صباح ابراهيم
الاعلام المصري يمجد ويشيد بالقضاء ونزاهته ويعتبره قضاءً عادلا مستقلا يحكم بالعدل والحق دون انحياز لأي طرف ، وأنا شخصيا لا اقتنع ان القضاء يحكم بالعدل دائما وبشكل مطلق . فكل الامور نسبية في العالم حتى القضاء . فالقضاة هم بشر مثلنا يتأثرون بالاحداث والبيئة والضروف وكثيرا ما يخضعون للضغوط من القوى التي تدير شؤون البلاد وقياداتها العليا ، وينصاعون لأوامرها لأنهم موظفون تحت امرة وزير العدل الذي هو جزء من قيادة الدولة . يميل هؤلاء القضاة حسب اتجاه تيار الدولة ، فمن حكم على محمد مرسي وخيرت الشاطر والكتاتني في زمن نظام وحكومة حسني مبارك بالسجن وأدانوهم بجريمة غسيل الاموال والتخريب واشاعة الفوضى بالبلاد كانوا من القضاة ايضا الذين يأتمرون بأمر رئيس الدولة وسياسته المعروفة ضد جماعة الاخوان المسلمين ، والان بعد زوال نظام حسني مبارك ، اصبح نفس القضاة يعتبرون اولئك المدانين حسب القانون ثوارا ومناضلون شرفاء فأين اصبحت عدالة القضاء وأمانته.
ان رئيس الدولة الذي يضغط على القضاة ويحرف مسيرة العدالة ونزاهة القضاء حسب هواه يتعرض هو نفسه ايضا للضغوط الدولية التي تأمره ان يوجه الاحكام القضائية بالاتجاه الذي يخدم مصالح وسياسات الدول الكبرى كي يضمن بقائه بالحكم الى حين انتهاء مفعول عمالته وخنوعه وظهور عميل جديد حسب مستجدات الضروف الدولية.
فالعدالة والقضاء والقضاة مسيرون وغير مخيرون، يتجهون حسب بوصلة الدول العظمى المتحكمة بالعالم والتي تمنح المساعدات لدول العالم الثالث كي تسير حسب توجيهاتها ومصالحها، وإن اشتط احدهم عن الانصياع لأوامرها او اقتضت الضروف الدولية والمصالح السياسية تغيير الوجوه وتبادل ادوار العملاء الحاكمين يهدد الحاكم بقطع المساعدات عن بلاده او رفع الحماية الشخصية والاستخبارية عنه او تحريك عناصر المخابرات والجواسيس المزروعين في صفوف الجيش لعمل انقلاب عسكري عليه وازاحته او اثارة القلاقل في بلاده عن طريق عملائهم في الاحزاب السياسية المدعومة من قبلهم ، كما حدث لشاه ايران وصدام حسين ونوريكا وزين الدين بن علي والقذافي وحسني مبارك وحاكم اليمن المخضرم .
مؤامرة الانتخابات الرئاسية
من خلال المطالعة الاستعراضية التي قدمها المستشار فاروق سلطان رئيس الجنة القضائية لانتخابات الرئاسة المصرية ، اتضح لنا التناقضات الكثيرة التي جاءت بها ، لتكشف عن لعبة خبيثة تم تدبيرها وراء الكواليس . ابطالها هيلاري كلنتون والقيادة العليا في المجلس العسكري المتعاطف مع الاخوان المسلمين سراً ولجنة القضاة والمستشارون – اصحاب النزاهة والعدالة والاستقلالية – ، اضافة الى الدعم المالي السخي والمخابراتي الامريكي والخليجي .
لقد ادان المستشار فاروق سلطان لجنته (النزيهة) عندما اعترف ان لجنته دققت في الطعون المقدمة من الفريق احمد شفيق وثبت بعد التحقيق والفحص صحة ماجاء بها من اعمال تزوير وعدم مطابقة عدد اوراق الاقتراع في الصناديق مع عدد تواقيع الناخبين في العديد من لجان الانتخاب الفرعية في المحافضات والمدن وتشجيع امينة احدى لجان الانتخاب الناخبين للتأشير إزاء اسم محمد مرسي فقط ، كما ذكر اكثر من مرة وصول بلاغات عن قيام مجموعات من المسلحين ينتمون لاحدى الجهات بقطع الطرق على الناخبين المسيحيين القادمين من قراهم لمقرات الانتخابات ومنعوهم من التصويت بقوة السلاح واشار ان الجهات الامنية تحققت من صحة هذه المعلومات ولكنها لم تعرف من هو الفاعل ، وسجلت القضية ضد مجهول كالعادة . والمجهول هذا معلوم جيدا للسلطات الامنية لأنه معروف لمن ستذهب اصوات المسيحيين من المرشحين ، ومن كان يقطع الطريق عليهم لمنعهم من الاقتراع بالقوة .
