الفصل الخامس
هذيان التأثير والمس الدينيين
* “أفكار التأثير تجعل المريض يعتقد أنه خاضع لقوى خارجية توجه أو تُرغم فكره، تتحكم في حكمه، تدين أفعاله. هذه الإعاقة للحياة النفسية يضعها المريض على حساب قوى خارجية، على حساب تجارب التلباثي [= التأثير أو الرؤية عن بعد]. موضوعات التأثير متواترة بكثافة في الهذيان النبوي أو الصوفي: الإلهام الرباني والمس”
(لامبيرتر و فلينى، في كتاب طب نفس الراشد، ص 37 ـ 38 ، دار ماسون،1991 باريس).
*هذيان التأثير: “شعور المريض بأنه ُمسيّر لا مُخّير من قوة خارجة عن إرادة المريض، فهو لا يتحكم فقط في أقواله وأفعاله ومشاعره، بل هي مفروضة عليه” (نفس المصدر ص 275).
**********
هذيان التأثير
أفضل من عرّف هذيان التأثير، تعريفاً دقيقاً، هو الرسول بولس عندما أكد: “لست أنا الذي أحيا، بل إن المسيح هو الذي يحيا فيّ”.
المرض الأول لنبي هو النبوة. رأينا أن الآشوريين كانوا يسمون النبي: “مملوك الآلهة”، أي ممسوس. وهذا مفهوم دقيق يغطي مفهوم هذيان التأثير.وهذا ما يقوله لاشعور محمد لشعوره:”إن الذي فرض عليك القرآن(…)”(85 القصص).القرآن بما هو هذيان مفروض على نبي الإسلام فرضاً،أي غصباً عنه. فمن فرضه؟ الطب النفسي يجيب: هذياناته وهلاوسه.
هذيان التأثير الإلهي، أو هذيان المس الشيطاني، على توجيه أفكار النبي وسلوكه،تنهض عليهما شواهد عديدة من القرآن والحديث والسيرة معاً.ليس صدفة أن الطب النفسي يؤكد أن:”موضوعات التأثير متواترة[في الإلهام الرباني والمس]وبكثافة في الهذيان النبوي والصوفي”.
يُعرف معجم روبير النبي بأنه:”شخص يدعي كشف حقائق خفية باسم إلاه يقول أنه يلهمه”أفكاره وأفعاله.وهكذا فالنبي يُعلن الإستقالة من وظيفة التفكير، لإعتقادة الهاذي بأنه أصبح لعبة في يد الله، يوجه تفكيره كيف شاء وينطق على لسانه:”إن هو إلا وحي يوحى،علمه شديد القوّى” [=جبريل] (4 النجم).
هذيان النبوة،تماماً، كأي هذيان، لا يُقاوم.
أفكار المس أو الأفكار الصوفية:”(…)تؤثر في الحالات السقيمة وتشتمل على وساوس دينية.في هذا الإطار،الهلاوس النفسية ـ الإحساسية،أصوات،رؤى دينية ـ روائح سماوية،و سينيزيه[= إحساس عام بالكدر أو الفرح ناتج عن انطباع داخلي مشوش]هن متواترات،وحسب مضمونهن، سينسبن إلى الله أو إلى ابليس”(طب نفسي الراشد).
في الإسلام،هذيان التأثير الإلهي في الفكر والسلوك، ليس مقتصراً على نبي الإسلام وحده،بل يشمل أيضاً أمته:”وماتشاؤون إلا أن يشاء الله”(29 التكوير)؛التي أكدتها الآيات التسييرية؛المشيئة أو الإرادة هي خاصية التفكير،فإذا صُودرت منه أصبح الإنسان ريشة في مهب الأقدار.وهي هنا الله الذي يشاء ويريد بدلاً من الإنسان نفسه.هذيان التأثير الإلهي، يجعل المصاب به مسيراً لا مخيراً في تفكيره وسلوكه:أي أن الله تملكه،دخل في رأسه، وتولى توجيه فكره حيث شاء وكيف شاء ومتى شاء!.
