نبيل ابراهيم
السبب الثاني عشر ان تاريخ اجدادنا زاهر بالعلم والعلماء وبالفقه والفقهاء
في عام 145 للهجرة وضع المنصور حجر الأساس للعاصمة الجديدة بغداد، و جمع حوله فيها صفوة العلماء من مختلف النواحي، و شجع على ترجمة كتب العلوم و الآداب من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، و استجاب له كثير من الباحثين، من أبرزهم ابن المقفع الذي ترجم كتاب كليلة و دمنة (757 للميلاد) و الطبيب النسطوري جورجيس بن بختيشوع (771 للميلاد)، و بختيشوع بن جورجيس (801 للميلاد)، و جبريل تلميذ بختيشوع (809 للميلاد)، و الحجاج ابن يوسف بن مطر (الذي ذاع اسمه بين سنتي 786 و 863 للميلاد).
ولم يكتف ابناء الرافدين بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم يترجمونه, فكما لعب ابناء الرافدين دورا كبيرا في خدمة الثقافة العالمية، فقد أنقذوا هذه العلوم من فناء محقق، إذ تسلموا هذه الكتب في عصور الظلام، فبعثوا فيها الحياة، و عن طريق معاهدهم و جامعاتهم و أبحاثهم وصلت هذه الدراسات إلى أوروبا، فترجمت مجموعات كبيرة من اللغة العربية إلى اللاتينية، و قد كان ذلك أساسا لثقافة أوروبا الحديثة، و من أهم الأسباب التي أدت إلى النهضة الأوروبية.
ولنا الفخر انه أنه كان لنا حشد كبير من العلماء فى مختلف العلوم والفنون والآداب، ففي عصر الخلافة العباسية اجتمع أئمة الفقه الأربعة أصحاب المذاهب الفقهية المعروفة وعلى رأسهم الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان وفقيه المدينة الإمام مالك بن أنس والإمام الشافعى والإمام الممتحن أحمد بن حنبل وظهرت فى الفقه الإسلامى مدرستان علميتان كبيرتان هما مدرسة أهل الرأى فى العراق، ومدرسة أهل الحديث فى المدينة المنورة. وحفل هذا العصر أيضًا بأئمة علوم القرآن وعلوم اللغة العربية فظهر منهم سيبويه والخليل بن أحمد وأبو عمرو بن العلاء والإمام الفراء والكسائى وظهرت فى علوم اللغة أيضًا مدرستان علميتان هما: مدرسة البصرة، ومدرسة الكوفة. وفى التاريخ ظهر أول تاريخ كامل للسيرة النبوية الشريفة فى كتابى سيرة ابن هشام وكتاب الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد. وأما عن تطور العلوم فى العصر العباسى الأول، فقد انتقلت العلوم من مرحلة التلقين الشفوى إلى مرحلة التدوين والتوثيق فى كتب وموسوعات، وظهرت أول مؤسسة علمية من نوعها وهى دار الحكمة التى تأسست فى عهد الرشيد ووصلت إلى أوج نشاطها العلمى فى التصنيف والترجمة فى عهد المأمون، ومن الجدير بالذكر أن المسلمين لم يكتفوا بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم يترجمونه وكانت المجالس والندوات العلمية منتدىً خصبًا للحوار بين العلماء. ومن الإنجازات العلمية المهمة فى هذا العصر المرصد الفلكى الذى شيده الخليفة المأمون فى بغداد،وكان أكبر المراصد الفلكية فى هذا العصر، وقد عمل فيه أكبر علماء الفلك المسلمين وقد تمكنوا -من خلاله- من تفسير ظاهرة الجاذبية، وتعيين خط العرض وقياس طول محيط الارض وقد ساعدهم فى هذا علماء الجغرافيا و الهندسة، ولا أنسى جهود العلماء المسلمين فى العلوم الطبية وخاصة علم التخدير وطب العيون
وفي خلافة المهدي بن المنصور 158- 169 هـ برز عالم عربي في الكيمياء يدعى جابر بن حيان الأزدي (( الذي نسبت إليه كتابات كثيرة في الكيمياء تضم ما وصل إليه هذا العلم من تقدم في هذا الوقت سواء في المركبات الكيميائية التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت مثل نترات الفضة المتبلورة وحامض الأزوتيك وحامض الكبريتيك (زيت الزاج) ولاحظ ما يرسب من كلوروز الفضة عند إضافة ملح الطعام أو في وصف العمليات الكيميائية كالتقطير والتبخير والترشيح والتبلور والتذويب والتصعيد والتكليس ونحوها)) ,محمد بن موسى الخوارزمي 232 هـ846 