الفصل الثاني
ما النبوة وما الأنبياء؟
“إذا قلت أنك تكلم الله فأنت تصلي؛ وإذا قلت إن الله يكلمني فعندك أفكار هاذية”
(النفساني الفرنسي ناكط)
أنبياء إسرائيل
دراسة انبياء إسرائيل أساسية لفهم نبي الإسلام
النبوة بما هي وحي، ليست خاصة بأنبياء إسرائيل أو بنبي الإسلام، بل هي ظاهرة عامة عند جميع الأنبياء والنبيات في الديانات الوثنية والتوحيدية، ربما منذ ليل التاريخ، وتحديداً منذ القرن الثامن عشر ق.م. حتى اليوم.
تأكيد ماكس فِبير، الذي استشهد به هشام جعيط، “في السيرة النبوية”: “أن نبوة الوَجد [= اكستاتيك: حالة من الهذيان الهلوسي تعطي الهاذي انطباعاً بسعادة قصوى؛ وقد شاهدتها في القيروان واسطنبول عند المتصوفة] لم توجد إلا في إسرائيل وفي البلاد العربية مع محمد”. هذا التأكيد غير دقيق.ربما يُفسّر بأن اكتشافات الأركيولوجيا عن انبياء بابل وآشور، كانت مازالت في طي النسيان عندما كتب فبير نصه.وواضح منها اليوم أن الوجد الصوفي وُجد عند جميع الأنبياء في العالم بما في ذلك عند الشامان [= السحرة]. يلاحظ مرسيا إلياد، في حديث عن: “الإكستاز الشامانيك، أن بعض الشامان يدخلون في الإكستاز بالغناء لوقت طويل” (1). وأنبياء إسرائيل يدخلون في الإكستاز بالرقص والغناء. قد يكون فبير معذوراً في جهله لهذه الاكتشافات. أما هشام جعيط فملوم لأنه قصر في البحث عنها!
أنبياء ونبيات الكتاب المقدس العبري، لا يختلفون في وحيهم عن أنبياء ونبيات الشرق الأوسط القديم؛ النبوءات كانت مطلوبة خاصة في الأزمات: تهديد بحرب خارجية أو أهلية، أو في لحظة خلافة الملك.
وهكذا كان الأنبياء أشبه ما يكونون بالمستشارين في البلاط الملكي،أو بصناع القرار المعاصرين، خاصة في أرض الإسلام،حيث مازال يُصنع القرار،بل أكثر القرارات خطراً،كالحرب، بالأحلام وصلاة الاستخارة!.
دراسة سيرة أنبياء إسرائيل ضرورية لفهم سيرة محمد لسببين:
1 ـ رغب محمد منذ مراهقته،من خلال معاشرته الطويلة لورقة، وربما أيضاً لمبشرين مسيحيين آخرين، مثل بلعام، الذي يذكره الطبري عند تفسيره لآية (103 النحل)،أن يكون نسخة من أنبياء إسرائيل. الذين صدّق في القرآن المعجزات المنسوبة إليهم،واطلع على أسفارهم وحاكاها في كثير من سور وآيات القرآن؛كما تأثر بموسى الذي ذكره في القرآن136 مرة،والذي كان يسميه”أخي موسى”؛أول بداية الوحي،حسب السيرة، قال ورقة،مطمئناً لخديجة وللنبي نفسه، الذي ارتاع من “نداء النبوة”: “هذا هو الناموس الذي نزل على موسى”.
تأثر محمد أيضاً بالشاعر والنبي،أشعيا،واستلهم قصيدته عن بابل في سورتي الزلزلة والتكوير مثلاً. يقول شراح الكتاب المقدس:”هذه القصيدة مرثاة لبابل التي سقطت تحت ضربات الميديين. عنوان هذا التصريح المعلن ضد بابل رآه إشعيا بن عاموس في رؤيا،وهو على جبل من الصخور الجرداء”(2) انتقاماً من يهواه منها بإرسال هؤلاء الغزاة عليها لظلمها شعبه.
:”استمع!صوت ضوضاء ممالك الأمم المجتمعة،
رب القوات[=الجيوش] يستعرض جيش القتال.
من أرض بعيدة،من أقاصى السموات،
يأتي الرب وأدوات سخطه،
لتدمير الأرض كلها.
ولولوا فإن يوم الرب قريب،[= في القرآن:”اقتربت الساعة(1 القمر)]
قادم قدوم اجتياح من الرب القدير.
لذلك سترتخي كل يد،
ويذوب قلب كل إنسان
(…)سيفزعون ويأخذهم الطلق والمخاض،
ويتوجعون كالتي تلد،
وينظر بعضهم إلى بعض مبهوتين،
ووجوههم مثل اللهب،
هذا يوم الرب قد حضر قاسياً،
يوم سخط واضطرام وغضب،
ليجعل الأرض خراباً (…)
لأن كواكب السماء ونجومها لا يبعثن نورهن،
والشمس تظلم في طلوعها،
والقمر لا يضيء بنوره،
سأعاقب الأرض بشرها،
والأشرار بآثامهم،
(…)لذلك سأزعزع السماء،
وتتزلزل الأرض من مقرها،
في سخط رب القوات،
في يوم اضطرام غضبه.
(…)
أبيات هذه القصيدة هي التي استلهمها، كما هو واضح، نبي الإسلام في سورة الزلزلة: “وتتزلزل الأرض من مقرها”تصبح “إذا زلزلت الأرض زلزالها”؛ واستلهمها أيضاً في التكوير”لأن كواكب السماء لا يبعثن بنورهن، والشمس تظلم في طلوعها، والقمر لا يضيء بنوره. لذلك سأزعزع السماء”. غدت على لسان نبي الإسلام: “إذا الشمس كُورت، وإذا النجوم انكدرت، وإذا الجبال ُسيرت وإذا العشار عطلت (…)”.
كما تأثر نبي الإسلام في قسمه بالتين والزيتون بالكتاب المقدس العبري.تأول المفسرون التين والزيتون القرآنيتين تأويلات شتى، لا يبدو أنها سديدة: فقد رووا عن ابن عباس وغيره أن: التين هو بلاد الشام والزيتون فلسطين، وقيل التين والزيتون هما المسجدان: المسجد الحرام والمسجد الأقصى، الذي لم يكن موجوداً في زمن محمد.
يبدو لي أن القسم بالتين والزيتون، استلهمه نبي الإسلام من أسطورة سفر القضاة القائلة:”ذات يوم،ذهبت الأشجار لتكريس[لمسحه بالزيت المقدس ]ملكاً عليهن؛فقالوا للزيتونة:كوني ملكة علينا.لكن الزيتونة قالت لهم:عليّ إذن أن أتخلى عن زيتي الذي نمجد به الله والناس؟!(…)عندئذ طلبت الأشجار من التين:”تعالي أنت لتكوني ملكة علينا.”فأبت ،وطلبوا من الكرمة فأبت هي أيضاً… وهكذا سَمى الكتاب المقدس التين والزيتون والكرمة أشجاراً”كريمة”،لأنها رفضت المَلكية.علماً بأن غالبية أنبياء الكتاب المقدس معادون للملكية؛وهو ما استعاده محمد في آية:”وقالت[=النملة]أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون”(34 النمل).لماذا عادى أنبياء إسرائيل ملوكهم؟لأن الملوك كانوا يحتقرون الأنبياء الذين يشطحون تحت وطأة وجدهم [اكستاز] في الشارع، كما يؤكد ماكس فبير: “كان الملوك يحتقرون أنبياء الإكستاتيك، الذين كانوا يصرخون في الشارع”.
