نظم: لوبي دي بيغا*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**
لم يعرف معنى الحب من لم يحببك…
جمال سماوي، خاتم أسقفي جميل،
رأسك من ذهب، و شعرك
كأنه سعفة نخل منطلقة.
ثغرك كزنبقة تسكب للفجر
خمرا معتقا، و من العاج جيدك،
يدك تدور حول جسدك و في راحتها الختم الرسولي،
و الروح تنادي الزنابق خلسة.
يا إلاهي! ما الذي أخذ عقلي، عندما
استهنت بهذا القدر من الجمال منشغلا بفانيات الأشياء،
فضيعت ما كان لي أن أتمتع به الآن؟
لكن، و إن كنت من الوقت الذي أضعته ممتعضا،
فإني سأقوم مسارعا، إذ ساعة في الحب
ستنسيني السنين التي قضيتها متظاهرا.
*القصيدة في الأصل الإسباني:
No sabe qué es amor quien no te ama
No sabe qué es amor quien no te ama,
celestial hermosura, esposo bello,
tu cabeza es de oro, y tu cabello
como el cogollo que la palma enrama.
Tu boca como lirio, que derrama
licor al alba, de marfil tu cuello;
tu mano en torno y en su palma el sello
que el alma por disfraz jacintos llama.
¡Ay Dios!, ¿en qué pensé cuando, dejando
tanta belleza y las mortales viendo,
perdí lo que pudiera estar gozando?
Mas si del tiempo que perdí me ofendo,
tal prisa me daré, que aun hora amando
venza los años que pasé fingiendo.
*كاتب إسباني غزير الإنتاج. ينتمي إلى وسط عائلي هش بحيث كان أبوه مجرد مطرز. كتب في عدة اتجاهات كالشعر و المسرح و الرواية. أعماله ذات صلة وثيقة بحياته الشخصية الواقعية كثيرا كما يذهب إلى ذلك مؤرخوه و معاصروه و شارحوه. عرف بغرامياته المتعددة و اتخاذه المحظيات الأمر الذي كان سببا في سجنه. هو كذلك كاتب مشاكس و جريء و هذا كان وراء نفيه و طرده من البلاط. كاتب استثنائي و وجه أدبي شائق رائق في الأدب الإسباني إبان العصر الذهبي. و من منظورنا الشخصي، يستحيل أن ندرس الأدب الإسباني دون أن نقف عند هذه القامة الأدبية الكبيرة وقفة بخيل أضاع في الترب خاتمه كما يقول مالئ الدنيا و شاغل الناس أبو الطيب المتنبي. و حياته شبيهة إلى حدود بعيدة بحياة أبي العتاهية في شعرنا العربي؛ فهي لهو و مجون بداية و ورع و زهد و روحانية نهاية كما يتجلى من خلال هذه القصيدة الماثلة بين أيدينا التي يبدي فيها عشقه للحبيب الذي هو المسيح هنا نادما على عربدته و نزقه أيام الصبا حالما بأن يستدرك الأمر فربما ساعة واحدة تكفي لنيل التوبة و الرضوان. و لعل هذا ما جعل أبا الدرداء يقول “تفكر ساعة خير من قيام ليلة” كما ورد في الأثر. و إذا تأملنا جيدا فإننا ندرك أن الشاعر كما لو أنه و هو ينظم هذه القصيدة قد وضع أمام ناظريه إحدى لوحات/صور المسيح عيسى عليه السلام المشهورة. هذا و لا ننسى أننا نستشف ها هنا، صراحة، تقاطعات كبيرة بين الشعر الإسباني و الشعر العربي على مستوى الغرض الشعري المعالج و ثوابته الجمالية. توفي هذا الأديب الأريب و العملاق بمدريد سنة 1635 للميلاد.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء -المغرب.