علي الكاش
الباب السابع كشف أسرارهم.
ومن ذلك إني رأيت أقواما على هذه الصفة، ومعهم الصندوق الذي تقدم ، وفيه خلق عباءة مطيبة بأنواع الطيب، وقد زعموا انها العباءة التي كان يتغطوا بها أهل البيت صلوات الله عليهم ـ كساء النبي (ص) ـ وهم دائرون في البلاد، وقد تحصل لهم بها حمل (مال كثير)، فأفهم ذلك، واعلم ان بني ساسان لا تُعد صفاتهم.
الباب الثامن كشف أسرارهم.
ومن ذلك ان بعض اصحابي حكى ليٌ، قال: رأيت في بلاد العجم جماعة من أهل الحجاز من بني ساسان ومعهم كذلك صندوق، وفيه قطعة عباءة، وقد ربطوا بها الناس(زعموا) انها العباءة التي كان تخلل بها أبو بكر الصديق (رض)، وقد داروا بها في البلاد، وحصلوا على جملة (مال كبير)، ولو شرحت ما لهم من الدهاء والحيل والمكر والتسلك (السلوك) والجرأة على أكل أموال الناس لطال الشرح، ولكن هذا القدر بهذا القليل هو علة الكثير، فيعلم من وقف على كتابي هذا اني لم أترك فنا من الفنون، ولا علما من العلوم إلا وقد باشرته، وكشت سره، وسر من ذهب اليه، فليعلم ويحذر نفسه، فأفهم ذلك.
كشف أسرار الذين يسمون بالنملة السليمانية
اعلم وفقك الله لما يحب وترضى إن هذه الطائفة هي نوع من بني ساسان إلا أن لهم كتابا قديما بذاتهم يُعرف بكتاب العزيز، وهؤلاء القوم قد تسلطوا على أكل أموال الناس والفسق بأولادهم، ولهم من المكر والدهاء أوفى نصيب، وهم أخير من غيرهم، ومن أفعالهم الفسق بالصبيان، وأخذ أموال الناس، إلا إنهم اقل طمعا من سائر الناس، ولا يقفون على طائل أكثر من الفسق بأولاد الناس وأولادهم.
ومن ذلك انهم (بني ساسان) يكونوا من ثلاث أنفس (يتكونوا من ثلاثة أشخاص)، الواحد يقف بعيدا عنهم، والآخر المتكلم وهو الشيخ، والآخر طالب، فإذا كان مرادهم بعض المردان يخرجون الى ظاهر المدينة والى خواصرها (وسطها)، فإذا عاينوا مليحا يقول الشيخ: عليها! (اي باشروا العمل، حضر الغلام المقصود)! ثم يأخذ منديله ويلفه، ويمشي وصاحبه يتبعه، فإذا اقتربوا من الامرد يقول صاحب الشيخ: يا سيدي بالله عليك أريني أياها. فيقول الشيخ: يا ولدي هذه نملة سليمانية، وزنها خمسمائة درهم، وجهها وجه بني آدم، وما هي ابن آدم، وشَعرها شعر ابن آدم وعينها عين ابن آدم، وخلقتها خلقة ابن آدم، وتسبيحها هو ان تقول: سبحان خالق الليل والنهار، سبحان مخرج الماء من الأحجار، سبحان عالم الأسرار، لعن الله قاطع الشجر، وذباح البقر، وراكب الذكر على الذكر، لقيتها تأكل من لحم بني آدم، فقلت لها: ذاك يا ملعونة يا لعينة، تأكلين لحم عباد اللهّ! فقالت: ما أنا لعينة ولا ملعونة، إنما آكل من لحم من يأكل رزقه، ويجحد نعمته، فتكلمت عليها باسم الله الأعظم، فذلت وخمدت. فإذا قال هذا الكلام الحٌ عليه صاحبه بالنظر الى هذه النملة العجيبة، وهو يتجنب عن الطريق (يبتعد)، فإذا سمع الصبي (الأمرد) ذلك، طلب النظر مثلما طلب صاحبه، والشيخ يهذر عليهم الى أن يلحوا عليه في النظر فيقول لهم: يا أصحابنا الساعة تجتمع علينا الناس، وأنا لا أريد احد ينظر اليها، بل الى هذه الخلقة (العجيبة)، فإن كان ولابد، فأنظروا لنا مكانا مستورا أو مسجدا مهجورا، فيقول صاحبه: بالله يا سيدي لا تقطع بنا، فقد تعلقت قلوبنا بذلك. فيقول الشيخ: اذا اكل الواحد منكم رغيف خبز فيأكله في أي موضع؟ فيقول صاحبه: في مكان مستور، أو مسجد مهجور، فيقول الشيخ: ابصروا موضعا حتى أريكم خلقة الله وأروح.
