مذبحة بني قريظة

لم أعرف طوال فترة قراءتي عن الشعوب وعن الحضارات شعبا تعرض للمحن وللاغتيالات وللمذابح الجماعية كما هو الشعب اليهودي المسكين,هذا الشعب الذي لم يسبق لمثله أن قُتِلَ وأن عُذبَ وأن أُستغل وأن عانى وكابد كما هو الشعب اليهودي على مر الزمان,ومن أكثر المشاهد التي أثارت حسي ومشاعري هي المذبحة التي قام فيها محمد(ص) ليهود بني قريظة, في حين يتحدث ويتشدق المسلمون اليوم عن الدين الإسلامي دين الرحمة والإنسانية والعفو عن الناس,فأين كانت الرحمة والإنسانية حين قُتل يهود بني قريظة؟بعد انتهاء غزوة الخندق ومحاصرة قريش لمحمد في المدينة بحجة أن اليهود خانوا العهد وسمحوا للمشركين من قريش وغطفان للالتفاف حول الخندق ومحاربة محمد من الشمال حيث يسكن اليهود,علما أن قتلى المسلمين في غزوة الخندق كانوا خمسة أشخاص فقط لا غير وانفك الحصار,ولم يشارك اليهود في القتال وعادت كل الجيوش إلى حظائرها ومواقعها في ديارها كلٌ حسب عشيرته وقبيلته.

المهم أن اليهود تعرضوا إلى مذبحة شرسة تصلح اليوم لفيلم سياسي تظهر فيه وحشية المسلمين في التعامل مع اليهود,700 رجل من اليهود سيقوا مكبلين بالحبال إلى مقبرة جماعية تم خلالها جز رؤوسهم وذبحهم كما تذبح الأغنام والشاة, وكعب بن أسعد أثناء حصار بني قريظة جمع اليهود وشاورهم ودعاهم إلى واحد من ثلاثة3, فقال أولا:تعالوا ندخل في دينه,فرفضوا,ولم يعترفوا بمحمد كنبي ورسول,وثانيا : نقتل نسائنا وأولادنا بأيدينا ونخرج بهجمة رجل واحد,فقالوا ما ذنب اليهود الأطفال والنساء؟ كيف نقتل أطفالنا بأيدينا ونساءنا؟ فقال:إن انتصرنا نأتي بنساء جدد وأولادٌ جدد,وأن نقتلهم بأيدينا خيرٌ لنا إن هزمنا أن يقعوا في أيدي المسلمين,فرفضوا, فقال أما الثالثة:الليلة ليلة السبت يرتاح المسلمون ولا يراقبوننا لأنهم يعلمون أننا لا نهاجم في السبت…فتعالوا نهجم عليهم,قالوا يقلبنا الله قردة وخنازير,أما علمت عن الذين اعتدوا في السبت؟!!

وذبح اليهود جميعا,دون أي رحمة ودون أن يقولوا كلمة الوداع الأخيرة.وأصروا على دينهم ورفضوا الدخول في دين محمد.19 عشر يوما من الحصار, استبسل أثناءه علي بن أبي طالب ومجموعة تعاهدوا على الموت وقالوا نفتح حصن بني قريظة,فاستسلم اليهود,وقالوا يا محمد نزلنا عند حكمك,ففتحت الحصون وسُلّمَ كل ما في الحصن فأمر محمد بتوثيق الرجال,وسبي النساء,وقال:هل ترضون بحكم سعد بن معاذ؟ فقالوا بلى نقبل,فجاء سعد محمولا على حمار , حيث كان جريحا بسهم أصابه في غزوة الخندق لا يستطيع المشي,وفي الطريق جاءه سادة اليهود والقبائل الأخرى…وهو يقول:قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومت لائم.

فقال سعد يمضي حكمي على من هنا….؟ وهو يقصد الرسول,فقال الكل نعم,فقال:تسبى النساء والذراري ويقتل الرجال,وتصادر أموال اليهود,فقال الرسول مكبرا:ألله أكبر لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات,فأرسل لليهود فأوتي بعشره فقتلهم كالخرفان,وفي موقف مضحك ومبكي في نفس الوقت قال رجل بسيط من اليهود:ماذا يفعل بنا,يأخذون عشرة رجالٍ منا؟,أين يذهبون؟فقال أحد السادة إنهم يذبحون يا فتى.

وكان من بين كل تلك المذبحة موقفٌ لامرأة يهودية أعجبني,وهي (ريحانة) من أجمل نساء بني قريظة,عرض عليها محمدٌ النجاة ودخول الإسلام ويتزوجها, فرفضته وقالت :أبقى على ديني وافعلوا بي ما تشاءون,وقيل أنها أسلمت بالإكراه من كثرة الضغط عليها لكي تصبح زوجة لمحمد ومع ذلك لم تقبل الزواج من محمد وبقيت أمة عنده ورافضة الزواج منه حتى وافتها المنية,وموقفٌ آخر أعجبني جدا ليهودي شجاع عفا عنه محمدٌ هو وماله وعياله بناء على طلب أحد الأنصار,ولكن هذا اليهودي الشجاع لم يقبل بالنجاة بنفسه حين علم أن اليهود وسادة اليهود وأحبارهم وعلماءهم سيقتلون ,ذاك هو الزبير ابن فاضه,رآه واحدٌ من الأنصار فقال يا رسول الله:هبه لي ,لقد كان سببا في حريتي يوم بعاث حيث أطلقني من أسري أيام الجاهلية, فعفا عنه محمد ,فقال الزبير ابن فاضه: وزوجتي وأولادي,وأموالي ترد إليّ؟,فقال الرسول: زوجه وأولاده وماله يردون إليه, ثم سأل الزبير: ما يُفعلُ بكعب ابن أسد؟ وهو سيد بني قريظة..و ما يفعل بحيي بن أخطب؟ فقال لهم الرسول:يذبحان, فقال الزبير ابن أفاضه : ما أرضى عن نفسي أن أعيش وحيي يقتل وكعب بن أسد يقتل,إنهم سيذهبان إلى الجنة,وأنا أريد اللحاق فيهم,وقال : أصحبهم إلى الجنة خير لي من هذه الحياة,فأخذ المسلمون هذه الكلمة بكثيرٍ من السخرية,والضحك. ورد عليه أبو بكر بكثير من الغضب, وقال:بل تصطحبهم إلى النار. وقيد الرجل مكبلا بمشهدٍ إتراجيدي بكثيرٍ من المؤثرات , وذبح , وقطع رأسه, لقد أعطوه النجاة فرفض أن ينجو بنفسه واليهود يذبحون والأموال تنهب والأطفال والنساء…إلخ.

ما هو الانطباع العام الذي سيأخذه الناس والعالم عنا حين يقرئوا مذبحة بهذا الشكل؟حتى وإن خان اليهود الاتفاق مع محمد فقد كان من الممكن لمحمد أن يتخذ معهم أي إجراء ما عدى هذا الإجراء الخطير,كان من الممكن له أن يكتفي بسبي ومصادرة الأموال,أو أن يتخذ إجراء غير هذا الإجراء,لكي يثبت أنه نبي الرحمة للناس كافة,لقد عانى الشعب اليهودي الكثير من هذه المذبحة,وتصوروا معي شكل الأطفال الأيتام حين قتل المسلمين أبائهم وسبى أمهاتهم,إنه موقفٌ مرعبٌ حقا.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.