ما وراء رفض أوباما المستمر للتدخل في سوريا

بقلم: مايكل هيرش/ناشيونال جورنال

20/3/2013 

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

من السخاء القول أن الرئيس أوباما يتولى “القيادة من الخلف” فيما يخص سوريا. لربما كان التوصيف الأفضل هو أنه يساق من أذنه سوقا. رويدا رويدا, وبممارسة الضغط من قبل فرنسا بشكل أساسي إضافة إلى تغير الرأي في واشنطن, ترسل الإدارة إشارات تفيد بأنها تعلم تماما أنها لا يمكن أن تتجنب التدخل في الحرب الأهلية السورية إلى ما لا نهاية.

من بين الشخصيات الأكثر تأثيرا على كابيتول هيل و التي تقوم بوضع المزيد من الضغط على الرئيس من أجل القيام بتزويد أفضل للسلاح للمتمردين السوريين النائب مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب. حيث أخبر روجرز مجلة ناشيونال في مقابلة أجريت معه بأن “التدهور في سوريا يسير بطريقة مذهلة”. كما أضاف أن احتمالية انهيار الدولة السورية نحو الفوضى تعتبر بالنسبة له “الأولوية الأولى فيما يخص الأمن القومي في المنطقة حاليا”. كما قال:”إنني أشعر بالقلق إزاء المستوى الهائل من تدخل القاعدة وحزب الله و لربما عناصر من حماس الموجودون حاليا على أرض المعركة. إذا حصل سقوط حر لحكومة الأسد, فإن الفوضى سوف تنتشر مما يعني أنه ليست الأسلحة الكيماوية فقط و لكن أسلحة متطورة أخرى و التي تم الحصول على بعضها من روسيا يمكن أن تتسرب إلى ميادين القتال في المشرق العربي”.

يقول روجرز إنه لا يوجد حاليا أي رافعة دبلوماسية أو وسيلة ضغط يمكن ممارستها داخل سوريا. كما قال إن الإدارة يجب أن تلتفت إلى ما حدث في مالي و دول مجاورة أخرى بعد أن انتشرت أسلحة معمر القذافي في أنحاء المنطقة.

إن دروس مستودعات الأسلحة الليبية تساعد في فهم سبب عدم رغبة الإدارة في تقديم ما هو أكثر من المساعدات الإنسانية, على الرغم من عدد القتلى المرعب الذي يزيد عن 70000 قتيل في عامين. معضلة أوباما يمكن أن تلخص في عنوانين من عناوين واشنطن بوست هذا الأسبوع. يوم الثلاثاء, كتبت الصحيفة عن الضغوط المتزايد للتدخل, حيث جاء فيها “الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في سوريا “مأساة تصعب على الوصف”. في اليوم التالي كتبت مراسلة الصحيفة الشجاعة ليز سلي من داخل المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون داخل مدينة حلب, حول السبب الرئيس لامتناع إدارة أوباما عن القيام بما هو أكثر. حيث كان عنوان المقال :”القانون الإسلامي يتجذر في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في سوريا”.

قلق الإدارة المركزي هو أنه في هذا البلد الذي يبدو أنه يواجه تشققا على أساس قتال عرقي – كما هو حال العديد من الدول في المنطقة- فإن الجماعات الإسلامية الأفضل تنظيما تحقق نجاحات عسكرية سريعة. و أكثر هذه الجماعات إثارة للقلق هي جبهة النصرة, التي تربطها علاقات مع القاعدة كما تعارض الانتخابات لكونها “معادية للإسلام”. و لذلك فإن قضية التسليح الغربي للمتمردين تبدو معلقة, حتى مع إرسال كل من إيران وروسيا الأسلحة لنظام الأسد المحاصر.

و لهذا فإن الرئيس أوباما لا زال يقول “لا”. كما هو حال الاتحاد الأوروبي, الذي من المرجح أن يدعم استمرار حظر السلاح هناك. يوم الثلاثاء, أخبر الأدميرال جايمس ستافريديس, قائد القوات الأمريكية الأوروبية لجنة التسليح في مجلس الشيوخ أن الناتو “يدرس مجموعة من العمليات” التي من الممكن أن تجري في سوريا, ولكن موقف الحلف هو أنه ليس هناك مجال للتدخل العسكري أيضا. و لكن الكولونيل مارتن دواني المتحدث باسم الناتو أخبر صحيفة الناشيونال يوم الأربعاء أنه ” ليس لدى الناتو ككل أي نية للتدخل العسكري في سوريا”.

في الوقت الذي تتعالي فيه الأًصوات الداعية للتدخل, إلا أن المراقبين الأمريكان لاحظوا أيضا أن الكثير من القتال الجاري حاليا يتضمن العديد من أعداء الولايات المتحدة الذين يقاتل كل منهم الآخر: الجهاديون السنة في سوريا الذين انضم إليهم المتمردون السنة العراقيون على طول الحدود يواجهون في بعض الأحيان حزب الله الشيعي, إضافة إلى حكومة الأسد. لو لم يكن هناك قتلى ومصابين أبرياء بعشرات الآلاف, فإن القتال يمكن أن يعتبر ” ربحا صافيا” في هذه المرحلة من حيث “الحسابات الباردة للمصالح القومية”, كما يقول دوغلاس أوليفانت, المدير السابق لملف العراق في مجلس الأمن القومي في إدارات بوش و أوباما.

