الأقباط الأشاوس دفعوا الجزية للإستعمار الإسلامي وحافظوا على ثقافتهم وهويتهم , ونحن السريانيون (الآراميون) لم ندفع الجزية للمستعمر البدوي , وفضلنا أن نطأطأ الرأس والعين والحاجب وفضلنا الدخول في دين الخلافة الإسلامي , لذلك فقدنا ثقافتنا وهويتنا الآرامية ونحن اليوم عبيد في الدول الإسلامية نحج إلى مكة ونبذل الغالي والثمين في فلسطين في سبيل الدفاع عن ثقافة البدو والمستعمرين .
ما هذا الهراء ؟
كيف أصبحنا في بلداننا غرباء ؟ هل من المعقول أنه ليس لنا ثقافة , قبل الثقافة الإسلامية !؟
أنا أعتقدُ أنه لدينا إرث ثقافي كبير وعظيم , ولكننا بفضل عدم دفع الجزية إستسلمنا قبل أن نسلم وضاعت وتلاشت هويتنا الآرامية .
لقد قالها لي يوماً مسؤول عسكري أردني : إنت ثقافتك يا جهاد ثقافه بعثية وأفكارك كلها أفكار بعثية .
طبعاً هو كانت عنده ترجمة خاطئة لثقافتي , فهذا الكلام ليس من عنده أو من مخيلته ولكنه تلقينٌ لُقن به , وكان الذي لقنه إياه يقصد أنني أقرأ التراث ما قبل الإسلامي , أي الآرامي , وبما أن البعثيين كانوا قومجيون , فإنهم إتصفوا لوحدهم بأنهم الخارجون عن الإسلام .
أنا لا أنكر خروجي , ولكن خروجي ليس للإصطياف , بل للتعلم , كانت كلمته تلك بسبب سوآل وجهته له أنا حين قلتُ له : إنتوا ليش مصرين على مطاردتي والإساءة لي وتلفيق قضايا نسوية ؟؟أن شو عامللكوا يا جماعه , وتحاولون طردي من وظيفتي , طبعاً في النهاية حققوا ما أرادوه وها أنا اليوم : الرجل الآرامي الذي ليس له وطن يحميه والذي أصبح عارياً بلا ثقافة ولا تراث , غير تراث البدو الذي يحاولون أن يطعمونني إياه كل يوم خمس مرات !!!
الثقافة التي قدمت إلى بلاد الشام من الحجاز العربي ما زالت تفعلُ فعلتها الأولى , إذ أنها عملت على قتل الأم الطبيعة وعلى قتل الإنسان الذي يؤمن بأمه الطبيعة , فثقافة الأردن وسوريا وفلسطين كنعان هي ثقافة زراعية , حتى أن الثقافة العبرانية كانت في نهاية الأمر قد تطبعت مع ثقافة الكنعانيين وإتجهت إلى الثقافة الزراعية , غير أن مد لخيل والإبل البدوية قد غزت الأراضي الزراعية وإستطاعت في النهاية أن تطمس الثقافة الزراعية الآرامية .
إن الدليل الأكبر على وجود ثقافة قديمة سابقة على الثقافة الإسلامية العربية هي تلك الإصطلاحات والكلمات العابرة والتي ما زال يتشدقُ بها الفلاحون الأردنيون مثل :
-البعل : فهم يصفون مزروعاتهم الصيفية بصفة مزروعات بعلية وأصناف بعلية , ومن المعروف جيداً أن البعلية أو (بعل) هو نفسه الإله (هُبل) الذي أحضره معهم البدو إلى مكة ونصبوه كبيراً للآلهة وهو ما عرف عندهم بإسم (هبل) والأصل في التسمية بعل , والهاء حرف أداة تعريف عبرانية , فقد كان العبرانيون يستعملون الهاء كحرف تعريف , لذلك صُحف إسم الإله بعل إلى هبعل ومن ثم سقطت العين لثقلها على اللسان وأصبحت الكلمة هكذا : نهبل , بدل : هبعل .
لقد أراد هبل الآرامي أن يبتلع الحجاز العربي ولكنهم ردوا عليه بهجمات معاكسة إنتصر بها البدو على الفلاحين وهظموا وإبتلعوا أراضينا وثقافتنا .
وكذلك ما زال الفلاحون في الأردن يستعملون كلمات آرامية مثل ( زُبل) وهذه الكلمة هي صفة الإله بعل , وحين كانت المزروعات تنمو كانوا يقولون أنها نمت بفعل تدخل إله الخصب (زبل) لذلك ما زالت هذه الكلمة عندنا نقولها للسماد (زبله) .
إن إرتباط كلمة بعل وزبل في الثقافة الآرامية لهو أكبر دليلٍ على أننا لا نمت للثقافة البدوية في شيء , فأين تراثنا ؟
نعم , أين التراث الشعبي الأردني والإسرائيلي والكنعاني والآرامي ؟
إنه مات وإندثر بفضل التطبيع والإستعمار البدوي الذي أنشأ كليات ومعاهد دينية على شكل مساجد أدت إلى تصفية الثقافة والشعب , واليوم نحن في بلداننا أغراب .
هذا سر كبير يربطنا اليوم بالأقباط المصريين فهم مازالوا يدفعون الجزية لكي يحافظوا على ثقافتهم .
أما نحنُ فقد رفضنا أن ندفع الجزية لكي نحافظ على ثقافة البدو لذلك نحن إندثرنا .
إننا لو دفعنا الجزيةللمسلمين كما فعل الأقباط , لحافظنا على تراثنا الآرامي من الزوال والإبتلاع والسحق