يؤمن المسيحيون في العالم كعقيدة ثابتة ما جاء في الكتاب المقدس ان يسوع المسيح هو ابن الله . و يعترض الاخوة المسلمون على هذه التسمية استنادا الى ما جاء في القرآن من اعتراضات على هذه التسمية ويعتبرونها كفرا .
)) – وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهؤون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون ((التوبة 30
– ((بديع السماوات والارض انى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ) الانعام 101
– (وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا) سورة الجن 3
لتوضيح هذا الالتباس نقول : المسيحيون لا يعتبرون ان الله تزوج من صاحبة و انجب ولدا حاشا لله من هذا البهتان العظيم .
ان زواج الله من صاحبة و انجب ولدا لهو قول ساذج لا يدخل عقلا ، لايؤمن المسيحيون بهذه الخرافة ، فولادة المسيح من الله هي ولادة روحية وليست تناسلية ، ويسوع المسيح مولود غير مخلوق مساو لله في الجوهر .
تعبير يسوع المسيح أبن الله ليس هو من اختراع المسيحيين ، بل هو قول الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد . فقد تنبأ النبي ناثان عندما خاطب الملك داؤد قائلا بلسان الله :
( متى تمت أيامك و اضطجعت مع آبائك ، ساقيم من يليك من نسلك الذي يخرج من صلبك ، واقرّ ملكه ، فهو يبني بيتاً لأسمي ، وأنا اقر ّ عرش ملكه الى الأبد ، وأنا أكون له ابا وهو يكون لي ابنا ) . 2ملوك 7: 12-14.
اما العهد الجديد فهو زاخر بمثل هذه الكلمات فعند بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم قال لها : ( ها انت تحبلين وتلدين ابنا ، وتسميه يسوع ، انه يكون عظيما وابن العلي يُدعى ، وسيعطيه الرب الاله عرش داؤد ابيه ، يملك على بيت يعقوب الى الأبد ، ولن يكون لملكه انقضاء .) . وسألت مريم الملاك بتعجب: «كيف يكون ذلك، وأنا لا أعرف رجلاً؟» اجاب الملاك: «الروح القدس يحل عليك وقدرة العليّ تظّللك، ومن أجل ذلك فالقدّوس الذي يولد منك يُدعى ابن الله» (لو 1: 31- 35). فبحسب هذا النصّ، يدعى يسوع ابن الله، لأنّه ولد مباشرة بقدرة الروح القدس دون أبٍ من بني البشر. ولم يكن ذلك زواج من صاحبة .
على الاخوة المسلمين ان يعرفوا ويفهموا تماما ان كلمة (ابن الله) في المسيحية لا تعني بالضرورة ولد من ولادة تناسلية جسدية ، وان الكتاب المقدس لم يقل المسيح وَلدُ اللهِ ، بل ابن الله ، وهناك فرق كبير بين الكلمتين ، فكلنا يقول ان معروف الرصافي هو ابن الرافدين ، و طه حسين هو ابن النيل ، والقرآن يذكر كلمة ابن السبيل ، فهل الرافدان والنيل والسبيل تزوجوا من صاحبة وانجبوا اولادا ؟ انها كلمة مجازية للتعبير عن الانتساب وليس الولادة التناسلية . و نعبر عن الكلمة فنقول هي بنت الشفة ، افلا تعقلون ؟
الايمان المسيحي بُني على ان المسيح ابن الله وكلمته الحيّة الناطقة ، والمسيح هو عقل الله الناطق على الارض ، و تجسيد للذات الالهية تجلى على شكل بشر ، وقد تجلى الله حسب القرآن على شكل حجر و على شكل شجر في الجبل لموسى ، فهل يعجز الله ان يتجلى على شكل بشر هو يسوع المسيح ؟
(( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب ارني انظر اليك قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا )) الاعراف 143.
المسيح حسب العقيدة المسيحية والتي يؤيدها القرآن في بعض آياته وينكرها في آيات اخرى ، هو كلمة الله وروحه القدوس القاها الى مريم .
((انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه ))النساء 171 ، فإن كان المسيح كلمة الله فهو ازلي، ولا يمكن ان يكون الله بلا كلمة في زمن ما . و انجيل يوحنا يفتتح رسالته بالعبارة التالية : (1 في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. 2 هذا كان في البدء عند الله. 3 كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان. 4 فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، 5 والنور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه.) ان كلمة الله تعني الله نفسه ، فالكلمة تعبر وتجسد وتمثل صاحبها وقائلها.
والقرآن استخدم نفس تعبير انجيل يوحنا بتعريف المسيح بقوله انه كلمة اهو .
ويسوع المسيح عندما ولد و تجلى من الروح القدس كان يمثل الله وصفاته واعماله ، فالله خالق ، والمسيح خلق عيونا للمولود اعمى بلا عيون ، و الله الشافي والمسيح كان يشفي المرضى و العمي والبرص و المشلولين ، والله عالم الغيب ، والمسيح كان يعلم ما يجول في افكار الناس ووصف طريقة موته على الصليب قبل الحدث بايام وكم يوم سيبقى في القبر و تكلم عن صعوده للسماء ، و الله تخافه وتخشاه الشياطين ، والمسيح كان يطرد الشياطين من البشر المتلبسين بهم ويهربون منه ، و هم يعرفون انه قدوس الله . وهو الوحيد من البشر ولد من عذراء. الله محبة و ملك السلام، والمسيح هو رسول المحبة و السلام ، لم يحمل سلاحا ولم يعتدِ على احد ، وقال للناس : (احبوا بعضكم بعضا و طوبى لصانعي السلام .) اقام الموتى امام انظار الناس ، وصعد بجسده للسماء حيث عرش مملكته الروحية . فهل كثير ان يدعى انه هو الله المتجسد ويدعى على الارض ابن الله ؟
المسيحيون لايؤمنون بثلاث الهه كما قال القرآن :
(( يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها الى مريم وروح منه فامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم انما الله اله واحد سبحانه ان يكون له ولد له ما في السماوات وما في الارض وكفى بالله وكيلا )) النساء 171
يؤمن المسيحيون باله واحد فقط ، وما جاء في القرآن ما هو الا نقل عن طائفة من الهراطقة كانت في زمن محمد ، لا تصلح لذكرها في زمان آخر . فهؤلاء قوم انقرضوا و انتهوا ، مع هرطقتهم ، ولهذا لا يصلح ذلك القول لكل زمان ومكان .
يسوع ابن الله ، تعني انه ذات طبيعة الهية ، وهو مولود من روح الله القدوس ، ولم يولد من زرع بشري ولا من نطفة رجل ، وليس من ناتج زواج الله بصاحبة ، فهذا كلام لا يصح مطلقا التلفظ به . كان يجول يصنع خيرا بين الناس ، جاء فاديا ومخلصا للبشرية ، مصالحا بني الانسان مع الله و فاتحا لهم باب المغفرة لدخول ملكوت الله بعد التوبة من خطاياهم ، وعدم العودة اليها . المسلمون يضحون بالانعام ويسفكون دمائها في الحج لمغفرة ذنوبهم لكن الله لا يغفر الذنوب بدم الحيوانات بعد ان جاء يسوع المسيح وسفك دمه الكريم لغفران كل ذنوب البشر ، فكان هو الذبح العظيم الذي اشار له القرآن بشكل رمزي في قصة النبي ابراهيم .
سأل يسوع المسيح تلاميذه قائلا : في نظركم من أنا ؟ ، اجابه تلميذه بطرس قائلا : انت المسيح ابن الله الحي . ولم يعترض المسيح على قوله هذا لأنه هو الصواب .
اخر ما نوضحه للاخوة المسلمين ان يسوع المسيح الانسان هو صورة الله المتجسد على الارض و ليس الله هو المسيح بن مريم . لأن الله هو روح لا يرى ، والمسيح يسوع هو الانسان الكامل الذي حل به روح الله القدوس وعاش بيننا كانسان كامل من دون خطيئة واله كامل بجسد بشري تجلى الله فيه .
هذا المقال هو لآزالة اللبس في عقول بعض الاخوة المسلمين .
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :