قامت شرذمة من البرابرة الإسلاميين في(7-7-2005 ) بترويع العالم، بتفجيرها لباص نقل داخلي وثلاث محطات ميترو في مدينة لندن. وقد أسفر العمل الإرهابي عن قتل مايزيد عن خمسين شخصا وجرح مايزيد عن سبعمائة شخص ناهيك عن عدد من المفقودين والمقبورين تحت الأنقاض.
لم يتمّ الكشف عن هويّة أي من الجثث التي عثروا عليها حتى تاريخ اللحظة، نظرا لوحشية هذا العمل التي تعكس مرّة أخرى الفكر الإسلامي الإرهابي وتحمل هويّته وطابعه.
ردود الأفعال العالمية كانت كالعادة عنيفة في شجبها وتنديدها. أما ردود الأفعال الإسلاميّة والعربيّة فقد اختلفت في حدّتها عن أي زمن مضى. وهذا، إن دلّ على شيء، إنّما يدل على أنّ المسلمين قد بدأوا يدركون بأنّ العصا التي سترفعها أمريكا والغرب هذه المرة ستكون حامية أكثر من أيّة مرّة أخرى وقد تترك على مستقبلهم وحياتهم عواقب أشدّ من التي خلفتها تفجيرات أيلول الإرهابيّة.
******
السؤال الذي بدأ يطرح نفسه على الجميع في الغرب: متى ستكون بلادنا آمنة من الإرهاب الإسلامي؟
إن المتتبع للإرهاب الإسلامي، الباحث عن دوافعه وأشكاله وعن طرق مواجهته، لَيَجدُ في هذه الجريمة الوحشية الجديدة حافزاً آخر للاستمرار في بحثه، ولكنه لسوف يبقى يتساءل: لماذا الإسلام وحده مسؤولاً عن الإرهاب في عالم اليوم؟!
أوغلت، قبل تسرعي في التعليق على الحدث، في قراءة الصحافة العالميّة والإسلاميّة والعربيّة علّني أصل من خلال ردود الأفعال التي وردت فيها إلى حقيقة جديدة قد تكون فاتتني في بحوثي السابقة فلم أعثر على المزيد.
سؤال لا يبرح يدور في رأسي باحثاً عن جواب:
ـ لماذا تصرّ أمريكا والغرب على تجاهل الحقيقة الدامغة بأن التعاليم الإسلاميّة هي المحرّض الوحيد لكل عمل إرهابي يقوم به المسلمون؟
يبدو هذا السؤال للوهلة الأولى عاديا جدا، لكن الإجابة عليه، وتحت أيّ ظرف، يجب أن لاتكون عاديّة!
براين روداك قائد شرطة لندن ردّ على الحدث بتصريحه:
“لايمكن ربط الإنفجارات بالمسلمين، إنّ الإسلام والإرهاب كلمتان لا تلتقيان لأن مبادئ الدين الإسلامي ضدّ الإرهاب وقتل الإبرياء. من يؤمن بالإسلام لايؤمن بالإرهاب. نحن نعتبر هذه الإنفجارات إرهابيّة وليست إسلاميّة”.
لاأستطيع أن أتصور السيّد روداك كقائد شرطة أشهر مدينة في العالم بنظامها البوليسي من حيث الدقّة وحسن التأهيل، لا أستطيع أن أتصوره معتوها إلى الحدّ الذي يدفعه لمثل ذلك التصريح!
ماذا يعني هذا التصريح؟
وأنا أحاول الإجابة على هذا السؤال لا بدّ أن أذكّر بتصريحاتٍ مماثلة للقادة الأمريكان، ابتداءً بالرئيس بوش وانتهاء برجل الشارع الأمريكي، كتلك التي تقول: الإسلام دين سلام.. حربنا ليست ضدّ الإسلام بل ضدّ الإرهاب.. إلخ.
كي تفهم سلوك أيّ إنسانٍ يجب أن تفهم الطريقة التي يفكّر بها.
الإنسان في العالم المتحضّر عموما يضبط نفسه عند الحدث، رغم فداحته، محاولا أن لا يقوم بأيّ عمل كردّة فعل، وذلك تجنّبا للتهور وسرعة الإنقياد التي قد لاتحمد عواقبها وتؤدي إلى عكس ماهدفت اليه.