اضافة لكل ذلك كشف فاروق سلطان ان الطعون المقدمة من الفريق احمد شفيق ابلغت عن وجود الاف الاراق الانتخابية قد تم طبعها وتأشيرها لصالح محمد مرسي في المطابع الاميرية وبعد التحري والفحص تم ضبط تلك الاوراق المزورة المطبوعة بعدد يتجاوز الالفي بطاقة !!
هل من يجازف بعملية تزوير بالمطابع الحكومية يكتفي بطبع الفي بطاقة مزورة فقط او مئات الالاف من البطاقات التي تضمن الفوز الساحق لمن يريدون ، والاعلام ذكر انها تتجاوز المليوني بطاقة .
اشار المستشار فاروق سلطان الى الضغوط التي مارسها حزب الاخوان المسلمين والاسلاميين دون ان يسميهم صراحة بالتشهير والتهديدات الكثيرة والتهجم على لجنة الانتخابات والمجلس العسكري ولكن لم يتخذ المجلس ولا لجنة الانتخابات او النيابة العامة رد فعل مضاد لهم . اضافة الى تحريض جماعات الاخوان لانصارهم الاسلاميين بمختلف تصنيفاتها الى التحشد والتظاهر والاعتصام في ميدان التحرير ومدن اخرى للاعتراض على الدستور المكمل وحل مجلس الشعب الاسلامي وقطع الطرق وعرقلة المرور وايقاف مصالح الدولة والشعب والتسبب في ايقاف عجلة السياحة وتحطيم الاقتصاد المصري وهبوط سعر الجنيه وغيرها دون ان يقوم بعمل اجرائي مضاد يقف بوجه هذه العصابات التخريبية .
لماذا هذا السكوت ؟ ما وراء هذا التغاضي عن المخالفات المفضوحة في عملية الانتخابات ثم بعد هذا كله اعلان فوز من يمثل هؤلاء الرعاع المخربين والمزورين للانتخابات .
اليست وراء كل تلك التناقضات مؤامرة محبوكة خلف الكواليس تقودها المصالح والمخططات الامريكية وتدعمها السعودية وقطر بمخابراتها وملياراتها الملطخة بالبترول الاسود .
لماذا لم يسأل القضاء المصري او الحكومة الاخوان المسلمين عن مصدر تمويل حملة محمد مرسي ومصدر ملايين الدولارات التي تم توزيعها لشراء اصوات الناخبين نقدا او توزيع السكر والزيت والرزعليهم .
اين أمانة القضاء ونزاهته ؟
لقد فاز محمد مرسي ممثل تيار الاسلام السياسي رغم انف الشعب والمعترضين والرافضين وسيتسلم عرش مصر لاربع سنوات .
انك ايها الرئيس المنتخب ستكون تحت انظار الشعب ليراقب اعمالك ويرى مدى صدق اقوالك وما صرحت به من تطبيق للدولة المدنية الحديثة وتنفيذ مشروع النهضة المقترح من قبلكم وانك ستكون رئيسا للمصريين جميعا وتحكم بالعدل والقانون .
لاتنسى ايها الرئيس ان الشعب لن يرحم الطغاة فإن حكمت بالعدل والقسط بين الناس كان شعبك سندا لك ، وان حولت مصر الحضارة والتقدم لدولة دينية والغيت تاريخ مصر الفرعونية والقبطية وغيرت مناهج التعليم لتدريس التاريخ الاسلامي فقط وحجمت دور المراءة في الدراسة والعمل وشرعت قوانين البداوة والصحراء المتخلفة والبائدة ووضعت حقوق الانسان خلف ظهرك فأعلم ان الشعب سيخلعك كما خلع مبارك من قبلك .
نتمنى لك التوفيق في خدمة مصر وشعبها دون تمييز.