ماذا لو انقرض “الغرب”؟ نعم الغرب وليس العرب ..!

عبد الله شاهين كاتب أردني
رداً على الكاتب الفلسطيني أكرم عطالله ، الذي كتب مؤخرا مقاله تحت عنوان *(ماذا لو انقرض العرب؟  اقرأ المقال هنا: ماذا لو اختفى العرب جميعاً؟)*، معتبراً أن العالم لن يفقد شيئا ذا بال، لأننا عالة على البشرية بكوننا أمةٌ لا تنتج شيئا من هذه الحضارة التي صنعها الغرب. ولقد رأيتُ من الإنصاف في المقابل ان نسأل ذات السؤال مقلوبا، وماذا سوف يفقد العالم ان انقرض الغرب وأفلت حضارته البائسة؟

*اولا:* ستختفي معه المخدرات والدعارة والكآبة وأمراض العصر، وموسيقى الروك الصاخبة والشركات متعددة الجنسيات التي تنهب العالم نهبا، والقنابل الذرية والبيولوجية والطائرات الحربية، وتعود ارواح ملايين الاطفال في اليابان و العراق وفيتنام وكوريا والصومال والكنغو و رواندا والسودان وفلسطين وافغانستان..

*ثانيا:* سيعود العالم وفصوله المناخية الى حالته الطبيعية، مع وقف الانبعاثات الكربونية من الدول الصناعية ويعود الهواء نقيا بعودة الغابات الكندية والمستنقعات الامازونية مع اغلاق مناجم ومصانع العبودية، وعودة ملايين الارواح التي ابتلعتها الاعاصير والفياضانات والمجاعات والتلوثات الاشعاعية.

*ثالثا:* سينقرض معهم أذنابهم وعملاؤهم ووكلاؤهم المتحكمين في بلاد العرب وغيرها، وتعود مصرُ عزيزية تقرض لندن، والعراق ماجدا، والخليج موحدا راغدا، واليمن سعيدا، ولبنان عامرا، وسيكون الاردن تعداده مليونين نسمة فقط ينعم بموارده متكاملا مع ضفته الغربية اذ لا لجوء ولا نزوح ولا تهجير، ويعود الشام شام، وايران تبقى بلدا صديقا متحضرا مسالما، تصدر حكومة الشاه الحافلات والباصات للعرب وتستورد منهم الموز والليمون والطماطم والزيتون والقمح والعنب..

*رابعا:* ستختفي داعش والقاعدة والتطرف والتشدد والإرهاب واسرائيل والموساد والجريمة المنظمة العابرة للقارات والتلاعب باقتصاد العالم واستنزاف خيرات الشعوب، وقهر ارادتها، والدسائس بينها، وتنقرض منظمات الامم المتحدة الجائرة وصندوقها وبنكها الدولي، وتتلاشى الحدود القطرية، والانماط الاستهلاكية، عدوة الانسانية، حتى لو عادت شعوبنا لأنماط التجارة بالمقايضة سنبقى افضل حال من فقد الكرامة والسيادة والهوية.

يا عطالله..اتقي الله، ولا تحدثني عن تكنلوجيات الغرب التي زادت من شقاء الانسان، لسنا بحاجة للاقمار الصناعية لنعلم ما يدور في البرازيل وتايوان، في حين لا ندري ان كان جارنا بات جائعا ام بردان، لا نريد الهواتف الذكية للتواصل مع البعيد فيما لا ننعم بؤنس مع الذات، ونصل الرحم و القريب عبر (التشات)، لا نريد هبوطهم على المريخ والقمر، ان كنا نعيش اخلاقيات عصر الحجر..

لن نفتقد تركتورهم ومبيداتهم الحشرية، وتلاعباتهم الجينية، ومعداتهم الزراعية، يكفي ان احرث ارضي على ظهر البغال والبقر، واحب قريبتي و جارتي، التي تنتظرني عيونها خلف النافذة، ولا اريد انماط جمالهم التي جعلت كل النساء متشابهات و مجرد صور..
لا نريد جامعاتهم العريقة واساليب تدريسهم الرقيقة.. ما دامت نخبة الامة قد كفاها يوما الكتاتيب والالواح والعصا والحُصر، وخرجت امثال المختار عمر.

لا نريد استشراقهم وبحوثاتهم ودراساتهم لتقول لي اصلي قرد، واحلامي مجرد (رغبة وغد) وتكشف لي نشأت الاديان، وعدد الديدان، يكفيني ايماني بالديان، الذي قدّر ان ليس بالخبز وحده يحيا البشر، و الذي ان قلت له “يا مسهل” يزول مني الاسهال، واستسقيه فينهمر المطر..

خذو ادويتكم ومختبراتكم بل وامراضكم التي جلبتها لنا حضارتكم، وافنت عدواكم من قبلنا ملايين الهنود الحمر، دعوني أطبب نفسي بالقيسوم والشيح والمرار والبابونج واعصب على رأسي العقال، وارمي سن الحمار فوق سطح الدار ليعود لي سن الغزال بلا دواء ولا خدر.

خذو نفطكم وغسالاتكم وسياراتكم ومعلبات طعامك وشرابكم.. التي علمتنا البلادة والبدانة والاستكانة والاستدانة.. فعندي جرة مائي و حطبي وجحشي و “جفتي”..و وجه الله في سماء بلادي زاهيا لا يحجبه العمران والعرط والكذب..

This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.