وفاء سلطان
تزعم أسطورة صينية بأن غولاً كبيراً تربع على قمة جبل وتربّص بقرية هادئة وديعة تغفو على سفحه. كلما خرج إنسان من بيته قاصداً عمله، كان هذا الغول يزمجر من عليائه فيلقي الرعب في قلبه ويرده على عقبيه. أخيراً، تحولت القرية بكاملها إلى وكرٍ حَشرَ الناسُ أنفسهم فيهِ يقتلهم خوفهم وجبنهم، وينهشهم جوعهم ومرضهم. كان زعيم القرية شيخاً مســناً جباناً لم يُؤتَ من الحكمة قدراً ولا من العلم نذراً. ولما عجز عن مواجهة الأمر لجأ إلى ساحرة تعيش في أحد الكهوف أملاً في أن يجد لديها حلاً.
قالت الساحرة: آتني برجلين منكم كي أجعل منهما غولين عندئذٍ يصبح بمقدورهما أن يتحديا ذلك الغول، ولكن لن أخفي عنك سراً، إن باستطاعتي أن أحوّل الإنسان إلى غول لكنني لا أستطيع أن أفعل العكس، إذ ليس بمقدوري أن أجعل من الغول إنساناً!
في الصباح الباكر، توجه شابان شجاعان إلى كهف الساحرة. ونامتِ القرية على زمجرة غول لتستيقظ على هدير غولين!!
في العدد 303 من صحيفة العالم العربي الصادرة في لوس أنجلوس كتب الشيخ بلال حلاق في سياق رده على سؤال: “بعض الناس وهم على غير الإسلام يكرمون الضيف ويغيثون الملهوفين، هؤلاء إن أسلموا يُكتب لهم حسناتهم التي يعملونها بعد إسلامهم وأعمال الخير التي كانوا يعملونها وهم على الكفر كالصدقة وقرى الضيف وإغاثة الملهوف والإحسان إلى الأرامل. أما إن لم يسلم فمهما كان يرحم المساكين ويغيث الملهوفين ويعطف على الأيتام فليس له شيء، فمن قال إنّ له ثواباً يكفر لأنه كذّب القرآن.”
تعالوا نتخيل معاً رجلاً وضع في الفناء الخلفي لحديقة بيته برميلاً كبيراً لجمع القمامة، وكلما عثر في بيته أو في حديقته الأمامية على نفاية تشوّه جماله أو تلوّث نظافته، أخذها وألقاها في ذلك البرميل. قضى حياته يجمع قاذوراته دون أن يفكر يوماً بالتخلص منها أو أن يسمح لعامل التنظيفات بتفريغ البرميل. النفايات ستتراكم وتتخمر؛ ستنمو عليها الجراثيم والفطور فتنشر في الجو سموماً تعود لتدخل بيته من خلال النوافذ لتتسرب عبر الهواء إلى رئتيه ومن ثم إلى جسده كله.
يُنهك المرض جسد ذلك الإنسان ويشـلّه دون أن يدرك أنه قد حفر قبره بيديه!
ينطبق هذا المثال تماماً على الصحة النفسية والعقلية للإنسـان، حيث أن للعقل (القوى العليا الضابطة) حيّزان: حيّز الوعي وهو الحديقة الأمامية للبيت، وحيّز اللاوعي وهو الفناء الخلفي.
تستمد أية فكرة شرعيتها ومنطقها من قابليتها للتطبيق العملي والآثار الإيجابية لهذا التطبيق. عندما يتبنى الإنسان فكرة ـ أية فكرة ـ ويؤمن بها في ساحة وعيه، يحاول جاهداً تطبيق تلك الفكرة على واقعه، وعندما يستحيل هذا التطبيق لكون تلك الفكرة وهمية غير منطقية، يبدأ آنذاك الصراع في حيّز الوعي، صراعٌ لا يجد الإنسان له حلاً إلا بقلع تلك الفكرة من حديقة بيته الأمامية (حيّز وعيه) ثم إلقائها في حيّز اللاوعي (برميل القمامة في حديقته الخلفية) وتركهـا هناك.
