مانفعله في أوقات التسلية والمرح يكشف حقيقة من نحن

كنت ألقي محاضرة عن “دور المناهج الدراسية في صناعة الارهابيين في العالم الاسلامي” لمجموعة من أعضاء الأمن القومي الأمريكي في ساكرمانتو عاصمة كالفورنيا، عندما صعقني أحدهم بسؤال: ماذا يفعل المسلمون في أوقات التسلية والمرح؟؟
What do Muslims do for fun
لم أكن أتوقع هكذا سؤال في مليون عام، ولا تسألوني كيف جاوبت لأنني لا أتذكر من هول السؤال في حينها!
……
لكنني استعرضت وخلال الثوان الثلاث التي سبقت الجواب تاريخ أمة بكامله! تذكرت جدتي أم علي وهي تطاردنا بالمكنسة ونحن صغار نتدغدغ ربما لسبب أشف من رفة فراشة، وهي تقول: انقلعوا من هون، الله يعطينا خير ها الضحك! في عرفهم الضحك نذير شؤم!!!!
…….
ليس هذا وحسب، بل رقصت أمام ناظري وأنا على المنبر فيفي عبده ونجوى فؤاد وتعالى صوت أم كلثوم يردد وعلى مدى أكثر من ساعة ونصف: هل رأى الحب سكارى مثلنا… لاح لي أيضا وجه مدرس التربية الدينية عبد القادر سليمان، وهو يحذرنا من الإصغاء لأم كلثوم، لأنها ببساطة “عاهرة” وسيحرقها الله في ناره، والدليل قولها “لا تقل شئنا فإن الحظ شاء” وقصده “إن الله شاء”!!! يخاف من ان ينافس الحظ مشيئة الله!!!
…..
كذلك عادت بي الذكرى إلى مقهى دخلته في عمان عام 2005، ولم أستطع حينها أن أتبين وجها من وجوه الناس وهي تكظ القاعة، والتي حجبها دخان السجائر والنراجيل، وكذلك ضجيج المكان! عندها خطر ببالي أن أجيب: يدخنون النرجيلة!! وخطر ببالي أن أضيف “ويحللون الأحداث السياسية” عندما تذكرت جارتنا أم كاسر، وهي تبدو مشوشة الذهن، وعاجزة أن تنافس نسوان الحارة وشاشة التلفزيون السوري على لعن السادات. اقتربت مني وسألتني هامسة: يا عين خالتك، مصر عرب أو يهود؟
فقلت: عرب!
فانبسطت اساريرها عندما أدركت الخلل في زيارة السادات لاسرائيل، وقالت بنبرة الواثق من نفسه: الله يعلن السادات، خائن الامة العربية! من يومها وأنا أعتبر “أم كاسر” أشطر محلل سياسي في تاريخ العرب، وخصوصا عندما أقرأ تحليلات السوريين عن أزمات المنطقة!!!
…..
تذكرت ذاك السؤال الذي طرحه علي عضو من أعضاء الأمن القومي الأمريكي، تذكرته وأنا أراقب بشغف الحفلة التي أحياها معهد الرقص الذي تلتحق بها حفيدتي جازي، وأركز على حركاتها وهي تبدو كآلة مبرمجة من المستحيل أن ترتكب خللا!
….
ابنتي فرح وزوجها، كما هو ابني وزوجته، يشكون دوما من أن نشاطات اولادهم تلتهم جل دخلهم، لكنهم يدركون أنها الطريقة الأسلم لاستثمار المستقبل، فتلك الأنشطة تضمن لجازي وبنجامين وادم اللياقة الجسدية والسلوكية اللازمتين لخلق بشر متوازيين جسديّا وعقليا وروحانيا، ولملئ وقت فراغهم كي لا تسمح للسلوكيات المنحرفة أن تتسلل إلى حياتهم.
….
في سوريا تجاوزت معاهد الاسد لتعليم القرآن العشرة آلاف (طبعا المرخص لها، ناهيك عن تلك التي تقبع في زوايا البيوت وأزقة الشوارع!! ونتساءل: من دمّر سوريا؟؟؟ هل بامكانك أن تتخيل لو كنا قد استبدلناها بعشرة آلاف مدرسة لتعليم الرقص….الغناء….المسرح….التمثيل…الموسيقا…الرسم.. النحت…التصوير..التطريز، الخياطة أو ما شابه، كيف كان حاضرنا وكيف سيكون مستقبلنا؟؟ لكن الكارثة اننا سقطنا بين فكي كماشة محكمة القبضة وهما الديكتاتورية والدين، ولا أمل الاّ بكسر احدهما كي يفقد الاخر صلاحيته!
…..
منذ سنوات فجر صلعمي نفسه في أحد النوادي في مدينة اندونيسية وقتل عشرات السياح، ومن بينهم أمريكي كان يسكن
قريبا من البيت الذي كنت أسكنه! كان بطلا في التزلج على الأمواج… أذكر في حفلة تأبينه علق رفاقه لائحة كبيرة على باب بيته كُتب عليها:
Terrorists don’t know how to surf
“الأرهابيون لا يعرفون رياضة ركوب الأمواج”
…..
هل أحد فيكم يستطيع ان يتخيل الفرق بين طفل يملأ وقت فراغه بتعلم أصول الفن أيا كان نوعه، وبين طفل آخر يقضي جل وقته وهو يجتر الآية التي تقول: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب؟؟؟؟ من يستطيع أن يتخيل هذا الفرق لا يحتاج أن يسأل: كيف ولماذا دُمرت سوريا؟ ولا يحتاج أن يتساءل: لماذا يرمي المسلمون أنفسهم في البحار والمحيطات كي ينشدوا اللجوء إلى بلاد كافرة، قضوا 1400 سنة من تاريخهم يخططون لقطع رقاب أهلها؟؟؟؟
….
يقول الفيلسوف الإغريقي
Ovid، In our leisure we reveal what kind of people we are
“مانفعله في أوقات التسلية والمرح يكشف حقيقة من نحن” أليس لهذا السبب طرح عليّ المسؤول في الأمن القومي الأمريكي سؤاله؟؟؟ هل كان ذلك السؤال عبثا؟ طبعا لا.. يجب أن تعرف عدوك حق المعرفة كي تتمكن من الانتصار عليه، ولن تعرفه على حقيقته مالم تعرف كيف يقضي أوقات فراغه!
*****************
الصور لتساعدك على أن تقارن بين حياة الأطفال في الغرب وكيف يُغسل دماغ الطفل في البلدان الاسلامية!