م (( الذي عهد إليه المأمون بوضع كتاب في علم الجبر، فوضع كتابه ” المختصر في حساب الجبر والمقابلة))، وهذا الكتاب هو الذي أدى إلى وضع لفظ الجبر وإعطائه مدلوله الحالي. قال ابن خلدون: ((علم الجبر والمقابلة (أي المعادلة) من فروع علوم العدد، وهو صناعة يستخرج بها العدد المجهول من العدد المعلوم إذا كان بينهما صلة تقتضي ذلك فيقابل بعضها بعضاً، ويجبر ما فيها من الكسر حتى يصير صحيحاً)). فالجبر إذن، علم عربي سماه العرب بلفظ من لغتهم، والخوارزمي هو الذي خلع عليه هذا الاسم الذي انتقل إلى اللغات الأوروبية بلفظه العربي
ALGEBRA
ولقد ترجم كتاب الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية في سنة 1135 م بواسطة مستعرب إنكليزي اسمه رو برت أوف تشستر
ROBERT OF CHESTER
درس وعاش في أسبانيا حيث كان أسقف بامبلونه ، ومن هناك انتقلت ترجمته إلى أوربا حيث ظلت تدرس في جامعاتها حتى القرن السادس عشر الميلادي. كما انتقلت الأرقام العربية إلى أوربا عن طريق مؤلفات الخوارزمي. ومن الملاحظ أن اسم الخوارزمي استعمل في اللغة اللاتينية على شكل الجور تمي
ALGORISMO
ثم حور في قالبالجورزمو
ALGORISMO
للدلالة على نظام الأعداد وعلم الحساب والجبر وطريقة حل المسائل الحسابية .
وفي مجال الطب والعناية بالمرضى أنشأ العباسيون عدداً كبيراً من البيمارستانات (المستشفيات)، ومخازن الأدوية، واستأثرت العاصمة بغداد بالعديد منها، فنسمع عن البيمارستان الذي أنشأه الرشيد في الجانب الغربي من بغداد على يد الطبيب جبرائيل بن بختيشوع ، والبيمارستان الصاعدي أيام المعتضد في الجانب، الشرقي من بغداد، والبيمارستان المقتدري الذي بناه المقتدر سنة 306 هـ 918م، وبيمارستان السيدة الذي أنشأته أمه في الأعظمية، وبيمارستان ابن الفرات الذي أنشأه وزيره أبو الحسن علي بن الفرات، والبيمارستان العضدي… الخ. وكانت هذه محاولة لإيجاد أماكن تعالج فيها المرضى ويخضعون للملاحظة والتسجيل، وهي أساس المستشفيات الحديثة.
وقد توصل الأطباء المسلمون إلى أراء جديدة في الطب تخالف أراء القدماء في معالجة كثير من الأمراض، واستخدموا في مستشفياتهم الكاويات في الجراحة، ووصفوا صب الماء البارد لقطع النزف أو معالجة الحميات، وعالجوا الأورام الأنفية وخياطة الجروح، وقطع اللوزتين، وشق أوراق الحلق، وقطع الأثداء السرطانية، وإخراج الحصاة من المثانة، وجراحة الفتق وجراحة العيون، وإخراج الجنين بالآلة، وإخراج العظام المكسورة، واستخدام المرقد (البنج) (ويدخل في تركيبه الأفيون والحشيش وست الحسن) كما فرقوا بين الحصبة والجدري
وفي أيام المعتصم وولديه الواثق والمتوكل، برز الطبيب يحيى بن ماسويه (243 هـ) الذي تنسب إليه مؤلفات طبية عديدة من أهمها: (كتاب دغل العين) أي ما يضر العين ويؤذيها، وهو أول كتاب عربي في علم الرمد. كذلك يؤثر عن هذا الطبيب أنه كان يدرس التشريح عن طريق تقطيع أجسام القردة، وكان الخليفة المعتصم يعتمد على مشورته، ولهذا كان يحتفظ ببنية قوية. ويعرف ابن ماسويه في الغرب باسم ماسو الكبير
MESUE MAIOR
. كذلك نذكر الطبيب اللامع حنين بن إسحاق (260 هـ ) الذي عرف عند علماء الغرب باسم يوهانيتس
YOHANTUS
درس حنين الطب على أستاذه يحيى بن ماسويه ثم واصل دراسته في بلاد الروم والإسكندرية وفارس، والف كتباً كثيرة أهمها كتاب في الرمد باسم (العشر مقالات في الـعين) ، وكتاب (السموم والترياق) ، وكتاب في أوجاع المعدة، وكتاب في الحميات، وكتاب في الفم والأسنان. وهذا الكتاب الأخير أعجب به الخليفة الواثق لأنه يصف الفم والأسنان وصفاً دقيقاً. وقد نقل المسعودى في كتابه ((مروج الذهب ـ ج 4 ص 80- 81) )) قسماً منه، ذكر فيه أن عدد الأسنان في الفم اثنتان وثلاثون سناً، منها في اللحى (الفك) الأعلى ستة عشر سناً، وفي اللحى الأسفل كذلك.
