انتصار منظور سرمدية بنية العقل الإسلامي بغض النظر عن دينيته أو علمانيته المعاصرة !!!! ليس هناك دين يشكل عبئا على نبيه وربه كالإسلام … بتخلف المسلمين !!!!
لم يفاجئني أن ثمة دعاة إسلاميين لا يزالون إلى اليوم يرفضون نظرية (كروية الأرض ودورانها حول الشمس) ، لكن المفاجأة المدهشة، بدت بالنسبة لي مدى قابلية هذا العقل الإسلامي ، لمناقشة ومعاورة هذا الموضوع (رفضا وقبولا) واعتباره موضوعا قابلا للتفكير والنقاش حتى اليوم، وذلك عبر ملايين البشر على امتداد الساحة الإسلامية من خلال وسائل الاتصالات المعلوماتية التي طالما راهنا على أنها الثورة العقلية الكونية التي ستكون أداة شبابنا لنقلنا للحداثة الكونية .. وليس عبر اعتبار هذا النقاش مسألة (وهابية ) سلفية متشددة متقشفة ومغلقة ومتصلبة الشرايين الدماغية كم يستنتج البعض..
لا شك أن مستوى النقاش الذي يدور على صفحات وسائل الاتصال الاجتماعية حول (كروية الأرض) يضعنا في موقع فكري وعقلي وثقافي، يخول داعش ليس في قيادتنا السياسية والعسكرية (الذبحية )، بل وقيادتنا الفكرية والعلمية ،واعتبار أن التكنولوجيا بآخر صرعاتها الهوليودية في التصوير السينمائي إنما هي منة الهية، وضعها الله بيدنا عبر تسخير ( الكفار الأمريكان والغرب) لكي نستخدمها ضدهم ونرهبهم فيما صنعوا …
ولهذا فإن سؤالا من هذا النوع (من الذي يدور حول الآخر الشمس أم الأرض ؟) الذي له كل هذه القابلية العقلية والفكرية في الفضاء الثقافي الاسلامي الهلامي السديمي الأغبر ،لا يمكن أن يحسم مثل هذا الأمر الإلهي سوى تدخل أمير المؤمنين (البغدادي) ليفتي به، وإعطاء الرأي الداعشي النهائي بالأمر، وقطع كل الرؤوس التي لم تتمكن العناية الإلهية من إيصال هذه الفكرة إلى أدمغتها المعطلة الشقية، ومن ثم تدمير كل منجزات القرن الرابع الهجري النهضوي التنويري (العاشر الميلادي للعصر الإسلامي) واستئصال وابادة وحرق كل العقول الإسلامية (خاصة العربية)، التي سمحت للحضارة الإسلامية أن تبقى على قيد الحياة من أمثال ابن رشد وابن خلدون والمعري والتوحيدي والجاحظ وكل ما أنتجه عقل الاعتزال، الذي اعتزل السكونية المستنقعية للدوغماء الفقهية ل(لسدنة هياكل الوهم) وفق تسمية الإمام محمد عبده….
محمد عبده الذي قام تلميذه حسن البنا مؤسس (الاسلام السياسي) ابلانقلاب عليه بتحويل أطروحته الشهيرة (حول الاسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان )، من معنى ( قابلية الاسلام وطواعيته للتكيف مع مبدأ (دوران الأحكام بدوار الزمان ) إلى فكرة غزو العالم لتكييفه مع الأحكام الاسلامية، حسب حسن البنا، الغزو حتى ولو بالحب …
حيث تأسس مع الانقلاب الشمولي الأخواني والعسكري في الخمسينات، معنى للحياة السياسية المعاصرة قائم على فكرة (الإكراة بالحب)، حتى ولو كان غزوا فأتت الناصرية لتقتلنا حبا بالقوة والغزو، وهذا ما صوره ثروة اباظة في روايته (شيء من الخوف )، التي تحولت إلى فيلم سينمائي شهير مثلل عبد الناصر به الممثل الكبير الراحل (محمود مرسي)، يختتم بثورة تحرق البلد على عبد الناصر الذي شاهده في بيته للموافقة على عرضه …
إما أن تحب القائد الشمولي (البطركي القومي المسلم الاشتراكي الوحدوي …الخ أو أن تختار السجن أو القبر …في هذا المناخ العقلي الشمولي (العربي الإسلامي ) كانت لنا الناصرية والأسدية والصدامية والقذافية …الخ ) وكلها تدعي منافسة (الإسلام السياسي ) على تمثيل حقيقة الاسلام، وعلى مبدا (الغزو بالحب عبر صندوق الاقتراع ) …وربما سيدخل (صندوق الاقتراع) في مجال المفردات بعد أن اشبعها الخطاب العربي والاسلامي ابتذالا وتتفيها عالميا، بفضل تدخلنا كمسلمين وعرب لا ستخدامه كمفهوم سياسي … حيث سيصبح تعبير(صندوق الاقتراع فكرة كاريكاتورية مضحكة ومبتذلة، كما ابتذلنا من قبل إلى جانبها مفردات الحرية والقومية والاشتركية والأصالة القومية والإسلامية بعد استباحتها (قوميا وإسلاميا ) لتعهيرها، عبر تحويلها إلى مفردات (مومسة ) عمومية … وهكذا يقوم السيسي العسكري بمنافسة (مرسي ) الاسلامي على كسر رأس الناس حبا، حتى يكادوا أن يذوبوا فيه (حبا ) بوصفه هبة إلهية ، لأنه محبوب الهيا .الخ …
ليس هناك دين يشكل عبئا على نبيه وربه كالإسلام، حيث يورط المسلمون نبيهم بإشكالات جهلهم ويسببون له السخرية والشتائم ، فماذا سيقول المثقف العالمي من كل الديانات أو من الملحدين بكل الديانات تجاه هكذا نقاش (كروية الأرض) حسمه الغرب الأوربي منذ خمسة قرون .. سوى أن المسلمين ينتمون في عقولهم إلى خمسة قرون مضت في تاريخهم ، قدم الغربيون الكثير من المعاناة والتضحيات ليصلوا إلى هذه الحقائق، ليس بوصفها حقائق وتساؤلات دينية غيبية وحسب، بل بوصفها مفاهيم تأسست عليها وعلى أرضيتها كل العلوم والتكتنولوجيا الحديثة، التي يعتقد المسلمون أن الله سخر لهم العالم التقني والصناعي ليضعها تحت (بيضاتهم التقية المقدسة )، سيما (بيضة الاسلام وبيضة داعش ..دولة الإسلام !!! )
أما عن سرمدية البنية العقلية الدينية الاسلامية حتى لدى علمانيي بل وملحدي الفكر الاسلامي سنقد عنها مثالا نموذجيا من مفكر كالصديق الدكتور (صادق جلال العظم )، فهو رده علينا في كتابه (ذهنية التحريم وكتابه الثاني ما بعد ذهنية التحريم ) …بأن أكبر فشل للماركسية، يتمثل بعدم تحقق نبوءات لينين عن (الامبريالية أعلى مراحل الراسمالية !!! )..
قلنا له حينها -ومن زاوية منهجية -في كتابنا (ذهنية التحريم أم ثقافة الفتنة !! ؟؟) ،لماذ تجعل من لينين نبيا .. لتساله هذه الأسئلة الدينية عن النبوءات ؟؟؟ حيث لا يستطيع العقل الإسلامي إلا وأن (يقدسن النص المكتوب …فلا يكتفي بالإساءة إلى أنبيائه عن طريق البحث عن المعجزة ومعرفة الغيب، بل يسيء إلى الفكر الانساني الذي يقوم بالأصل على النسبي ورفض المطلق والمعجز والخارق ووضعها في نسق النسبي والتاريخاني !!
أي في نسق الأفعال النسبية والتي هي من صنع البشر وفعاليتهم في التاريخ، أي نسبية هذه الأفعال، حيث معلم لينين ماركس ذاته ، راهن على نجاح الثورات الاشتراكية في بريطانيا وألمانيا .. على عكس قلقه مما تمثله روسيا من قوى الثورة المضادة ..فنجحت الثورة –حينها _ بروسيا (الموجيكية الفلاحية ) التي كان يخشى ماركس من تخلفها الانتاجي الفلاحي (الموجيكيي وموروثها الآسيوي الاستبدادي)، من أن تطفيء أنوار أوربا …فراي ماركس إذن هو راي بشري نسبي قابل للصح والخطأ وليس لديه أوهام ميتافيزيقة عن نفسه وفكره ….لكن يبدو لي ان نبوءة ماركس هذه ستصح الآن على يد المافيا البوتينية !!!؟؟؟
مواضيع ذات صلة: الشيخ بندر الخيبري يبرهن شرعا ان الارض ثابتة