أرهق أمثال يوحنا الدمشقي ،متكلمي الإسلام وفقهاءه في القرن الـ 8 بسؤالين:كيف يكون نبيكم نبياً ومحارباً؟وكيف يكون نبيكم بلا معجزات،والحال أن المعجزات هي برهان نبوة أنبياء الكتاب المقدس، والقرآن نفسه يؤكد ذلك؟ردوا،ضمناً عن السؤال الثاني على الأقل، بانتحال معجزات أنبياء إسرائيل وبعض معجزات المسيح، مثل تكثير الخبز،لنبي الإسلام.بالرغم من أنه هو نفسه نفى عن نفسه في القرآن أية معجزة، باستثناء واحدة:القرآن.متحدياً قريش بالإتيان بمثله.وهو طبعاً سؤال تعجيزي.لماذا؟لأن لا أحد يستطيع أن يكتب ديوان المتنبي،أو المعري،أو أبو تمام أو أبو نواس … إلا هم أنفسهم؛:”فالأسلوب يجعل الأشياء الأكثر تفاهة فريدة”،كما قال فولتير.فعلاً،فالأسلوب هو الإنسان، كما يقول المثل الفرنسي،أي شخصية الإنسان النفسية والذهنية،ببصماتها، السليمة والسقيمة، كالشخصية العصابية أو الشخصية الذهانية أو الشخصية الواقفة على تخوم العصابي والذهاني مثلاً.لم يكن يوجد في مكة،في حياة محمد،شخص ثاني[للتذكير،لا أضحي بالحروف الصوتية الضرورية للفهم من أجل نحو نخبوي عقيم] له ذات البصمات الأسلوبية والنفسية التي تميز بها القرآن،والتي تساعدنا اليوم أيضاً،بعد أكثر من 14 قرناً،على البحث عن محمد التاريخ،من وراء ركام التخاريف عن محمد الإيمان، التي غطت محمد التاريخ من أم رأسه إلى أخمص قدمية.
بصمات محاكاة سيرة محمد لسيرة أنبياء إسرائيل والمسيح واضحة: ملكا شق الصدر،قد لا يكونان إلا محاكاة لأسطورة الملوك المجوس الذين،بمجرد أن رأوا”طلوع كوكب عيسى”حتى شدوا الرحال إليه. حاكتها السيرة أيضاً في أسطورة اليهودي الذي شاهد طلوع”كوكب ميلاد أحمد”!.
قصة “إقرأ” في غار حراء، قد تكون أيضاً محاكاة لمثيلتها عند إشعيا سواء من السيرة أو من نبي الإسلام نفسه:إقرأ الكتاب المفتوح والكتاب المختوم؛موسى،في الرواية التوراتية، رعى الغنم،وكذلك يجب أن يرعى محمد غنم حليمة السعدية وعمره سنتان!موسى بُعث في الـ 40 عاماً،وكذلك محمد بُعث في سن الـ 40 ،والحال أن هذيان الذهان الإهتياجي الإكتئابي، الذي قد يكون هو بداية الوحي المحمدي، يبدأ بين سن 18 و 20 عاماً!.
يوجد مؤشر على أن محمد لم يُعلن نبوته في الأربعين، التي كانت يوم ذاك سن بداية الشيخوخة، بل ربما أعلنها وهو في الثلاثين أو دونها. فقد سخر شيوخ قريش، أو كما تُسمّيهم السيرة “ذوو الأسنان”، من كون: “غلام بني عبد المطلب، يدّعي أن السماء تكلمه” (سيرة ابن هشام، ص 217). غلام في فم عجوز، قد يعني أنّ عمره دون الثلاثين
زعمت السنة والسيرة أن جميع الأنبياء، عدا يوحنا المعمدان والمسيح، بُعثوا في الـ 40؛ رقم الـ 40 سحري في الأساطير البابلية، مثلما أن رقم 7 سحري فيها:7 آلهة تداولوا على خلق العالم في 7 أيام. وقد تبني القرآن،نقلاً عن التوراة،هذا الرقم السحري: 7 سموات و 7 أراضين…إلخ.
يبدو أن نبي الإسلام ،نقل عن ترجمة ليست دقيقة للكتاب المقدس العبري أو أنه،كعادته كثيراً وغالباً، نسي ما حفظه، وهو موضوع سنعالجه في هذا الكتاب:لذلك اعتبر آدم،نوح،إبراهيم،اسحاق، يعقوب، يوسف وسليمان أنبياء،والحال أن الكتاب المقدس العبري يعتبرهم بطارقة[=آباء مسنين وولودين] وليسوا أنبياء.
هؤلاء “الأنبياء”، برهنت الدراسات التاريخية والأركيولوجية، خاصة في إسرائيل، أنهم شخصيات رمزية وليست تاريخية.
ومع ذلك يوجد شبه حقيقي بين كثير من أنبياء إسرائيل ونبي الإسلام؛ مثل إدعاء الأمية لدى بعضهم ولديه، رغم أنهم ونبي الإسلام نفسه كانوا ذوي ثقافة دينية واسعة، من الصعب على من لا يعرف القراءة مراكمتها.
بعض المثقفين المسلمين، الذين يعتقدون، غالباً، أكثر مما يفكرون، مُصرون على أنه أمّي، وأنه تلقى القرآن بواسطة جبريل من عند الله كما هو؛ وبعض المستشرقين يقولون أنه تلقن الكتاب المقدس العبري، وكذلك الأناجيل عن طريق السماع .وهكذا يفسرون النقل التقريبي عن الكتاب المقدس، والأخطاء الكتابية والتاريخية في القرآن. المرجح ان نبي الإسلام كان يعرف القراءة والكتابة، رواية للبخاري تؤكد ذلك: “عن ابن عباس عندما قال أئتوني [بقلم] أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي”؛أو قد يكون حفظ الكتاب المقدس العبري والأناجيل،خلال السنوات التي قضاها في رفقة ورقة،لكنه نسيهما عندما أصيبت ذاكرته، كما يرى ذلك النفساني، فتحي بن سلامة، في كتابه”ليلة الفلق”.
لكن هل كان يسمع فقط، هو ذو الذاكرة الضعيفة،أم كان يكتب ما يسمع، ويعيده في القرآن عن طريق الهذيانات والهلاوس؟.
يوجد أيضاً شبه نفسي حقيقي بين حزيقال ومحمد؛ كلاهما شاعر ونبي،لكن النبي الهاذي فيهما عجز عن تنظيم هذيانه الشعري،فكان لدى كليهما متشابهاً،أي ملتبساً وقلما يكون مفهوماً.ثلاثة شعراء، كثير من شعرهم متشابه هم:حزيقال،محمد والشاعر الأمريكي إدجار ألان بو!.
كما كان أنبياء إسرائيل يدعون “الشعب الخاطئ”، النسّاء للشريعة، إلى تذكر الحلف بين الله وشعبه، وإلا عاقبه يهواه بإرسال الشعوب الغازية عليه؛ بالمثل كان نبي الإسلام يدعو”عشيرته الأقربين” إلى توحيد الله، توحيداً خالصاً لا يشاركه فيه شريك، وإلا عاقبهم بإرسال “الساعة [=نهاية العالم]” عليهم بغتة وهم لا يشعرون، وحتى إذا طلبوا من الله تأجيلها ليتوبوا إليه، فهم “لا يُنظرون”، كما توعدتهم الآية 40،الأنبياء.