هذيان تأثير مشيئة الله، في فكر نبي الإسلام،أسقطه هذا الأخير، عبر القرآن، على فكر المسلمين. فتغلغل في الوعي الجمعي الإسلامي، حتى غدا طبيعة ثانية في نفسية المسلم، تتجلى في الجملة الوسواسية، التي نجدها على كل شفة ولسان”إن شاء الله”. والتي نقولها أو نسمعها مراراً في اليوم. وهكذا باتت علامة فارقة للمسلم،”وماركه مسجلة”له،لذلك استعارتها منا المعاجم الغربية بلفظها لتجعلها علامة مميزة لفكرنا المغترب:أي أن بإمكان الله أن يتدخل بتعطيل قوانين الطبيعة أو قوانين العقل.
انتشار وتغلغل هذيان التأثير في أعماقنا، جعلنا نتوهم أن مصيرنا هو”مكتوب”لكل واحد منا، حتى قبل خلق الله للعالم، كما تؤكد الأحاديث،قد قررته المشيئة الإلهية و”لا ُيغني حذر من قدر”.الله،في فم المسلم يحمل كل الإيحاءات السلبية:الإستقالة من التفكير النقدي،ومن التدبير العقلاني للشأن الخاص وحتى العام،ومن الإعتماد على النفس،الذي تم تعويضه بالإعتماد على الله، والإستسلام لـ”المكتوب على الجبين تراه العين”،التي هي ترجمة دقيقة لهذيان التأثير الديني. وباختصار؛الهجرة من التاريخ،الذي صنعته البشرية، إلى التاريخ الذي يصنعه الله والأسلاف.وهكذا فعلى الأخلاف أن يتقيّدوا، دونما تجديد،أو قطع مع الماضي،بتقاليد أسلافهم،وأن ينصّبوا الماضي حارساً يقظاً على الحاضر والمستقبل،ليبقى حاضرهم نسخة باهتة من ماضيهم،ومستقبلهم إمتداداً لحاضرهم!.
هذيان المس
ثنائية الله والشيطان متلازمان،فكلاهما في اللاشعور رمز الأب.فقد اكتشف فرويد ، من خلال التحليل النفسي، أن الأب،في لا شعور طفله،فصامي: رمز الله والشيطان معاً:هو الرؤوف الرحيم وهو شديد العقاب.
كان نبي الإسلام،يعتقد أن قوتين:خيره وشريرة،الله والشيطان،تتنافسان بقوة على توجيه أفكاره،وتكييف مشاعره والتحكم في أفعاله وأقواله.أما هو فرهينة لهما.إلا أن إحداهما،الله تريد به خيرا،والأخرى،الشيطان تريد به شرا.والحرب بينهما سجال.كثيرا ما يكسبها الله، لكن الشيطان سرعان ما يتسلل من إحدى ثغرات النفس المحمدية الهشة،لينسيه أوامر الله له،أو ليوسوس له،أو ليهمزه وينخزه.وهكذا كانت حياته المكية ساحة كر وفر بين الله والشيطان،ساحة حرب لا تتوقف؛فهذيان التأثير والمس مزمن،بلا أمل في الشفاء حتى اليوم.
هذيان التأثير والمس،ملحوظ في الهذيانات والهلاوس الدينية وفي الإضطرابات الفصامية وفي الصرع أيضاً.
تجلى هذيان المس في الآيات الشيطانية،التي توهّم نبي الإسلام أن الشيطان دسها عليه،خلال هلوسة الوحي:”وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي،إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته؛فينسخ الله ما يلقي الشيطان (…)”(الحج 52).
لكن محمد،الذي دفع عن نفسه تهمة المس من الشيطان، أكدها لا شعورياً عندما سارع،عبر الوحي،إلى الإستنجاد بالله، ليتدخل لمحو ما ألقى الشيطان من آيات تمنى هو نزولها:”اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى،تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لتُرتجى” (انظر تفسير آية اللات والعزى عند الطبري).
هذيان المس من الشيطان،الذي دخل رأسه ودس عليه الآيات الشيطانية،لم يكن فلتة أنقذه الله منها،بل يبدو أنه ملازم له:فقد حذره الله،أي ضميره الأخلاقي،بأن يبتعد عن مثقفي قريش عندما يخوضون في نقاش آيات القرآن،الذي يبدو أنه كان يحرجه.لكن إذا حدث وتدخل الشيطان فأنساه هذا الأمر الإلهي،فعليه بمجرد تذكره أن يغادر حلقة النقاش:”وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرضّ عنهم، حتى يخوضوا في شيء غيره؛وإما يُنسيك الشيطان، فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين” (68 الأنعام).كان عليه مغادرة الجلسة فوراً!.
