مشكلة لاتريد حلا

مشاكل هذه الامة كثيرة جدا ويصعب حصرها، ويبدو الاهم منها علاقة 99.9% من افرادها السلبية بالطفل.
دعوني احصر السبب الرئيسي بالمثقفين،فهناك عدد قليل جدا منهم من تجرأ وخاض مغامرة الكتابة للاطفال،اما جلهم فهم يستسخفون الخوض في ذلك على اعتبار انهم”زعاطيط”.
اما هذا العدد القليل من الكتّاب فهم لايعرفون لأي الاعمار يكتبون،فهم يكتبون فقط ولامجال لتحديد سن القارىء لأنهم ببساطة لايعرفون ذلك، كل ماعليهم ان يسموا الثعلب”ثعلوب” والارنب”ارنوب” والجحش”جحوش” والقطة “بسه” وهكذا.
شاء سوء الحظ ان ازور احد الاصدقاء ليخبرني بآخر اغاني هيفاء وهبي،وهي ليست القارئة المتابعة هيفاء الآلوسي، للاطفال وحملت عنوان “بابا فين”.
شاهدت الاغنية بالكامل لأجد احد ابرز المسخرات في جيوب هذه الامة.
سأسجل حسب التسلسل خارطة الغبن التي يعيشها الطفل العراقي والعربي عموما وكيف ينظر بعض “المغنين” لهذا الكائن الرائع.
1- طفل يستعد للنوم وقد لبس بيجامته.
2-تطلع عليه صاحبتنا هيفاء بكامل ثيابها(لاتنسوا ان الوقت ليلا) وقد وضعت على وجهها اكثر من نصف طن من المساحيق.
3- ثمن بدلتها التي ظهرت بها تعادل راتبين من رواتب المتقاعدين في قضاء القرنة.
4- ويرى الاطفال ان هذا الثوب المقصوص الى اعلى السيقان هو ليس ثوب السهرة كما يعتقد البعض وانما “منامة” خاصة لغرفة النوم.
5- كان في ذهن المصور وهو يلتقط لها هذا الفيديو بعض مشاهدي دول الخليج من البالغين ف”سلّط” الكاميرا على سيقانها عدة مرات والتي بانت بالكامل ولاداعي للتفاصيل، هذا عدا صدرها العاري تماما، ولاندري هل تريد ان تغري الاطفال ام كبار السن؟. الجواب عند المخرج حفظه الله وابقاه.
6- تعتقد هيفاء انها حين”تعوج” فمها بكلمات الاغنية تظن انها حققت المراد على اعتبار ان الاطفال يحبون الدلع ومادرت انهم اذكى منها بمئات المرات.
7- راعني كمية المساحيق التي وضعتها على جفنيها اذ من المؤكد انها تعادل نصف كيلو غرام من اللون “البنسفجي”.
8- لاشك انها وقفت امام المرآة اكثر من 20 ساعة لتتأكد من مظهرها بالتعاون مع خبير التجميل ومساعده ومدير التصوير.
9- بدت هذه “الهيفاء” مع الاسف غير مقبولة لدى الاطفال ولكنها ،كما قال بعض المقربين منها، حققت نجاحا منقطع النظير مع البالغين الذين اعادوا مشاهدة الاغنية عدة مئات من المرات بغياب الزوجات.
10- لسنا نلومها على هذا الاسفاف فبلداننا تعيش احلى عصور الديمقراطية التي استحضرتها أمنا الحنون الى الشرق الاوسط.
11- عرفنا بعد حين ان طفال المهجر الذين ترعرعوا في بلاد الكفار اضربوا عن مشاهدة جميع اغانيها وطالبوا اولياء امورهم بعدم مشاهدتها ايضا.
12- المؤلم جدا ان نرى كل المكتبات العامة في بلاد الكفار قد خصصت جناحا لكتب الاطفال هو اكبر بكثير من مساحة 20 مكتبة في بغداد وحدها، ومن المؤلم ايضا ان تشير الاحصائيات الى ان دور النشر العربية لم تنشر سوى 10 كتب في العام الماضي مقابل 500 كتاب في كل من السويد والدانمارك ونيوزيلندا وامريكا واليابان لنفس الفترة.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.