وجه شبه آخر محتمل.إذا كان”الشعب الخاطئ”لم يسمع لأنبيائه،فهل لأنه كان”وثنياً”،كما كان شعب مكة؟وتالياً،هل كان دينهم جديداً على شعبهم،كما كان دين نبي الإسلام، التوحيدي الصارم،جديداً على شعبه؟.
كانت رسالة أنبياء إسرائيل، تأنيب الشعب الذي تناسى الشريعة،ودعوته إلى إقامة العدل.كانت رسالة نبي الإسلام تأنيب شعبه المكي على إشراك بنات الله الثلاثة،اللات والعزى ومناة،مع الله في تقرير مصيرهم ودعوته لهم للعدل أيضاً.
كما كان يهواه يتدخل في التاريخ،كمحارب، لينصر شعبه في حروبه،فإن الله هو أيضاً، محاكاة ليهواه، يتدخل في التاريخ، لنصرة من ينصره، ويرسل جيوش الملائكة لنجدة نبيه! .
لا شك أن نبي الإسلام تأثر أيضاً بهذيان نهاية العالم،الذي انتشر لدى انبياء إسرائيل خلال السبي البابلي،أكثر من نصف قرن،فاستخدمه هو أيضاً،في نوبات هلاوسه،كسلاح لتهديد مشركي مكة به،كعقاب رباني فوري لهم، إذا لم يؤمنوا برسالته:”اقتربت الساعة(…)”(1 القمر).فضلاً طبعاً عن سببه المرضي: الذهان الإهتياجي ـ الإكتئابي.
لعل أكثر ما جعل نبي الإسلام يتماهى بأنبياء إسرائيل، هو أنه تعرف على نفسه فيهم: أي على هلاوسه السمعية والبصرية والنفسية…إلخ، التي كانوا يعلنون بها نبوءاتهم، وكان هو أيضاً ينقل بهن إلى المكيين “خبر السماء”.
كما كانوا هم مبشرين ونذيرين لشعبهم، كان هو أيضاً نذيراً وبشيراً: نذيراً للمشركين بـنهاية العالم وعذاب “نار حامية” وبشيراً للمؤمنين بـ “جنة عرضها السماوات والأرض”.
كما كان يهواه مهتماً جداً بكل تصرفات “شعبه المختار” في حياته اليومية، من مشرب ومأكل وملبس ومَنكح، وكان يُسيِّره بأوامره ونواهيه، كذلك جعل نبي الإسلام الله ليس أقل تدخلاً من يهواه في الحياة اليومية لـ “خير أمة أخرجت للناس”، فقد قدّر لها جميع حركاتها وسكناتها حتّى قبل خلقها
وأخذ عنهم أيضاً “المكتوب”، يقول جرميا: “إذا كان يهواه أراد أن يُخضع الشعب لنبوخا نصر [ملك بابل وصانع السبي البابلي الشهير]، فعلى الشعب أن يسمع ويطيع”. اقتبس نبي الإسلام هذه الآية في آيات عديدة منها آية: “وما أصاب من مصيبة في الأرض [= في أملاككم] ولا في أنفسكم إلا في كتاب “[مكتوب] من قبل أن يبرأها [= من قبل خلق هذه الأنفس]. إن ذلك على الله يسير” (22 الحديد).
عقلاء اليهود تخلصوا من هذيان إرميا المازوشي. أما المسلمون…
أنبياء إسرائيل
“أنبياء إسرائيل،ينتمون إلى أسرة،”حاملة الكلمة”،الذين نلتقي بهم أيضاً في الشرق الأوسط القديم، وفي اليونان وفي آسيا الوسطى”(2) “أنبياء إسرائيل(…)الذين أرسلهم الله كناطقين باسمه(…)،كان لهم رُواد في الشرق الأوسط القديم، في القرن 18 قبل الميلاد، أو لاحقاً في مدينة نينيف في بلاد الرافدين؛في القرن 7 ق.م حيث كانوا الناطقين باسم الآلهة لدى الملك(…)بعضهم يُوحى إليهم بالرؤى[رؤيا الآلهة وجهاً لوجه وتلقي الوحي منها]والبعض بأحلام رائدة،تتنبأ بالأحداث قبل وقوعها، وآخرون يعبرون عن وحيهم أثناء الهذيان الهستيري فهم،للملوك،إما منذرون أو شفعاء(…)كانوا ممثلين رسميين لمختلف الآلهة، يوجهون رسائل إلى الملك، يتولى لاحقاً تفسيرها”(3).
الأسماء التي كانت تُطلق على النبي،في الشرق الأوسط القديم،عديدة لكن المفضل منها هو وصفه بأنه”مملوك من الآلهة”.”رسالتهم إلى الملك تُعلن بصوت عال،وهم في شطح الوجد[اكستاز] الصوفي،في حالة اتصال مع الآلهة، يستفتونها فيما سيُستجد من أحداث؛وكانت نبؤاتهم تكتسي أحياناً شكل أحلام رائدة تنذر بما سيتحقق في المستقبل(…)تُثبت الوثائق الآشورية أن معبد عشتار، في ارابيل(=مدينة اربيل في كوردستان العراق)كان يضم أنبياء ونبيات:من 13 نبوة موثقة في هذا المعبد،4 لأنبياء رجال و8 لنبيات نساء، إحداهن كانت على الأرجح خنثى.كان بعض الأنبياء يحرصون حرصاً شديداً على إعادة كتابة وحيهم بكل أمانة، وكان رواة نبوءاتهم يقسمون بأنهم كتبوها بكل أمانة(4) “.
في بحثه عن”جذور النبوة في الكتاب المقدس”،يؤكد بيير جيبير،مفسر وأستاذ التاريخ بأن:”شريعة أنبياء إسرائيل تقتصر على مبدأين:إحترام وحدانية الله،والإهتمام الفعال بالمستضعفين في مادة العدل؛كانت تُطلق على الأنبياء أحياناً أسماء مرادفة للنبي مثل”بصار”،ورجل الله.أسماء الأنبياء والنبيات تمتلئ بها التوراة.فما هي الملامح المشتركة بين شاؤول، الذي ُدعي”نبياً”في مشهد غريب حيث كان يهذي وسط “أنبياء”آخرين هاذين(شاؤول الأول،الإصحاح 12 الآية 10)،وصمؤيل،الذي دُعي هو أيضاً نبياً، إثر نداء من الله، وكان يتحدث بلغة واضحة لمستمعيه، بدءاً من شاؤول نفسه؟أو كيف نخلط بين إليا و إليزيا في القرن 9 ق.م اللذين نقل عنهما الرواة حكايات خارقة من نوع خرافي،واللذين لم يتركا أي أثر مكتوب،وعاموش وهوشع اللذين،بعدهما بقرون،قدما ملخصاً مكثفاً مكتوباً لنبوءاتهما بعبارات تجهل الأسلوب الخرافي،مفضلين عليها تنديداً صارماً بخطايا الملك والأغنياء؟”(5).
“أنبياء إسرائيل يقولون أنهم استمدوا رسالتهم من يهواه،لكن أين تعلموا التعابير الأدبية،البلاغية والشعرية؟في هذه المجالات الثلاثة.الأنبياء يدعون بأنهم أميون أو جهلة.لكن مهما كان الطابع الفطري لبعض خصالهم،ومهما كان إلهامهم الديني فإنهم يكشفون بلا جدال عن خبرة دقيقة؛مما يجعلنا نفترض أن لهم تكويناً لاهوتياً،سياسياً ودينياً حقيقاً”(6).لكن مفسر واستاذ التاريخ يعترف بأنه لا يمتلك وثائق عن مصادر تكوينهم الأدبي والخطابي والشعري.
