1
تعاني اغلبية العرب المسلمين من تقوقع مفاهيمي، حيث انهم لا يرون و لا يستوعبون ما يأتي خارج الاطار الفكري المرسوم لهم منذ الصغر، هذا التقوقع لا يقتصر على عامة الناس بل يتجاوزه الى مثقفين و كتاب و صحفيين درسوا و عاشوا في بلاد متقدمة و متطورة، لكن مع هذا لم يتغير في فكرهم او في سلوكهم شيء يذكر، لا بل ان اطارهم الفكري السلوكي زاد صلابة و قساوة، و هذا احد اسباب تخلف العرب و المسلمين في العالم.
عندما يعيش احد المسلمين في بلد ما باعتباره مواطنا من الطبيعي ان ياخد لقب البلد و ينادى به، مثلا المسلم الذي يعيش في العراق يقال له مسلم عراقي، و في سوريا مسلم سوري، و في لبنان مسلم لبناني، و في بريطانيا مسلم بريطاني…. هذه من البديهيات التي لا يختلف عليها مسلمان اثنان… لكن عندما يصل الامر الى اسرائيل ياخذ الامر منحى اخر و تفتعل الاختلافات، و يرفض مسلموا الدول العربية و الاسلامية اطلاق لقب اسرائيلي على المسلم الذي يعيش في اسرائيل فلا ينادونه بمسلم اسرائيلي.
لا ادري ما سبب كراهية العرب و المسلمين لكلمة اسرائيل، في حين انه من المفروض ان تكون كلمة إسرائيل من الكلمات المقدسة عندهم لانها لقب احد عظماء الانبياء المذكور اسمهم في القران (النبي يعقوب)، و لك صديقي القارئ ان تتصفح القران و الاحاديث النبوية كي تجد كم هائل من المدح و الثناء على اسرائيل ( النبي يعقوب)… لكن خلافا للقران و لوصايا النبي محمد ترى المسلمين يشتمون و يسبون و يهذرون اقذع الكلمات و الجمل حيال اسرائيل( النبي يعقوب ).
2
شئنا ام ابينا اسرائيل تعتبر دولة معترف بها دوليا و عرفيا و حتى في القران الكريم سورة القصص التي تروي قصة النبي يوسف و اخوانه تعترف بحق اليهود بارض ما تسمى فلسطين عند العرب، في هذه الدولة الحضارية الديمقراطية يعيش المسلمون جنبا الى جنب مع اليهود و المسيحيين و الزرادشتيين و غيرهم، ناهيك عن القوميات و المذاهب المتنوعة الاخرى، و يتمتع المسلمون كما الاخرين بحقوق سياسية دينية اقتصادية ثقافية اعلامية.
في تل ابيب تتوزع المساجد و الجوامع و يتوافد عليها المصلون و يمارسون طقوسهم و شعائرهم بكل حرية و من دون ادنى خوف او قلق حتى ان المرء ليشكك هل هذه عاصمة اسرائيل ام عاصمة دولة اسلامية.
مكاتب الحج و العمرة و زيارة الاماكن المقدسة الاسلامية تنتشر في تل ابيب و باقي المدن الاسرائيلية ايضا، حسب احصائية نشرتها احدى المواقع الاسرائيلية اكثر من 200 شخص مسلم يعيشون في اسرائيل توجهوا للحج هذا العام 2014.
اللباس و المظاهر الاسلامية، من اطالة اللحية و استعمال السواك و تقصير الجلباب للرجال و اطالت الحجاب و البرقع للنساء، تراها شيئا عاديا في شوارع المدن الاسرائيلية، في حين ان بلدان اسلامية تعتبر هذه العادات تخلفا و تمنعها.
3
الكنيست الاسرائيلي الذي يعتبر احد اهم اماكن اتخاذ القرارات السياسية في اسرائيل يتواجد فيه نواب عرب و مسلمون و جميع حقوقهم في النقد و الاعتراض لا بل حتى في السب و الشتم و اهانة رموز دولة اسرائيل محفوظة، و لك صديقي القارئ ان تبحث في موقع يوتيوب عن النواب العرب في الكنيست الاسرائيلي كي تتأكد من صحة ما نقوله، فضلا عن هذا هؤلاء النواب ضيوف دائمون على الاعلام العربي يدلون بتصريحاتهم و كلامهم من تل ابيب باسقاط دولة اسرائيل، بدون ان يحاسبهم احد.
الموظفين المسلمين في الدوائر الرسمية الاسرائيلية، لا احد يمنعهم من الصلاة او الصيام او الاحتفال بالاعياد و المناسبات الاسلامية، بامكانهم تادية الصلوات الخمسة الى جانب حقوقهم في اجازات عيدي الفطر و الاضحى، و اثناء حلول شهر رمضان يتم مراعاة صيامهم.
الحقوق الاقتصادية من تجارة و كسب الرزق و التكافل الاجتماعي و الصحة و الامان متوفرة للمسلم كما هي متوفرة لليهودي و المسيحي و غيرهم.
عشرات الوسائل الاعلامية الاسلامية الالكترونية و غير الالكترونية تنطلق من تل ابيب ينتقد من خلالها كبار سياسيي اسرائيل، بدون ان تتعرض هذه الوسائل لادنى محاسبة او تقع عليهم مسؤولية.
ما ذكرناه اعلاه جزء من الحقوق المكفولة للمسلمين المواطنين الذين يعيشون في اسرائيل، و هم يدركون هذا الشيء لذلك تراهم مبسوطين و مرتاحين في عيشتهم و يفتخرون انهم ينتمون لبلدهم اسرائيل… و يشاركون في صفوف الجيش لحماية هذا البلد الذي يحترم انسانيتهم و كرامتهم.
ان الاوان للفرد المسلم في البلدان العربية و غير العربية ان يتخلص من قوقعته الفكرية السلوكية، ان الاوان ان يحترم دولة اسرائيل، و يحترم ارادة و رغبة اخوه المسلم الذي يفتخر بعيشه و أنتمائه لاسرائيل، و يعتبر نفسه مسلم اسرائيلي.
Mahdi.m.abdulla@gmail.com
المصدر ايلاف
