و بعد ان وصلنا الى تركيا تعرفنا هنالك على مفهوم جديد: تهريب البشر و صناعة الهجرة؛ اسبابها و كيف هى سوق للعصابات المرتزقة من مصائب و حاجات الإنسان, إنها الاستغلال الكامل و سوق العبودية و النخاسة فى ظل الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و المجتمع الأوروبى و الديمقراطية.
نعم .. اصبحت فيلسوفاً و قرت كتابة كتاب عن مذكراتى ووجدت نفسى فى دائرة و باتجاهات اربعة مثل حَمَل ينهشه الذئاب من كل صوب ..
ولحسن حظى تعرفت على انسان جيد و عائلة و اصبحنا اصدقاء و ساعدونى بطلب الهجرة الى احدى الدول الأوروبية و الأمم المتحدة كذلك تقدمت بطلب لجوء و تم ذك بعد معاناة سنة كاملة و نجحنا فى الهروب الثانى و الاستقرار فى بلد جليدى و شعب جليدي, نعم منظم و يوجد قانون و لكن كل شيء لدينا جليدى …
و ضاق صدرى و عقلى و اختنقت العائلة و تعلمت مفاهيم جديدة رغم انى من قرية عراقية و لكنى لم اسمع بها و لم اشاهدها بهذا الشكل الغريب .. الحجاب و اللحم الحلال و المساعدة الحكومية و الالتفاف على القانون و شعرت بغربة جديدة و حنين للوطن بعد ثلاثة سنوات حصلت على ورقة تقول لقد تغير جلدك و اسمك و حياتك و سقطت عنك الهوية, اسمها الجنسية الجديدة .. فرحت و حزنت, فرحت لأنها كانت حماية لأسرتى و حزنت لأننى شعرت بأننى مجرد ورقة و ليس بشر.
و فجأة قررنا العودة للوطن و بدأت رحلة العودة للعودة, و اللاعودة كما كنت اظن.
عندما نزلت الطائرة فى المطار سجدت و قبلت التراب و عندما رفعت رأسى وجدت الجميع يضحك على, وهكذا فهمت انى رجعت للعراق و ليس للوطن!
يتبع