معركة الحديقة
جهاد علاونة
العقلاء من أصحاب مسيلمة كانوا على يقين تام بأنه لا يوجد نبيٌ صادق هذا طبعا على حسب اعتقاد أغلبيتهم ولكن أخذتهم الحمية والقرابة والفزعة لنصرة نبيهم مسيلمة وقالوا جملة ذهبت مثلاً إلى اليوم ألا وهي:( كذابُ ربيعة أحب إلينا من صادق مُضر) أي إذا كان مسيلمة كاذبا ومحمدا صادقا فإنه ليس أحب إلينا بالإتباع من مسيلمة على اعتبار أن مُسيلمة من ربيعة ومحمد من مُضرْ,وبلغ جيش مسيلمة 100 ألف مقاتل وفي رواية 40 ألف مقاتل وجيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد 13 ألف مقاتل ,أقام مسيلمة مخيمه العسكري في منطقة(جبيدة) على بُعد 25 ميل شمال غربي اليمامة ,انطلق خالد من منطقة البطاح,كانت المعركة في البداية بين قبيلة مسيلمة وبين المسلمين,ولكن الإسلام لوحده والإيمان لوحده لم يستطيعا أن ينصرا المسلمين فتحولت المعركة في النهاية بين العشائر والقبائل وكل مقاتل قاتل عن عشيرته وقبيلته.
تذكر خالد ما قاله محمد(ص)عن مسيلمة بن الحارث أنه يأتيه شيطانه فإذا جاءه أزبد,(نهار الرجال) ارتد و(مجاعة) ارتد وأثناء المعركة خرج مجاعة ومعه 40 رجلا للاستطلاع,أُسر مجاعة هو وجماعته وقتلوا جميعا ما عدى (مجاعة بن مرارة) أخذه خالد أسيرا كورقة يلعب بها للضغط على مسيلمة لعلمه بأن مسيلمة داهية من دهاة العرب وأكثرهم ذكاء وعبقرية,,كان وادي حنيفة يفصل بين الجيشين,(نهار الرجال) قاد مسيرة جيش مسيلمة, بدأ المسلمون يحمسون بعضهم بقراءة سورة القتال وهي سورة (الأنفال),وجيش مسيلمة نادوا بالصوت العالي أن دافعوا عن أحسابكم, قسّمَ خالد جيشه حسب الكتائب وليس حسب القبائل واعتمد على الإيمان لوحدة وليس على العشائر والقبائل والأحساب والأنساب,كان مسيلمة ذكيا وداهية, صغير القامة متقارب العينين خشمه مُسطح الشكل.
وحشي الحبشي كان بجيش خالد ومعاوية بن سفيان وزيد بن الخطاب وعبد الله بن أبي بكر والبراء بن مالك,وكان من حفظة القرآن ألف رجل مسلم يحفظون القرآن غيبا على حسب الروايات ولم يبقى في المدينة رجلا من حفظة القرآن إلا وخرج لملاقاة مسيلمة,وكان خالد بن الوليد يقاتل بسيفين ويقال بأنه لم يقاتل أحد بسيفين إلا خالد والزبير بن العوام وكان يحرك فرسه برجليه ,بدت المعركة في البداية لجيش مسيلمة واخترق مسيلمة صفوف المسلمين وارتفعت معنويات مسيلمة مرتين مرةً حين انتصرت جيوش الردة على جيش (عكرمة بن أبي جهل) وهذه المرة على خالد بن الوليد الذي اعتمد على الإيمان وعلى القرآن وعلى الله وحده لا شريك له بأن ينصره وينصر سيفه المسلول على أمة الشرك والكفر والرِدة, ولكن نتيجة هذا التقسيم وهذا الإيمان كانت بحق نتائجه سلبية جدا على المسلمين فلام أفراد الجيش وقادته بعضهم بعضَ وقال الفلاحون عن البدو بأنهم لا يحسنون القتال وقال البدو عن الفلاحين مثلما قالوا عنهم وتعالت الأصوات واتهم كل فريق الفريق الآخر بالتقصير وبالمسئولية عن الهزيمة فأعاد خالد بن الوليد سيف الله المسلول ترتيب الجيش من جديد حيث كان يعتمد على الكتائب وعلى الإيمان لوحدة وعلى سورة الأنفال وعاد ورتب الجيش إلى قبائل تحت نفس القيادة,وكان خالد بمقدمة الجيش وهجم خالد أولا,وهنا الإسلام لم ينصر المسلمين وإنما القبائل والنخوة والفزعة والحمية هم الذين انتصروا من بعد ما غُلبوا حين أسلموا أمرهم إلى الإيمان لوحده,وقتل زيدُ بن الخطاب نهار الرجال, وسقط 7000 رجل من جيش مسيلمة في الوادي و1200 من المسلمين,ومن حفظة القرآن 500 رجل ولهذا السبب جُمع القرآن في عهد أبي بكر بمشورة من عمر,أدرك خالد بأن نهاية المعركة لا تتم إلا بمقتل مسيلمة فتقدم خالد ونادى أنا خالد بن الوليد فخرج إليه الفارس الأول والثاني والثالث فقتلهم حتى نادى على مسيلمة فخرج إليه مسيلمة وقرر خالد أن يغدر به عن طريق المفاوضات,وأثناء الكلام معه أزبد مسيلمة من فمه فهجم عليه خالد فهرب مسيلمة وانسحب جيش مسيلمة وأثناء انسحابه قُتل منهم ما يقرب من 7000 رجل, ومسيلمة حماه حراسه من خالد ولجأ مسيلمة إلى (الحديقة),وتحولت المعركة إلى حصار للحديقة,ولم يفتح الباب إلا رجل قال عنه محمد قبل ذلك (رب أشعث أغبرَ لو أقسمَ على الله لأبره) وهو البراء بن مالك رفعوه إلى الأعلى فسقط عن السور وفتح الباب بيديه بعد أن أصيب بثمانين جرح في كافة أنحاء جسده ولم يمت,وقُتل في معركة الحديقة 7000 وبلغ عدد القتلى من جيش مسيلمة 21 ألف قتيل من أصل 40 ألف جندي ويقال من أصل 100ألف جندي مقاتل,وبالمثل نادى مسيلمة بجيشه بأن قاتلوا عن أحسابكم وأنسابكم يا عرب أي أن تكون المعركة قبلية,مجاعة أصبح بعد مقتل مسيلمة سيدا لقومه,وفاوض خالد بن الوليد على الاستسلام وعلى أن يستسلم نصف جيش مسيلمة من بني حنيفة,وأخذ خالد الذهب والدروع والسيوف,أما الخليفة أبو بكر فقد أرسل رسالة لخالد يقول فيها لا تقبل لهم صلحا واقتلهم جميعا,ولكن خالد كان قد وقع الصلح.