ما الذي أطلق العنان للوحش في داخلي؟

assilzeban

أثناء دراستي الجامعية، قرر أحد زملائنا -والذي كان يحظى بشعبية كبيرة بسبب دماثة خلقه وتعامله الطيب-أن يرشح نفسه لانتخابات مجلس الطلبة. وقد طلب مني أن أعلق على صدري باجة تحمل اسمه ولم أتردد لحظة في قبول طلبه، لأنني لم أر من هو أكثر كفاءة منه لذلك الدور. في يوم من الأيام السابقة ليوم الانتخابات رأى أحد زملائنا أنني أعلق باجة تحمل اسم ذلك الشاب. فقال لي “هل تعلمين بأن فلانا شيعي”؟ ضحكت على ما اعتقدت أنه إشاعة ساذجة تهدف إلى إضعاف شعبيته قبيل الانتخابات. خاصة وأن احتمالية الالتقاء بشيعي أردني ضعيفة جدا جدا. لكن، عندما تأكدت من حقيقة طائفته، نزعت الباجة بغضب شديد وألقيتها أرضا. لم أعد أطيق النظر إليه، وبالطبع لم أمنحه صوتي! وأصبح سلامي عليه جافا مغلفا بطائفية نتنة لم يستطع أنفي شمها في ذلك الوقت.
ما الذي أطلق العنان للوحش في داخلي؟ إنه الحقد الأعمى على ما أجهل. هكذا تربينا. أن نعادي كل ما نجهل. أوليس هذا سبب عدائنا للموت؟ لكن ذاك الشاب الخلوق لم يكن موتا. كان إنسانا لا أجهله. و لم أكلف نفسي لحظة عناء التفكير بالسبب الذي دفعه إلى إخفاء طائفته عنا! لأنه يعلم بأننا وحوش. سننسى أخلاقه وشخصيته ولا نعود نتذكر شيئا سوى أنه شيعي. مع التشديد على حقيقة أنني لم أكن متدينة وقتها. بل لم أكن يوما متدينة في حياتي! لنفهم بأن الطائفية ليست وليدة الإيمان، بل وليدة الأدلجة القذرة التي علمتنا أن نحتقر كل من يحرك يديه أثناء الصلاة بطريقة تختلف عن طريقتنا.
قد حالفني العقل وأخرجني من الظلمات. فمتى ستتوقفون أنتم عن خلق الوحوش؟

About اسيل الزبن

اسيل الزبن كاتبة اردنية ليبرالية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.