الحكومة الفرنسية, التي تلمح علنا إلى أنها قد تقوم بعمليات تسليح مفتوح للمتمردين, تقول إن الكارثة الإنسانية خطيرة ولا يمكن تجاهلها و مخاطر التقاعس عن العمل – من حصول حرب إقليمية يمكن أن تجر تركيا و لبنان – أكبر بكثير الآن من مخاطر تسليح الإرهابيين. فرنسا تطالب الولايات المتحدة على الأقل أن تغير من لهجتها و أن تهدد بتقديم السلاح من أجل الضغط على بشار الأسد للجلوس على طاولة التفاوض. يبدو أن وزير الخارجية جون كيري يعمل على ذلك أخيرا هذا الأسبوع. حيث قال كيري إن ” الولايات المتحدة لن تقف في وجه الدول التي تريد تقديم السلاح, سواء أكانت فرنسا أو بريطانيا أو دول أخرى”, مضيفا أن الحرب أصبحت “كارثة عالمية”.

إذا لم يتحرك, فإن أوباما يخاطر في مصداقيته, و يخاطر بقيادة الولايات المتحدة التي لا زالت في المنطقة و التي يريد الانسحاب منها الآن. في أغسطس الماضي أعلن أوباما أن استخدام الأسد للسلاح الكيماوي سوف يكون بمثابة “خط أحمر”. مما سوف “يغير من حساباتي” وفقا لأوباما. ورغم الأدلة المتصاعدة على أنه استخدمها فعلا, إلا أن الإدارة لا زالت توارب. يقول مسئول أمريكي على صلة مع أجهزة المخابرات ” نحن نعمل على التحقيق بجد و لكن لا يمكن لنا تأكيد التقارير الواردة في هذا الوقت”. وقال روجرز إنه يعتقد أن هناك “احتمال كبير” لاستخدامها ولكنه لا يملك أي أدلة إضافية. و أضاف روجرز :”إذا كان الرئيس بحاجة إلى يوم أو يومين للنظر في الأمور, فأنا كذلك أيضا”. و لكنه أضاف, “عندما تحدد الخطوط الحمر, فإنها لا يمكن أن تكون خطوط وردية و لا يمكن أن تكون خطوط منقطة, و لا يمكن أن تكون خطوطا خيالية”.

تقديرات السي آي أيه تشير إلى أن اقتراح الإدارة الأخير القاضي بتسليح المتمردين بكمية محدودة من السلاح – وهو النوع الوحيد الذي يشعر المسئولون الأمريكان أنهم يمكن أن يرسلوه للمتمردين- لن تكون كافية لترجيح كفة الصراع. المسئولون الأمريكان و الإسرائيليون يخشون من تقديم أي أمور أكبر أو أكثر فتكا, مثل مضادات الدبابات أو صواريخ أرض جو, لأنها قد تستخدم ضد الولايات المتحدة و إسرائيل, أو ضد أهداف تجارية إذا سقطت في أيدي المتمردين. يقول كريس دوغارتي وهو خبير في مركز التقييمات الإستراتيجية و الميزانية في واشنطن أن أفضل أنواع السلاح التي يمكن تقديمها للجماعات السورية المعارضة مثل الصواريخ المحمولة على الكتف (مان بادز) و التي يمكنها مواجهة سيطرة قوات سلاح الجو السورية على الأجواء , و الذخائر الموجهة المضادة للدروع مثل أف جي إم 148 جافلين و جي بي أس أو الأسلحة الموجهة بالليزر , هي نفسها الأسلحة التي ” قد يكون لها آثار سلبية”.

و لكن دبلوماسي أوروبي قال إن المناقشات “جارية في باريس و لندن” من أجل تقديم كميات أكبر من السلاح مثل الدبابات التي يمكن أن مراقبتها و السيطرة عليها, و التي تتطلب إمدادا مستمرا من قطع الغيار و الذخيرة, و توفير قنوات موثوقة على صلة مع قائد الجيش السوري الحر الجنرال سليم إدريس, الذي انشق عن جيش الأسد في يوليو الماضي. يقول الدبلوماسي الذي رفض الكشف عن اسمه :”ننظر إليه على أنه شخص يمكن التحاور معه بصورة جيدة” . و أضاف :” هناك بعض المعدات والذخيرة على سبيل المثال, التي يمكن تتبعها. من الأسهل تقديم الدبابات عوضا عن الصواريخ المحمولة على الكتف على سبيل المثال”.

وقال روجرز إنه يدعم أسلحة المشاة الخفيفة التي يمكن أن تدخل إلى ميدان المعركة تدريجيا. وأضاف “عارضت في البداية. لم أكن أعتقد أن لدينا مؤشرا جيد على الأرض في بداية الأمر, و الآن لدينا هذا الظهور للجهاديين, حيث ربطوا أنفسهم بالمجموعات الأكثر علمانية. ولكن ما أنا بصدد اقتراحه هو تقديم التدريب, و بمجرد الانتهاء من التدريب يمكن تجهيزهم”.

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.