لن أنسى ذلك المنظر أبداً.

Bassam Yousef
 لن أنسى ذلك المنظر أبداً.
كنت في مطلع الثمانينات من القرن الماضي لا أزال طالبا في جامعة اللاذقية، وكنت ما إن يبدأ العام الدراسي حتى أسرع إلى مفتش مادة العلوم في مديرية تربية اللاذقية وأطلب تكليفي بعدد من ساعات التدريس في إحدى المدارس، كانت أجور هذه الساعات تساعدني في تدبر أمور دراستي وحياتي.
في إحدى المدارس التي كلفت بالتدريس بها كان طريقي يمر في قرية “الهنادي”، وهي قرية تقع بين جبلة واللاذقية وأقرب إلى اللاذقية، كان “الميكرو باص” من نوع “هوب هوب” يمر أمام فيلا حجرية بيضاء فخمة، وكنت دائما أرى رتلا طويلا من السيارات الخاصة والعامة يقف أمام هذه الفيلا.
كان واضحا لي أن السيارت زائرة وليست مقيمة، فهي تتبدل باستمرار، وهناك أناس بداخلها ينتظرون.
تشجعت مرة وسألت جاري في المقعد عن صاحب الفيلا، وعن قصة السيارات التي تصطف أمامها، فأجابني بهمهمة خافتة وبلا اهتمام بي :
– مابعرف.
بعد فترة وفي جلسة ببيت أحد الأصدقاء التقيت بشخص لأول مرة، وفي الجلسة عرفت أنه من قرية ” الهنادي” فقررت سؤاله، أخيراً استطعت حل اللغز.
الفيلا هي لفيصل غانم مدير سجن تدمر، والسيارات التي تصطف رتلا طويلا هي سيارات تقل أهل معتقلين من ” الاخوان المسلمين” يأتون ليقابلوا أم فيصل غانم ، أو أحد ما من طرفه ليحصلوا على موافقة بزيارة ابنهم في سجن تدمر.
لم تكن الزيارة هي الهدف الأساسي فقط، كان الهدف الأساسي للأهل هو معرفة مصير ابنهم هل هو حي أم تمت تصفيته.
المبالغ التي كانت تدفع مقابل هذه الزيارة أو المعلومة كانت خيالية، لدرجة أنه بعد فترة من الزمن أصبح التعامل بالذهب ..كيلو غرام من الذهب – وأحيانا أكثر – ثمنا لمعلومة أو زيارة.
#الدولة_الأسدية. #كنا_عايشين.

This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.