عملتُ مع رجلٍ مسلم في (الحصن) وغالبية سكانها من المسيحيين, وهي بمدينة في (إربد) في الأردن مدة طويلة من الزمن, وكان هذا الرجل يقول عن المسيحيين حين يسأله أحدٌ عنهم:(مسيحيين بس محترمين!), ومرة من ذات المرات أو بالأحرى قبل أسبوع على أبلغ تقدير كنت في إحدى المناسبات الاجتماعية الحزينة, يعني كنت أقوم بواجب التعزية في رجل انتقل من دار الباطل إلى دار الحق, فرأيتُ من بعيد رجلا مسيحيا أعرفه جيدا, كان أستاذي في المدرسة وأنا بالمرحلة الإعدادية فذهبت إليه مسرعا وسلمت عليه وجلست إلى جواره , وحين ذهب أغلب جمهور المعزين وانفض السامرُ تقريبا , سألني أحد أقربائي عنه ومن أين اعرفه فقلت له: طبعا اعرفه وذكرته بنفسي فتذكرني وتحدثنا عن أيام زمان , ثم قمت بمد حرف الألف في كلمة (زمان) حتى صارت(زماااان) تعبيرا عن صيغة المبالغة, وطبعا تحدثنا عن أساليب التدريس, وقلت له: كان بحق أستاذا رائعا, فقال: والله يا أبو علي أنا متفق معك تماما بأنه رائع وأنا أيضا قام بتدريسي, وبالرغم من أنه مسيحي إلا أنه رجل محترم!!! ثم أردف قائلا:( مسيحي بس محترم!) طبعا الكل يستخدم بنبرة صوته دلالات التعجب , وتعني عندنا كلمة بس أي(لكن) ومقصوده:( مسيحي ولكن محترم!), ثم جاء رجلٌ من مكان بعيد وانضم إلى الجلسة وقال-;-فعلا مسيحي بس محترم , وتقدم شابٌ آخر وقال: أنا خدمت في الجيش أيام زمان مع ضابط مسيحي بس محترم, ثم قال رجلٌ كبير في السن: آه وأنا أشهد بذلك أنا خدمت في وزارة الصحة مع موظفة مسيحية بس محترمة, وهكذا أمضينا السهرة ونحن نقول(مسيحي بس محترم!) وهنا تقع المسئولية وكأن الرجل أو أن يكون الإنسان مسيحيا معناه أنه ليس محترما, فقلت لهم: مالكم يا جماعة الخير ترددون كلمة مسيحي بس محترم! يعني هم المسيحيون ليسوا محترمين؟, يعني(مش محترمين؟) هذه الجملة مرفوضة قلبا وقالبا, هذا معناه أنه لديكم أفكارا مسبقة عن المسيحية والمسيحيين سيئة جدا, وحين انفض المجلس رجعت إلى البيت فوجدت جارتنا تتعلل في بيتنا فرويت الحكاية لها ولأمي فقالت: والله إنهم صادقين, أنا من سكان (إربد) وأذكر قبل 30 ثلاثين سنة كان لأهلي جيران مسيحيون بس والله إنهم محترمين!!, طبعا قالتها وضربت أخماسا بأسداس وهي تتعجب وتقلّبُ بكفيها, ثم قالت أمي: كانت لي زميلة في التربية معلمة مدرسة بس فعلا محترمة! حتى أنها أفضل من المعلمات المسلمات في أسلوب التعامل, فقلت لهن: يا جماعة مش قصدي محترم وغير محترم! أنا أقصد أن استعمال الكلمة ليس بمحلها, فقالت جارتنا: يابو علي مش كل المسيحيين زي(مثل) بعضهم, والله مثل ما قلت لك في منهم ناس محترمين, وتحدثنا طويلا ولم يفهم أحد قصدي من الموضوع.