هو ينســاها، لكنّهــا لا تنســاه إذ تعود عاجلاً أم آجلاً إلى حيّز وعيه على شكل ضغوط وأمراض نفسية لتخرب جهازه العقلي فتحوّله إلى مريض منهكٍ عاجزٍ عن فهم وضعه وما آلت إليه حالته!
عندما يزرع الشيخ بلال وأمثاله في عقل الطفل المسلم منذ نعومة أظفاره بأن الله لا يقبل صدقة أو إغاثة حتى ولو كانت لامرأة أرملة أو طفل يتيم لأنها صدرت عن إنسان غير مسلم، ما الذي يحدث؟!!
يكبر هذا الطفل ليصبح رجلاً ملتزماً بدينه وتعليمات شيخه!. يتطلّب التزامه الديني (كأي رجل ملتزم بدينه) أن يرفض ما يرفضه الله.
هنا يبدأ الصراع!.. كيف يرفض إغاثــةً من غير مســلم بينما هو يعيش عمليـاً على تلك الإغاثة؟!!.. أكله، شــرابه، لباسـه، دواؤه، لقاحاتــه، أســلحته، كتبــه، معدّاتــه.. كلهـا مصنوعة بأيد غير مســلمة ولو رفضها لتــاهَ في الصحراء لا يجد ناقة يمتطيهــا ولا خيمة يأوي إليها!
لا يحمّل الله نفسـاً إلا وسـعها، لذلك لا يمكن أن يفرض سبحانه على مخلوق فكرة غير قابلةٍ للتطبيق الحياتي، وبالتالي فاقدة لشرعيتها ومنطقيتها، كي لا يشرخ عقل الإنسان ويفقده منطقه وصوابه. أمّا أن يقنع الله أتباعَ دينٍ بأنه لا يقبل عملاً خيّراً إلا منهم ثم يضعهم في حالة مزرية يحتاجون فيها إلى كل عمل خير من غيرهم فلا شكّ بأنه أمرُ يتعارض مع عدله وحكمته!!
كيف يستطيع مؤمن أن يقبل ما يرفضه الله؟!
“ســالك” طبيب يهودي أوجد لقاحاً ضد شلل الأطفال وحرر البشرية من براثن هذا المرض الخطير. لا يوجد مسلم في العالم إلا وتجري في عروقه جرعة من هذا اللقاح. لا يوجد بلد إسلامي في العالم يحضّر هذا اللقاح في مخابره؛ يصل إلينا جاهزاً ومجاناً من منظمة الصحة العالمية. لو رفضنا تلك الإغاثة باعتبارها من مصدر غير إسلامي، ناهيكم عن غيره من اللقاحات والأدوية، لحصدتنا الحمى الصفراء والجدري والطاعون والجذام وشلل الأطفال وغيرها..
طرحُ الشيخ بلال لا يقتصر على تلك الخطورة بل يتعداها ليصبح إرهاباً يشلّ عقل المسلم وقوى تفكيره عندما يقول: “ومن قال أن إنّ له ثواباً يكفرُ لأنه كذّب القرآن”!
يتّخذ القرآن ذريعة كي يُثبتً صحة ادّعاءاته دون أن يشرح بالتفصيل في أيّة آيةِ وردت هذه الفكرة. إنه يدرك من خلال النظام العقائدي والتربوي القمعي السائد في البلاد الإسلامية بأن على المسلم أن ينفّذ دون أن يعترض ويُقاد دون أن يفكّر. لذلك، وبسهولة متناهية، يقحم القرآن في حديثه كي يفوّت على كل مسلم الفرصة كي يفكّر، أو يشكّ، أو يتساءل. هنا يزداد الإنسـان صراعاً مع نفسه ويختنق برميل قمامته بقاذورات رماها فيه هؤلاء السحرة لتعود بعد ذلك إلى حيّز وعيه بشكل ضغوط يعجز المسلم تحت وطأتها عن إقامة أية علاقة إنسانية ناجحة مع الطرف الآخر!
كيف سنثبت للعالم بأن الإسلام دين تسـامح؟!! هل يستطيع الشـيخ بلال أن يسامح جاره غير المسلم وهو يؤمن في قرارة نفسه أنّ الله لا يسامحه حتى ولو أغاث امرأة أرملة أو تصدّق على طفل يتيم؟!!.. هل يستطيع أن يقبل ما يقول هو نفسه بأنّ الله يرفضه؟.. هل يســتطيع أن يرفض ما يحتاج إليه؟!..
