مطرب العرب الأكبر اسماعيل فاضل يطرب العرب واليهود

mosamoreih

من اليمين: تحيزقيل فتال المحامي، السيد مسعود الصابئي، د. رمزي برنوطي ، سامي موريه المضيف، المطرب اسماعيل فاضي، د. خضر البصون، الاديبة تسيونيت فتال، في دار عائلة موريه

سامي موريه

زار البلاد المطرب العراقي الاكبر المغني اسماعيل فاضل وقام بإحياء امسيات طرب رائعة لا تنسى، فصوته المخملي العراقي الاصيل لا مثيل له اليوم في عالم الطرب العربي، شممنا فيه عبير شط النواسي، وعبق توابل الشورجة ونواح حمائم النجف وكربلاء، وألحان عظماء المطربين العباسيين جمعت في صوت واجد فريد الا وهو صوت المطرب العراقي اسماعيل فاضل الذي انتظر عراقيو اسرائيل قدومه بفارغ الصبر من شباب في عمر الزهور وكهول وخطها الشيب واحنى الظهور في نادي العراقيين المتقاعدين برئاسة حامي الفن العراقي السيد يسرائيل شهرباني وجوق الموسيقيين النصراوي. وفي رمات جان والناصرة امتلأت القاعات الكبيرة بمئات المستمعين المتعطشين الى العراق والى الغناء العراقي من يهود وعرب الناصرة والجليل طرب يعيد يهود العراق الى صباهم على ضفاف انهار العراق حيث صادر آلاتهم الموسيقية رجال الكمارك العراقي في مطار بغداد، وانتزعوا بقسوة بالغة من الكوتيين الكمان والعود ومن يوسف زعرور القانون ومن البير الياس طاقم ناياته، وصادروا كل آلات الطرب ليحزنوا عليها ويبكون مجدهم الاثيل في العراق مخلفين وراءهم قيثاراتهم التي علقوها على صفصاف انهار بابل باكين منذ السبي البابلي. هذا الحقد الاسود والكراهية والقسوة التي ابدتها السلطات العراقية نحو الفنانين الراحلين لا نعرف له تفسيرا سوى غريزة النهب والسلب والانتقام التي رضعوها من اثداء امهاتهم حتى الثمالة. واحتجز نوري السعيد عازفي الجوزة ومغني المقام ومنعوهم من الهجرة حتى يعلموا الفنانين المسلمين فنهم وذلك بعد ان جمدوا اموالهم وممتلكاتهم ثم نهبوا محتويات بيوتهم واخيرا باعوها بالمزاد العلني “واكرم بوجهك يا رب من قاضٍ ومنتقم”.

قتل الربيع العربي عنادله وصوّحت افنانه الرطيبة, وذبلت وروده وازهاره الفواحة في ربوع كانت “كرفرف الخلد طيبا” واطار بلابله الغريدة فزعا وشردها تحت كل كوكب ومات فن الطرب في جميع البلاد العربية، فاذا دوت المدافع وانطلقت الدبابات والصواريخ وهدرت الطائرات المغيرة اسكتت عباقرة وادي عبقر، فهي تمطر المستشفيات والمدارس والجوامع والكنائس والكنس والمزارات والاسواق بوابل من القنابل المنهمرة كحجارة من سجيل لتفجر دموع اليتامى والأرامل والمقعدين ولتهدمها على رؤوس المرضى والزبائن والمارين، وكيف يستطيع رئيس دولة قتل شعبه واجباره على التسليم بأوامره وابداء ولائهم والدفاع عن وطن “الحرية الحمراء التي لها باب بكل يد مضرجة يدق”، وبكل ذراع ويد مبتورة يطرق. أأنت ابو الشعب الذي من واجبه أن يقوده نحو المستقبل الباسم، فكيف لا تميّز بين الطفل البريء والنساء الحوامل والشيوخ العجزة. في هذا الربيع الدامي الاغبر، سكت فيه الوحي وتكسرت العيدان وناحت اوتار الكمان وانشق عشاء الطبول والدفوف وسبيت العذارى والسيدات العقائل، ومن نجا منهن افترشن قارعة الطريق يستجدين، آه لنساء العراق ولنساء العرب المحصنات، كيف اباحوا اعراضهن وعفافهن، كيف تطايرت العنادل شرقا وغربا بحثا عن مكان آمن. فقد حرم المتزمتون الغناء لأنه يسحر النساء ويجعل الرجال يشقون ثيابهم طربا وينسون صلاتهم وصيامهم، كما فعل خلفاء بني امية وبنو العباس، وفي العصر الملكي الهاشمي في العراق حافظ يهود العراق على جذوة الموسيقى والغناء وألاتها، واحيوا التراث وشجعوا المغنين واضافوا على المقام انغاما عذبة ومسحوا عن القصائد القديمة غبار النسيان وجلوها عروسا تعشي عيون الناظرين والمستمعين من المتعصبين. فهؤلاء الموسيقيون هم من حافظ على الغناء والموسيقى منذ أن رتل النبي داوود مزاميره في الهيكل. ولكن الاقدار رحيمة فهي تبقي جذوة تحت الرماد، “ولا تيأس من رحمة ربك ذي الجلال”، وإذا مطربنا الكبير الفاضل، ينهض من رماد الكارثة كطائر العنقاء مغردا فتتخاطفه الجاليات العراقية خاصة والعربية عامة في جميع انحاء العالم ليشنف اسماعها بالطرب العراقي الاصيل والصوت الصداح بنكهته العراقية الشعبية، بكنوز اغانيه ومقاماته وبستاته التي لا تنضب، بحنجرته الذهبية التي لا تتعب ليرفه عنهم حنينهم الى الوطن المباح وعذاب الاغتراب عن الديار الحبيبه، كرفرف الخلد طيبا.

استضفناه في دارنا في شارع نهر الفرات، في بلدة المبشرة قرب قرية ابو غوش، عراقيون من رابطة الجامعيين النازحين من العراق، كالسيدة تسيونيت فتال والدكتور خضر بصون والاديبة ليندا عبد العزيز- منوحين والمحامي يحيزقيل فتال واصدقاء المطرب الدكتور النطاسي رمزي برنوطي والسيد مسعود الصابئي، شعرنا فيها كاخوة جمعتهم الاقدار بعد فراق طويل عاقدين ندوة عن الفن والغناء العراقي.

بدأ بهذه الزيارات العلنية مطربنا الكبير وتشجع بعده الزوار العراقيون العرب وغيرهم من البلاد العربية قادمين لزيارة اسرائيل سرا وعلنا، ومنهم المفكر حامد الشريفي ضيف وزارة الخارجية ونائب الناطق بلسانها السيد حسن الكعبي، ولحسن الحظ عادوا الى مهاجرهم، سوى البطل الشجاع السياسي مثال اللآلوسي، الذي غامر بالعودة الى العراق بعد الزيارة، فكان عقابه من قبل المتطرقين مريعا، اذ حاولوا اغتياله ثم قتلوا ولديه البريئين العزيزين، اسكنهما الله فسيح جنانه وعوضه خيرا في الدنيا والآخرة. هذه هي بعض فضائع الحقد والكراهية في العراق لم يستطع حاكم ولا حكيم شفاء ليلى المريضة في العراق، ترى متى سيظهر الطبيب المداويا؟

المصدر ايلاف

This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.