مغارة الأصنام

مغارة تعارف عليها الصيادنة باسم مغارة الأصنام محفورة في الصخر تحت دير صيدنايا الكبير في زاويته الشمالية الشرقية. عرفتها منذ نعومة اظفاري، كنا أطفالا يافعين نتسلق على الصخر وندخل اليها وشاهدنا قبورها الطويلة المحفورة في أرضها.
يتكلم بالتفصيل عليها أكثر وعن صيدنايا ومعابدها وأديارها وكنائسها وأوابدها الباحث ايوب سُميَّة في مقال له في مجلة الإيمان نشره في عام 1952، فيروي عن الأثار التي خلفها اليونان والرومان في هذه البلدة. فيقول الباحث عنهم: “إنهم لم يغيروا اسم صيدنايا بل استعملوه وتركوا فيها آثاراً خالدة جليلة. فقد رمموا معبد(دانابا) وجعلوه معبداً للشمس وهو مكان مقام الشاغورة اليوم، ونقروا تحته في الصخر باتجاه الشمال الشرقي ذلك الفراغ الكبير المتقن الذي يسميه العامة اليوم (مغارة الأصنام)؛ التي جعلوها مدفناً لكهنة المعبد ولبعض العيال الأشراف تيمناً بالمعبد على نحوِ مايعمل المسيحيون بالدفن قريباً من الكنائس. كانت مغارة الأصنام كما يسميها العامة في صيدنايا مقبرة فيها ستة وعشرون قبراً منحوتة نحتاً جيداً في أرضها الصخرية مختلفة الاتجاهات، وكان لكل قبر غطاء مؤلف من بلاطة واحدة تنزل في فرز يجعلها بسوية الأرض بحيث تصبح المغارة او المقبرة كأنها مبلطة.ولكن
هذه الأغطية كانت محفورة عليها صورة المتوفي وبعض النقوش والصور والكتابة اليونانية والحروف والرموز وهذه الأغطية

مفقودة كلها الآن. وعلو هذه المقبرة متران ونصف وبابها إلى ناحية الشرق بعلو متر ونصف بعرض متر وكان له مصراعان من حجر لا تزال مجاريها الأربعة ظاهرة منقورة في جانبي العتبتين العليا والسفلى. ولا يزال فرز الصخر في الجوانب الاربعة لغلق المصراعين موجوداً. وفوق الباب ثلاثة خروق (تجاويف)محفورة في الصخر كل منها بشكل محراب اعلاه نصف دائرة وبين الخرق والآخر يبقى الصخر بشكل عامود لطيف مزخرف ونصف الدائرة مؤلف من خطوط بديعة كبيرة وصغيرة نافرة ونازلة. وفي كل خرق من الخروق الثلاثة زوج من التماثيل المنحوتة من نفس الصخر
(الجداريات النافرة / Relieve)
لرجل وإمراة واقفين. وهؤلاء الستة من الأشراف الذين دفنوا في هذه المقبرة وفوق كل زوج من التماثيل الجدارية منقور شكل مؤلف من هالة من أشعة الشمس، وهذا الشكل يشير إلى عبادة وديانة المدفونين ورمز المعبد الموجود في أعلى التلة الصخرية، على نحو مايعمل المسيحيون اليوم بوضع إشارة الصليب على قبور موتاهم. وتماثيل هؤلاء الستة مفقودة الرؤوس والأيدي والأقدام ومهشمون تهشيماً كبيراً. وتحت تماثيل هؤلاء الأشخاص المدفونين كتابات يونانية تشير إلى أسمائهم وتاريخ موتهم. ويقول الباحث أيوب سمَّية: لقد وضعت سلماً لكي أقرأ الكتابة يوم الجمعة في 21 حزيران عام 1932 . وقد حصلنا على الأسماء التالية: افليمبيا، أواروس، وفلابيوس. وهذه الأسماء يونانية بحتة. ويوجد طير مهشم وتاريخ باليونانية وكان التاريخ في تلك الأيام يكتب بالأحرف وليس بالأرقام وهو سنة 510 للأسكنر الكبير ويعادل 187 ميلادية؛ حيث كانت دمشق في تلك الفترة مركز ولاية رومانية وصيدنايا حاكمية تابعة لها. وكان في ذلك الوقت وفي الشرق كله الحكام العسكريون و الولاة الرئيسيون من الرومان ، ومادون ذلك من المهام العسكرية والمدنية والعمرانية والثقافة بشكل عام كانت بيد اليونانيين. وكان شعب تلك المنطقة من الآراميين يؤلف الطبقة الشعبية الفقيرة ويشتغل بالزراعة والأعمال الأخرى”.

نقولا الزهر
من تاريخ صيدنايا
دمشق في 20/6/2018

Nicolas G. Al Zahr

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.