فيقول صاحبه: يا سيدي أنا أعرف هاهنا مكانا مستورا ومسجدا مهجورا. فيقول الشيخ: روحوا حتى أريكم خلقة الله ولا تُعلمون بيٌ أحدا. فيغدو رائحين، فيصادفهم رفيقهم الثالث، فيبوس يد الشيخ ويقول: يا سيدي أنا الذي أعطيتني رزقي أول أمس، وقد بقيت لي منه عشرة دنانير. فيقول الشيخ: هل أخذت رزقك؟ فيقول: نعم سيدي، وأنفقته في الحلال. فيقول الشيخ: قل الحمد لله! فيقول والله يا سيدي أكسيت أمي وأختي بما أشرت عليه، وتصدقت بالذي قلت ليٌ، وقد تبقى ليٌ عشرة دنانير. فيقول الشيخ: امش مع إخوتك حتى أعطيك ما بقى لك. فيقول الآخر: يا سيدي أأنت الذي تعطي الناس أرزاقهم. فيقول الشيخ: وأنتم الا تعرفوا ذلك؟ فيقولوا: لا والله. فيقول: أنا الذي يقال ليٌ ابن المعروفة من قرب البحر المالح ـ صلوا عليه ـ ونحن سبعة اخوة في الأرض الذين قال الله تعالى في حقهم (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون))، ونحن قد علمنا الاسم الأعظم، وكلنا بأرزاق العباد ندور في الأرض، فإن وجدنا جائعا أشبعناه، وان وجدنا عريانا كسيناه، وان وجدنا فقيرا أغنيناه. فيقول صاحبه: وأنت تعرف الاسم الأعظم؟ فيقول الشيخ: نعم اتكلم به على الماء فيجمد، وعلى النار فتخمد، وعلى التراب فيصير ذهبا. هاتوا سلسلة طولها سبعون ذراعا، حتى أتكلم عليها فتعجن مثل العجين أو مثل الشمع. فيقولون: ومن أين لنا سلسلة؟ فيقول: أليس عندكم صلبا قويا؟ فيقولوا الحجارة. فيقول: هاتوا اليٌ حجارة حتى اتكلم لكم عليها، أخليها تتعجن مثل الشمع، وأخرج لكم منها عرق النبي (ص). فيأتوه بحجر ويأخذه بيده، وفي يده قطنة مشربة بماء الورد او بماء القداح، فيأخذ الحجر ويقول: هذا الحجر فيه شج النبي (ص) فكسرت بنيته، وعقر جواده، فسقط عرق على هذا الحجر، فإذا تكلمت عليه بالاسم الاعظم، فأن أردتم أن أخرج لكم منه نارا تحرق الأرض وما عليها من الشجر والمدر، وأن أردتم ان ينزل منه عرق النبي (ص)، وفيه اثنين وسبعين منفعة، وهو نافع لمن يضربه والده وأمه أو معلمه أو قرابته، وللقبول ولقضاء الحوائج، ولمن يكون قليل الرزق. ثم يقول: افتحوا أيديكم، فيفتحوا أيديهم، فيعصر الحجر، فينزل منه الماء الذي في القطنة، فيقول امسحوا به وجوهكم، فيمسحوا به وجوههم، ثم يبوس احدهم يده ويقول: يا سيدي أنا فقير، وأريد من الله ومنك شيئا أعيش فيه أنا وأهلي. فيقول الشيخ: أأنت فقير؟ فيقول: نعم يا سيدي. فيقول الشيخ: اذا أعطيتك رزقك تنفقه في الحلال وتتصدق منه بعشرة دنانير؟ فيقول: نعم يا سيدي. فيقول الشيخ: الحمد لله بلغت قصدك ثم يلتفت الى الصبي ويقول له: وأنت فقير؟ فيقول: نعم. ويكون قد وصل الى موقع يمكن فيه الفسق بالصبي، ثم انه يخط خطا في الأرض، ويقعدون حوله ويقول: احضروا ايها الملوك الموكلون بخزائن الأرض التي تحت يدي حتى تعطوا لعبيد الله ارزاقهم، ثم يقول طأطأوا رؤوسكم، فيفعلوا ذلك، فيقول أيها الملك الفلاني توكل بهذا وأنت بهذا، ثم تكون معه دنانير من الرصاص مطيبة بالسندروس، كأنها ذهب، ثم يأخذ ترابا فيجعله صفا قدامه، ثم ينصب فيه دنانير الرصاص ويقول: اي واحد منكم ينام، ثم يقول: من هو أصغر منكم هنا؟ فيقولوا أصحابه هذا الصبي أصغر منا فيقول له أرفع طرف المنديل، وأبصر أي شيء تحته، فيرفع الصبي طرف المنديل فيجد تحته ذلك الذهب، فيذهل عقله، ثم يقول لصاحبه: قارعني، فيقارعه، فيقول له: قد طلع لك من المال خمسون دينارا وثلث دينار، فيقول نعم سيدي، فيقول الشيخ: اشكر نعمة الله، ثم يلتفت الى الصبي ويقول له: اين تسكن، واهل لك أب، فلا يزال حتى يعلم جميع أحواله، ثم يقول قارعني، فيقارعه. فيقول له: قد طلع لك خمسمائة دينار، فقل الحمد لله، وتصدق منها عشرة دنانير، والباقي أنفقه في الحلال، وكل سنة يطلع لك مثلها، فيحدثه وصاحبه يمد يده الى نحو المنديل الذي تحته الذهب الذي أبصره الصبي، كأنه يأخذ منه شيئا فيزعق عليه الشيخ ويقول له: تخطف ترابا، ثم يرفع المنديل فلا يجد تحته شيء، فيبوس يده ويقول: يا سيدي بالله عليك لا تقطع بنا، وآتنا أرزاقنا، ويفعل الصبي كذلك، فيقول ان الملائكة أخبروني ان كل واحد منكم قد عمل ثلاثة ذنوب، سرق وقتل وزنى، أو زني به، ويقول لصاحبه: من زنى بك؟ فيقول ما زنى بيٌ أحد، وأي شيء يكون الزنا؟ فيقول: من فعل بك كما يفعل الرجل بالمرأة، فيقول: ما فعل بيٌ أحد شيئا. فيقول الشيخ: ويلك يا ملعون، تخفي على الشيخ، اسكنوا في رأسه (يخاطب الملائكة)! فإذا قال لك، وقع الى الأرض، وجعل يتخبط، فيقول تشفعوا فيه؟ فيبوسوا يده، ويقول لصاحبه الآخر: شأن الله يا سيدي وهبتني ذنبه، ويفعل بالصبي كذلك، فإذا سألوه، أخذ عصاه وأومأ بها انه تكلم عليها، ويدفعها للصبي ويقول اجعلها على وجهه، فإذا جعلها على وجهه قعد وباس الأرض ويد الشيخ، ويقول العفو يا سيدي أبصرت الناس بلا رؤوس، والناس على خيول من نار، وبأيديهم حراب من نار، وقالوا لي يا لعين يا ملعون ان كتمت الشيخ شيئا، قتلناك وأحرقناك يا سيدي، وأنا أقول لك ما عملت، بالله عليك لا تسلمني الى أولئك.
