(مذكرات عريف )10″ الهروب “

و بعد ان وصلنا الى تركيا تعرفنا هنالك على مفهوم جديد: تهريب البشر و صناعة الهجرة؛ اسبابها و كيف هى سوق للعصابات المرتزقة من مصائب و حاجات الإنسان, إنها الاستغلال الكامل و سوق العبودية و النخاسة فى ظل الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و المجتمع الأوروبى و الديمقراطية.

نعم .. اصبحت فيلسوفاً و قرت كتابة كتاب عن مذكراتى ووجدت نفسى فى دائرة و باتجاهات اربعة مثل حَمَل ينهشه الذئاب من كل صوب ..

ولحسن حظى تعرفت على انسان جيد و عائلة و اصبحنا اصدقاء و ساعدونى بطلب الهجرة الى احدى الدول الأوروبية و الأمم المتحدة كذلك تقدمت بطلب لجوء و تم ذك بعد معاناة سنة كاملة و نجحنا فى الهروب الثانى و الاستقرار فى بلد جليدى و شعب جليدي, نعم منظم و يوجد قانون و لكن كل شيء لدينا جليدى …

و ضاق صدرى و عقلى و اختنقت العائلة و تعلمت مفاهيم جديدة رغم انى من قرية عراقية و لكنى لم اسمع بها و لم اشاهدها بهذا الشكل الغريب .. الحجاب و اللحم الحلال و المساعدة الحكومية و الالتفاف على القانون و شعرت بغربة جديدة و حنين للوطن بعد ثلاثة سنوات حصلت على ورقة تقول لقد تغير جلدك و اسمك و حياتك و سقطت عنك الهوية, اسمها الجنسية الجديدة .. فرحت و حزنت, فرحت لأنها كانت حماية لأسرتى و حزنت لأننى شعرت بأننى مجرد ورقة و ليس بشر.

و فجأة قررنا العودة للوطن و بدأت رحلة العودة للعودة, و اللاعودة كما كنت اظن.

عندما نزلت الطائرة فى المطار سجدت و قبلت التراب و عندما رفعت رأسى وجدت الجميع يضحك على, وهكذا فهمت انى رجعت للعراق و ليس للوطن!

يتبع

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.