لي ملاحظة.
ملاحظة حول الإسلام.
الناس الذين يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية مثلا من هم؟
هذه ملاحظة لاحظتها طوال عمري وأنا أناقش بالناس حول الإسلام والأديان الأخرى والمعتقدات الأخرى.
فمثلا مما لفت إنتباهي أن الذين يريدون تطبيق الإسلام أو الذين يريدون دولة إسلامية جلهم إن لم نقل كلهم, نعم, جلهم من فئة الزعران والسوكرجية والهمل والطائشين والمراهقين.
المسألة ليست تحاملا, تعال أنت مثلا عزيزي القارئ على أي بيئة تعيش فيها وحاول أن تسأل الناس: هل تريدون تطبيق الشريعة الإسلامية؟ سيجيبك عشاق النساء والتعدد في اقتناء النساء, نعم, نريد شريعة إسلامية, نريد دولة إسلامية, سيجيبك اللصوص نريد تطبيق نظام الاقتصاد الإسلامي, طبعا دون أن يعرف هؤلاء شيئا عن الاقتصاد الإسلامي.
لاحظت طوال حياتي في البيئة التي أعيش فيها أن أغلبية المثقفين الحقيقيين لا يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية, فأغلبهم حتى وإن أرادوا الإسلام فإنهم يريدون دولة علمانية على أرض الواقع, وحملة الشهادات العلمية ينقسمون إلى نوعين.
هنالك حملة شهادات في الطب والهندسة والفيزياء أي العلوم التطبيقية البحتة, وهنالك حملة شهادات في العلوم الإنسانية, الأدب والتاريخ والصحافة والفلسفة وعلم الاجتماع واللغات, كل هؤلاء أو أغلبهم أي 90% منهم لاحظت أنهم لا يفضلون تفضيلا باتا النظام الإسلامي ولا ينادوا بتطبيق الشريعة الإسلامية.
لاحظ أنت ذلك إن كنت طالبا جامعيا.
اذهب إلى الكليات العلمية.
أذهب مثلا إلى كلية الآداب: ستلاحظ أن الطلبة الذين ينجحون بكلية الآداب في انتخابات إتحاد الطلبة أغلبهم من اتجاهات فكرية إن لم نقل معادية للإسلام فإنها على الأقل لا تحمل أفكارا إسلامية وأغلب الناجحين في إتحاد الطلبة هم من اليسار أو من المستقلين أو العلمانيين الذين لا يحملون أي فكر إسلامي, ولكن لماذا لا يتم في مثل هذه الكليات العلمية المتخصصة في العلوم الإسلامية؟ نعم, لماذا لا يتم انتخاب أعضاء من أحزاب إسلامية؟ علما أن معظم الطلبة هنا يدرسون التاريخ والإسلام, الجواب واضح, وهو أن هذه الفئة من الطلاب أغلبهم يعرفون حقيقة الإسلام وحقيقة التاريخ الإسلامي وغير الإسلامي وبالتالي لديهم تصورات وقناعات أن هنالك شيء أسمه الرأي والرأي الآخر, هنالك بنظرهم نظريات حكم حديثة ونظريات حكم قديمة ويميزون بين كل تلك الأصناف.
ولكن الطلبة في الكليات العلمية المتخصصة في العلوم التطبيقية البحتة أغلبهم يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية وينتخبيون طلابا في اتحادات الطلبة من خلفيات إسلامية.
طبعا هذا لا يدل على الوعي.
يدل على أن رصيد هؤلاء الطلاب من الفكر الإسلامي صفر.
ورصيدهم من معرفة الأديان صفر.
وكذلك اعتادوا على دراسة نظريات علمية ثابتة, لذلك يعتقدوا بأن كل ما يسمعوه من الاعلام العربي عن الإسلام ثابت مثله مثل النظريات الفيزيائية الثابتة, مثله مثل 1+1=2, بينما طلاب العلوم الإنسانية يعرفون وقد تدربوا على أساس أن هنالك الرأي والرأي الآخر ولا يوجد شيء ثابت, ورصيدهم من معرفة التاريخ والأديان والمعتقدات والأساطير ونظريات الحكم السياسي رصيد كبير جدا وهم ليس عليهم من السهل حتى أن يقتنعوا بالخلفاء الراشدين أنفسهم واغلب الملحدين في العالم كله هم من حملة شهادات متخصصة في العلوم الإنسانية, بينما أغلبية المؤمنين هم من المتخصصين بالعلوم التطبيقية البحتة.
لنعد إلى القاعدة التي بدأنا منها.
أغلب الزعران يريدون دولة إسلامية.
العاهرات يردن تطبيق الشريعة الإسلامية.
اللصوص يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية.
المفسدون يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية.
بينما النساء المتحررات يردن دولة علمانية حتى وإن حملت الصبغة الإسلامية.
الشرفاء يريدون دولة مجتمع ومؤسسات مجتمع مدني.
المثقفون يريدون دولة تشارك فيها كل ألأطياف والتكتلات السياسية والفكرية من كل الاتجاهات.
لاحظوا أنتم معي هذه الملاحظة وبإمكانكم أن تلتقوا بالمفسدين وبالفاسدات العرب المسلمين في أي مكان وأن تسألوهم: هل تريدون دولة إسلامية؟ الكل سيقول: نعم نريد تطبيق الشريعة الإسلامية.