كيف كان أنبياء إسرائيل يتنبأون؟:”بعضهم كانت لهم رؤى إلاهية وأحلام رائدة سرعان ما تتحقق” (7) ،كان عدد هؤلاء الأنبياء في عهد الملك أشاب وحده حوالي 400 نبي:”كان يجمعهم ويسألهم:”هل بإمكاني أن أحارب راموث جلعاد أم علي أن أتراجع؟فيعطيه الأنبياء رأياً ملائماً”(8).جل الأنبياء،بل كلهم،يعتزون بـ”رؤية” أولى تدشن نبوءتهم،أي بنداء خاص آت مباشرة من يهواه ،دعاهم فيه لأن يكونوا انبياء؛تجربتهم مع الله تتجسد هنا، حتى ولو كانوا يحضّرون أنفسهم للنبوة، بسوابق دينية محددة مثل العبادة والمحافظة على الشريعة(…)؛ الشريعة بالنسبة إليهم تُختزل في أمرين:وحدانية الله وإقصاء كل شكل من أشكال عبادة الأصنام (…) والاهتمام بالفقراء والمستضعفين”(9).
أنبياء إسرائيل صنفان:من يتكلمَون بوضوح ومن يهذون بكلام متشابه لا يفهم.مثلاً أسلوب اشعيا مقتضب ودقيق، لا نجد عنده مواعظ طويلة أو توصيفات مبهمة،كما نجدها عند حزيقال،رغم أنه معدود بين أنبياء إسرائيل الكبار.كيف تلقى الوحي؟:”كنت بين أسرى وادي كبار،انفتحت أمامي السموات فحصلت لي رؤى إلاهية”(ح.الإصحاح الأول الآية الأولى).
في القرنين 1و2 ق.م حدث تغير في اليهودية في الموقف من النبوة:فقد أكد الحكماء أن زمن النبوة قد إكتمل،أي ختموا النبوة، فارضين وجوب تأويل التوراة التي أعطيت لموسى.”(10).”منذ موت حاجي وزكريا ومليخا،آخر الأنبياء،توقف الروح القدس في إسرائيل”(11).
قيل أن نبي الإسلام قد أستعار ختم النبوة،عبر سلمان،من المزدكية.لكن يمكن أن يكون استعارها من اليهودية أو من المسيحية، فكلاهما أعلنتا ختم النبوة.وقد لا يكون استعارها من أحد.ختم النبوة عنده،كما عند أسلافه،قد يكون تعبيراً عن هذيان ذهان العظمة،الذي هو أعدل الأشياء قسمة بين الأنبياء: فكل نبي يتخيل بما هو عُظامي، انه آخر سفير من الله للناس نذيراً وبشيرا.
كيف نفهم النبوة وأنبياء إسرائيل؟
في السطور التالية أقدم، كخلاصة طبية نفسية للنبوة في الكتاب المقدس، وأيضاً كإضاءة نفسية لإشكالية النبوة عموماً تحليلاً نفسياً لظاهرة النبوة.وحدة الظاهرة الدينية، التي تؤكدها الفيونومولوجيا، تتجلى ليس في الشعائر والإيمان بالغيب وحسب،بل وأيضاً في وحدة البنية النفسية للأنبياء في جميع العصور وجميع الثقافات،التي تعبر عن نفسها بهذيان النبوة كما يسميه الطب النفسي.
يؤكد الطبيب النفسي الفرنسي، شارل بريسى، في تحليله لهذيان النبوة في الكتاب المقدس العبري، أن مؤسسة النبوة لعبت في تلك العصور، من اجل حماية الأنبياء، ذات الدور الذي تلعبه اليوم مستشفيات الأمراض العقلية.بدلاً من النظر إليهم بما هم مرضى، يشكلون خطراً على المجتمع، فإنهم أُعتبروا أنبياء، كما في افريقيا وأمريكا اللاتينية اليوم أيضاً.وهكذا كانوا يعاملون غالباً باحترام.
“بدأت النبوّة تنطفئ بسرعة في إسرائيل (…) منزلة النبوة كمستشفى للمجانين (…) النبوة ليست خاصة بالعبرانيين (…) العصور القديمة السامية، كانت تشاطر الأنبياء العبرانيين الكبار نفس مفهوم النبوة بما هو: “اقتحام قوة خارجية لجسد كائن بشري”. (…) هذا المفهوم نجده في كل مكان وعلى مر العصور، عندما لا تعود سيطرة العقلاني قادرة على خنق الزوائد الطفيلية، التي تنتجها المخيلة. (…) جماعات الأنبياء، التي يصفها الكتاب المقدس،في القرنين 9،10 ق.م. تعطي أحسن صورة عن النبوة الشائعة بين عامة الأنبياء؛فهؤلاء هامشيون،يعيشون في جماعات،بضع عشرات أحياناً، يسكنون بعيداً عن الشعب،في مغاور(…)،هذه الجماعات تتجمع أحياناً حول معلّم مثل صمؤيل في القرن 11 أو ايليزيا في القرن 9.(…)مهما كانت الحقبة،فقد حافظت ظاهرة النبوة في الكتاب المقدس على طابعها الإحتجاجي على الوضع السائد.في فترات التوتر حيث يتكاثر الأنبياء،يغدو كل السياق الاجتماعي،السياسي،الديني موضوع احتجاج(…)،والقناعة باقتراب خراب إسرائيل،والنداء للعودة إلى الحياة القبلية البسيطة لبني إسرائيل، وتصبح البداوة مثلاً أعلى.وهكذا فالنبوة هنا نوع من الأصولية الدينية حيث نلتقي(…)بنبرات نهاية العالم!وأيضاً بآمال مضيئة.(…)ومهما تنوعت المظاهر النفسية ـ الاجتماعية،فإن ظاهرة أساسية تميز جميع الأنبياء،من أصغرهم إلى أكبرهم،هي أن قابلية الاكستاز هي الشرط الضروري للنبوة،(…)إنها اللحظة للتذكير بأن”تَنبّأ”و”هذى”هما كلمة واحدة وحيدة في الكتاب المقدس. الشطح [=طرانس]الكامل وإلى حد ما الدائم.وهو غالباً يُستثار بالمحاكاة، بالموسيقى أو بالرقص.(…)الشطح يشتمل على هياج عصبي وينتهي غالباً بنوم عميق وفقدان للذاكرة.بين شطح شاؤل ووحي داوود، توجد مجموعة من الحالات ُدرست جيداً:يقدم داوود مثلاً جيداً للشطح الرصين، عندما كان يرقص أمام تابوت العهد.لقد أثار سُخط زوجته،ميكال، لأنه كان يرقص عارياً”دائراً على نفسه بكل قوته”، كدرويش دوار.داوود كان يبحث برقصته المتحكّم فيها عن الوحي الشعري.ما يقوله أفلاطون عن الحماس الديني،مشابه تماماً.الكلمة نفسها تشير إلى المس الإلهي.الاكستاز يمكن تنزيله بين الشطح الكامل(…)قريباً من الحلات السقيمة، والوحي بالمعنى الذي قصده أفلاطون.لكن الوحي فردي وإبداعي.أما الشطح فجماعي(…)غير إبداعي(…)(12) “.
