نشرت الاخبار ان رئيس الجمهورية التونسية طالب بمساواة الرجل مع المراءة بالميراث، او الذكر بالانثى ، والسماح للمراءة التونسية الزواج من غير المسلم وايقاف العمل بالتشريع القرآني . واصدرت دار الافتاء التونسية موافقتها على مقترح رئيس الجمهورية ببيان رسمي .
لقد انقسم الناس بين مؤيد للفكرة و معارض لها . وكل يدلي بدلوه في هذا المجال .
في تعليق لاحدى النساء المثقفات التونسيات في فيديو لها على الانترنيت قالت :
يعترض بعض المسلمين على ايقاف العمل بآية قرآنية تشريعية بان للذكر مثل حظ الانثيين في الميراث ويرفضون مساواة المراءة بالرجل لأنها تشريع الهي و من ثوابت القرآن والاسلام . ويقولون ان الآية صريحة و واضحة في القرآن ولا يجوز ايقاف العمل بها .
تتسائل المراءة التونسية قائلة : هناك آيات صريحة كثيرة وردت في القرآن تم الغاء العمل بها و ايقاف تطبيقها في الكثير من الدول الاسلامية التي تتصدر دساتيرها عبارة ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في البلاد . ولم يعترض عليها المسلمون او المرجعيات الاسلامية او الشيوخ المتعصبين وسكتوا عنها راضين مقتنعين بألغاء تطبيقها في الحياة الاجتماعية بين الناس لانها لا تلائم عصرنا الحالي .
ومن هذه التشريعات التي اوقف العمل بها شريعة قطع يد السارق ، وعدم تطبيق الرق رغم ان الاسلام لم يحرمه نهائيا . وتتسائل لماذا لا يعترض المسلمون على ايقاف تلك التشريعات القرآنية و منع المتاجرة بالنساء والاطفال و العبيد ؟
وكذلك ايقاف العمل بالغزو وسبي النساء الذي مارسه المسلمون الاوائل والرسول نفسه وصحابتة من بعده . اليست هذه سنة نبوية كانت سائدة سابقا في العصر الاسلامي الاول في زمن محمد و خلفاءه من بعده ؟
لماذا تم ايقاف العمل بشريعة ملك اليمين وامتلاك العبيد والجواري اغتصاب الامة والاستمتاع بجسدها وهي مذكورة بالقرآن ؟ ولم يعترض المسلمون على ايقاف ما مارسه رسول الاسلام و صحابته و خلفاءه الراشدين في امتلاك الاماء و العبيد وحق مضاجعتهن ؟ اليس هذا من تشريعات القرآن و سنة النبي ؟
لماذا هذه الانتقائية في تطبيق التشريعات القرآنية ، يطبقون ما يعجبهم و يسكتون عن تطبيق ما لا يستطيعون الاعتراض عليه من القوانين الوضعية التي تخدم الانسانية رغم انه تشريع قرآني موجود بكل صراحة في القرآن .
لماذا ينتقد معظم المسلمين اعمال داعش الاجرامية في الغزو وسبي النساء واغتصابهن وبيعهن في سوق النخاسة ، و ممارستها لقطع اليد و ذبح الاسير والقاء الناس من اسطح البنايات العالية ؟ رغم ان كل تلك الاعمال مارسها النبي وخلفاءه و المسلمون الاوائل في زمن النبي و ما بعده . لماذا ينتقد المسلمون الان تلك الممارسات الداعشية ويعتبرونها اعمال وحشية و اجرامية رغم وجود نصوص تبيحها في القرآن ، ولا ينتقدون ايقاف ممارسة الرق والغزو والسبي الان وهو لم يحرم في الاسلام وهي من قوانين الاسلام الصحيح ؟
تقول المراءة المثقفة التونسية : اما ان نفتح باب الاجتهاد والتأويل لجميع نصوص آيات القرآن ونعدلها او ان نصمت .
على فرض ان الاية صريحة و واضحة في القرآن فيما يخص حصة الانثى نصف حصة الذكر في الميراث ، فكيف نفسر ان خليفة المسلمين واحد اقرب الصحابة لنبي الاسلام محمد وهو عمر بن الخطاب ، قد اوقف العمل بآية صريحة في القرآن مثل آية دفع الزكاة للمؤلفة قلوبهم، والقرآن يقر صراحة بدفع الزكاة للمؤلفة قلوبهم؟ الجواب ان عمر بن الخطاب وجد ان الضرف غير مناسب لتطبيق هذه الاية واعطاء الزكاة لأولئك القوم . تماما كما الغى شريعة قطع يد السارق واوقف العمل بها في سنة الرمادة اي سنة المجاعة رغم انها تشريع قرآني .
اذن ايقاف العمل ببعض تشريعات القرآن قد حصلت في التاريخ الاسلامي دون ما اعتراض من المسلمين . وهذا يدل ان القرآن غير صالح للتطبيق في كل زمان ومكان بكل تشريعاته .
