ليست كل والدة أم، وليست كل أم والدة

كأم، لم أرّ يوما مهامي الأمومية خارقة، بل هي التزام بقرار اتخذته بملىء ارادتي، وواجهت تحدياته بكل جدارة!
لم أشكو يوما من صعوبة تلك المهمة، وعندما أشكو لا لأنها انهكتني، بل لأنني أخاف التقصير في الأداء…
……
قبل أن أصبح أما، كانت هناك فكرة تتلبسني وهي أنه من الواجب أن يكون للولد عيدا، قبل أن يكون للأم عيدا…
واعترض الكثيرون من أصدقائي على فكرتي هذه، متذرعين أنه وعندما أصبح أما سأغير فكرتي…
في الحقيقة عندما أصبحت أمّا تبلورت تلك الفكرة لتصبح أكثر صلابة من الصخر!
كل عيد أم، أجمع الأولاد في بيتي وأحتفل بهم قبل أن يحتفلوا بي، واوصيهم خيرا بأولادهم…
لا أريد لابني أو ابنتي أن يفرطوا في مدحهم لي كأم، لأن الأمومة واجب وليست صدقة!
…..
الطفل مسؤولية وعندما تختار الأم بملئ إرادتها أن تتحمل تلك المسؤولية يجب أن تبذل الغالي والرخيص في سبيل تحقيقها على أتم وجه..
قناعتي تلك تجعلني أميّز بين الأم والوالدة…
ليست كل والدة أم، وليست كل أم والدة…
لا تصبح المرأة أما بمجرد أنها ولدت، ولكنها تصبح أما من خلال تربيتها بتفان وإخلاص لأولادها…
لي صديقة لم تستطع أن تحبل، فزرعوا بويضتها الملقحة بنطفة زوجها في رحم امرأة اخرى، وعندما ولدت تلك المرأة حصلت صديقتي على طفلتها وهي الآن في الثامنة من عمرها…
هل المرأة التي حملته “وهنا على وهن” هي أمه، أما الأخرى هي أمه..
بالمناسبة الحمل ليس وهنا، بل هو مرحلة طبيعية تستمتع الأم بكل دقيقة فيها..
…..
لا اؤمن بوجود ابن عاق، ولكن يوجد آباء عاقون…
احترام الوالدين هو تحصيل حاصل لتربية هذين الوالدين…
لذلك، لو نقيم عيدا للولد، سنضمن ـ كنتيجة حتمية ـ أن يحتفل ذلك الولد بكل يوم من حياته البالغة عيدا لأمه، كما أفعل أنا!
….
كأبنة لم تر أمها خلال عشر سنوات، أود أن أقول:
لم يمض يوما خلال تلك السنوات إلا وذرفت دمعة حرقت خدي…
شوقي لأمي يقض مضجعي، وسأظل أتمسك بالأمل أن أراها قبل أن ترحل إحدانا عن هذا العالم…
…..
لها ولكل الأمهات في عالمنا المعذب، أقول:
وأعشق أمي…
لأنني إذا مت لا أحد من بعدها سيبكيني….
كل عام وأنت بخير

الرابط المرفق يتحدث فيه شاب يافع عراقي عن أمه التي تبنته، ويقول:
My hero would have to be my mother
(البطل في نظري هو بالتأكيد أمي)
أما في ثقافتنا البدوية فالتبني حرام…
هكذا قلبوا المفاهيم: حللوا الحرام وحرّموا الحلال….
ولذلك ندفع اليوم الثمن غاليا!

enfantmother2

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.