الرؤيا النبوية أو الأونيريزم، كمحرر للمخيلة.لا شيء أكثر توضيحاً للمفهوم الطبي النفسي أو أونيريزم (12).الانقلاب الإنفعالي الذي يحدثه الوجد”الإكستاز”يكتسح الوعي ويتركه عائماً في حالة وسيطة، بين النوم واليقظة،وهو ما يُنتج بالتحديد انتاجات المخيلة(…)مهزوزاً اكثر من اللازم لكي أسمع، ومضطرباً أكثر من اللازم،لكي أرى”،كما تقول آية إشعيا.لأن إظلام الحواس تُحضّر وتبشر بالرؤيا.عديد من الأنبياء عبروا عن القلق الذي يستولي عليهم في هذه اللحظة،التي يسقط فيها الوعي الواضح، وحيث يصبحون ممزقين بين الظلام والنور.دانيال،اشتكى من رؤياه: “بقيت مريضاً لعدة أيام ومازلت،من دون أن أفهم سر ذلك”؛ حزيقال، الأكثر مرضاً من الجميع، تعتريه حالات من الشلل والصمت.”الانتقال بيد يهواه مكلف جداً،مؤلم مثل الولادة”.
الأونيرزم ، هي حلم هاذي يخرج بقوة من نور الوعي الخافت.يمكن أن ُنكون عنه فكرة من الصور النعاسية،اللواتي يعرفهن كثير منا، بشكل طبيعي عندما يكون على حافة النوم. في الأونيريزم، التجربة تستمر طويلاً بما فيه الكفاية،حتى تنتظم الصور في رؤى،مع كثافة دراما ملأى بالإنفعالات. في تسلسل يسمح بروايتها في ُرؤى.المريض يعيش اقتحام عالمه الخيالي،كعملية خلع لباب وعيه،من منتجات مسرحية لا يتعرّف على نفسه فيها،فينسبها لقوة خارجية.هنا نلتقي بما يقوله رودس عن التجربة النبوية:”إقتحام قوة غريبة لكائن بشري”.
نتعرّف هنا أيضاً على موديل الإكستاز عند جميع المتصوفة وجميع الُملهَمين [= الأنبياء،الشعراء والمتصوفة]في جميع الثقافات:عنف خلع باب الوعي،صدمة الفرد الذي يلعب،بكل غرابة،دوراً سلبياً في المغامرة:”يهواه أخذني من وراء القطيع،كما قال عاموس،وإليكم ما أراني يهواه:”لقد عنفّتني”، كما قال جرميا،الذي هو أكثر وضوحاً من الجميع في هذه النقطة.ينبغي قراءة الإصحاح 20 لجرميا، اعتراف حقيقي لنبي: “كان يهواه كنار تلتهم قلبي”. النبي لا يستطيع الإحتفاظ بالرسالة التي تخترقه، آتية من الخارج(…)فكر النبي يعبر عن نفسه، عبر الرؤى،أو يمتد بين الرؤى.والرؤى ليست متواترة جداً، 5 أو 6 عند إشعيا أو حزيقال.لكن الطابع النبوي يظهر في المضمون الشعري للكلمات، اللواتي هشّمتهن أحياناً الإنفعالات،وأحياناً ينمو كلوحة جدارية أو كخطاب محموم.
الطابع الفردي يظهر في الأسلوب:السحر الساذج عند عاموس؛الشعر الغنائي العظيم عند إشعيا؛ هز المشاعر عند إرميا؛ورتابة الجمل عند حزيقال،الذي يشرح مطولاً حكاياته…(…)دراسة الظاهرة النبوية يمكن الوقوف بها هنا بما هي ظاهرة.تُوجد إستمرارية بين طرانس[= تقريباً الشطح]المبتذل والإكستاز[= الوجد]الصوفي.لا وجود لعلاقة ملحوظة تفصل النبي الأكثر شهرة والمُلهم الأكثر خمولاً في”الهذيان المقدس”.إذن قد لا يكون مفيداً النقاش حول الطابع المرضي أو غير المرضي لحزيقال؛ أو اعتبارهم(…)مفكرين أعطوا شكلاً شعرياً متحمساً لصياغة حكمتهم.قامتهم الحقيقية وعبقريتهم، يظهران في المضمون، الذي أدخلوه في القالب العام لثقافة الشرق الأوسط في زمانهم:هذا المضمون هو الأونيريزم كمحرر للمخيلة.
بما هي مؤسسة على الأونيريزم ،يمكن للظاهرة النبوية أن تؤدي إلى نتائج قريبة من الحالة السقيمة، أو على الأقل، التي تعالت عليها بالإلهام الديني(…)الرحلة الروحية للشعب العبري،الذي حمله العمل التدريجي الذي مارسته الوحدانية على نفسها،هو الذي أعطى للنبوة،التي هي في حد ذاتها ظاهرة مبتذلة،قيمة حركة إكتشاف وتعميق ديني.
رودس،على حق،عندما كتب:قرن قبل كنفشيوس،قرنان قبل الشاعر اليوناني إيشيل،وعلى نحو أكثر جزماً من هؤلاء المصلحين أو المفكرين الدينيين،صرّح الأنبياء بأن الله يطلب طهارة الحياة وليس الأضاحي والقرابين.(…)أما الجنون،فيمكن القول،بأنه من دون الإلتصاق به ما كان لمثل هذا التحول أن يحدث(…)(13).
بولس الرسول،أول نبي اعترف بجنون الأنبياء،و أول من برّره ببراءة شاعرية:”الجنون في نظر الناس، هو الحكمة في نظر الله”.
نعم،يبدو أن الجنون والنبوة متلازمان.بل وربما العبقرية نفسها والجنون متلازمان أحياناً.أما المحللة النفسانية الفرنسية،فرنسواز دولطو،فترى:”يوجد بُعد اوطيسط،يسكن كل واحد منا”.والأوطيزم هو أقسى أنواع الجنون!.
الجنون ـ والجنون فنون ـ هو غالباَ ضريبة الموهبة.وقد لا ينجو منه حتى الإنسان العادي، ولو للحظات عابرة. يقول طبيب نفسي:”كل إنسان يمر مرة كل اسبوع على الأقل بلحظات جنون يطلق فيها العنان للهذيان.الطبيب النفسي فيليب برونو يؤكد:”إن تغير المزاج العنيف هو الذي قدّم لجميع هؤلاء الأفراد الموهوبين محرك الإبداع”.
هؤلاء الأشخاص لا يكادون يحصون، من إبراهام لينكولن إلى تشرشل مروراً بفان كوخ ونيتشه وجوته وروبير شومان ومعظم الفنانين والشعراء.
كان سقراط نبياً مهلوساً، يسمع الهواتف من السماء،يمشي في آثينا حافياً،ويغسل يومياً تماثيل المدينة من زق الحمام ،ويستوقف المارة في الشارع ليطرح عليهم أسئلة أبو الهول.
وهكذا فمؤسس الفلسفة وشهيدها كان نبياً مهلوساً! ولم يخطأ الدروز ولا الشهرستاني في “الملل والنحل”عندما اعترفوا بنبوته.
وقد يكون يونج، تحدث عن نفسه عندما كتب:”الجنون هو لُب المغامرة البشرية”،أي فاعل الحضارة البشرية. لكن “الجنون”يوجد في علاقة خاصة مع أحد مناطق الدماغ،تحديداً فص الصدغ الأيمن، وليس خارج الدماغ،كما يدعي، معذُوراً،كل مجنون.
أنبياء المسيحية:
يبدو أن المسيحية لم تعترف بختم النبوة.وهكذا ُفتحت أمام عديد الأنبياء،الذين كانوا تاريخياً هم جندي المسيحية المجهول،فهم الذين أسسوها طوال قرن،ولولاهم ما انتشرت المسيحية بين الجمهور العريض خاصة في القرن الأول.”ميّز بولص بين الأنبياء الذين يقولون كلاماً غير مفهوم،أي متشابه، والأنبياء الذين يتحدثون بكلام واضح(…)كان الرجال والنساء يتنبأون في الكنائس التي أسسها الرسول بولص(…)في كورنثه.النزاع الشهير حول الحجاب، الذي اندلع عندما قرر النبيات التوقف عن ارتداء الحجاب عندما كن يتنبأن”(14).