رودود أفعاله هي عبارة عن أفعال مدروسة ومضمونة النتائج، يتأخر عادة في القيام بها كي يتأكد من جدواها وحسن توقيتها.
الإنسان في عالمنا العربي والإسلامي هو على النقيض من ذلك. كلّ أعماله عبارة عن رودود أفعال سريعة وغير مدروسة، لذلك نجده يركض ولا يصل، ويرعد ولا يمطر، ولا تتجاوز أفعاله في تأثيرها مهما اكفهرّت تأثير غمامة صيف عابرة!
كلّ حدث يثير مشاعر المسلم يدفعه لأن يرغد ويزبد ويهدد ويتوعد ثم يهمد فجأة كالديك المذبوح بعد نوبة رقص!
لا نعتقد أن السيّد روداك جاهلا إلى الحدّ الذي يمكن أن ننعته بالأميّة عندما نحاول أن نقيّم مدى المامه واطلاعه على مصادر الفكر الإسلامي والقرآن.
ولا نعتقد أنه غبيّا إلى الحدّ الذي لا يفهم عنده ما تتضمنه الاية القرآنية التي تقول:
“فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب..” (محمد 47 : 4) أو الأخرى التي تقول: “قاتلوهُمْ يعذِّبْهُمُ الله بأَيديكُم وَيُخْزِهِمْ ويَنصُرْكُمْ عليهِمْ ويَشْفِ صدورَ قومٍ مؤْمنين” التوبة 9 : 14) أو تلك التي تقول: “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد..”(التوبة 9 : 5)
لا نعتقد إلا إنه يعمل بما يقوله المثل: تكلّم بلطف واحمل عصا غليظة!
Speak softly but carry heavy stick
هذا المثل يجسّد إلى حدّ بعيد طبيعة السياسة التي تتعامل وفقها امريكا والعالم المتحضر مع الإرهاب الإسلامي اليوم.
نعومة صوتهم لا تعكس بالضرورة طبيعة موقفهم.
هم يمتصّون نقمة بشر تحركهم غرائزهم وليس عقولهم، بينما يحملون في الوقت نفسه عصا غليظة جدا للحدّ من جنون الإرهاب الذي تحض عليه تعاليمهم.
تفريغ هؤلاء البشر من وحشيّة ارتكاسهم الغريزي ضرورة تقضيها متطلبّات الحرب على الإرهاب قبل القيام بقص جذور هذا الإرهاب.
يخدّرونهم باسلوب دبلوماسي ناعم بينما في الوقت نفسه ينبشون بواطن كتبهم كي يقرأوها عليهم حالما تأكدوا أنهم في حالة عقليّة تسمح لهم باستيعاب ما يُقرأ لهم.
لا أتوقع أنه بعيد جدا ذلك اليوم الذي سيطالب به العالم المتمدّن السعوديّة بأن تقرأ على الملأ القرآن وجميع كتب تفسيره والإجابة على كلّ الأسئلة التي ستثيرها تلك القراءة.
في حدث غريب من نوعه خرج مفتي السعوديّة من مخبأه ليصرح بعد مجزرة لندن الأخيرة:
“الإسلام من الإرهاب براء والواجب على أهل الإسلام القيام في هذا الأمر وبيان الحق وكشف الزيف واعلام كافة البشر أنّ دين الإسلام دين الصلاح والإصلاح”.
متى سندغدغ مشاعر المفتي بقولنا: “صدقت ياسماحة الشيخ.. الإسلام براء من الإرهاب!..” ثم نشهر في وجهه عصانا الغليظة:
لكن هل تتكرم علينا وتشرح كيف سنقنع بشرا استحوذت على عقولهم فكرة المسيح بأنّ الله محبة، وبناء على تلك الفكرة أقاموا حضارتهم، كيف سنقنعهم بأن الإسلام براء من الإرهاب عندما نقرأ عليهم الآية التي تقول:
واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوكم وآخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم ما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وانتم لاتظلمون”؟!! (الأنفال 8 : 60)
أتحاول ياسماحة المفتي أن تتنكّر لكل ما جاء في القرآن وكتب الأحاديث من تعاليم تحض على القتال والقتل والذبح وضرب الأعناق؟!
بماذا تفسّر قول نبيّك: “أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لاإله إلاّ الله” أو “كتب عليكم القتال وهو كره لكم”.