إن الصراع بين الرفض والقبول وحده يكفي لصدع عقل المسلم، فهل يمكن أن تُبنى أمة سليمةٌ معافاةٌ من أناس ذوي عقولٍ متصدّعة؟..
العالم اليوم يسعى لأن يكون عائلة واحدة، كل فردٍ فيها معنيّ بقبول الفرد الآخر، ولذلك يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى عقلائهم وحكمائهم ومفكريهم كي يسدّوا الطريق أمام هؤلاء السحرة وينقذوا الأمة من براثن غيلانها!
لنصغِ إلى خطبة الجمعة في أي بلدٍ إسلامي لا على التعيين، ماذا نسمع؟!
اللهمّ دمّر.. اللهم احرق.. اللهم اقتل.. اللهم رمّل.. اللهم يتِّم.. اللهم شـرِّد!.. ماذا يبقى لأمةٍ يتعســكر رجال دينها؟..
سـئِلَ بيكاسـو مرة: ما ســرُّ إبداعكَ؟ قال: قبل أن أهمّ بالدخول إلى مرسـمي أخلع جسدي على عتبته كما يخلع المسلم حذاءه على عتبة مسجده.
لم نعد بحاجة إلى خلع أحذيتنـا!.. علينا أن نخلع أجسادنا.. أحقادنا.. أسلحتنا.. وندخله مجردين إلا من أرواحنا!..
يخاطب شاعر أفغاني طفله بقوله:
“يا بني إنّ للحمام عيوناً جميلة..
“ولكن الصقور تملك السـماء..
“اقلع عينيك الجميلتين..
“وانبت لك مخالبــاً!”
ولنا أن نتصوّر مستقبل أمّةٍ تصبح بكاملهـا مفقوءة العيون حادة المخالب!..
ربّوا الصقـور!.. لا أحد يستطيع أن يلومكم على ذلك، ولكن اتركوا للحمام عيونه!!
شــاعرنا محمود درويش يحثنا بقصيدته الجميلة: “للطلقة في صدر فاشستي سأغنّي..”
لا، لن أغنّي.. قد أضطرُّ لأن أمزّق جسد عدوّي بالرصاص، ولكني قطعاً لن أغنّي لموته!!
كنا أطفالاً نتزاحم في المناسبات الوطنية كي نردد مع فهد بلان أغنيته: “ونشرب دم الغاصب شرب..”
أكثر من ثلاثة آلاف مواطن أمريكي لقوا حتفهم في عملية أيلول الإرهابية، فهل سمعنا طفلاً أمريكياً على شاشة التلفزيون، في البيت، في الشارع، أو في المدرسة يغني: ونشرب دم بن لادن شرب؟!.. طبعاً لا!..
قالها رامزفيلد وزير الدفاع الأمريكي ولم يقلها غيره.
ربّوا صقوراً حادة المخالب كرامزفيلد ـ لا أحد يمنعكم ـ ولكن اتركوا لأطفالنا عيونهم الجميلة!!
دانيال، شاب أمريكي من اصل أرجنتيني، وهو صديق عزيز جداً لابني مازن، التحق بالجيش فور تخرجه من الثانوية العامة. ما زلت أذكر ولن أنسى لقاءه الأول مع ابني بعد غياب طال أكثر من عام. منذ ذلك الحين ومازن يذهب إلى محطة القطار مرة كل أسبوع للقاء دانيال وهو في طريقه لقضاء عطلة الأسبوع مع أهله.
لاحظت مؤخراً فتوراً في العلاقات بين ابني ودانيال، فتوراً أثار حيرتي. لقد كان ابني يتأخر بالرد على الرسائل الصوتية التي كان دانيال يتركها له. بعد بضعة محاولات لمعرفة أسباب هذا الفتور قال مازن ونبرات صوته تعبر عن خيبة أمل: إنني أشعر بالأسف يا أماه. التحاق دانيال بالجيش قد جعل منه شخصاً مختلفاً كل الاختلاف. لقد تعسكر عقله. صار يقود سيارته بطريقة عسكرية. يأكل بطريقة عسكرية. باتت العلاقة معه صعبة. لأمريكا جيش قوي ومن حقها كما هو من حق كل أمة على سطح الأرض أن تجنّد بعد أبنائها لحماية وجودها وكيانها، ولكن كم سيكون حجم المأساة لو تحول كل طفل في المجتمع الأمريكي إلى دانيال؟!..