وتضيف هذه المراءة التونسية قائلة : هل تعلم ان المسلمين الاوائل في زمن محمد قد رفضوا اية الميراث التي تخص المراءة عندما تلاها محمد على المسلمين ، وقالوا كيف نعطي ميراثا للمراءة ؟ حيث كان العرب قديما يعتبرون المراءة هي متاعا جنسيا للرجل وتابعا له فقط . الصحابة قالوا كيف ترث المراءة والطفل الصغير ؟ ثم قالوا لنسكت عن هذا الأمر لعل الرسول ينساه او يغير رايه فيه .
ليس هناك اية في القرآن تمنع منح المراءة ميراثا مساو لنصيب الرجل . فما مذكور في التشريع هو منحها نصف حصة الذكر كحد ادنى من حصة المراءة ، ولا يجوز ان يكون اقل من نصف حصة الذكر ، و لكن هذا لا يمنع ان يكون نصيبها اكثر من النصف او حتى مساويا لحصة الذكر من الميراث . اما البعد الاجتماعي الذي يقول ان الرجال هم القوامون على النساء وهم ينفقون عليهن ، فقد تغير مع الزمن ولا يصلح العمل به الان ، حيث ان المراءة دخلت مجال العمل وتعلمت و اصبحت قائدة و رائدة في المجتمع وحصلت على اعلى المناصب في الدولة وافضل من الرجل احيانا . فالنساء يشتغلن مثل الرجال تماما في كل المجالات ، والكثير من النساء ينفقن على الذكور في العائلة مثل الاب الكبير والعاجز او المريض والاخ الصغير او في المدرسة ، و تصرف المراءة العاملة على الام كذلك وترعى اخوتها الذكور الصغار او ابنائها وتنفق عليهم ان كانت ارملة او مطلقة . فهي لا تختلف عن الرجل في الانفاق ، فلماذا تأخذ نصف حصة الرجل في الميراث؟
في الكثير من البلدان الاسلامية ، يجلس الرجال في المقاهي للثرثرة بلا عمل ، بينما يرسلون نسائهم وبناتهم للعمل كخادمات في البيوت او المعامل او المزارع ليكسبن المال وينفقن عليهم . وبالنتيجة يحصل الاخ على ضعف حصة اخته من الميراث استنادا للشرع الذي شرع قبل 1400 سنة من قبل بعض البدو !!
هل هذا هو العدل الذي يتحدث عنه الله ؟ هل هذا هو المنطق ؟ هل يقبل الأب الذي يربي ابنه وابنته في بيت واحد ، ويدخلهما الى المدارس ويحصلان على نفس الشهادات ، ثم بالميراث تحصل ابنته على نصف ما يحصل عليه ابنه ؟
هذا أمر غير منطقي ولا يستقيم مع العدل .
المضحك ان من يطالبون بتطبيق شريعة القرآن في توزيع الميراث من الذكور ، لا يفقهون في الدين ولم يقرؤا او يفهموا القرآن في حياتهم. لا يصلون ولا يصومون ولايطبقون الدين ، وربما يشربون الخمر ويعملون الكبائر ، لكن عند تقاسم الميراث يرجعون للدين ويتذكرون شريعة القرآن وآية توزيع الارث وان للذكر مثل حض الانثيين للحصول على المكاسب والمال .
المسالة ليس لها علاقة بالدين ولا بالشرع عندهم ، انما هي الانانية والطمع ، ظاهرها الدين وباطنها الحصول على اكبر قدر من الاموال على حساب الانثى المستضعفة وباسم الدين والشرع والفقه .
في الكثير من الدول الاسلامية ، تمنع المراءة وخاصة في القرى من الحصول على حقها بالميراث ، وفي احسن الاحوال تعطى بيت ابيها لتسكن فيه ان لم يكن لها مسكن ، لكن لا تعطى اموالا . ولا تستطيع المراءة الريفية الامية الدفاع عن حقها في الميراث امام اخوتها الذكور في المجتمع الذكوري الذي لا يعطي للمراءة وزنا .
فلماذا لا تحصل مشكلة عندما لا تطبق شريعة القرآن في تقاسم الميراث للمراءة ؟ اليس هو نفس الدين ونفس القرآن ؟
اما ان نختار الاندراج في الروحانيات والتمثل المفتوح المجتهد في النص الديني ونتبع جوهره و مقصده التشريعي او نتبع قراءة حرفية صريحة للنص فنصبح مثل داعش في تطبيق الاسلام . او نترك القراءات الدينية منفتحة مختلفة ، ونطبق القانون الوضعي لتطبيق المساواة بين المواطنين ذكورا واناثا ، والقانون هو من يحكم بين الذكور والاناث على قاعدة المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ولا فرق بين ذكر وانثى امام القانون .
اما منطق التلفيق والانتقاء في قبول هذا ورفض ذاك ، فلن يؤدي الا الى طريق مسدود وعدم المساواة و ضياع العدل في المجتمع .