لاأحد يملك من العقل بعضه إلاّ ويتساءل: إذا كان هذا هوالله الذي تعبدونه فمن هو الشيطان؟!
دلني على هذا الشيطان فقد أجد عنده دينا أفضل من هذا الدين؟!!
كيف نستطيع أن نقرأ عليهم كلّ الآيات والأحاديث التي تكرّس هذا التشريع الإرهابي، بوضوح أسطع من ضوء الشمس، ونقنعهم في الوقت نفسه بأنّ الإسلام، وعلى حدّ ادعائك، براء من الإرهاب؟!!
على من تضحك ياسماحة الشيخ؟!! أعلى نفسك أم على الناس؟!!
عندما قالوا لجحا: لقد أشتعلت النار ياجحا!
ردّ: لايهمني طالما ليست في قريتي!
ـ بل هي في قريتك!
ـ لايهمني طالما ليست في حارتي!
ـ بل هي في حارتك!
ـ لايهمني طالما ليست في بيتي!
ـ بل هي في بيتك!
ـ لايهمني طالما ليست في سروالي!
لقد أشعلت، بتشريعاتك المستقاة من كتبك وبفتاويك، نار الإرهاب في كلّ مكان دون الإحساس بأدنى ضمير، وعندما وصلت تلك النار إلى سروالك خرجت تهرول وتصيح: إنّها نار الإرهاب ونحن منها براء!!
اسلوبك الجحاويّ اسلوب مرفوض، وعلى العالم المتحضر في كلّ مكان أن يشهر عصاه الغليظة في وجهك ملزما إياك أن تقرأ كتابك وتشرحه للملأ!!
القوانين الإنسانيّة التي أقرّها هذا العالم هي التي سمحت لهولاء البرابرة الرعاع أن يدنّسوا أرضه ويسيئوا إلى حياته وقيمه ومثله التي أشاد عليها حضارته.
فتحوا لهؤلاء البرابرة أبوابهم عندما ضاقت الحياة بهم في أوطانهم، وتعاملوا معهم على اساس أنهم بشر يتمتعون بكلّ الحقوق التي يتمتّع بها مواطنوهم الأصليون. تلك غلطتهم وقد حان الوقت لتصحيح تلك الغلطة!
أين هي منظمة حقوق الإنسان لكي تضع تعريفا جديدا للإنسان قبل أن تدافع عن حقوقه؟!!
الإنسان لا يولد انسانا وليس شكله البشري هو المقياس الوحيد لإنسانيّته!
التربية هي التي تلعب كلّ الدور في تأنيسه، وعندما تفشل في ذلك يفشل المخلوق البشري في اكتسابه صفاته الإنسانيّة.
عندما تساهم تعاليم شيطانيّة في تشويه هذا المخلوق وقتل كلّ ملكاته التي تؤهله ليصبح انسانا، يجب أن تسقط عنه هويتّه!
المخلوق الذي يزرع قنبلة في باص يغص باناس لاحول لهم ولا قوّة متجهين إلى أعمالهم من أجل تأمين لقمة عيشهم بعرق جبينهم، هذا المخلوق الذي يفعل ذلك ثم يهلل ويكبّر باسم ربّه ويبارك فعلته هو مخلوق دون مستوى الإنسان بكثير.
هو حيوان متوحش وعليه يجب أن يعامل بكلّ قوانين الأرض على أساس أنّه وحش.
كما يجب إدانة كلّ جهاز تربوي وعقائدي ساهم ومازال يساهم في تحويل البشر إلى هذا النوع من الوحوش!
******
في أعقاب ضرب أمريكا لليابان بالقنبلة الذريّة صرّح الرئيس ترومان: عندما تواجه وحشا عليك أن تتعامل معه على أساس أنّه وحش. هذا مؤلم لكنّه الحقيقة!
متى سيعي الغرب تلك الحقيقة ويتعامل مع هؤلاء الوحوش على أساس أنّهم وحوش؟!!
مادام السيّد براين روداك قائد شرطة لندن يبحث عن الجناة دون أن يشهر عصاه الغليظة في وجه “سماحة” مفتي السعوديّة لاشيء يلوح في الأفق ويبشر بالخير!وفاء سلطان (مفكر حر)؟