من أي طينة انتم؟

سألني جاري البريطاني،وهو من اصل عربي، ماذا يحدث في بلادكم؟

حسبت انه يسأل عن اسباب التفجيرات وقتل الناس بالجملة ولكني سمعته يقول:

انا اسألك عن السرقات العلنية، شعبكم يرى اللصوص وهم يسرقون الملايين ولا يحرك ساكنا.

لم تمر علي لحظة خجل كما مرت مع هذا الجار.

ماذا يريد مني ان اقول له؟

هل اقول له ان شعبنا فرحان بممارسة طقوسه الدينية التي حرم منها لأكثر من 40 سنة؟

هل اقول له ان رؤية دم التطبير اقدس عنده من رؤية المليارات وهي تسرق امامه؟

هل اقول له ان شعبنا ينقسم الى 7 ملايين تحت خط الفقر و6 ملايين أمي واكثر من مليون امرأة ارملة وكلهم مغيبون ،كأنما تعاطوا “الهيروين المركز؟.

لا لن اقول له ذلك، بل سوف اقول له انه شعب خجول لايريد “الفضائح” والتظاهر ضد سلطة حرامية، انه شعب ذو كبرياء ولايريد ان يتنازل ويحتج من عدم وجود الكهرباء فهو لديه المولدات الاهلية،ولا الماء الصالح للشرب فهناك الاسواق العامة التي تبيع المياه المعدنية خصوصا الفرنسية منها،كما انه ليس معنيا بقانون البنى التحتية ولا فيضان المجاري ولا حتى فيضانات الامطار بل بالعكس ان هذه الفيضانات مكسب رزق للاولاد حين يساعدون كبار السن في عبور الشوارع لقاء بعض الدنانير.

من أي طينة هذا الشعب؟.

اتذكر قبل سنوات كيف ازاح الشعب الفليبيني الديكتاتور ماركوس من الحكم وتبرع العديد من الشباب “ليتمددوا على اسفلت الشوارع العامة ” لمنع دبابات العسكر من التحرك وسقط ماركوس ثم جاء الى الحكم استرادا ليحاكم الان بتهمة تحويل 80 مليون دولار من الاموال العامة وذلك بعد خمس سنوات على طرده من السلطة اثر تمرد شعبي دعمه الجيش.

وهاهو الشعب المصري مثال حي بات يعرفه الجميع.

هل صحيح مايقال عنكم انكم شعب ميت ولايفيد معكم حتى الضرب؟

لا اعتقد ذلك كما لااعتقد انكم احفاد البابليين والسومريين.

كل تظاهراتكم “خجولة” لأنكم تخافون بطش السلطة وكلما اردتم ان تحتجوا تقفز الى ذاكرتكم مآسي الايام الخوالي.

اكرر: من أي طينة هذا الشعب الذي لايعرف متى يموت وهل سيكون موته بالمفخخات ام بالسيارات المتفجرة ام بالانتحاريين ام..؟ ومع هذا فهو صامت مثل ابو الهول.

يقول قائلهم: والله ملينه، نستيقظ صباحا على انفجار ونذهب الى عملنا وسط انفجار ونعود الى البيت مع صوت انفجار.

خلال السنوات العشر الماضية استشهد اكثر من ربع مليون عراقي ودمائهم راحت هدرا لأن شعب العوراق العظيم يتمتع بكبرياء عالية جدا ولايريد ان يتنازل من اجل حفنة دم لأناس توفوا بالصدفة ولأنهم اصحاب حظوظ سيئة!!.

ابقوا على بهجتكم بممارسة طقوسكم واتركوا القوم يلعبون”شاطي باطي” بخزينة الدولة، فقد تعودتم الجوع والفقر والحرمان حتى ان الواحد منكم يصلي الى الله اكثر من 6 مرات في اليوم وربما لايغادر المسجد طول النهار او ربما طوال الليل.

فاصل نعل:وصف احد المقربين من شؤون محافظة البصرة ان الاوضاع صايره”بالنعل” بين اعضاء المجلس الاعلى ودولة القانون .

ولاندري بعد ذلك هل هذه النعل تم استيرادها من الجارة الكويت ام من الام العزيزة ايران.

فاصل اضافي:بوية رغد عباس مبروك عليك تعيينك مديرة الثقافة والاعلام في البصرة ولكن يكولون عندك بس شهادة ابتدائية/ صحيح؟؟.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.