ما فيش بالفلسفة أو بعلم المنطق إذا كان هنالك في العالم منطق شيء اسمه عقيدة صحيحة وفكر صحيح وبمقابل ذلك عقيدة غير صحيحة وفكر غير صحيح, أو ناس في الجنة وأناس آخرون في النار, أو أناس على صح وأناس آخرون يبنون حياتهم على الغلط,ولا توجد سلوكيات أخلاقية سليمة وسلوكيات غير سليمة ذلك أن لكل مجتمع عادات وتقاليد مختلفة عن بعضها وما تراه أنت عيبا أراه أنا شيئا عاديا وما تراه أنت شيئا عاديا ربما أراه أنا عيبا, للك لكل مجتمع معايير أخلاقية غير ثابتة.. هنالك شيء واحد وهو أن نؤمن بالاختلاف ويجب أن نعترف بالاختلاف فطالما أن أصابع يديك ليست على مقاس واحد طالما أن عقول الناس أيضا ليست على مقاس واحد, فهنالك من يفهم الحياة أنها هكذا وهنالك من يفهمها أنها ليست كذلك, هنالك من يعتقد أن الكِتاب الذي بين يديه منزل من السماء وبأنه لا يوجد كتاب غير الذي في يده منزلٌ من السماء, ولكل هؤلاء لا نقول أنكما مخطئون أو بأن المصيب فيكما واحد والثاني على خطأ, كما ترى أنت نفسك في المرآة كذلك كل إنسان يرى نفسه, لذلك حتى نتجنب الحروب الطائفية وحتى نتجنب مشاكل القتل والحرب والدمار نعترف لكل أولئك بثقافة الاختلاف , فأنا مختلفٌ عنك وأنت مختلفٌ عني وأنا أعترف بك وأنت يجب عليك أن تعترف بي وتعترف بحقي بأن أستفيد من هذا الوطن كما هو أنت, وهنالك من يقرئ ولا يتغير وهنالك من يتغير بنظره هو للأفضل, وهنالك من يتغير للأسوأ, معدن الإنسان هو الأصل, مثلا الماء الساخن يجعل البطاطه طرية ونفسه يجعل البيض صلبا, ليس مهما أن تغيرنا القراءة أو الثقافة على الطبيعة الواحدة, فالماء الساخن يجعل البطاطة طرية ويجعل بيض الدجاج صلبا, المهم معادننا هي التي تحدد طريقة تفكيرنا.
أنا مثلا لا أعيش في الأردن وحدي, هنالك الشمالي وهنالك الجنوبي وهنالك المسلم وهنالك المسيحي والدرزي والشركسي والشيشاني والفلسطيني والشامي والعراقي والمصري والخليجي والبعثي والشيوعي والليبرالي, يجب أن نعترف جميعا بهؤلاء كمواطنين لهم نفس الحقوق والواجبات في دولة القانون والمؤسسات.
سألني اليوم أحدهم قائلا: من الذي على صح؟ نحن أم هم؟ من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار؟ فقلت: أما من يدخل الجنة ومن سيدخل النار فهذه علمها عند الله وليس عند أي أحد من البشر ولا حتى الأنبياء والرسل يعرفون إن كنا نحن من أهل الجنة أو من أهل النار, المهم في هذه الدنيا قبل أن نرحل عنها أن نفعل شيئا مفيدا للناس, أن نخترع عقاقير تقاوم الأمراض المزمنة وغير المزمنة, ألمهم أن نطور وسيلة نقل جديدة, المهم أن نكتشف عنصرا جديدا في هذا الكون, المهم أن لا نتسبب لأحد بالأذية, المهم أن نرحم بعضنا ونحترم بعضنا ولا نسيء لبعض, وأن نحترم المسيحي واليهودي قبل المسلم إن كنا مسلمين, المهم أن ننادي من أجل سعادة البشرية وأن نساهم بأنسنة العلوم كلها, المهم أن نصلح أنفسنا وأن نكون سببا في إدخال السعادة على قلوب غيرنا من الناس وأن نحب وأن نحافظ على الوجود وأن نساهم بحماية النظام البيئي من حولنا, المهم أن نستيقظ على كلمة صباح الخير وأن ننام على كلمة تصبحون على خير, ألمهم أن نخفف من آلام الآخرين مهما كانوا مختلفين عنا بالديانة أو بالمذهب أو بالإقليم, المهم أن نبتسم ونحاول أن نرسم البسمة على شفاة الناس الآخرين.
ما فيش بالفلسفة ناس على صح وناس على خطأ, في الفلسفة الناس لها أمزجة مختلفة عن بعضها البعض وكل إنسان يرى الدنيا بمنظاره الخاص لذلك كل الناس على صواب مبدئيا حتى يحكم الله بين الناس يوم الدينونة الأعظم.