كان العصر العباسي الأول أنسب العصور ملائمة للنهضة الثقافية، فقد بدأ الاستقرار فيه و أنتظم ميزان الأمة الاقتصادي، و كانت النهضة العلمية في العصر الأول تتمثل في ثلاثة جوانب هي:
– حركة التصنيف
– تنظيم العلوم الإسلامية
– الترجمة من اللغات الأجنبية
من أشهر المصنفين في هذا العصر مالك الذي ألف الموطأ، و ابن إسحاق الذي كتب السيرة، و أبو حنيفة الذي صنف الفقه و الرأي. و يرجع إلى ابي جعفر المنصور الفضل في توجيه العلماء هذا الاتجاه، و قد كان المنصور كما يقول السيوطي كامل العقل، جيد المشاركة في العلم و الأدب، فقيها تلقى العلم عن أبيه و عن عطاء بن ياسر. و تطورت العلوم في العصر العباسي الأول و انتقلت من مرحلة التلقين الشفوي إلى مرحلة التدوين والتوثيق في كتب وموسوعات.
وصلت العلوم الإسلامية درجة عالية من الدقة و التنظيم في العصر العباسي الأول:
· فقد شهد هذا العصر ميلاد علم تفسير القرآن و فصله عن علم الحديث.
· و عاش في هذا العصر أئمة الفقه الأربعة: أبو حنيفة (150 للهجرة)، و مالك (179 للهجرة)، و الشافعي (204 للهجرة)، و ابن حنبل (241 للهجرة).
· وظهرت في الفقه الإسلامي مدرستان علميتان كبيرتان هما مدرسة أهل الرأي في العراق، ومدرسة أهل الحديث في المدينة المنورة.
· وحفل هذا العصر أيضًا بأئمة النحو وظهرت في علوم اللغة مدرستان علميتان هما: مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة، فقد عاش في هذا العصر من أئمة النحاة البصريين عيسى بن عمر الثقفي (149 للهجرة)، و أبو عمرو بن العلاء (154 للهجرة)، و الخليل بن احمد (175 للهجرة)، و الأخفش (177 للهجرة)، و سيبويه (180 للهجرة)، و يونس بن حبيب (182 للهجرة)، و من الأئمة الكوفيين أبو جعفر الرؤاسي، و الكسائي، و الفراء (208 للهجرة).
· التاريخ و مولده: قويت في العصر العباسي الأول فكرة استقلال علم السيرة عن الحديث، و وجدت من ينفذها تنفيذا علميا دقيقا، و هو محمد بن إسحاق (152 للهجرة تقريبا) و كتابه في السيرة من أقدمها في هذا الموضوع، و قد وصلنا هذا الكتاب بعد أن اختصره ابن هشام (218 للهجرة) في كتابه المعروف بسيرة ابن هشام، و من اشهر من صنف في التاريخ في هذا العصر العلامة محمد بن عمر الواقدي (207 للهجرة تقريبا) فقد ألف كتاب التاريخ الكبير الذي اعتمد عليه الطبري كثيرا حتى حوادث سنة 179، أما الكتاب نفسه فلم يصح وروده لنا، و للواقدي كتاب آخر يعرف بالمغازي و هو بين أيدينا، و ليس هذا كل ما وصل لنا من علم الواقدي، فإن علمه قد جائنا عن طريق شخص آخر من مؤرخي هذا العصر أيضا و هو كاتبه محمد بن سعد (230 للهجرة) الذي كانت شهرته كاتب الواقدي، و قد خلف لنا محمد بن سعد كتابه القيم الطبقات الكبرى و هو في ثمانية أجزاء يتحدث في الجزء الأول و الثاني عن سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم و في الأجزاء الستة الباقية عن أخبار الصحابة و التابعين، و محمد بن سعد هذا هو أحد شيوخ العلامة البلاذري (279 للهجرة).
