحظة نادرة من الأمل وسط حرب قتلت 15 مليون شخص ، عندما نبحث في صفحات التاريخ عن عام 1914 نرى أن سطوره قد كتبت بدماء ملايين الضحايا ، ولكن وسط هذه الحقبة السوداء والمريرة من تاريخ البشرية كانت هناك لحظات إنسانية تغلّبت فيها على آلة الحرب والدمار ولو لحين .
ففي عام 1914 وتحديدًا ليلة عيد الميلاد المجيد 24 من شهر ك١ ، حل سلام طفل المغارة على حدود جبهات التّماس فكسرها، وأسكت صوت المدافع وجرّد الجنود من أسلحتهم وملابسهم العسكرية والبسهم ثوب الرحمة والانسانية .
100 ألف جندي ألماني وبريطاني شاركوا في هدنة عيد الميلاد في ذلك العام ، الجنود زينّوا الأشجار حيث ارتفعت الترانيم الميلادية على الجانبين رغم اختلاف اللغات بين الجهتين إلّا أن الشعور بفرح الميلاد كان أسمى وأقوى من كل شيء .
فخرج الجنود الألمان من خنادقهم هاتفين باللغة الإنكليزية “عيد ميلاد مجيد” لا تطلقوا النار ونحن لن نطلق النَّار .
ورويدًا رويدا بدأ الجنود البريطانيون بالاقتراب من أعدائهم الألمان فالتقوا جميعًا على الأرض المحايدة بين الجهتين وتبادلوا التهاني بالعيد.
أمام رهبة تلك اللحظة سكتت أصوات المدافع والبنادق وعلت بدلها أصوات الترانيم ، فتبادل الجنود الهدايا المتوفرة من مواد غذائية وقبعات وغيرها ، حتّى أن إحدى الفصائل المقاتلة أعدّت عشاء العيد واجتمع حوله الجنود من الجانبين المتنازعين ، كما وقد قام جندي ألماني بقص شعر جندي بريطاني .
السلام الذي عرفته قلوب الأحياء انعكس على ضحايا الحرب ، حيث سمحت الهدنة بدفن الجنود الذين سقطوا في المعارك لتقام جنازات مشتركة بين الجانبين.
الأمر لم يقتصر على ما تقدّم حيث لعب الجانبين مباراة كرة قدم ودية أفرغت كل ما في قلوب الجنود من كره وطاقة سلبية وجروح ، واستمرّت الهدنة في العديد من المناطق حتى يوم رأس السنة ؟
لقد كانت لحظة نادرة من السلام في حرب راح ضحيتها أكثر من 15 مليون أنسان بسبب حمقى البعض ،
لحظة ظلّت على مدى عقود خير دليل على قوة الإرادة والأمل في واحدة من أحلك ساعات التاريخ.
نقلا عن أليتيا