وفي مناسبة أخرى أوصاه الله : إذا تسلل إليه الشيطان، وحاول أن يوسوس له، فعليه أن يستعيذ بالله، ليسارع إلى نجدته من تسلط الشيطان عليه:”وقل ربي أعوذ بك [=أستنجد بحمايتك] من همزات [=نخزات]الشياطين،وأعوذ بك ربي أن يحضروني[= ليوسوسوا لي] (97 ،98 المؤمنون).
هذيان المس،عند نبي الإسلام قوي ومزمن.كما تدل على ذلك هذه الآية.فقد أصبح وسواس مس الشياطين شبحاً، يطارد نبي الإسلام،مما جعله يستغيث بالله ليقيه من همزاتهم وحضورهم.لكن من دون كبير جدوى فيما يبدو.
التكرار ملازم للوسواس. لذلك أوصى الله نبيه مراراً وتكراراً بالإستنجاد به من الشيطان في جميع حالاته:”وإذا قرأت القرآن، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم”(98 النحل)،مخافة أن يدس عليه آيات أثناء قراءة القرآن، كما دس عليه آيات أثناء تلقيه القرآن، كما في الآيات الشيطانية !.
لكن يبدو أن الشيطان لم يتوقف عن نخز نبي الإسلام بهمزاته:”وما ينزعنّك من الشيطان نزع فاستعذ بالله(…)”(200 الأعراف)؛يطمئن نبي الإسلام نفسه بالهلاووس من خطر مس الشيطان له، على نحو دائم بالتأكيد بأن:”إن الذين اتقوا[الله]إذا مسهم طائف [شبح]من الشيطان، تذكروا فإذا هم مبصرون”
(201 الأعراف).
هذيان المس،الذي كابده محمد،عنيف.إلى درجة أن نبي الإسلام استعان بسورتين هما،المعوذتان، لحماية نفسه من تسلط الشيطان عليه أناء الليل وأطراف النهار؛المعوذتان اللتان، قال عنهما اين مسعود، أنهما ليستا من القرآن، بل هما دعاء، كان النبي يدعو به. رافضاً هكذا إدراجهم في مصحفه؛أستعاذة نبي الإسلام بسورتين أو دعائين:”كان كل ليلة يصلى بهما”، لحماية نفسه من مس الشيطان ومن الإصابة بالسحر، دليل على تسلّط الخوف من هذين الشرين عليه. وهذا ما تخبرنا عنه السنة:”عن عائشة أنه كان إذا اشتكى[من مرض]قرأ على نفسه المعوذتين وتفل أو نفث[أي بصق وتنفس بقوة]”.هذه هي حالة هذياني المس والسحر؛اتهمه خصومه المكيون مرتين على الأقل بأنه “مسحور”.حديث للبخاري يؤكد ذلك:عن عائشة أن النبي كان مسحوراً،وأن سحره أصابه بعجز جنسي نادر:”كان رسول الله قد سُحر،حتى كان يرى أنه يأتي النساء و[هو] لا يأتيهن(…) وهذا أشد ما يكون من السحر”.وكالعادة الساحر يهودي!كما يؤكد البخاري على لسان عائشة!.
أعداء النبي الـ 3 ، الذين كانوا يتربصون به هم : الشيطان والساحر والحاسد!.
في المعوذة الأولى،الفلق:”قل أعوذ برب الفلق[=الفجر المبشر بالصباح]،من شر ما خلق[=من أدهى ما خلق أي الشيطان](…)ومن شر النفثات في العقد[=الساحرات اللواتي ينفخن على ُعقد في خيط لـ”ربط”ذكر الرجل فلا يعود قادراً على الانتصاب]ومن شر حاسد إذا حسد”؛فالحسد،في الإسلام،سبب لزوال النعمة!؛هذا الفكر السحري الوسواسي،تغلغل بعمق في الوعي الجمعي الإسلامي إلى اليوم:تعبر عنه العامة بتعويذة:عين الحسود فيها عود وخمسه وخميسه…
فهل حدث لمحمد أن ضعفت غريزتة الجنسية بمكة فاكتفى بخديجة؟،أو أن خديجة كانت مسيحية ـ وربما هو أيضاً ــ يرفضان تعدد الزوجات؛أو ربما أيضاً ملّ جماع زوجته خديجة بعد طول مساكنة، حوالي 20 عاماً،كما يحدث لمعظم الأزواج عادة حتى الآن، فعزا ضعفه الجنسي الوقتي، إلى سحر ساحرة تنفث بنفَسها، في العقد، لتعقد ذكره؛”والنفث في العُقد”هو خرافة مازالت شائعة في أرض الإسلام إلى اليوم، كسبب للعجز الجنسي.
