لن أصبح دجاجة
بعد نصف ليلة طويلة من الهجوم المكثف من وسائل الإعلام الإخبارية بخصوص خطر انتشار “فيروس أنفلونزا الطيور”، ذهبت إلى غرفتي، هناك استلقيت على الفراش مرهقاً احمل هواجس هذا العالم الفيروسي المخيف، وما هي إلا لحظات حتى بدأت اشعر بأن هنالك قشعريرة شديدة تنتصب في جميع خلاليا جسدي الشعرية، بقلق قلت لنفسي” ربما كان البرد هو السبب ” وبلطف قمت بتلمس ذراعاي العاريتين ، حينها أخذتني دهشة مخيفة حين لاحظت ان الشعيرات المنتصبة قوية وخشنة جداً “هل من الممكن أن تصل قوة القشعريرة إلى هذا الحد من الانتصاب الحاد والخشن!” أنها المرة الأولى التي أصاب بمثل هذه الدهشة الجسدية!، تلمست ذراعي أكثر ووجدت أن الخشونة أقوى واكثف من أن تكون مجرد خشونة شعرات جسمي التي اعرف جيداً ملمسها حتى في اقصى حالات القشعريرة، كان الوضع مخيفاً ومرعباً وكأن هنالك نشارة خشب صغيرة منثورة على ذراعي، تلمست عنقي وبقية مناطق جسدي العارية، فوجدت نفس النتيجة المخيفة “ما هذا؟! ما الذي يحدث لي!” لوهلة اعتقدت اني أصبت بتقشر جلدي غريب وخطير. قمت فزعاً من فراشي وضغطت على زر نور الغرفة بطريقة متخبطة، كشخص أصيب بالعمى المفاجئ، وحين انطلق الضوء إلى جميع نواحي وأبعاد الغرفة نظرت إلى يدي مرتبكاً، فوجدت أن هناك ما قد بدأ بالخروج من مسامات جلدي، كان ذلك يشبه براعم صغيرة لريش الطيور أو لريش الدجاجة تحديداً، نمى ذلك الريش بشكل اكبر حتى خرج من جميع مسامات جسدي كله، كان المشهد مرعباً، وبعد أن أخذتني رجفة خوف شديدة صحت بقوة : ” يا إلهي” تذكرت فيروس أنفلونزا الطيور، وقلت لنفسي بأنفاس لاهثة، ونظرات خائفة ومندهشة ومشمئزة في نفس الوقت: “هل يعقل أني قد أصبت بأنفلونزا الطيور، وهذه هي الأعراض الأولى لهذا المرض الخطير؟ّ! هذا مستحيل!!” حاولت بكل ما املك من منطق أن ارفض هذه الفكرة.
جريت خارج غرفتي متجهاً إلى غرفة أخي المجاورة لأخبره بما أصابني، وأن ذلك الفيروس اللعين قد وصل إلينا، وتسلل إلى غرفتي وربما إلى البيت كله، لم أكن أعرف بالضبط هل جريت لغرفته محاولاً تحذيره والنجاة بنفسه من هذه اللعنة، أم كان الأمر مني محاولة لاهثة ويائسة للبحث عن شخص ما لينقذني من هذه الهلوسة الفيروسية..!
هناك وقفت على باب غرفته وضربت الباب بقوة وبسالة شخص على حافة الخوف، بالضبط كمشهد رعب في فيلم يكون فيه احدهم هارباً من وحش مرعب يتشبث في قميصه وهو يحاول الهروب من ذلك الباب الوحيد على وجه النجاة.
لم اجد رداً من أخي رغم أن ضرباتي للباب كانت قوية وكافية لإيقاظ دب في سباته الشتوي. وحين استسلمت، متعرقاً وضعت أذني ووجهي على الباب متوسلاً لسماع أي شيء يبشر بالحياة في تلك الغرفة، كمن يتوسل ضريحاً لاحد الأولياء والقديسين، كان هنالك صوتاً غريباً وخفيفاً (لحركشة) أو حركة شيئاً ما، فتحت المجال أكثر لاذني للإنصات وامتصاص كل صوت ممكن من داخل تلك الغرفة، وفي تلك اللحظة سمعت صوتاً كان هو الأرعب على الأطلاق من كل الأصوات التي سمعتها في حياتي، على الرغم من أن ذلك الصوت كان مألوفاً وعادياً جداً وربما مضحكاً، لكن في تلك اللحظات وفي هذه الليلة الفيروسية بالذات كان هو الأكثر رعباً في حياتي، كان الصوت : ( باااك باااك بك بك باااااااكيك ) كان صوت دجاجة تتحرك وتحوم وتبقبق بصوتها في الغرفة. أيقنت حينها أن أخي قد اكتملت أعراض انفلونزا الطيورعنده وأصبح دجاجة، صرخت مرعوباً مما حدث لأخي، ومن المصير الذي ينتظرني ، صرخت قائلاً : لا يمكن أن تنتهي حياتي كدجااااجة !!.
**
قمت مفزوعاً متعرقاً، لاهث الأنفاس على فراشي، أتفقد ذراعاي العارية وجسدي، لأجد أنني كنت غارقاً في حلم أو كابوس مثير للرعب والضحك في آن واحد. حينها ضحكت بقوة وبطريقة هستيرية وانا اصرخ : لن أصبح دجاجة.. لن أصبح دجاجة.