السبب الثالث عشر نحن اهل الشعر والشعراء
العراق بلد شعري، كلمة قالها يوماً المفكر الفرنسي جاك بيرك ويقولها أغلب من قرأ تاريخ هذه البلد وابداعاته منذ ملحمة كلكامش، القصيدة الأولى في التاريخ، وحتى يومنا هذا. ولم تستطع لا الحروب المتعاقبة ولا الإحتــلالات والحصــارات المـتـعـاقـبـة أن تـخـمـــد جــذوة الشــعر في روح الإنسان العراقي مثلما لم تستطع أن تخمد روحـــه وطيبتــــه. وهكـذا كان ويظـل بلداً ولاداً للشعراء.. ففي كل حقبة وفي كل جيل تفاجئك أصــوات متفـــردة تخــرج من ركــام المعاناة، قوية شرسة واضحــة مترقرقــة منسابة، على أديــم هــذه الأرض الطيبـــة والمرّة معاً، تروي شيئاً من تاريخها وألمها وأحلامها وناسها.
فالشعر سمة العراقيين منذ عهد السومريين، فقد كان لكل حدث ولكل زمان في تاريخ العراق شعراؤه , فمن العراق يأتي الشعر ويأتي الفن والابداع ويأتي التاريخ محملاً بذاكرة الأدب النادر، والشخصيات الأدبية المؤثرة على المشهد الثقافي العربي.
الشعر يعتبر الوظيفة الإنسانية الأسمى، بمعنى أنه ينحاز إلى عوالم الإنسان الداخلية وينحاز إلى تاريخ الإنسان، وإلى تطلعاته نحو الحرية والوجود والكينونة, و يتميز الشعرالعراقي والعربي بالفخر والحماسة والغزل والرثاء والوصف والهجاء وبالواقعية والوضوح والبساطة و وتشمل المعاني والاخيلة والعاطفة والموسيقى الشعرية ، حيث نظم الشاعر الجاهلي اكثر شعره على اوزان طويلة التفاعيل .
يذكرنا التاريخ بالشاعر الرافديني من اور، الذي سعي الي مدح مليكه (شولكي) احد ملوك مملكة اور من السلالة الثالثة (2094ــ 2074ق.م.)، وقد رغب ان ينظم قصيدة ثناء وتبجيل. ونجد ان اسلوبه الشعري غير اعتيادي، فهي قصيدة مجازية يتخيل الشاعر نفسه انه الملك شولكي، ومن خلال ذلك يبدا بالثناء علي نسبه وعلي شجاعته واقدامه وبراعته في القتال واستعماله لانواع الاسلحة الموجودة في ذلك الزمن.
هكذا فالشعر عندنا هو الأثر العظيم الذي حفظ لنا حياتنا منذ فجر التاريخ ومنذ عصر الجاهلية مرورا بالعصر الاسلامي ووصولا الى يومنا هذا ، وإذا كانت الأمم الأخرى تخلد مآثرها بالبنيان والحصون فإننا عولنا على الشعر في حفظ تلك المآثر ونقلها إلى الأجيال القادمة.