عندما فجرت فتاة فلسطينية يافعة نفسها أمام متجر يهودي، عثروا على رأسها في كومة بطيخ أمام المتجر وإحدى ساقيها في قسم اللحوم. لا يكفي الظلم وحده ـ مهما كان فظيعاً ـ أن يدفع الإنسان إلى قتل نفسه بتلك الطريقة الشنيعة وبمحض إرادته. وحدهم السحرة هم الذين يحولونه إلى غول!!
لا يستطيع الغول أن يميّز بين عدوه وجاره عندما يختلف لأقل الأسباب وأتفهها مع هذا الجار.
هل ميّز الغيلان في سوريا عندما اقتحموا مدرسة المدفعية وقتلوا مائتين من زملائهم؟..
هل ميّز الغيلان عندما فجروا سيارة مفخخة في حي الأزبكية بدمشق وأطبقوا بناية بكاملها فوق سكانها؟
هل ميّز الغيلان في صعيد مصر عندما اجتاحوا قرية الكشح وذبحوا واحداً وعشرين من العزّل الأبرياء؟
هل ميّزوا في الجزائر عندما بقروا بطون مائة ألف رجل وطفل وامرأة؟!
طبعاًً.. لم يكن مبررٌ لوحشيتهم سوى كونهم غيلان!
كنت يوماً في طريقي من مشفى حلب الجامعي ترافقني زميلتي الدكتورة سمر الشايب وهي سيدة محجبة خلوقة مهذبة عندما صادفنا على بوابة المستشفى طفلين يتراوح عمراهما بين السادسة والتاسعة، كان يقبض كل منهما بيده على عصفور حي وينتف ريشه باليد الأخرى والعصفوران يزقزقان ألماً يستجيران ولا من مجير.
أدرت ظهري من هول المنظر وغطيت وجهي بيدي بينما اقتربت سمر من الطفلين متوسلة: حرام عليكم يا أولاد!.. وجاءها الرد من كبيرهما فوراً: حرام عليك أنتِ أن تتجولي بين الرجال، عودي إلى بيتك وانقبري هنــاك!
تركتُ سمر تجادل الطفلين وأسرعتُ إلى أقرب موقف باص لقناعتي المطلقة بأنني لا أستطيع أن أحوّل الغول طفلاً!!
لا أعرف الآن مصير ذانك الطفلين لكني لن أستغرب إذا سمعت بأن أحدهما اقتحم بطائرة مدنية بناية تغص بالناس، والآخر ينط من كهف إلى كهفٍ في أفغانستان!
لا، لن أستغرب ذلك، ولكني سأستغرب إن قيل لي بأنهما إنسانان طبيعيان يعيشان حياة أسروية متوازنة نفسياً وعقلياً وفكرياً.
كنّا حديثي العهد في أمريكا عندما كان ابني مازن يركض ـ تشجعه أخته فرح في الحديقة العامة ويصيح بأعلى صوته: ماما أرجوك أن تعثري لي على حجر كبير كي أضرب تلك البطة وأكسر رجلها.
بعد مرور عامين على تواجدنا هنا، عثر الأطفال في حديقتنا على طائر ميت فأقاموا عليه مناحة. اضطررت وأباهم تحت ضغط حزنهم أن ندفن الطائر في حفرة صغيرة، وضعنا فوقها بعض الأزهار ثم وقفنا متشابكي الأيدي دقيقة صمت على روح الفقيد!
في أواسط الستينات كنت طفلة صغيرة وكانت حركة “فتح” قد ولدت لتوّها. طرح علينا المدرس سؤالاً: ماذا ستصبح في المستقبل؟.. وتعالى الصياح: فدائي.. فدائي.. فدائي..
