مجموعة مقاطعون للإنتخابات في العراق

بيان
أيها العراقيون الغيارى
منذ سقوط النظام السابق بعد 13 سنة من سنوات حصار عجاف، فرح العراقيون وإستبشروا خيراً بعهد جديدٍ يسوده العدل والمساواة وتحقيق التكافل الاجتماعي وضمان مستقبل الأجيال القادمة. إلاّ أن الطبقة السياسية التي جاءت مع إلإحتلال كانت محملة بأحقاد دفينة إحتوتها نفوسهم المريضة التي تربت على الذل والعمالة، فخدعت العراقيين البسطاء باسم الدين فزرعوا أسس الطائفية المقيتة وقتلوا الجيش العراقي حارس الوطن الأمين تمهيدا لسرقة ثرواته وتصدير أثاره وتفريغه من الكفاءات وتهجير شعبه بعد سلسلة من التفجيرات بألاف السيارات المفخخة التي أنتجت جيلا من المعاقين وأسالت دماء أبنائه الذين راحوا شهداء هذا العهد الأسود، ولم يكتفوا بذلك بل إن سياستهم الفاشلة أنتجت أثر الحركات الإرهابية (داعش) التي إحتلت ثلث البلاد وهجرت الملايين من أبناءه وما زالوا، وتكلف تطهير تلك المحافظات كوكبة ضخمة من أبناء شعبنا، والأدهى من ذلك فقد حملوا البلاد ديونا ثقيلة تقيد أجياله القادمة، في حين ظلّوا هم يتنعمون بإمتيازاتهم ولا يحقق النصاب والإجماع في مجلس النواب إلا لتقرير إمتيازات أكثر، وظلت عيونهم تسعى للخارج بحيث لا يذكروا العراق إلا عند سرقته، فإمتلكوا القصور في الخارج وإشتروا الجزر الكثيرة في دول العالم، في الوقت الذي ظَلّوا يطالبون المواطن الفقير بالتقشف، وتقليص الوظائف، فسادت العطالة والفقر، وفقد العراق مقوماته الأساسية كدولة ذات سيادة، وكثرت تدخلات الدول الأجنبية فيه سواء الغربية منها والإقليمية. وإنتشر الفساد في كل مفاصل الدولة، وإنتشرت فضائح المسؤولين في كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وغزت المخدرات المجتمع العراقي بعد أن كان العراق من أنظف الدول في هذا المجال. فهاجر العديد من العراقيين حتى أصبح هناك 6 ملايين عراقي لاجئ في دول العالم المختلفة.

وعلى الرغم من كل هذه الصورة القاتمة والوضاع المزرية فقد ظلت الطبقة السياسية موغلة في فسادها رغم فضائحها، ومصرة في كل مرة على تجديد ولايتها لأربع سنوات أخرى للإستمرار في مسلسل فسادها ونهبها دون تقديم الخدمات العامة الأساسية كالماء والكهرباء وما إلى ذلك. ودون الالتفات إلى معاناة الشعب حيث ما زال هناك أكثر من 2 مليون نازح يسكنون الخيام، و6 مليون عاطل يبحثون عن فرصة عمل، و4 مليون أرملة تصارع الحياة من أجل لقمة العيش الشريف، و2 مليون يتيم.

وتشهد هذه الأيام، دورة جديدة لإنتخاب ذات الكتل السياسية الفاسدة، مضافا اليها عددا من الوجوه الجديدة التي لن تقوى على تغيير هذا الواقع المؤلم والوضع البائس. في ظل إنفاق مليارات الدولارات في الدعاية الانتخابية بدلا من صرفها لتحسين أحوال المواطن المقهور.

وإزاء كل ذلك، فقد تناخى المثقفون الغيارى من أبناء هذا الشعب الصابر، وقرروا إتخاذ موقف حازم من هذه العملية السياسية العليلة، من خلال مقاطعة الانتخابات التي دعت اليها الحكومة يوم 12/5/2018 لعرقلة إعادة تدوير نفس الكتل السياسية الفاسدة، وخلق طبقة جديدة لا تقوى على شيء سوى التمتع بإمتيازات النائب العراقي التي باتت تعرف في بأنها الأكثر في العالم، وأصبح البرلمان العراقي يعرف بأنه أفسد مؤسسة في التاريخ.

وقد قررنا أن نوحد جهودنا وأن نعلن للعالم أجمع رفضنا لهذه الانتخابات التي لا تجلب إلا أشخاص يرتقوا على أكتافنا ليعيشوا منعمين على حساب هذا الشعب المقهور، بعد فترة طويلة سبقتها في توعية المواطنين بأهمية مقاطعة الفاسدين كأول خطوة لإيقاف هذا الفساد والهدر بالمال العام، وإعادة قطار الدولة على السكة. فالمقاطعة ليست غاية بحد ذاتها، وإنما هي وسيلة من بين عدة وسائل للتنبيه إلى سوء الأوضاع وتدهورها في العراق في كافة المجالات.

وقد آن الآوان لإظهار رفضنا لهذه العملية السياسية الفاشلة التي لم تجلب سوى الخراب والدمار وهدر الأموال. وأن نظهر كجماعة موحدة باسم (مجموعة مقاطعون للانتخابات في العراق) وأن نضع استراتيجيتنا لإنقاذ العراق من خلال خطة وطنية شاملة، وأن نبدأ أولى خطواتنا في هذا التوجه من خلال حملة وطنية مفتوحة للتوقيع لمقاطعة هذه الانتخابات التي تدعم وجود الفاسدين وتديم مسلسل نهبهم للثروات الوطنية وستتخذ المجموعة خطوات عملية أخرى لاحقا للتواصل مع القوى الوطنية الأخرى وستعقد المجموعة إجتماعاتها في بغداد والمحافظات، وداخل العراق وخارجه لحشد أصوات العراقيين، دون تمييز وأينما كانوا، الذين وصلوا إلى قناعة تامة بأن هذه الطبقة السياسية لن تجلب الخير للعراق وشعبه، وقد وصلت نسبة المقاطعة إلى 50 % في أقل الأحوال. لذا ندعو جميع العراقيين للإنضمام لهذا التحرك الوطني، كما نهيب بالإعلام العراقي النزيه إلى إيصال صوتنا للعالم أجمع، دون أن يفهم أننا ضد إقامة انتخابات حرة ونزيهة تستند إلى قانون إنتخابي صحيح ومفوضية انتخابات مستقلة، ونظام إنتخابي سليم ورصين. والعمل بعد الانتخابات بإجراء إزالة هذه التركة الثقيلة من الخراب والدمار والديون والفساد وتهاوي قواعد المجتمع العراقي، بعد أن بلغ السيل الزبى، ولم يعد في القوس من منزع. وأن نثبت للعالم أجمع أننا شعب حر أبِّي يحب الحياة ويستحق إحترام العالم وتقديره وأن يحظى بمكانته اللائقة بين الأمم وشعوب العالم ودولها.

وفي نفس الوقت ندعو الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية الأخرى إلى التدخل بقوة لمعالجة الواقع المأساوي في العراق ورفض هذه الانتخابات الهزيلة وغير المستندة إلى قواعد ونظم ومؤسسات إنتخابية سليمة في ظل ظروف صحية ومناخ إنتخابي سليم، والوقوف إلى جانب الشعب العراقي في محنتة العظيمة هذه.

تحية لكل عراقي وطني غيور على أرضه وشعبه.

بغداد في 6/5/2018
مجموعة مقاطعون للإنتخابات في العراق

About رياض السندي

د. رياض السندي دكتوراه في القانون الدولي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.