ففي العصر الجاهلي كان هناك شعراء بارزون وقد اشتهرت المعلقات وهي من أشهر ما كتب العرب في الشعر. و قد قيل لها معلقات لأنها مثل العقود النفيسة تعلق بالأذهان. و يقال أن هذه القصائد كانت تكتب بماء الذهب وتعلق على استار الـكعبة قبل مجيء الاسلام، وتعتبر هذه القصائد أروع وأنفس ما قيل في الشعر العربي القديم لذلك اهتم الناس بها ودونوها وكتبوا شروحا لها, وهي عادة ما تبدأ بذكر الأطلال وتذكر ديار محبوبة الشاعر وتكون هذه المعلقات من محبته له شهاره الخاص
فيما لعب الشعر دورا بارزا في نشر رسالة الإسلام عبر التاريخ، وقام شعراء الإسلام بواجبهم في دعم مسيرة الدعوة الإسلامية وتصدوا بشجاعة لهؤلاء الذين وظفوا مواهبهم الشعرية للنيل من الإسلام والتشكيك في رسالته، والترويج للقيم الهابطة التي تستهدف نشر الرذيلة بين المسلمين، وكان لشعراء الحق والفضيلة الذين حملوا رسالة الإسلام الكلمة العليا بما أوتوا من فصاحة وقدرات بيانية ولغوية، وبما استقر في نفوسهم وقلوبهم من أضواء اليقين وإشراقات الإيمان , وقد اهتمت الدعوة الإسلامية منذ أيامها الأولى بالشعر والشعراء ، وأحـَّل الرسول صلى الله عليه وسلم الشعراء مكانا بارزا في الإعلام الإسلامي ، فأدى الشعراء الرسالة التي أنيطت بهم ، فتصدوا لشعراء المعسكرات المناوئة للدعوة آنذاك : المشركين واليهود والمنافقين ، فأبطلوا باطلهم وردوا افتراءاتهم ووفقوا في ذلك التوفيق كله , كما ورويت أقوال عن كبار الصحابة تحث على تعلم الشعر والعمل بمضمونه ، نكتفي بإيراد قول عمر ” احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك ، فان محاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهى عن مساويها ” فإن ما قدمناه من آيات المقرآن وأحاديث الرسول فيه أوفى بيان.
وكان لوجود الصالونات الأدبية النسائية , الصورة المشرقة من صور إبداع المرأة العراقية , وهذه الصالونات لم تكن حكراً على الرجال، بل كانت المرأة هي السبّاقة لتأسيسها عبر مسيرتها الكفاحية لإثبات ذاتها وثقافتها وانعتاقها من بوتقة القهر والجهل.
لقد قامت المرأة العراقية العربية بتأسيس هذه الصالونات التي سعى إليها الأدباء والشعراء ورجال الفكر،
وكانت المرأة كانت تُجالس الرجال في هذه الصالونات وتناقشهم في القضايا الفكرية والأدبية دون أن تتخلى عن رصانتها ووقارها، ويذكر هنا إشادة الأصفهاني في كتابه( الأغاني) باستقامة سكينة بنت الحسين وبُعْدِ نظرها وسداد رأيها. كما اشتُهر صالون فضل العبيدية في العصر العباسي إذ كان بيتها في بغداد ملتقى الأدباء والشعراء. إضافة إلى صالونات الأندلس حيث كان هناك صالون حفصة الركونية في غرناطة، والشاعرة ولاّدة بنت المستكفي في قرطبة، وصالون عائشة القرطبية، ونزهون الغرناطية، وسارة الحلبية التي قدمت من حلب واشتهرت بشعرها الرائع وفي العصر الحديث برز صالون الشاعرة صبيحة الشيخ داوود في بغداد.
السبب الرابع عشر ارض العراق مليئة بالثروات الطبيعية
ا ـ النفط
أهم ثروة طبيعية في العراق. وكان النضال حول السيطرة عليه، منذ اكتشافه في كركوك، في العشرينات من القرن الماضي، ركناً أساسياً من النضال ضد سيطرة الاستعمار، ورمزاً لسياسة التحرر الوطني. ويمتلك العراق ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية. ويعتقد فنيون ان امكانات البلد الحقيقية تفوق كثيراً تلك المكتشفة، وذلك بسبب توقف او تدنّي مستوى الاستكشاف خلال العقدين الماضيين ومنذ حرب الخليج الأولى مروراً بحرب الخليج الثانية والعقوبات الاقتصادية.
وتؤكد بعض التقارير والدراسات إن حجم احتياطي النفط العراقي المثبت بحسب المسح الجيولوجي الزلزالي يبلغنحو 350 مليار برميل، ليتجاوز بذلك احتياطي السعودية الذي يبلغ أكثر من 260 ملياربرميل والتي تتصدر حالياً الترتيب العالمي بحجم احتياطها النفطي ويبلغ احتياط النفط العراقي حوالي 10.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي ويحتل العراق أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعودية ويبلغ هذا الاحتياطي أربعة أضعاف الاحتياطي النفطي الأميركي ويمتاز النفط العراقي بوجود جميع حقوله في اليابسة، لذلك فتكاليف إنتاجه تعدالأقل في العالم إذ تتراوح بين 0.95 و1.9 دولار للبرميل الواحد، مقارنة بكلفة إنتاجالبرميل في بحر الشمال التي تصل إلى عشرة دولارات وتوجد في العراق جميع أنواع النفط من خفيف ومتوسط وثقيل ويوصف العنصر البشري العامل في قطاع النفط العراقي بأنه من بين أفضل العناصركفاءة في الشرق الأوسط.