لو ارتقى المعلم آنذاك بمستوى تفكيره قليلاً لأدرك خطورة المستقبل الذي كان ينتظرنا. لم يشأ أحد من الطلاب أن يصبح مزارعاً.. نسّـاجاً.. نجاراً.. خبازاً.. ممرضاً.. طبيباً.. معلماً.. مهندساً.. أو عامل تنظيفات. كبرنا وصرنا فدائيين (!!!) وها نحن نعيش المستقبل الذي انتظرناه.
ازدادت رقعة الأرض السليبة اتساعاً.. ازداد جهلنا، جوعنا، عرينا، فقرنا، مرضنا، وتشرذمنا. تحولنا جميعاً في أعين العالم إلى غيلان.
ما زال المعلم نفسه في كل مدرسة عبر وطننا المذبوح من الوريد إلى الوريد يطرح نفس السؤال ولكن دون أي جواب!
وما زال الشيخ بلال يكرر نفس الهراء دون أي احتجاج؟
ثلاثمائة مصلي جلسوا أمامه يوم عيد المولد النبوي.. هو يخيط وهم يلبسون.
لم يرتقِ أحد بينهم بمستوى تفكيره إلى حدّ السؤال!!
زرع قناص واشنطن في الأسابيع الأخيرة الرعب في قلوب الناس في عاصمة أقوى دولة في العالم.
لمدّة ثلاثة أسابيع والأطفال في المراحل الابتدائية محشورون كالسردين داخل صفوفهم دون أن يمارسوا أياً من نشاطاتهم. صرح ناطق باسم قطاع التعليم: ليس الخوف على حياتهم وحده هو الذي يدفعنا إلى إبقائهم داخل صفوفهم، بل الخوف أيضاً على عقولهم الغضة التي لا تستطيع استيعاب ما يجري من أعمال عنف في الخارج. نحاول قدر الإمكان أن نحوّل محور انتباههم ونُشغِلهم داخل الصف بقضايا تناسب أعمارهم ولا ترهق تفكيرهم.
في الذكرى السنوية الأولى لأحداث أيلول الإرهابية، نصح المختصون التربويون والنفسيون وسائل الإعلام بأن تقلل من عرض مناظر تلك الأحداث خوفاً على الصحة النفسية والعقلية للأطفال والتي أكدت الدراسات أنها تأثرت كثيراً تحت ضغط هذه المشاهد في العام الفائت.
اجتاحت مجموعة من الشيشان مدججة بالأسلحة والمتفجرات مسرحاً في موسكو الأسبوع الماضي وهددت بقتل أكثر من ثمانمائة شخص جاؤوا للاستمتاع بالموسيقى والغناء.
سلموا مفاوضيهم رسالة تقول: نقسم بالله العظيم أننا نحب الموت أكثر مما تحبون الحياة!..
ما الحكمة في أن نحبّ الموت؟.. لا يستطيع إنســانٌ أن يصل إلى قناعة بأن الموت أفضل من الحياة لو لم يمر يوماً في طريقه من طفولته إلى بلوغه على كهف الساحرة كي تعلمه كيف ينتف عصفوراً حياً ويكسر رجل بطة مسالمة، لينتهي بعد ذلك بتفجير طائرة للركاب أو اقتحام مسرح للغناء!!
لم يسئ أتباع دين في العالم إلى دينهم كما أساء المسلمون!.. بعضهم شوّه هذا الدين والبعض الآخر صمت حيال ذلك. والذين صمتوا ينقسمون بدورهم إلى فئتين: فئة صمتت لأنها تخاف وفئة صمتت لأنها تتفق مبدئياً مع الذين شوهوه، وكل من الفئتين مسؤول ومُدان!!
أصدرت السيدة كلينتون منذ عدة أعوام كتاباً بعنوان،
It Takes a Village
(نحتاج إلى قرية) أحدث ضجة في الأوساط الصحفية. عنوان الكتاب يعبّر عن محتواه وهو مأخوذ من مثل إفريقي يقول: نحتاج إلى قرية بكاملها كي نربّي طفلاً. يبدو أن السيدة كلينتون قد توصلت في كتابها إلى نصف الحقيقة إذ غاب عنها نصفها الآخر: ونحتاج إلى شيخ واحد كي نهدم قرية.
“صوتي ليس عورة. أشــكر الله أنه أجملُ هبةٍ منحتني إياها السماء!”
د. وفاء سلطان
نشرت في الناقد