انتهت النبوة في المسيحية بعد قرن من تحول الكنيسة إلى مؤسسة؛اعتبرت المسيحية أن النبوة في إسرائيل خُتمت بعد يوحنا المعمدان،بفضل ميلاد المسيح ثم قيامه من القبر،كشهادة على قهر الموت وتأكيد القيامة بعد الموت،كما تأول ذلك رجال الدين.
القاسم المشترك بين الأنبياء،الوثنيين والموحدين،هو الهذيان والهلاوس،عبر الرؤى والأحلام لإنتاج الوحي.
وماذا عن نبي الإسلام؟
نبي الإسلام،لا يختلف نمط وحيه عن نمط وحي أنبياء الشرق القديم، في معبد عشتار،أو انبياء إسرائيل.الفرق الوحيد أننا نمتلك وثائق أكثر مصداقية عن كيفية تكون الوحي المحمدي:”بل قالوا أضغاث أحلام؛بل هو افتراه؛بل هو شاعر، فليأتنا بآية كما أُرسل الأولون”( الأنبياء 5).يفسرها الطبري: “قال بعضهم هو أهاويل رؤيا رآها في النوم؛وقال بعضهم هو فِرية إفتراه واختلقه من قبل نفسه؛وقال بعضهم:بل هو شاعر وهذا الذي جاءكم به شعر(…)”(انظر الطبري في تفسير هذه الآية).
باستثناء الافتراء،لأن الهلاوس لا مجال فيها للإفتراء،”التهم” الأخرى،من الحلم إلى الشعر صحيحة كما رأينا في الاستشهاد بالنفساني شارل بريسى أعلاه، وكما سنرى عند تحليل الهلاوس بعد قليل.
تؤكد الآية 27 من سورة الفتح أن نبي الإسلام، يوحى إليه كأنبياء إسرائيل،بالرؤيا:”لقد صدق رسول الله الرؤيا بالحق:لتدخلن المسجد الحرام(…)”.
القرآن لم يوضح كيفية لقاء جبريل، بنبي الإسلام،جبريل الذي هو في الواقع اسم مستعار لهلاوسه السمعية والبصرية والنفسية، سواء في صيغة قرآن، أو حديث قدسي أو مجرد همس في الأذن ينذره أو يبشره …، نجد في السنة تفاصيل عدة،لكن غيابها في القرآن يجعلها مصدراً ثانوياً لا يمكن الإطمئنان إليه، إلا إذا تطابق مع حقائق الطب النفسي.تحدثت السنة عن بُرحاء،أي آلام الوحي،مثل ُبرحاء الحمى.قدمت لنا السنة والسيرة توصيفات شتى لبرحاء الوحي، فسأنتقي منها واحدة:”لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله(…) فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة(…)”،دعى النبي صلى الله عليه وسلم زيداً(…)فقال له أكتب وخلف النبي ابن أم مكتوم:قال يا رسول الله إني ضرير فنزلت:”لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر(…)قال زيد:كنت إلى جنب رسول الله فغشيته السكينة [الغاشية هي ما أفقد الحس والحركة(المنجد)]،فوقعت فخذ رسول الله(ص)على فخذي،فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله،ثم سُرّي عنه[=أفاق من غشيته]فقال اكتب:غير ذوي الضرر(…)”
(انظر السيوطي “الدر المنثور في التفسير المأثور” النساء 95).
بُرحاء الوحي المحمدي كما وصفها زيد بدقة هي الـ “كاتالابسي” كما يشخصها الطب النفسي ويعرفها معجم روبير:”توقف كامل للحركة الإرادية للعضلات في حالتي الفُصام والتنويم المغناطيسي”. الكاتالابسي هي ما عاينه الباحثون الذين درسوا أنبياء ساحل العاج في السنوات 1970، مثلاً، أحد الأنبياء كان يتحدث بإيجابية عن إنجازات الرئيس هفوات بوانيي:”ثم فجأة سقط في الكاتالابسي”. (15).
تطابق برحاء الوحي مع الكاتالابسي، في الطب النفسي، تصحيح مزدوج لوهم المؤمنين،الذين يعتقدون بأن الوحي أتى من خارج النبي،من الله والحال أنه أتى من الدماغ، تحديداً من فص الصدغ الأيمن،وتصحيح أيضاً للذين، قالوا إن محمد مجرد مفتري، يختلق أي كلام ويسمّيه وحياً،والحال أن هذيانات وهلاوس الوحي قهرية لا حيلة له فيها. ومن هؤلاء المعري القائل:
ولا تحسب مقال الرُّسل حقاً / ولكن قول زُور سطّروه
وكان الناس في عيش رغيد / فجاؤوا بالمحال فكدّروه
ومازال الملحدون، أو الشكّاك المعاصرون، غير المستنيرين بحقائق علوم النفس، يعاملون الأنبياء بما هم كذبة، لا بما هم مهلوسون ُهذاة.
أنبياء ساحل العاج وأفريقيا:
يقدم انبياء ساحل العاج لوحة نفسية لا تكاد تختلف عن أنبياء الشرق الأوسط القديم،أو أنبياء إسرائيل أو نبي الإسلام،أو عن تشخيص النفساني شارل بريسى.
أنبياء ونبيات ساحل العاج يحبون بلادهم.وفي فترة الاستعمار، تبنوا شعار الحركة الوطنية:”ساحل العاج للعاجيين”.لكن رسالتهم ليست محلية،باستثناء نبي واحد حصر رسالته في قبيلته.أما الآخرون فرسالتهم كونية لـ:”الأسود والأبيض”؛وكنيستهم،ككنيسة الرسول بولص،هي”كنيسة جميع الأمم”.
هذيان النبوة قوى عندهم جميعاً.غداة الإستقلال، حقق ساحل العاج “معجزة”تنموية.لكن المعجزة سرعان ما تبخرت،بسبب تحكيم الإرادوية السياسية في المسارات الاقتصادية الموضوعية،وعدم صنع القرار الإقتصادي بالعلم.لكن الأنبياء أعادوا السبب إلى”اعتناق ساحل العاج لدين الشيطان”،الذي عاث فيه فساداً، فنشر الزنا واللواط والرشوة…إلخ.ولن تعود لساحل العاج معجزته،حسب نبؤتهم، إلا إذا عاد مجدداً واعتنق “دين الله”،أي”الدولة المسيحية التي تجمع بين الدين والسياسة”.
رسالاتهم، كرسالات أسلافهم الأنبياء، مسكونة بالتشابه والتناقض:يدعون جميعاً إلى المصالحة الوطنية كخلاص من النزاعات الطائفية.لكن كيف تقوم للمصالحة الوطنية قائمة،بين المسيحيين والمسلمين والإحيائيين[= عبدة الشجر والحجر مثلاً] في ظل” الدولة المسيحية”،التي لا يرون خلاصاً لساحل العاج، من دين الشيطان إلا بها؟.
وحده الرئيس هوفوات، الذي يعتبرونه نبياً مثلهم،أسس دولة علمانية لجميع مواطنيها دون استثناء.