وقائع إصابة نبي الإسلام بهذيان المس،أي مس الشيطان أو الجن،لا يشمله هو فقط بل جميع المسلمين:فقد جاء في الحديث الصحيح: “لكل مولود قرين من الجن”،سؤال:”حتى أنت يا رسول الله؟قال:حتى أنا،إلا أن الله قد أعانني عليه”!.
وهكذا تغلغل هذيان المس العضال في نفسية المسلم،ليعطل حسه العقلاني،محولاً له إلى فريسة سهلة للجن والشياطين وتجليات الخرافي واللامعقول الأخرى!
مس الشيطان والجن لعب في الدين في القرون الوسطى، ومازال يلعب،وا أسفاه، إلى الآن في أرض الإسلام، دوراً مخيفاً:أحرقت الكنيسة الكاثوليكية،طوال قرون محاكم التفتيش،100 ألف ساحرة يهودية:”بتهمة التحالف مع الشيطان”للتسبب في الجفاف والفيضانات والأوبئة؛في السنوات 1990 مثلاً،قتل في باريس إمام وشقيق مريضة نفسية أخته تحت التعذيب، لإخراج الشيطان منها؛وفي أوائل التسعينات شاهدت في ريبورتاج تلفزيوني( في القناة السادسة الفرنسية)كيف كان فقهاء حماس يعذبون المراهقين “الممسوسين”من الجن والشياطين: كان المراهق يصرخ من الألم، تحت ضربات العصا، وفقيه حماس يُعلق:”هذا الجن يهودي “لا يخرج بسهولة مثل الجن المسلم…ويزيد في وتيرة الجلد لمراهق مكتوف اليدين والرجلين!وقد علّق المستشرق الفرنسي المعروف، جيل كيبال، على هذا الريبورتاج مدافعاً عن حماس قائلاً:هذا المشهد لا ينبغي أن يُنسينا أن حماس تمارس أيضاً الواقعية السياسية!”.
هذيان المس،،تغلغل في صميم الشخصية الإسلامية خلال 14 قرناً،مكتسباً بذلك سلطة النص العنيدة.سورة الجن في القرآن،إن لم تكن أسست، فقد عمقت، خرافة التدخل الرباني،والشيطاني والجني في حياة المسلم.
تبدأ سورة الجن بتأكيد جازم:”قل ُأحي إلي إنه استمع نفر من الجن،فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد،فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً”(2،1 الجن).نحن هنا أمام حلم هاذي أو هلوسة نفسية،أي إحساس داخلي، وظيفتها النفسية التعويض اللاشعوري على إصرار النخبة المشركة،في مكة والطائف، على إشراك آلهتهم مع الله؛قول الجن”ولن نشرك بربنا احدا”،مؤشر على إمكانية هذه الفرضية.سورة الجن مثلت عزاء لنبي جريح في مصداقيته:كذّبه بلده،وقومه وعائلته، وأهانه سكان الطائف عشية نزولها؛ لكن ها هي الجن، وما أدراك ما الجن، تستمع إليه وتعجب بقرآنه وتؤمن به. نزلت عليه سورة الجن،وهو عائد خائباً حزيناً، من الطائف إلى مكة:”حتى إذا كان بوادي نخلة،قام في جوف الليل يصلي فمر به نفر من الجن(…)7 من الجن”(1)(مختصر ابن هشام ص 24).
