في الواقع وفي الحقيقة المال يفسد أغلبية الناس وليس كل الناس, فقلة قليلة من الناس الذين لا يهتمون بالمال وإذا حصلوا على المال الكثير يبقوا أنقيا وأصحاء بدنيا وعقليا, ولكن الأغلبية الساحقة من الناس نجد أن المال يفسدهم وأول شيء يفعله المال وكثرته بالإنسان هو أنه أي المال يجبر الأغنياء أن يبتعدوا عن الله نهائيا, فطالما معهم المال يشعرون بأنهم سيحصلون بواسطة المال على أي شيء يرغبون به حتى الحب يظنون أنهم يشترونه بالمال إذا حصلوا على الجنس من ملكات الجمال بواسطة مالهم,وهنا تقع الفاجعة الكبيرة وهي أن الأغنياء لا يطلبون من الله شيئا ولا يرتجونه ولا في أي شيء لأن كل شيء يحصلون عليه من خزائنهم وبواسطة أموالهم المكدسة بالبنوك, وبهذا يساهم المال في الابتعاد عن الله أولا وثانيا يساهم المال في جلب أصدقاء المنفعة والسوء للإنسان الغني, فالإنسان الغني يبتعد عنه الناس الأنقى الذين لا يأبهون بالمال ويتقرب من الغني فقط الأشرار والمتسلقون كالطحالب, فيزينون له الوهم على أنه حقيقة ويمدحون صاحب المال بما ليس به من صفات وهذا في الواقع نعتبره أكبر عملية خداع وغش , والإنسان الذي يتمتع بصحبة قوية مع جمع المال لا يستطيع أن يكون مخلصا لله كما جاء في الإنجيل, فخادم السيدين إنسان فاشل, فلا يوجد إنسان على وجه الأرض يستطيع أن يخدم الله والمال في نفس الوقت ويخلص لهما في الخدمة ذلك أن المال يفسد الأغلبية الساحقة من الناس , ولا يستطيع خادم المال أن يخدم الله بشكل جيد طالما هو محبٌ للمال حبا جمّ.
الذي يملك مالا كثيرا أو أغلبية الذين يملكون مالا كثيرا نجد أن شعارهم(شو بدنا بألله) طبعا هم لا يقولونها مباشرة ولكن سلوكهم وابتعادهم عن الله لا يعني إلا ذلك, لذلك أغلبية الأغنياء الساحقة من المستحيل أن يدخلوا ملكوت الله حتى يدخل الجمل من خُلم إبره , أما الفقراء الودعاء أمثالي من الناس فدائما قريبون من الله ويذكرونه صبحا ومساء ويطلبون منه كل شيء, لذلك الفقراء أقرب إلى الله من الأغنياء, وهم بالدرجة الأولى لا يتحملون وزر غيرهم ولا يتحملون الآثام , فالغني يتحمل مسئولية الفقراء الجياع من الناس أما الفقير فليس لديه ما يقدمه للجياع من الناس لأنه لا يملك شيئا, أما الغني فإنه يملك الكثير الكثير من المال لذلك يعاقبه الله بسبب جوع غيره إذا لم يعطِ للفقراء من مال الله, والغني يعطيه الله المال بشكل مجاني ولا يعطي الفقراء من مال الله الذي حصل عليه مجانا من الله, فهنالك اعتقاد خاطئ من بعض الناس إذ يرون أنهم حصلوا على المال بسبب جهدهم أو ذكائهم أو شطارتهم وهذا اعتقاد خاطئ لأن هنالك الكثير من الناس الذين يتعبون أكثر منهم ومع ذلك فقراء, وأشطر منهم ومع ذلك فقراء, وأذكى منهم ومع ذلك فقراء, إذاً الأغنياء أغنياء ليس بسبب تعبهم وذكائهم بل أغنياء بالمجان لأن الله أعطاهم بالمجان, لذلك حين يمنعون المال عن الفقراء ولا يستخدمونه لمساعدة الفقراء يعاقبهم الله على ذلك الشيء ويخزيهم , ذلك أنهم ظنوا ظن السوء واعتقدوا أو يعتقدون بأنهم يحصلون على المال بسبب ذكائهم وشطارتهم ولا يدرون ولا يعلمون بأن الله أعطاهم المال بشكل مجاني ويجب أن يمنحوه لغيرهم من الفقراء بشكل مجاني أيضا, لذلك الفقراء سهل عليهم جدا أن يدخلوا ملكوت الرب وسهل عليهم أن يدخلوا جنة الله, ولكن من الصعب أن يدخل الأغنياء الجنة وملكوت الرب, وقلة قليلة هم من يدخلون ملكوت الله.
لا أحد يصبح غنيا بذكاءه وشطارته فأنا أعرف أناسا لا يفقهون شيئا بمهنتهم أو حتى بشهادتهم العلمية ومع ذلك أجدهم أغنياء جدا وأثرياء جدا ويعيشون عيشة الملوك والأباطرة والقياصرة, إذا الرزق ليس له علاقة بشطارة الإنسان وبذكائه وبالجهد الذي يبذله وإنما الثراء منحة من الله.
وأخيرا لا ينفع أصحاب المال مالهم يوم يأتيهم يوم الدينونة بل سيكون سببا لغضب الله عليهم, لذلك تمنوا ما تمناه إسماعيل ياسين الفنان المصري(أبو ضحكه جنان) أن يزيده الله فقرا وأن يغني الله أعداءه من الناس