واليوم أيضاً استطاع أول رئيس مسلم علماني،الحسن وطارا،لهذا البلد الذي مر بحرب أهلية،ان يساعده على إسترداد عافيته بعد عامين من رئاسته،وأن يشرع في تنفيذ مشروع مجتمعي طموح ومدروس يضاعف الدخل القومي خلال عقد ويخفض الزيادة السكانية في الوقت نفسه إلى أدنى المستويات الممكنة. تحقق هذا الإنجاز التاريخي، 8.5% نمو اقتصادي سنوي منذ سنتين، بفضل قيادة جماعية قديرة،ُكفأة وعلمانية؛نجحت في تحقيق مصالحة وطنية شاملة وفورية بين جميع نخب البلاد المسيحية،الإسلامية والوثنية.فغدا بذلك ساحل العاج الجديد قدوة حسنة لشرق إفريقيا وغربها وجنوبها وشمالها.
آخر نبي من أنبياء ساحل العاج مات سنة 2009.
سأقدم هنا مقتطفات من كتاب الإخصائي الفرنسي في الإنثروبولوجيا، ج.ب.دوزون (ج.ب.دوزون في كتابه”قضية الأنبياء:سياسة ودين في إفريقيا المعاصرة”).
“لا وجود للظاهرة النبوية من دون أفراد أقوياء، ومن دون شخصيات خارجة عن المألوف،تمتلك في وقت واحد القدرة على التخيّل،وعلى الخطابة وعلى التصرف، والذين غالباً ما يكوّنون جماعة دينية (…)ويجمعون حولهم كوكبة كاملة من الحواريين والأصحاب(…) لتهيئة أماكن عبادة،لفرض احترام الضوابط والشعائر(…)قياساً على تحليلات ماكس فيبير لشخصية النبي، فإن الظاهرة النبوية في ساحل العاج، وبشكل أوسع،في إفريقيا،لا تقدم شيئاً جديداً عن تحاليل ماكس فيبير لشخصية النبي”(16)عبر التاريخ.
لماذا لا يختلف أنبياء ساحل العاج وأنبياء أمريكا اللاتينية المعاصرون عن شخصية النبي في آشور، أو النبي في إسرائيل أو نبي الإسلام؟ لأن “هذيان التأثير، أي هذيان النبوة” كما يشخصه، الطب النفسي، هو واحد عند جميع الأنبياء: الهلاوس كميكانزمات والهذيان كعرض.
كيف يدخل أنبياء ساحل العاج وافريقيا إلى “حلقة الأنبياء”؟ يجيب دوزون: “فقط عندما يقول النبي (…) أنه عرف حدثاً أو أحداثاً طارئة وحاسمة في حياته، لحظات وحي مرادفة للجنون” (17): “عندئذ يحق له أن يمتلك لقب نبي يتمتع بسلطة خارج المألوف(…)مثلاً النبي كوكا هنبا، أو كودو (…)عند كوكا هبنا(…)كل شيء، بما في ذلك ولادته على صندوق قمامة،ومع كودو،الحدث الحاسم حصل عندما كان مراهقاً،فتملكته روح أخيه الأكبر المتوفى”(…):”وكلهم،خاصة إذا تكاثر مستمعوهم، مقتنعون بأن نبوتهم يقين لا شك فيه،ولكنهم يملكون قدرة فائقة على الإيحاء والإيحاء الذاتي، والمؤشرات التي يقدمونها قابلة لأوسع التآويل”(نفس المصدر ص ص 191،192).كما في الكتاب المقدس أو القرآن أو مصاحف الفيدا الهندوسية الأربعة …إلخ(18)،النصوص الدينية العالمية قابلة جميعاً”لأوسع التآويل”، لإفتقادها للوحدة العضوية الداخلية،كما يقول المحلل النفساني الفرنسي دانيال سيبوني،لإفتقادها للتماسك المنطقي،لأنها صادرة عن أنبياء ذوي شخصية نفسية غالباً مفككة ووعي غالباً متفسخ.
:”أنبياء إفريقيا وساحل العاج،كما يقول كتاب”قضية الأنبياء”،معظمهم من أصول اجتماعية متواضعة، ولم يُحظوا بتكوين ثقافي عميق إلا نادراً، وفي أحيان كثيرة لم يُحظوا بأي تكوين.لكنهم خطباء مقنعون (…)جبريل أيضاً لم يغب عنهم،النبي”هاريس”،قال أن الملاك جبريل زاره خلال سجنه ومحنته في مونورفيا ونصّبه في السجن نبياً”.(19).
“أنبياء الشرق الأوسط القديم،وأنبياء إسرائيل الكبار،كانوا يُساقون إلى النبوة بقوة خفية،بنداء داخلي” (20).بالمثل،كانت هذه هي حالة نبي الإسلام،الذي ظنّ بنفسه الجنون عند أول هلوسة عبرت عن نفسها في زيارة جبريل له؛كذلك أنبياء ساحل العاج وإفريقيا، يؤكدون بأنهم قاوموا طويلاً نداءات الرؤى الإلهية ولم يستسلموا إلا بعد نداء رباني صارم”(21).فرضها عليهم فرضاً.وهذه أيضاً حالة نبي الإسلام، الذي كان يضيق صدره بالقرآن،القرآن الذي فرضه عليه “هذيان التأثير” غصباً عنه:”إن الذي فرض عليك القرآن(…)”(85 القصص).
السيرة والسنة، يخبراننا بأن محمد ظهرت عليه ملامح النبوة قبل إعلان نبوته، وكذلك يخبرنا أنبياء ساحل العاج وإفريقيا:”أنهم رأوا مقدمات النبوة قبل أن يصبحوا أنبياء”(22).
فماذا يعني ذلك؟ أن الله دخل في رأس النبي، وامتلك فكره، وغدا يوجهه حسب مشيئته.لذلك كان يقول الآشوريون عن النبي:”امتلكته الآلهة”،هذا الإمتلاك،يسميه الطب النفسي:”أفكار التأثير”، أو:”هذيان التأثير”أو”هذيان النبوة”،الصادرة جميعاً عن الدماغ البشري.
وكنبي الإسلام،اتهمهم مواطنوهم بـ “السحر”و بـ”الجنون”،لحظة قطيعتهم مع ماضيهم”الجاهلي”؛ وبدأت نبوتهم:”بمشهد وحي تتنزل عليهم فيه الآيات”.(23).وكالأنبياء السابقين يعلنون:عودة الأسلاف،عودة الأموات الوشيكة من قبورهم”،وفي الوقت ذاته حدوث فترة فوضى [=جهنم؟] تسبق رحيل البيض وظهور عهد”الرخاء” [=الجنة؟]”(24).
أنبياء أمريكا اللاتينية
أنبياء أمريكا اللاتينية، سواء من اصول أوربية أو أصول هندية،لايختلفون عن أنبياء ساحل العاج، وطبعاً عن أسلافهم الأنبياء على مر العصور:منذ أنبياء بابل في القرن 18 ق.م. إليهم هم أنفسهم،مروراً بالباقين.
يتضح من العرض الثري،الذي قدمه عنهم كتاب جماعي،تحت اشراف أندريا فوشيز(25):”الأنبياء والنبوة”.
المناطق والطبقات الاجتماعية،التي تزدهر فيها النبوة في أمريكا اللاتينية،تشبه المناطق والطبقات التي تنتشر فيها حركات أقصى اليمن الإسلامي في أرض الإسلام؛هي المناطق والطبقات الفصامية،أي المفصومة والمشطورة إلى شطرين:الغنى الفاحش في شطر، والفقر الفاحش في الشطر الآخر،السلطة والثروة والتعليم والحداثة وتحديد النسل، في شطر،والبؤس المادي والأمية والجهل والتخلف والقدامة والإنفجار السكاني، في الشطر الآخر؛الحداثة والعلمانية في شطر، والعصور الوسطى وموكب خرافاتها الدينية في الشطر الأخر.،كما يقول الكتاب كخلاصة لأبحاثه.
