ما معنى كلمة دير وكَفر؟

assihamaبعد قراءتكم لمقالي هذا أرجو منكم أن لا تغضبوا من رجلٍ مثلي وأن تعاقبوا رجلا مثلي كل ذنبه أنه مثل ساعة المنبه تضربونها لأنها أيقظتكم من نومكم الطويل, بين أصالة الماضي وعمق التاريخ فكرة بسيطة جدا وصغيرة جدا نعمل منها بناء كبيرا جدا ومن خلالها نكشف عن أهم الألغاز والأحاجي التي تشغل بالكم وخصوصا عن معاني القرى التي تسكنوها,إن غالبية المواطنين الأردنيين يجهلون ما هو معنى أسماء القرى التي يسكنوهااليوم بل أحيانا يستهزئون بها ولا يرون لها أي معنى علما أن كل (دير) كان كنيسة وكل (كَفر) كان كنيسة,فلو قلنا مثلا لمواطن من قرية(كفر أبيل) ما معنى هذا الاسم؟ لوقف حائرا ولأمضى من عمره سنين طويلة وهو يفكر في معنى هذا الاسم الذي لا يعرف له معنى أضف إلى ذلك أن مناهج التدريس لا تعلم الطلاب على معاني تلك القرى والمدن لأن الحقيقة مرة وجارحة,وغالبية المواطنين يتهكمون على أسماء القرى التي يسكنوها لأنهم يجدون فيها متسعا للضحك وللاستغراب, فما معنى مثلا(بيت يافا) وما معنى (بيت لاهيا) في القدس؟ وكذلك ما معنى اسم (كفر يوبا)؟ وهي منطقة تبعد عن قريتي(الطيبه) أقل من 15 كيلو متر,ويقال بأن قريتي التي أعيش فيها وهي الطيبه كان اسمها فيما مضر(عفرا) ولم يكن أحد يعرف معنى هذا الاسم ويقال وليس كل ما يقال صحيح بأن صلاح الدين الأيوبي مر منها وأزعجه هذا الاسم الذي لم يجد له معنى فأطلق عليها اسم(الطيبه) بدلا من اسمها القديم (عفرا).

وتنتشر في أغلب قرى الصعيد المصري أسماء قرى تبدأ كلها ب(كفر) فيقال مثلا(كفر المعزا),وكذلك في أغلبية قرى الأردن وفلسطين وإسرائيل هنالك قرى كثيرة تحمل هذا الاسم,وبما أننا لا يمكن لنا أن نعيد التاريخ إلى الوراء فإنه بمستطاعنا أن نعيد تسلسل الأحداث أو إعادة بناء الحوادث التاريخية, ونقول بأن طريقة السريان قديما في تسمية قراهم ومدنهم الصغيرة كانت تعتمدُ أولا وأخيرا على نوعين:أولا: المنتجات الزراعية بشقيها الحيواني والنباتي فكانوا مثلا يسمون البلد المشتهرة بالزيت باسم الزيت والبلدة المنتشر فيها الماعز باسم الماعز أو باسم الرمان أو العنب وشتى أنواع المأكولات والحيوانات,وكانت لهم طريقة أخرى وهي الثانية التي يعتمدُ فيها السريان على تسمية أسماء مدنهم الصغيرة وقراهم على ما كانوا يختارونه من أسماء الرجال الصالحين بمعنى أنهم كانوا يسمون قراهم على اسم (القِس)أو (الخوري) الذي يقطن فيها فيسمون البلدة على اسم الراهب أو رجل الدين والكنيسة التي يشغلها,وكلمة (كَفر) بالسريانية معناها(البلد) فأن تقول (كفر يوبا) كأن تقول اليوم(بلدة يوبا) أو قرية يوبا,وأن تقول (كُفر سوم) فمعناها (بلدة سوم) أو (كُفر كيفيا) أو(كُفر رحتا) و(كفر عان) و(كُفر عوان) وهذه الأسماء كلها سريانية بحتة,وحينما جاء الإسلام لم يستطع الإسلام تغيير أسماء تلك القرى,ومن الممكن أن الإسلام أبقى على هذه القرى محتفظة باسمها لسببٍ وجيه وهو أن تلك القرى كان رهبانها من أتباع الديانة المسيحية النسطورية أو المذهب النسطوري التي ترى بأن المسيح هو الإنسان ابن المرأة وليس ابن الرب لهذا السبب أبقى الإسلام على أسماء تلك القرى ولم يغيرها أبدا احتراما لأولئك الذين يتفقون فكريا مع الإسلام وبنفس الوقت حول الأديرة إلى مساجد وجوامع وألغى الهوية الوطنية السريانية وهذا أشد أنواع الاستعمار خطورة حيث يغير الاستعمار الأديان وبيوت العبادة,ومعنى كلمة(الدير) هو الكنيسة التي يتعبد فيها الرهبان وتكون أقل تواضعا من الكنيسة حيث يكون الدير في المواقع النائية كالصحارى البعيدة أو في رؤوس الجبال الشاهقة وهذا تفسير لمعاني القرى التي تجاورنا مثل(دير السعنه) ودير الزور أو محافظة دير الزور,ودير ياسين ….إلخ..,وكانت تُسمى البلدة أو الدير على اسم الراهب الذي يتعبد فيها وهذه الأسماء للأماكن منتشرة في بلادنا ككلمة كفر,وهي تعطي نفس المعنى, من هنا نستنتج أن بلادنا التي نعيش عليها لم تكن عربية في شيء ومن أراد الاستزادة فليراجع مجمل ما كتبته عن اللغة السريانية, واليوم هل يستطيع أحد أن ينكر بأن العبرانيين والسريان والآراميين كانوا هم ملوك البلاد التي نسكن فيها ونقول عنها بأنها عربية إسلامية؟.

ومعنى اسم قريتي: (عفرا) أي: (التراب) كونها بلدة تشتهر بتربتها الحمراء الصالحة للزراعة,واليوم هذا الاسم ما زال مرتبطا ارتباطا جذريا حين يقول أحد الناس عن شيء بأنه (اعفر) أي أنه تراب لا قيمة له أو كأن يقال لك على سبيل الذم(وجهك أعفر) أي مثل الطين والتراب, علما أن كلمة عفرا هي التراب حين نريد بها المدح لا الذم.

وهذا كله من نافل القول من أجل تمرير المعاني للكلمات التي نسيها الزمن ولم ينساها الناس الباحثون عن معاني الكلمات المُبهمة في لغاتهم, فكلمة كفر معناها (بلدة) أو (قرية) وعفرا تراب وعفرين جمع عفرا أي أتربة وجبرين معناها (رجال),ويقال بأن كلمة كفر في الحقيقة هي (حصن أو ملاذ أو ملجأ) وينسب إلى صاحب الحصن كقولك (كفر ناحوم) وهي مدينة المسيح التي أحدث فيها كثيرا من المعجزات, أي:حصن أو ملاذ ناحوم,وقس على ذلك في معاني أي كلمة تبدأ ب(كُفر) بضم الكاف أو فتحها,حتى أن اسم دولة(سوريا) معناه السريان وهنالك تطابق بين كلمة(آشور ,آشوريا,آسوريا,آثوريا,) ويقال أنه اسم أطلقه الآريون على الشمس حيث كانوا يشيرون على الشمس بكلمة(سوريا),ويقال بأن الإغريق هم من أطلق على الآراميين اسم(سوريين) وكل هذا راجع إلى الكتابة البابلية التي أطلقت على الآراميين اسم (سوريين) أي: الغرب أو غروب الشمس.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.