فيقول الشيخ: قل ليٌ من قتلت؟ فيقول والله يا سيدي ما قتلت إلا عصفورا وأنا صغير، عصرت عليه فمات. وكانت أمي تبيع الغزل، وكنت أسرق منها قرطاسا أو قرطاسين أو أربع فلوس، فهذا الذي كنت أسرق. فيقول الشيخ: تب الى الله، ثم يقول الشيخ ومن زنى بك؟ فيقول: يا سيدي وقتما كنت صغيرا في الدكان، كان عندنا صانع، وكان يوهبني فلسات (فلوس قليلة) ويزني بيٌ، فيقول الشيخ: وكان يولج فيك أيره كله؟ فيقول نعم يا سيدي، ولايزال كذلك حتى يعد سبعة أو ثمانية، فيقول ومن يزني بك الآن فيقول: يا سيدي والله ما تبقى أحد. فيقول الشيخ: ابشر بزيادة رزقك ألف دينار، قل الحمد لله، ثم يلتفت الى الشيخ فيقول سرقت، فيقول كذا وكذا، فيقول أتتوب؟ فيقول نعم. فيقول من قتلت؟ يقول ما قتلت أحدا، فيقول الشيخ: من زنى بك؟ فيقول واحد هذه صفته ونعته، ولا يزال كذلك، حتى يذكر له من فسق به، ويعلم منه انه ما بقي أحد. فيقول الشيخ: أتتوب؟ فيقول: نعم، فيقول قد زاد ذلك في رزقك ألف دينار، قل الحمد لله، ولكنكم تريدون أن تتطهروا من الدنس والذنوب التي فعلتم في دنياكم، فمن تطهر أخذ رزقه، ومن لم يتطهر احترق الساعة، أيما أحب اليكم ان تطهركم ملائكة من نار بذكور من نار، لو طرح أحدهم ايره في الأرض أحرقها، او في السماء حرقتها، أو تطهرون بعضكم بعضا، فيقول صاحبه والله يا سيدي: ليس لنا طاقة بذكور الملائكة، نحن نطهر بعضنا بعض، فيقول لصاحبه خذ هذه الحصوة، فما رأيت شيئا عرفني به. فيأخذ الحصوة ثم يشخص ثم ينقض على رجل الرجل الشيخ يبوسها ويقول: يا سيدي العفو، قال الشيخ: ماذا بصرت؟ فيقول له: أربعين ملكا من نار، وهم وقوف حتى تأذن لهم بطهورنا فبالله يا سيدي نحن نطهر بعضنا بعضا، فيقول خذ هذه الحصوة، ونام هناك، ويزعق على الصبي ايضا، ويقول انت نم هناك، وحلٌ سراويلك، فيروح وينام ويقول لصاحبه، قم طهَر أخاك المؤمن، فيقوم اليه ثم يلج في أليتيه، والشيخ يزعق: لا تتحرك! قل حلال يا سيدي لا زنا ولا خنا، فلا يزال كذلك حتى يفرغ منه، فيقول الشيخ ارتفع يا مبارك فيه، فيهم الصبي ان يقوم فيزعق عليه الشيخ ويقول: نم لا تتحرك! فيبقى نائما ثم يأمر الآخر، فإذا فرغ، قال للصبي: قم فأغتسل، فإذا اغتسل يقول له أقعد، وخذوا أرزاقكم، فاذا قعدوا يقول لصاحبه الذي جاء في الآخر وإدعى انه بقي له من رزقه عشرة دنانير: أنت هل كملت طهورك؟ فيقول: يا سيدي أنا طهرني ذلك اليوم خمسة، فيقول الشيخ: صدقت خذ هذه الحصوة، وامضي الى البئر في دارك، ثم أرمِ الحصوة فيه، وقل يا جبرائيل يا جرجير اعطني رزقي من البئر، وافتح يدك وغمض عينيك، فأنه تقع في يدك عشرة دنانير، قم الساعة! ثم يصيح فيه، فيأخذ الحصوة ويبوس يد الشيخ ويروح ويقول لصاحبه الآخر، أنت ما وقع لك ومن يطهرك؟ فيقول العفو يا سيدي لا طاقة ليٌ بملائكة، أنا أبصر ليٌ من يطهرني، فيقول اشكر الله، ثم يلتفت الى الصبي ويقول: يا ولدي انت عليك كذا وكذا طهور وتأخذ رزقك، فيقول صاحبه: يا سيدي طهره أنت.
فيقول الشيخ: انا إذا طهرت أحد يطلع له الذهب الذي كل دينار وزنه عشرة دنانير، وانا لا أطهر أحدا. فيقول: يا سيدي صبي صعلوك من شان الله (من أجل الله) فطهره أنت، واعطه رزقه ودعه يروح، ثم يقوم الصبي يسأله ذلك حتى يطهره، ويبقى صاحبه متأسفا كيف لم يقع له من يطهره، ثم يعاوده صاحبه ويقول له إذا كان غدا تعال الى هنا، فلا يزال يترفق له حتى يقوم ويفعل بالصبي، ثم يقول لصاحبه، أنت إذن غدا تعال الى هنا حتى يكمل طهورك وخذ رزقك، ورزق الصبي كذلك، ثم يقول من منكم يريد ان يروح للبئر ثم يرجمه بحصاة ثم يقول هيا هيا عذبوه، فيبقى يتخبط ساعة ثم يقول للصبي تَشَفع فيه، فيقول نعم فيعطيه حصاة ثم يقول دعها على رأسه، فإذا فعل ذلك أفاق ثم أقبل على الشيخ ويقول: العفو يا سيدي انا والله، كان لي صديق، وكنت أريد ان أحدثه وأنا تائب الى الله تعالى على يدك، ويقول أبصرت سبعة ملائكة من نار بأيديهم حراب من نار كل واحد منهم قد أخذ حربته وجاء اليٌ وقال: ويلك يا لعين يا ملعون، أتُبيح بسر الشيخ، وإن بحت قتلناك. فخلصني منهم، وأنا تائب يا سيدي. فيصرفهم ويقول انا رائح الساعة ذاهب لبيت في مكة فأنه قد وصلها ناس وعندي لهم رزق، اعطيهم ارزاقهم، وأروح الى الغرب لأعطي آخرين أرزاقهم، وأكون هنا في النهار، فإذا أبصرني أحد منكم لا يسلم علي ولا يقول لأحد هذا يعطي الناس ارزاقهم، فيهلك. فيفترقوا، ويمشي صاحبه فيأخذ ما عنده وما في خاطره من الشيخ ثم يعرف صاحبه، واحذروا أن تبوحوا بالسر أو تقولوا لأحد هاهنا شيخ يعطي الأرزاق فتهلكوا، وإذا رآني أحد منكم فلا يسلم عليُ بين الناس، قوموا على بركة الله، فإفهم ذلك.
الباب الثني في النملة السليمانية
وذلك أن سيرتهم في الحديث مثل الأول، والفصل فيه من حديث إلى حديث، من حيث يخرج الماء من الحجر، فإذا فعل ذلك قال اعلموا أني بقال يقال ليٌ (الحاج علي بن الملطومة بن مؤذن البحر المالح) صلوا عليه! وتحت يدي أموال الأرض، ونحن السبعة إخوة الذين هم أوتاد الأرض، الذي قال الله في حقنا ((لا خوف عليهم ولا يحزنون))، ونحن موكلون على أرزاق الخلق، وأنا موكل على أرزاق بني لآدم، واخي موكل بأرزاق الدواب، والآخر موكل بأرزاق الوحوش، والآخر موكل بأرزاق الطيور، وآخر موكل بأرزاق وحوش البحار، والآخر موكل بأرزاق الاسماك، وأنا ليس ليٌ شغل إلا داير في الأرض، إن لقيت فقيرا أغنيته، وإن لقيت عريانا أكسيته، أو جائعا أشبعته، فهل أنتم فقراء؟ فيقول صاحبه: أي والله يا سيدي أنا رجل فقير وعليٌ دين، وليس عندي شيء أوفيه، وصاحب الدين يريد أن يحبسني عليه، فيقول: اشكر الله الذي وقعت بيٌ، ثم يعطف الى الآخر الخشني (الفلاح) وهو باهت إليهما، فيقول: أأنت فقير؟ فيقول: أي والله يا سيدي. فيقول: اشكر الله الذي لقيتني، ثم يقول: قال النبي (ص): المال يجر المال والقمل يجر الصبيان، من كان منكم معه درهم صار عشرة دنانير، ومن كان معه دينار صار مائة دينار، وأيش معكم من مال؟ فيقول صاحبه: يا سيدي معي خمسين دينارا وخمسين درهما جمعتها لصاحب الدين أريد أن أوفيه، ويخرجها. فيقول الشيخ: هذه تصير خمسين دينارا، بكل درهم دينار، ولو كانت مئة درهم صارت مائة دينارا، أو ألفا درهم صارت ألفا دينارا، فخليها معك حتى أقول لك، ثم يلتفت الى الخشني فيقول: أيش معك من مال؟ فيقول كذا وكذا ثم يخرجه، والوديعة التي معك تتحوج بها لان الفلاح لابد أن يكون معه لأحد من الضيعة شيء يتحوج به (يطلب ما يحتاجه لمعيشته من السوق)، فيخرجه ويتوهم ان الشيخ يعرف الغيب، فإذا أخرج جميع ما معه، فيقول له اتركه معك حتى أقول لك كيف تفعل، ثم يلتفت الى صاحبه فيقول له: أين الذي معك، فيقول هذا الذي معي. فيقول أعطيه لأخيك المؤمن فإذا أعطاه الذي معه، يقول الفلاح: اربطه في ذيل (صرة) أخيك المؤمن، ثم يقول للخشني: أين الذي معك من مال الله، فيخرج الذي معه فيقول: اعطه لأخيك المؤمن في هذه الساعة، فيربطه بذلك، فيعطيه الخشني، فيبدل جراهم أما نحاس أو فلوس أو رصاص ثم يربطها، فإذا فعل ذلك، فيقول الشيخ: إن من لمس صرته اليوم يبست يده، ثم يلتفت الى الخشني فيقول له : من اي الضياع أنت؟ فيقول من الضيعة الفلانية، فيقول إذا وصلت البلد، اصبر الى الليل ثم أخرج الى البئر وقف فيه، ووجهك للمشرق وخذ هذه الحصاة وإرمها من جانب الشرق وقل: يا كوز يا كوز اعطني رزقي من السرور، ثم افتح الصرة، تجد كل درهم صار عشرة دنانير، فخذها واشكر الله تعالى، ولا تنفقها إلا في الحلال، وتصدق منها بدينار على الفقراء، فإذا فعل ذلك أومأ لصاحبه إلى الصرة كأنه يلمسها، ثم يصيح ويعوج أصابعه، كأن يده يبست، فيقول للخشني: تشفع فيه فيعطيه حصاة ويقول له: اجعلها على رأسه، فإذا جعلها على رأسه أفاق وبقيت أصابعه يابسة فيقول، فيقول للخشني: قل له لا يرجع يمسها، فيقول لا والله قد أبصرت ملكا رجليه في الأرض ورأسه في السماء ومعه مرزاب (مطرقة كبيرة) من نار وحديد. فقال له متى لمست هذه الصرة قبل أن يأمرك الشيخ ضربتك بهذه المرزاب على يدك واجعلها يابسة عن كتفك. فيقول الشيخ: تشفع فيه فيردها إلى ما كانت عليه، فيقول قل له لا ترجع تلمسها، فيوصيه الخشني، ثم يلتفت الشيخ الى صاحبه فيقول إذا كانت ليلة الجمعة فأنزل وقف في مفرق ثلاثة طرق ثم قل: يابو قدي اعطني رزقي ثلاثا ثم افتح هذه الصرة تجد كل درهم زنته عشرة دنانير، وان أعلمت أحد، أو قلت لأحد، فإذا فتحت الصرة تجدها فلوسا أو رصاصا، ثم يقول قوموا لأشغالكم، أنا أريد أن أروح أبيت الليلة في الهند أعطي الناس أرزاقهم، ثم أصبح بمكة، ثم يقوموا وهو يقوم يهرول قدامهم، فأفهم وميز في الأشياء وأبصر حال العالم فأفهم ذلك.
علي الكاش
المصادر
ـ دائرة المعارف الانكليزية. كلمة ساسان، متسولين.
ـ الشيخ ساسان في دائرة المعارف الفارسية. فرهنك فارسي. محمد معين. كارمانة خوان معلومة. طهران 1335هـ
ـ مخطوط (المختار من كشف الاسرار). عبد الرحمن بن عمر بن ابي بكر الدمشقي، المعروف بالجوبري.