شهدت الجن أيضاً أن إبليس كان يقول عن الله كذباً،بجعل نفسه شريكاً له،تماماً كما جعلت مكة والطائف آلهتها شريكاً لله:”وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى”(3،الزمر)،أي أن المشركين ما كانوا يعبدون أصنامهم القريبة منهم إلا لتشفع لهم عند الله البعيد عنهم،هناك في السماوات العلا،:”وأنه كان سفيهنا[=ابليس]يقول عن الله شططا”.تزعم الجن أن لها علاقة مع بعض العرب: “وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً[=غطرسة]”(الآية5). حسب السنة هؤلاء الرجال هم من بني تميم؛وأنهم جاؤا ودخلوا في الإسلام (تفسير السيوطي).لكن ربما،كما كانت رغبة محمد،كانوا من الطائف ومكة.
هذه الهلاوس الهاذية عن وجود كائنات اسمها الجن، وعن إمكانية تدخلها في توجيه قرارات الإنسان، كانت ومازالت في أرض الإسلام تُصدّق على أعلى المستويات:كبار المؤرخين بالأمس ومؤسسة القضاء اليوم.
رفض سيد الخزرج،سعد ابن عبادة، مبايعة عمر لأنه كان يريد الخلافة لنفسه؛فهاجر إلى الشام،حيث وجُد ذات يوم مقتولاً في مغسلة.العملية على الأرجح اغتيال. لكن من الصعب سياسياً، نفسياً ودينياً، اتهام عمر بالجريمة،فذلك قد يثير فتنة بينه وبين الأنصار،الذين سيطالبون بالثأر لسيدهم. فتدخل هذيان المس، ليجد للمأزق مخرجاً، فنسب الإغتيال إلى الجن،وجعل الجن يعترف بالجريمة شعراً:
قتلنا سيد الخزرج سعد ابن عبادة / ورميناه بسهم فلم يخطأ فؤاده.
هذه الخرافة، رواها كبار مؤرخي الإسلام كما لو كانت واقعة تاريخية.فلم يسائلها أحد منهم على حد علمي!.وكيف يسائلونها،وهم أنفسهم استبطنوا هذيان المس:مس الجن،مس الشيطان ومس الله؟
اليوم أيضاً مؤسسة القضاء،على الأقل في مصر والجزائر، وربما في كل بلد إسلامي مازالت توجد فيه محاكم شرعية،تُسلم بتدخلّ الجن في حياة البشر؛في 2011 عاد زوج مصري من السعودية فوجد زوجته حبلى،ادعت الزوجه أن جنياً اغتصبها.تقدم الزوج بقضية طلاق لدى المحكمة الشرعية فقبلتها. لكنها رفضت دعوى الزوجة لعدم كفاية الأدلة؛أما محكمة البليده الجزائرية فقد صدّقت في، 2012،أن جنياً قتل طفلاً رضيعاً كما قتل شقيقته قبل سنوات، وبرأت المتهم.وإليكم الواقعة كما روتها اليومية الجزائرية الخبر:”تعود تفاصيل جريمة قتل شقيق سندس قبل 4 سنوات(…)إسلام اختفى، ثم ظهر ميتاً والقاتل عفريت من الجن! (…)الجريمة دارت أحداثها قبل 4 سنوات، في نفس منزل عائلة قسوم(…)بالعاصمة،أي في نفس المنزل الذي شهد إزهاق روح الطفلة سندس،حيث التقت قوى الجن بالقوى الخفية، لتختطف روح شقيقها الرضيع،إسلام،ذي الـ 25 يوماً ليعثر عليه ميتاً في مكان كشفته زوجة عمه،بعد خضوع المنزل لرقية شرعية(…)طويت القضية باتهام الجن وتبرئة زوجة العم،م.ف!.(اليومية الجزائرية الخبر 30 ديسمبر 2012 البليدة).
طالما مازالت سورة الجن تُدّرس في التربية الدينية،ويُستشهد بها في الإعلام، ويصلي بها المسلم، الذي تشرب على مقاعد مدرسة اللامعقول الديني،أن عدم الإيمان بآية واحدة من القرآن تخرجه من الإسلام. فلا عجب أن تبّرأ بها محكمة شرعية المتهم الإنسي، بقتل طفلين رضيعين، وتدين الجن!.
مادامت سورة الجن وآيات الجن، في السور الأخرى، مستخدمة على أوسع نطاق،في التعليم والاعلام والخطاب الديني،فكيف سيتحرر المسلم من خرافة مس الجن؟
مراجع الفصل الخامس
1 ـ مختصر ابن هشام ص 24 .