“أنبياء البرازيل،كما برهن على ذلك الباحث قيروز،ليسوا محررين لشعب مقهور،بل معيدون للنظام الاجتماعي التقليدي،الذي شوشه انتشار الحداثة الاقتصادية والسياسية.نعثر أيضاً على هذه الخاصية في حركتين أخريتين نبويتين في المكسيك والبيرو(…)وُلدتا تحت تأثير الانفجار الديمغرافي”.(26).أليس هذا ما يجري أمام عيوننا في مصر وتونس؟.
أنبياء أمريكا اللاتينية هم أيضاً،كالغالبية الساحقة من أنبياء ساحل العاج وافريقيا،من أصل متواضع: “كنيسة مملكة الله، أسسها في 1997 في ريودوجانيرو، النبي ايديرمايدو،وهو موظف صغير في اليانصيب؛أصبح اليوم الرئيس الروحي لمنظمة متعددة الجنسيات تضم حوالي 3 ملايين عضو”(27).
كالعادة،الحكومات والمؤسسات التي لا تصنع قرارها بالعلم لا تنتبه لحركة التاريخ، التي تدور أمام ناظريها. وهذا ما حدث لمؤسسة الكنيسة الرسمية في أمريكا اللاتينية:”الكنيسة الكاثوليكية، أخذتها هذه المنافسة المفاجئة بغتة وهي لا تشعر”.(28).”حسب البلدان،10 إلى 20 % من السكان انضموا لهؤلاء الأنبياء(…)المعتقدات الساذجة في المعجزة،المفرطة في الخرافي، وغير المسبوق وتحويل أحداث طبيعية إلى أحداث فوق طبيعية،تبيض وتفرخ جميعاً في المناطق والطبقات التقليدية،نعثر فيها على موضوعات أخروية، مثل نهاية العالم وانتظار مملكة الله على الأرض [=الجنة] والمهدي المنتظر،وهي موضوعات خاصة بالحركات المهدوية في العالم الثالث”.(29).
يبدو أن نبيين أبيضين أمريكيين شماليين،وليم ميلر و جوزيف سميث، لم يجدا عدداً كافياً يصدقهما من سكان أمريكا الشمالية الحديثة والعلمانية والغنية، فهاجرا إلى مناطق الهنود الحمر، في أمريكا الشمالية، حيث وجدا الجمهور الساذج الذي يبحثان عنه، فأصبحا نبيين معروفين ومعترفاً بهما وبلّغاه الرسالة، التي ينتظرها:”نهاية العالم اقتربت”(30).
واضح من هذا العرض المقتضب لنماذج من الأنبياء منذ 4 آلاف عام إلى اليوم،أن الأنبياء جميعاً يكابدون هذيان النبوة،أي هذيان التأثير الصوفي،الذي ُيخيّل للهاذي الديني أن قوة،غالباً إلاهية،قد تسللت إلى دماغه، لتوجه سلوكه وفكره باستقلال عن إرادته.لم يعد يتصرف في نفسه،بل اصبح الله هو الذي يتصرف فيه،وفضلاً عن ذلك ليس فيه هو وحده بل في الجميع:”وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين”(29،التكوير).هذيان التأثير أعم من هذيان النبوة،ويمكن أن يتجلى في حالات بسيكو باثولوجية،نفسية مرضية،مختلفة،سواء على نحو متقطع أو مزمن.موضوعات الهذيان،في هذيان النبوة، دينية وخاصة هذيان نهاية العالم.
حركات أقصى اليمين الإسلامي هي،في العمق،حركات نبوية.معظم زعمائها ـ أنبيائها مهلوسين هاذين؛ويؤمنون بصدق هذيانهم،شعاراتهم ووعودهم الدنيوية والأخروية خيالية،ومع ذلك يجد هؤلاء الأنبياء جموعاً ساذجة تصدقهم ولو إلى حين:كثيرون جداً من الذين صوتوا، في انتخابات ما بعد “الربيع العربي”،لأقصى اليمين الإسلامي في تونس ومصر،فعلوا ذلك غالباً بتوجيه من أئمة المساجد للحصول على بسبور لدخول الجنة!.
التنمية الاقتصادية، والتوعية الثقافية ونزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني، وإصلاح التعليم، صناعة القرار وأخيراً إصلاح الإسلام هن المدخل إلى الحداثة والعلمانية، لوضع نهاية للطبعة الأخيرة من الأنبياء”مرشدي” أقصى اليمين الإسلامي.
“والحداثة والعلمانية هما ترياق النبوة” كما يلاحظ مؤلفو الكتاب.
مراجع الفصل الثاني
1 ـ تاريخ الأفكار الدينية ج.1 ص 322.
2 ـ الكتاب المقدس ص 1550 دار الشروق ـ بيروت.
3 ـ روبير أشارد،في موسوعة يونوفيرساليس،في مادة أنبياء إسرائيل.
4 ـ فرنسوا جوأناس،استاذ التاريخ القديم في جامعة باريس 1، في كتاب من هو النبي؟ ص 25 ،في الفصلية لوموند دو لابيبيل.
5 ـ جون لوك بوتييه،في كتاب من هو النبي؟ص 20 ، لوموند دو لابيبل.
6 ـ نفس المصدر ص 32.
7 ـ نفس المصدر والصفحة.
8ـ جون بوتييه،نفس المصدر ص 20 .
9 ـ نفس المصدر والصفحة .
10 ـ نفس المصدر ص 7 .
11 ـ النبي امتصه الحكيم، ه.كوزيس من هو النبي ص 19 .
12 ـ نفس المصدر ص 20 .
13 ـالأونيريزم نشاط ذهني، يشبه الحلم،لكنه يحدث خارج النوم؛قوامه رؤى،وغالباً يحدث بعد حادث صرع مثلاً.
14 ـ شارل بريسى،فيزاج دو لابسيكيترى ص ص من 88 إلى 94 .
15 ـ لو نوفيل اوبسرفاتير، 7.2.2013 .
16 ـ د.مارجير،أستاذ العهد الجديد جامعة لوزان نفس المصدر ص 27 .
17 ـ ب. دوزون،في كتابه،قضية الأنبياء،السياسة والدين في افريقيا المعاصرة ص 12،دار سوي 1995.
18 ـ المرجع السابق ص 191 .
18 ـ نفس المصدر ص 191 .
20 ـ بالمناسبة قرأت في مقدمة لإحدى الطبعات الفرنسية، لمصاحف الفيدا البرهمية المقدسة، استشهاداً بـ 3 آيات قرآنية، لإثبات أن القرآن هو أيضاً يعترف بتناسخ الأرواح التي تقول بها الهندوسية:”(…)وكنتم امواتاً فأحياكم، ثم يميتكم،ثم يحييكم(…)(28 البقرة).
21 ـ نفس المصدر ص 194 .
22ـ يونفرساليس مصدر سابق .
23 ـ كتاب قضية الأنبياء ص 195 .
24 ـ نفس المصدر نفس الصفحة .
25 ـ نفس المصدر ص 197 .
26 ـ نفس المصدر والصفحة .
27 ـ اندرية فوشير ،الأنبياء والنبوة، 475 صفحة،دار سوي، 2000 باريس.
28 ـ نفس المصدر ص 404 .
29ـ نفس المصدر ص 108 .
30 ـ نفس المصدر والصفحة .
31 ـ نفس المصدر ص 409 .
32 ـ نفس المصدر ص 424 .