لماذا نتعجب إذا قتل الإرهابي أمه؟

sayafdaiishممدوح المهيني: العربية نت

بعد أن أعدم الداعشيان سعد وعبدالعزيز العنزي ابن عمهما مدوس في صحراء شمال السعودية، سألنا مستغربين: كيف يقتل الشخص ابن عمه من لحمه ودمه؟
وبعد أن قتل التوأمان العريني والدتهما هيلة ذهلنا وقلنا: كيف لإنسان أن يقتل أمه؟
وبعد التفجير قرب الحرم النبوي أعدنا سؤالاً مشابهاً على صيغة: كيف ولماذا يفجرون في أقدس الأمكنة؟
وسيتكرر حدث آخر، وسنرسم علامات الاستفهام والتعجب نفسها، والحقيقة أننا نرتكب خطأ عندما نردد: “كيف ولماذا” مع الإرهابيين.
نتحدث معهم بلغة ومنطق البشر، ولكنهم لم يعودوا يفكرون ويشعرون كما يفعل البشر. التعصب طمس منذ أمد بعيد أي منطق داخل عقولهم، والتشدد جردهم من أي عاطفة إنسانية بسيطة تتقزز من نحر الأبرياء كما تنحر الخراف.
لهذا فإن أي محاولة لطرح أسئلة تبدو طبيعية لنا هي في الحقيقة عبثية لديهم ولا معنى لها. عندما يقتل الإرهابي أمه فهو لم يعد يراها أمه كما نظن. إنه يراها، بسبب التعصب الذي يسيطر عليه، كافرة ومتردة، ولن يتردد لحظة واحدة بالإجهاز عليها. وذات الشيء مع الآخرين، سواء داخل عائلاتهم أو خارجها، فالكل لديهم سواسية. نتحدث معهم عن عاطفة لا يعرفونها، ونخاطب داخلهم منطقاً يفتقدونه.

صحيح أن البعض يطرح مثل هذه الأسئلة بغرض التعجب والذهول وليس بحثاً عن الإجابة. هذا مفهوم، ولكن مثل هذا التعامل يبعث بالرسالة الخطأ، ويمنح المتعصبين والمحرضين الفرصة لخلط الأوراق وتمييع المسألة. بمعنى آخر، عندما نسأل مندهشين “لماذا وكيف” فإننا كمن يبحث عن السبب، وهو ماثل أمامنا بشكل واضح. الفكر المتعصب هو الذي يقود للإرهاب. كل إرهابي هو بالضرورة متعصب، ولا يوجد شخص واحد متسامح ومعتدل يتقرب إلى الله بقتل أمه. مجرد التشكيك بهذه الحقيقة أو التعامل معها بنوع من الاستغراب البريء يطيل أمد المشكلة ولا يجعلنا نواجهها مباشرة حتى نتخلص منها نهائياً. الإرهاب مشكلة فكرية في أصلها، ولن تنتهي رغم كل البطولات والتضحيات التي يقوم بها رجال الأمن إلا بتجفيف مخزونها الذي تستند إليه، ولهذا السبب تحديداً يتكاثر الإرهابيون كالنمل على الرغم من أن طائرات “الدرونز”-بدون طيار- تحوم فوقهم.
ومثل هذا الاستغراب يفتح الباب للمحرضين والمتعصبين المخادعين للدخول في جماعات المصدومين الصادقين ليبدأوا معها بتشتيت الانتباه وتوجيه أصابع الاتهام نحو عشرات الاتجاهات ما عدا الاتجاه الصحيح. سمعناهم بعد حادثة قتل الأم يرددون تبريرات واهية، مثل إن الإنترنت هو السبب. تبرير عام بلا معنى. الإنترنت تقنية محايدة لا تحول الشخص لإرهابي، لكن المحتوى الفكري الذي يصبه المتطرفون فيه هو الذي يؤثر على الصغار ويجعلهم فريسة سهلة للعصابات الإرهابية. وقال البعض نكتاً طريفة، مثل إن مسلسل “سيلفي” كان هو المحرض الأساسي، وكأن قتلة القاعدة وداعش ينتظرون حلقات المسلسل لينطلقوا بعدها بالتفخيخ والتفجير!
لماذا وكيف.. كلمات استفهامية تصلح مع جميع القضايا والأشخاص إلا مع الإرهاب والإرهابيين!

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.