اتصل بي أحد الأصدقاء وهو من الذين أعرفهم معرفة قريبة جدا وليست بالبعيدة ووجه لي دعوة لحضور مراسيم استقبال البابا فرنسيس في مدينة الحسين الطبية في –عمان-الأردن- طبعا وافقت وقبلت الدعوة وحضرت كافة المراسيم والصلوات وتكسير الخبز….إلخ, ومما لفت انتباهي شيء مضحك جدا ويبعث على السخرية وهو حين خطب البابا وقدم الصلوات وسمعت أيضا من الجوقة الموسيقية بعض الترانيم والتراتيل سخرت جدا من أسلوب الخطاب ولاحظت فرقا بين طبيعة الخطاب في مساجدنا نحن المسلمون وبين طبيعة الخطاب في إستاد عمان الدولي الذي يتسع لأكثر من 30ألف متفرج, فقلت لصديقي:
-والله يا أخي أنتم المسيحيون عجيبون جدا وغريبون جدا!!.
-وما يبعث على الغرابة يا أبو علي؟.
-يا رجل مش هيك عندنا أساليب الخطباء! في المساجد.
-كيف عندكم؟.
-يا أخي الموضوع عندنا مختلف جدا, أول شيء يجب على الخطيب أن لا يكون وجهه لا ضاحكا ولا مبتسما,وأيضا لا يقبل الأطفال ويحتضنهم إلا في حالة واحدة حين يتزوج الشيخ من طفلة صغيرة بعمر ال14 أربعطعشر سنه(أربعة عشر سنة), ثانيا ما فيش عندنا نساء وبنات عسل وموزات حلوه يحضرن القداس الديني, وبعدين ما فيش عندنا امرأة تختلط بالرجال,المرأة عندنا لا تساوي الرجل ولا في أي شيء, المرأة عندنا مدثرة من أخمص القدمين إلى أعلى القدمين, ثم أن الرجال عندكم مهذبون جدا, لم الحظ أي تحرش جنسي أو لفظي أو معني أو حتى أي تحرش لغوي, يعني الشباب مسيطرون على بعضهم, والنساء تظهر جميع محاسنهن أمامنا ولا أحد يلتفت إلى الموضوع نهائيا, يعني لو وحده من هذول المسيحيات فاتت على مسجد للصلاة صدق غير تصير عندنا مجزرة وقتل وذبح ولسوف تطير رقاب بعض الرجال, عدى عن الفوضى, ثم أن هنالك أمرا غريبا جدا, وهو أن جميع من كان في الحفل وفي القداس لم أسمع منه كلمة نابية, إحنا عندنا في المساجد لا يمكن أن يعتبر المصلون هذه الخطبة بخطبة, مطلقا, الخطبة أو القُداس عندنا يبدأ بالصلاة على النبي ثم يبدأ الخطيب بتوجيه المسبات والشتائم واللعن, والقذف وباتهام النساء الأحرار بالعهر, ثم سب وشتم جميع الطوائف الدينية, يعني عندنا إذا ما كانت الخطبة فيها سب ولعن وشتم لا يمكن أن نعتبرها خطبة أو درسا دينيا, يجب على الخطيب أمام جموع المصلين أن يثبت للمصلين بأنه شيخ دين حقيقي من خلال ترديده لكلمات مثل: الكفرة, النجس, اللوطيين, عليهم لعنة الله, اباليس, عكاريت, زناة, زنادقة, هراطقة, هذه الكلمات ومثلها الكثير الكثير هي الديباجة التي يزين فيها الخطيب خطبته, وهذه الاسطوانة هي التي تجعل الخطيب محبوبا من قبل كل المصلين, وبعدين بعد ما يطلع المصلون خارج المسجد ينفرد كل اثنان في زاوية أو على البنكيت أو على الرصيف أو أمام سيارته وهو يتحدث عن الشيخ, فبعد كل خطبة يبدأ الخبراء عندنا بتقييم الدرس والخطبة للشيخ فتجد الذي يلعن ويشتم ويسب يقال عنه: ما شاء الله عليه!!!!هذا الشيخ من الآخر, هذا الشيخ بستحيش من حدى نهائيا,يا عيني عليه كيف صار يحكي عن اللي بقعدوا يحضروا مسلسلات وأفلام بايخه,وكيف حكا عن النسوان اللي بلبسن ملابس ضيقة, ويا عيني عليه كيف صار يسب على اليهود والنصارى الأنجاس,ومن ثم يقسمون قائلين:والله هاظا الشيخ لازم كل جمعه نيجي ونصلي عنده,يا هيك الشيوخ لا بلاش, الشيخ ما شاء الله عليه اللهم صلي على النبي ما خلاش حدى غير سب عليه ولعن أخته, يا زلمه صدقني مش هيك الخطبة بتكون, هذا البابا تبعكوا ما سبش على حدى, ولم يشتم عريف الحفل في خطابه أحدا, ولم يلعن المسلمين ولا الهنود بل على العكس, طلب الرحمة والغفران لكل شعوب العالم, وراح البابا وتناول عشاء متقشف مع اللاجئين السوريين, البابا يدعو للمحبة وللسلام,صلى من أجل المتعبين ومن أجل اللاجئين ومن أجل المحرومين, وغمرتني أنا كلمات المحبة والسلام , وأخذتني الدهشة من طبيعة الحضور من البنات والأولاد ومن النساء والرجال , ولم يأمر البابا أحدا بحمل السلاح لنشر دينه وأفكاره ومعتقداته…, صحيح أن هنالك بعض الخلافات البسيطة بينه وبين البروتستنت, ولكن لم أسمعه يوجه كلمة نابية للبروتستنانت ولم أسمع من ابروتستنتي أي كلمة نابية بحق أي كاثوليكي, كنيسة عمرها 2000سنة لا بد وأن حصل فيها خلال كل تلك الفترة بعض الأخطاء, وهذا أدى إلى حروب بين البروتستنت والكاثوليك ولكنها إنتهت والكل نسي خلافه والكل آمن بحق كل إنسان في أن يمارس حريته الدينية بدون تشنجات عاطفية أو سياسية, أما نحن فأي نقطة خلاف تجعل البعض منا يحمل سلاحه ويشهره عاليا, ربما هذا هو السبب في عدم وجود إرهابيين مسيحيين, فأنا لم أسمع طوال حياتي عن إرهابي مسيحي فجر نفسه في مسجد أو على أبواب مسجد أو في سوق مزدحمة بالناس…يا أخي الدرس الديني أو الخُطبة الدينية عندنا مش هيك! عندنا لازم تشتعل لغة اللعن والسب والشتم والوعد والوعيد.
مواضيع ذات صلة: الاسلام هو الاعلام الأقوى في العالم