أن التطورات التي حصلت في مجال الاستكشافات النفطية داخل البلاد قد تجعل من العراق مالكاً لأِكبر احتياطي نفطي في العالم. ففي خلال الفترة 1990- 1993 أعلنت الجهات الرسمية العراقية أكثر من مرة زيادة الاحتياطي المستكشف من 100 ليصل إلى 112 بليون برميل نتيجة اكتشاف حقول نفطية جديدة وبما يعادل ثلاثة أضعاف ما أكتشفته شركات النفط الأجنبية في العراق على مدى خمسين عاماً. أي أن فترة نفاد النفط العراقي وفق معدلات إنتاجه قبل المقاطعة الدولية (2. 5 م ب/ي) سوف تمتد إلى حدود 124 سنة. بينما يقدر بعض خبراء النفط أن العراق يمتلك مكامن نفطية بحدود 300- 450 بليون برميل. بمعنى أن فترة نفاد النفط العراقي على افتراض إنتاج ستة ملايين برميل يومياً- وعلى أساس هذه التخمينات- تتراوح بين 139- 208 سنوات.
ب ـ الغاز الطبيعي
الذي لم يستثمر وهو ثروة ضخمة جداً ويبلغ احتياطي العراق من الغاز الطبيعي وفقاً لبعض التقديرات حوالي 112 تريليون قدم مكعب، لكن يعتقد محللون أن هذا الرقم يشكل جزءً صغيراً مما هو موجود فعلاً ويتوقع بعض الخبراء أن سعر الغاز العراقي سيكون من 9 إلى 12 دولار لكل مليون سعرة حرارية في حال لو تم البدء باستغلاله وتصديره.
ج ـ الثروات المعدنية
في العراق لها اهمية استراتيجية لا تقل عن اهمية ثروة النفط والغاز لما يمتلكه العراق من احتياطات كبيرة من الخامات المعدنية مثل الفوسفات والكبريت وغيرها ويمكن ان تمثل احدى الدعامات الاساسية للاقتصاد الوطني
ويعتبر معدن الفوسفات من أهم المعادن العراقية ومما زاد من شهرة خام الفوسفات العراقي أنه حامل لمعدن اليورانيوم، هذا بالاضافة الى الثروة البترولية التي تسبح فوقها الجمهورية العراقية، ومن المنتظر أو المأمول أن يأتي اليوم الذي تتمتع فيه الجمهورية العراقية بالاستقلال والاستقرار وتستفيد بثرواتها الضخمة.
ويقدّر احتياطي العراق من الفوسفات بنحو 430 مليون طن وسجلت السنوات الأخيرة تزايد اهتمام العالم بالبحث عن معدن الفوسفات الذي يدخل في صناعة الأسمدة الفوسفاتية والأسمدة المركبة نظراً إلى ارتفاع الطلب العالمي عليه بسبب زيادة الطلب على المواد الغذائية وبروز أزمة الغذاء ومما زاد من شهرة خام الفوسفات العراقي أنه حامل لمعدن اليورانيوم.
اما الكبريت يمثل العراق المركز الأول في العالم من حيث احتياطي الكبريت الذي يعد ثاني ثروة وطنية بعد النفط ويمتلك ثلاثة حقول ضخمة يتم الآن استغلال واحد منها فقط علماً إن 30% فقط من إنتاج هذا الحقل تغطي كل الحاجة المحلية والباقي ممكن تصديره وفقاً لتصريحات مسؤولين في هذا القطاع.
والأمثلة كثيرة كالزجاج و اليورانيوم والملح وغيرها من المعادن.