وفي صباح اليوم التالي قلت لصاحبي على الفيس بوك: هل صادفت في حياتك أشخاصا مسيحيين؟ فقال: ليش؟(لماذا السؤال؟) فقلت أجبني أولا, فرد قائلا: والله كان لي زميل وأنا في الجيش العربي مسيحي بس محترم؟(مسيحي ولكنه محترم!), قلت له غاضبا وبأسلوب استنكاري: يا أخي أنت ليش(لماذا) تستخدم جملة (مسيحي بس محترم!) , فقال يا أبو علي مش كل المسيحيين واحد, فعدتُ وسألته: وهل صادفت مسيحيا غير محترم؟ فقال بصراحة:لا, فعدت لأسأل أمي: وهل صادفت أثناء خدمتك في التربية معلمة مسيحية غير محترمة؟ فردت:لا, فقلت: إذا لماذا كلكم تقولون(مسيحي بس محترم, أو مسيحية بس محترمة, أو مدير بنك مسيحي ولكنه محترم!, هذا يعني وكأن لكم تجارب مع مسيحيين ليسوا محترمين!.
ثم خرجت من المنزل لشراء الخبز, وفي المخبز وأنا أقف على الدور بانتظار الخبز, تذكرت بأن في هذا المخبز قبل سنتين تقريبا كان فيه عامل مصري قبطي, فسألت صاحب المخبز: وين(أين) المصري القبطي الذي كان يعمل لديك, فأجاب: روح على مصر, فقلت له: كيف كان سلوكه؟ فقال لماذا؟ قلت: مجرد سؤال, فقال: والله بالرغم من أنه مسيحي إلا أنه كان محترما, فضحكت هذه المرة من كل قلبي وعدت لأسأله: يعني كان قبل ذلك عندك عمال مسيحيين مش محترمين؟ فرد: لا, ودخل المحل مدير مدرسة متقاعد منذ زمن طويل, فقلت له القصة, فقال: صح, أنا سنة 1985م كان عندي مدرس علوم مصري قبطي بس فعلا محترم, فسألته: يعني بعد ذلك أو قبل ذلك هل خدم في مدرستك معلم مسيحي قبطي مش محترم؟ فقال: أعوذ بالله, فقلت له: لماذا إذن تستخدم جملة(بس محترم!) وبأسلوب تعجبي؟ فقال: ما هو يا حضرة الشاعر مش كل المسيحيين زي بعض, فقلت: أعوذ بالله من هذا اليوم, يا جماعة قبل قليل قلتم(مش كل المسيحيين زي بعض) فمن أيت يتبادر إلى أذهانكم أن هنالك مسيحيين غير محترمين؟.
وفي طريق العودة إلى المنزل تقابلت مع صديق لي يعمل في (دُبي), فقلت له بعد التحية والسلام: هل لك في العمل بدبي زملاء أو زميلات مسيحيين؟ فقال: والله كثر بس محترمين, فضحكت وقلت له ما قلته لغيره ولم يستطع أن يجيب على أسئلتي.
طبعا أنا فهمت من كل الجملة أن المسلم لديه فكره عن الدين المسيحي بأنه محرف ومنحول وخرافة وغير صحيح وحين يصادفون رجلا أو زميلا في العمل مسيحيا تكون لديهم فكرة مسبقة عنه بأن هذا المسيحي يجب أن يكون لصا أو كاذبا أو مخادعا أو قوادا أو فاسدا أخلاقيا واجتماعيا, وحين يتعايشون معه يكتشفون بأنه(مسيحي بس محترم) والسؤال: إذا كان الدين المسيحي محرفا لهذه الدرجة فمن أين نبع مصدر الصدق والأمانة والاحترام في المسيحي؟ طبعا لو سأل رجلٌ مسيحي مسيحياً آخر عن صديق مسلم فهل سيقول المسيحي عن المسلم(مسلم بس محترم!).
انا اجاوبك بشجاعه.البعض ممن اعرفهم من المسلمين محترمين بقدر ابتعادهم عن الاسلام. فالمسلم محترم عندما يخالف تعليم الشيطان ليس الا .انا اقول انه غير ملتزم اسلاميا اي محترم وانساني، اما مسلم ومحترم ،فبين ذويه واشكاله فقط.