د ـ المياه
توجد في العراق ثروة هائلة لا تقدر بثمن ومع الأسف تهدر هذه الثروة في كل يوم لتستقر في الخليج على شكل مياه زائدة في حين إن استغلالها بشكل علمي من خلال تقنين الزراعة والاستفادة من التقنيات الحديثة في السقي وخزن الزائد منها والضغط على تركيا وسوريا وإيران لزيادة حصة العراق من نهري دجلة والفرات سيؤدي إلى عدة نتائج ايجابية أهمها تقليل نسبة الملوحة في الأراضي والتي سببت بخفض كبير لغلة الدونم الواحد والاستفادة من هذه المياه في إنتاج الطاقة الكهربائية وتصدير الزائد منها على شكل مياه لسقي المزروعات لدول الخليج المقفرة وعلى شكل مياه شرب وتوفير الأمن المائي للعراق الذي بات مهدداً بشكل كبير من هذه الناحية.
وغيرها الكثير من الثروات المهدورة والتي لو استثمرت بشكل صحيح لتضاعف الناتج المحلي عشرات المرات والقومي.لا تصبح هناك مشكلة في إيجاد الأموال المطلوبة لعملية إعمار سريعة وكبيرة.
أثمرت عمليات الاستكشاف والتنقيب المعدني في العراق وعلى مدى أكثر من نصف قرن من العمل المستمر الذي نفذته ملاكات الشركة عن اكتشاف وتقييم العديد من الخامات المعدنية والصخور الصناعية جعلت من العراق أحد أغنى الدول بالثروات المعدنية الطبيعية
إن توفر الاحتياطيات الكبيرة وبالمواصفات الجيدة فضلاً عن توفر الملاكات الجيولوجية والهندسية يمكن إن يتيح لهذا النشاط فرصاً للتقدم ليكون احد الأركان المهمة في الاقتصاد العراقي.
ه ـ السياحة
1-المصايف في شمال البلد (تعتمد كثير من الدول على ورادات السياحة لمناطق مشابهة لمناطق شمال العراق في ميزانيتها كما في لبنان وتونس على سبيل المثال).
2-الآثار الضخمة والعريقة التي يمتلكها العراق والتي أُهملت واستمر هذا الإهمال رغم أهميتها التاريخية والثقافية والاقتصادية (على سبيل المثال يوجد في الأردن التي تعتمد اعتماداً كبيراً في اقتصادها على واردات السياحة للآثار يوجد فيها 1500 تل اثري فقط في حين يوجد في واحدة من محافظات العراق 2500 تل اثري وليس هناك من يلتفت لهذه الثروة الهائلة والإرث الضخم.
3-الاهوار في العراق بيئة لا يوجد لها مثيل في العالم وفيها من الثروات الكثير وأهمها كونها تندرج ضمن مناطق ما يسمى بالسياحة البيئية وصلاحيتها لمشاتي –أي في وقت الشتاء- للسواح إضافةً إلى الثروات المعدنية والحيوانية الضخمة الموجودة في الاهوار والتي لم تستثمر لحد الآن.
4-السياحة الدينية –أو ما يمكن تسميته بذلك- ولا يخفى على الجميع ما في العراق من مراقد ومناطق مقدسة لدى كل الأديان والطوائف كالمراقد والأماكن والمساجد المقدسة لدى الشيعة والتي تبلغ العشرات(مراقد الأئمة الأطهار (ع) في كربلاء والنجف وسامراء وبغداد وغيرها من الأماكن في باقي مدن العراق) والمراقد والأماكن المقدسة لدى السنة (كمرقد أبو حنيفة والكيلاني في بغداد والزبير في البصرة وسيد احمد الرفاعي ذي قار وغيرها من الأماكن في باقي مدن العراق) والأماكن المقدسة لدى المسيحيين (كبيت النبي إبراهيم الخليل (ع) في الناصرية وغيرها من الأماكن).
و ـ النخيل العراقي
كانت ثروة الجمهورية العراقية من النخيل تقدر بـ 34 مليون نخلة في عام1970م وفي ذلك الوقت كانت الثروة العالمية من النخيل 90 مليون نخلة أي أن العراق كان يمتللك 30% من أشجار النخيل في العالم وكانت صادرات الجمهورية العراقية من التمرقد بلغت 350 ألف طن سنويًا قبيل فرض الحصار الجائر عليه والاحتلال الأنجلوأمريكي ، وشهدت مدينة البصرة ازدهارًا في تصنيع التمور حيث كانت تمتلك بمفردها حوالي 13 مليون نخلة